تسمح مؤسسات رسمية لم تعد خافية عن الأعين، ببث سمومها لتمزيق النسيج الاجتماعي الأردني، تحت ذرائع سطحية، تحقن في تلك المؤسسات من دون وازع أو التفات إلى ما ستؤول إليه مثل هذه الإبر المسمومة، فيما حكومة البخيت تغض الطرف عنها، ما يسهم بتأجيج نزعات تقسم العرب عربين في وطن يحفظه مواطنوه بأهداب العيون.
كل أردني على هذه الأرض أردني، والفرق بينه وبين من يدعي بأنه هو الأردني فقط، يمكن مراجعته في إذاعات مريضة نفسيا، ومنشورات لا يتنكب مسؤولوها عناء في استحضار قواميس الهدم والفتنة لأنها أسهل، أما البناء والتوحد، فإن هؤلاء لا تدرك عقولهم التعاطي معه، لأنه يحتاج إلى إعمال العقل لا إعمال النقل، ولأنه الأشد رسوخا.
ويبدو أن سدنة التعنصر وتجييش هذا الحشد على ذاك، في بلد رابط منذ خلقه الله مع الحق، وتقدم العروبة في نهجه وحكمه وسياسييه الذين ظلوا ملاذا لأحرار العرب وثواره، نسوا أن الأردن هو هذا الوطن الأبهى بزينة شبابه، وحكمة شيوخه، وفطنة أبنائه الشرفاء، وأن التعبير السلمي الحضاري عن الموقف تأكيد وتعزيز لحرية الوطن، ودفع لانتهاج طريق بناء وتنمية بعزيمة غير متوجسة، ولا واجفة.
وإذا كان البعض يختار إشاحة الوجه عن حملة التجييش الجارية على الأثير وفي الانترنت، فإن تجاهل خطورة هذا الفعل التحريضي يعكس ضعفا أو انعداما للاحساس بالمسؤولية.
لقد كان مستغربا أن يواجه حب الأردن بالحجارة والعصي، والتحشيد ضد من هتفوا للوطن "غالي يا وطن عالي"، و"وحد صفك"، و"الأردن غالي علينا".
من المعيب حقا، أن يكون في الأردن، من يحرض في إذاعة أو تعليق ضد عدو موهوم، بينما نعرف جميعا أن لنا عدوا واحدا في شرق المتوسط، يتربص بنا ليل نهار ويخطط للقضاء علينا.. وجودا، وكيانات عربية، وثقافة، ودينا، ولغة.
ومن المهين للأردن ولكل شريف على هذا الثرى، أن يغض الطرف عما يفتعله زراع الفتنة، ومروجو حبوب القسمة، واللاعبون على حبل التجييش من أجل مصالح محدودة الأفق لا يمكنها أن تبني وطنا أو أن ترتقي به.
ومن المؤلم، ان تبقى الحكومة، غير آبهة بما تسمع، وكأنها بصمتها هذا تصب النار على الزيت، بينما عقلاء الأردن ومثقفو ومفكرو هذا الوطن الغالي، يعلون الصوت في مواجهة الصمت، ويطالبون بوقف التطبيل والتزمير للتحشيد والتحريض.
من يهمه حاضر الوطن، يجب أن يفكر في مستقبله أيضا. ومن يزعم الوعي، ينفتح على فضاء الحرية، ولا يحشر نفسه ومن يسمعوه في تصنيف ضيق.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة الراصد جريدة الغد