قبل عشرين عاما كان المحافظ – اي محافظ – على رأس عمله في اي محافظة يشكل «هيبة».. وسيارته عندما تدخل الى اي حي من الاحياء يقف لها الكبير قبل الصغير.

الآن.. تبدل الوضع.. فاصبحت هيبة المسؤول مهزوزة اذا لم اقل معدومة.. وانا لا اقصد المحافظين.. انما اقصد جميع المسؤولين، فما الذي تغير.

زمان كانت أمي رحمها الله اذا ما ارادت ان تصف شخصا ما باشنع الصفات فانها تقول عنه: «والله فلان ما عليه هيبة».

ما هي الهيبة المقصودة ؟.. وكيف تغيرت «الهيبة».. بتغير الزمن، وهل هناك تحولات قادت الى تدني الهيبة.. مثل الديقراطية وحقوق الانسان، وغيرها من مصطلحات جاءت بها المدنية الحديثة؟؟.

بالقياس الى دول أخرى متقدمة او متخلفة أو «بين بين» فان الهيبة لا تزال موجودة لدى الشعب تجاه المسؤولين.. اذا اتفقنا ان الهيبة هي خليط من الطاعة والاحترام والتوقير وتطبيق القانون.

سؤالنا الاهم هو: من الذي ساهم في سقوط «هيبة» المسؤول امام الناس؟.

والسؤال الآخر هو: كيف نعيد لمسؤولينا «هيبتهم» أمام الناس؟.

أعتقد انها معادلة صعبة.. ان لم تكن صعبة للغاية، ذلك ان القضية مركبة ولها أكثر من جانب، لعل اهم هذه الجوانب هو نوعية المسؤول.. بمعنى آخر «الكارزما» التي تعطي الناس انطباع لاحترام هذا المسؤول او ذاك.

لسنا امام معضلة كبيرة، اذا ما عرفنا ان الحلول المطروحة، حلول يمكن الاشتغال عليها والوصول الى نتائج مرضية تعيد «الهيبة» الى المسؤول، لعل على رأسها هو، نوعية المسؤول وسيرته الذاتية ومسيرته الحياتية.

نتفق تماما مع ان الانفتاح الديموقراطي، والربيع العربي، وغيره من المؤثرات الديموقراطية ساهمت في استعادة بوصلة الشعوب تجاه المسؤولين، وأقصد هنا المسؤولين على المستويات الادارية المتوسطة والمتقدمة، يرافق ذلك «تطنيش» من الدولة لاستعادة «الهيبة»، فقد رأينا مسؤولين تخلوا عن «صلاحياتهم» لصالح قوى الضغط، أو انهم قاموا بتلبية مطالب لم تكن محقة تحت ضغط الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية.

وحتى لا افهم خطأ فانا مع المطالب الشعبية والوظيفية العادلة والقانونية، لأن العدل والقانون صنوان يقودان الى انجازات على مستوى الوطن، وبما يحقق نتائج للجميع، وليس لفئة أو مجموعة.

لا بد من البحث عن سبل لإستعادة «الهيبة» لأن في ذلك مصلحة وطنية عليا تتمثل بتطبيق القانون، واحترامه، وتنفيذه، لا تطنيشة وتعطيله.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   الدكتور حسين العموش   جريدة الدستور