إن النصيحة التي تقدم للآباء من أجل جعل أطفالهم يتناولون الأدوية هي من الأمور التي يجب أن تؤخذ على محمل الجد. قد يعتبر عدم نصيحة الآباء لجعل أولادهم يتناولون الأدوية إهمالا جديا. وقد تكون فكرة إعطاء الأطفال دواء واحدا -لعلاجهم من مرض نفسي ما- من الأفكار الجيدة في ظل معرفتنا الحالية. فيما يلي ملخص للمبادئ الأساس لعلاج الاضطرابات النفسية لدى الأطفال بالعقاقير.
مشكلات النوم
تـعتبر مشكلات انقطاع النوم في منتصف الليل والاستيقاظ منه مع الفجر من مشكلات النوم الشائعة في سن الطفولة المبكرة. وتستجيب إلى طرق العلاج السلوكية المفضلة في تلك الحالات. يعتبر “كتاب الوصفات الطبية البريطانية” أن وصفة التنويم المغناطيسي للأطفال لا تستطب، وبالرغم من هذا، فهذا الإجراء شائع. يعمل الدواء “Alimemazine” (Trimeprazine) بشكل جيد لفترة قصيرة. وقد يستعمل في الحالات المتأزمة كأن يصبح الوالدان في حاجة ماسة جدا إلى النوم. ولكن تحمل الطفل للعلاج ينمو بسرعة. وقد ينتج عن أية زيادة في الجرعة تحول الطفل إلى ما يشبه “الزومبي” ويسيل لعابه دوما. تحتوي بيانات الدواء “Trimeprazine” الآن على قسم كبير يتعرض إلى خطورة حدوث عسر الحركة الآجل وهذا سبب آخر وجيه للحذر. وكلورال هو خيار آخر لفترة قصيرة. سنتعرض للدواء “Melatonin” فيما يلي (انظر تحت عنوان المشكلات السلوكية لدى الأطفال الذين لديهم صعوبات في التعلم). يجب تجنب وصف أدوية “Benzodiazepines” للأطفال، حيث إنها قد تتسبب في بعض التسمم الطفيف يبدو على السلوك.
تلي الحوادث الرهيبة بعض الكوابيس العرضية الشائعة، وإن ارتفع عددها يجب أن يبت بأمرها لدى أحد الأطباء. يعد الهلع الليلي والمشي والكلام أثناء النوم من أنماط خطل النوم وقد تخف حدتها من جراء التفسير والطمأنينة. وعندما تكون هذه الأعراض كثيرة الحدوث في أوقات معينة من الليل قد يمكن السيطرة عليها عن طريق الإيقاظ الوقائي، وغالبا ما تسبق خطل النوم حتى الساعات المبكرة من الصباح. من النادر أن يوصف دواء ما لعلاج خطل النوم. فعلاج بجرعات منخفضة من “Benzodiazepines” وكذلك “Imipramine”
و“Clomipramine” تفي بالغرض.
قليلا ما يشخص السبخ (النوم الانتيابي) أو أشكال من فرط النوم لدى الأطفال. فالأدوية المنبهة نفسيا مثل “Methylphenidate” أو “Dexamfetamine” أو مؤخرا Modafenil” هي مفضلة في النشرات الطبية لدى الراشدين. قد يخفض “Clomipramine” من تردد هجمات السبخ والفقدان المفاجئ للقوى العضلية التي لا يفقد معها المصاب الوعي. تبين أن كميات إضافية من “Tyrosine” تساعد في تخفيف وطأة فرط النوم لدى بعض الراشدين ولكن ليس كلهم. ينصح بمراقبة تيروزين المصل الكمية عند الأطفال.
التخليط والهذيان
يشكل هذان العارضان حالات طوارئ. ويجب استدعاء الأطباء لتقييم الوضع فورا. قد يوحي ارتفاع حالات الطوارئ أو إشارات أخرى إلى سبب طبي بدني، ومن الأمور العديدة التي يجب ألا نستبعدها هي الحالة المحتملة للصرع. قد تكون العقاقير -إن كانت قد حددت من قبل جهة طبية أو تم الحصول عليها بالخفاء- هي المسؤولة بسبب فرط حساسية المصاب أو جرعة كبيرة من الدواء أخذها. ويجب أيضا التحقق إذا كان المصاب قد لجأ إلى الأساليب الشعبية أو تناول بعض الأعشاب بشكل اعتباطي. إن تبين أن دواء ما قد يكون السبب في تلك الحالة يجب إيقافه إن أمكن.
ننصح باستعمال قصير الأمد لـ “Haloperidol” إذا كان الاضطراب الحاد يعرض العلاج للخطر بكميات تلزم الطفل البقاء في فراشه مع إنارة الغرفة بشكل مناسب وممرضة ترعاه. إن ردود الفعل كتلك تكون قصيرة الأمد. يبدو اضطراب السلوك والتوهان أكثر شدة في الليل ويجب أن يتناول الطفل بعض الكلورال إذا أردنا تهدئته فقط. قليلا ما يتطلب الأطفال الذين يعانون من أمراض الخبل التي ترافقها مشكلات سلوكية التخدير الطويل الأمد، فيجب أن تكون جرعة “Chlorpromazine” -على سبيل المثال- أقل جرعة فعالة ممكنة، وأن تكون الجرعات الليلية أكبر بعض الشيء إذا وجب التخدير الليلي. يجب أن يتناول الأطفال المصابون هذا عن طريق الفم، لأن الحقن قد يفسرها هؤلاء على أنها ضرب من ضروب الاعتداء.
الفصام والهلوسة ومضادات الذهان
نادرا ما يتعرض الأطفال دون سن البلوغ للفصام – كما يحدث للراشدين – والمراهقون أكثر تعرضا له، ويحتاج علاجه إلى خبرة وتخصص قد تم فيهما إقامة المصاب في مكان خاص. يجب ألا ننسى المسببات البدنية، فالعلاج هو للأعراض.
يعتمد العلاج بالعقاقير على مضادات الذهان وتدعى أيضا المهدئات الكبرى. وبما أن تناولها قد يعرض المريض إلى عسر حركة آجل يجب اللجوء إلى أساليب لا تتطلب الدواء، بالرغم من أن هذا ليس شائعا، فقد تساعد سدادة الأذن على الحد من أعراض الهلوسة السمعية. يجب أن توضع في الأذن الأكثر تضررا، وعندما لا يتضايق المريض كثيرا من وجودها. تكون الهلوسة البصرية فجائية وشديدة. وللنظارات الخاصة بتلك الهلوسة أثر عليها إذا وافق المريض على استخدامها. قد يتعرض أحدهم إلى تلك الهلوسة بدون أن يكون مصابا بالاختلال العقلي، وفي تلك الأحوال يكون من السهل اللجوء إلى تلك الوسائل.
لم يدرس تداوي الفصام بالعقاقير لدى الأطفال والمراهقين إلا بشكل متوسط ويقوم العلاج على مقارنته مع علاج الراشدين.
من المهم أن نقـدر الفرق الهائل في الفعالية بين مختلف مضادات الذهان. فجرعة من 100 ملغ من “Chlorpromazine” تكافئ 5 ملغ من “Trifluoperazine” و 2 ملغ من “Haloperidol”و 2 ملغ من “Pimozide”، ولكنها تكافئ 200 ملغ من “Sulpiride” و40 ملغ من “Clozapine”. وبشكل عام كلما كان الدواء أقوى كانت المجازفة أكبر في تأثيراته الجانبية فوق الهرمية، وللأدوية الأقل مفعولا تركين أكبر وما يزال لها تأثيرات جانبية خارج هرمية.
إن دواء “Haloperidol” هو دواء فعال. هناك نقص كبير في الخبرة على مضادات الذهان الجديدة اللانمطية وتأثيراتها على المدى البعيد، وليست أكثر فعالية من الأدوية النمطية ولها أيضا تأثيرات جانبية خارج هرمية.
قد يكون للتركين الأولوية العليا إذا كان الاضطراب شديدا عند الفحص الأول. ما عدا ذلك يفضل وضع المريض تحت المراقبة من قبل فريق طبي خبير دون أن يعطى أدوية. وقد يكون هذا كل ما يتطلبه الأمر في بعض الحالات القصيرة الأمد.
يكون العلاج لهؤلاء الذين يتطلبون معالجة بالعقاقير عبارة عن امتحانهم لمدة بضعة أسابيع بمضادات الذهان النموذجية أو غير النموذجية بشكل منفصل واعتمادا على تحمل المريض. لسوء الحظ من الصعب تحديد خط علاجي يفصل ما بين الشفاء من الأعراض والتأثيرات الجانبية في الأطفال دون سن البلوغ.
يجب الانتقال إلى دواء “Clozapine” بسرعة إذا تم إحراز أية نتيجة مرضية عن طريق أحد نمطي الأدوية أعلاه -بالجرعات الموصى بها- بعد ستة أو ثمانية أسابيع من العلاج. يوفر العلاج بهذا الدواء أملا حقيقيا في الشفاء للمرضى المستعصي علاجهم، ولكنه لا يتوفر في المملكة المتحدة إلا لعلاج الأطفال ما فوق سن الثانية عشرة ومشروطا بمراقبة مكلفة ماليا للحماية من اضطراب ندرة المحببات.
يجب تجنب مضادات الذهان المدخرة المتوفرة في الصيدليات حتى يصل المريض إلى وضع مستقر. ومن المفضل عدم استخدامها على الإطلاق.
تؤثر العلاجات الدوائية على الأعراض الإيجابية للأهلاس والتوهمات، ولها أثر أضعف على الأعراض السلبية التي لا دافع لها والتي تبقى مع المريض بشكل أو بآخر.
ليس من الصواب أن نعدل العلاج بالعقاقير قبل خروج المريض من المستشفى بقليل. يجب أن يستمر العلاج لمدة تتراوح ما بين 24-12 شهرا بعد الشفاء. ويجب أن تبقى مسألة متابعة العلاج لاحقا قائمة كلما دعت الحاجة إلى ذلك. لفت “كيومبي” نظر الضالعين في أمر علاج الفصام إلى أنه ليس كل من يصاب به يجب أن يعالج إلى الأبد.
لا توصف الأدوية المعالجة لمرض “باركنسون” بشكل اعتيادي، ولكنها توصف إذا كان هذا المرض قد نشأ كأحد التأثيرات الجانبية للعلاج.
من الواجب تنبيه المريض والأبوين إلى أنه من المحتمل أن تنشأ تلويات وخلل توتر في وجه المريض وجسمه وحصول أزمة في تدوير المقلة في الأيام القليلة الأولى للعلاج بالعقاقير وأعراض “باركنسون” مثل التصلب واللاحركية والاهتزاز والإلعاب في الأسابيع اللاحقة. تستجيب كل تلك الأعراض عادة إلى أدوية “باركنسون” أو تخفيف الجرعات. تكون ردود الفعل الحادة بخلل التوتر مزعجة وتتطلب تدخلا طبيا طارئا. قد يعطى آباء الأطفال الذين يعالـجون في مساكنهم بعض أقراص“procyclidine” أو ما يشابهها إذا تطلب الأمر قبل اللجوء إلى قسم الطوارئ. يكون حقن الدواء المضاد لمرض “باركنسون” أسرع تأثيرا إذا حـقن عضليا.
يلخص الجدول الاضطرابات خارج هرمية الناجمة عن التداوي بمضادات الذهان. يشعر بعض المرضى بعسر الحركة أو بهيجان مقلق -عادة في الشهرين الأولين من بدء العلاج بالعقاقير- وقد لا يكون هذا قابلا للعلاج إلا عن طريق تخفيف الجرعة. يبين علاج الراشدين أن اللاحركية لا تتأثر نسبيا بالعقاقير المضادة لداء “باركنسون”، ويجب التعويض عن نقص الحديد في الجسم. قد يساعد “Propranolol” على هذا. وتم استخدام “CLonazepam” لعلاج الزلز عند المراهقين.
بجدية أكثر، قد تحدث متلازمة مضادات الذهان الخبيثة في أي يوم وحالتها الوردية تتميز بالحمى والوعـي المتقلب وعدم اسـتقرار الـذات وتوتر زائد وارتفـاع فـي الكرياتين كيناز المصل. الأمر المخيب أنه قد لا تحدث الحمى ولا نقص في الإنزيمات وهو في الواقع وضع قد ينتج عنه الموت. يجب على مضادات الذهان أن تتوقف. لقد استعمل “Bromocriptine” و “Dantrolene” وعلاج الصدمات الكهربائية، ولكن جوهر العلاج كان التفقد المستمر لمنسوب السوائل في الجسم ودعم القلب وجهاز التنفس. تبدأ الأعراض بالانحسار خلال أسبوع، أو أكثر من ذلك إذا كان المريض قد تناول مضاد ذهان مدخر.
الاضطرابات الناجمة عن التداوي بعقاقير الطب النفسي
الاضطرابات خارج الهرمية |
فتـرة البــدء |
عسر المقوية الحاد (أزمة تدوير المقلة) |
بضع ساعات إلى سبعة أيام |
الزلز Akathisia |
بضع ساعات إلى ثلاثة أشهر |
أعراض “باركنسون” (التصلب والهزات واللاحركية) |
خلال الشهر الأول |
عسر الحركة الآجل |
عادة بعد ثلاثة أشهر |
اللاحركية الآجلة |
عادة بعد أشهر |
عسر المقوية الآجل |
من ثلاثة أيام إلى إحدى عشرة سنة |
المتلازمة الخبيثة لمضادات الذهان |
في أي وقت |
يعتبر عسر الحركة الآجل مجـازفة خطـيرة طويلة الأمد مع العلاج بواسطة مضادات الذهان. قد يبدو هذا العارض عابرا على أنه عسر حركة معزول سيستمر لأيام أو حتى لبضعة شهور أو أكثر، أو أنه قد يستمر إلى الأبد. تحدث حركات رقصية كيفية غير منتظمة في عسر الحركة الآجل، على الغالب في عضلات الخد واللسان وفي نهايات الأطراف. إن حالات عسر الحركة ليست نادرة عند الأطفال الذين تعرضوا لمضادات الذهان. المرضى المعاقون هم أكثر عرضة للخطر -حوالي %34 في إحدى المجموعات- وهم أيضا عرضة لخطر أكبر من جراء تداويهم بمضادات الذهان.
يـعتبر داء عسر الحركة الآجل عاملا أكثر خبثا من غيره ويتميز بانقباض دائم في عضلات الجمجمة، حيث ينجم عنه -على سبيل المثال- بروز دائم للسان ووضعيات معيقة وصرير من جراء تشنـجات الحنجرة ورتة. بالإضافة إلى هذا وصف “غالتيري” بداية متأخرة لسلوك يشابه عسر الحركة الآجل دعاه الزلز الآجل يرافقه بؤس وانعدام هدوء.
من الصعب علاج كل تلك الحالات اللهم إلا عن طريق إيقاف مضادات الذهان والانتظار. وإن كان لا بد من استمرار التداوي بمضادات الذهان فلا مانع من استعمال “Clozapine”. هناك أقلية من المرضى الذين يعانون من عسر الحركة الآجل المتناقض المتناقضة ويستجيبون لزيادة في جرعة مضادة للكولين. قد يساعد عقار “Tetrabenazine” الآخرين. وخلافا لتقرير سابق من نفس الفريق، لم يظهر التداوي بفيتامين E أية نتيجة لدى الراشدين.
قد لا تكون الحركات العصبية اللاإرادية قابلة للعلاج، ولكن -ولحسن الحظ- كان الشفاء لدى الأطفال أكبر من نظيره لدى الراشدين.
تلك إذا هي الأسباب التي جعلت صاحب هذا التقرير يتجنب مضادات الذهان. ولكن لتلك الأدوية مكانتها في علاج الفصام ومتلازمة توريت.
ليس هناك أي داع لاستعمال أكثر من نوع واحد من مضادات الذهان في الوقت نفسه.
لم يعد التوقف عن الأدوية رائجا هذه الأيام، فإذا اتخذنا أدوية مضادات الذهان مثلا، قد يتسبب التوقف عن تناولهـا بعسر الحركة الآجل. ومع هذا فالتوقف عن تناولها هو لنقيـم الحاجة إلى الاستمرار بتناولها، وتقييم آثارها الجانبية، ويجب أن يكون هذا التوقف جزءا من خطة عامة للشفاء.
تتضمن التأثيرات الجانبية غير خارج الهرمية لمضادات الذهان زيادة فـي الوزن، خصـوصا مع “Risperidone” وتثدي الرجل وثر اللبن والضهى واليرقان. قد يتسبب “Chlorpromazine” في ارتكاسات الحساسية للضوء ويسبب “Clozapine” فرط الإلعاب.
لقد تم سحب كل من “Thioridazine” و “Droperidol” و“Sertindole” من التداول تخوفا من تسببها باضطرابات نظم القلب جراء إطالة فترة QT.
الهوس الخفيف والداء ذو القطبين
يتميز الهوس الخفيف بالمعنويات المرتفعة والاهتياج والعصبية وكثرة الكلام والأفكار المحلـقة التي تكون عادة عظيمة وفخمة. يبدو المراهقون دوما طائشون ولا ينامون إلا قليلا. أما الهوس فهو -كما يدل الاسم- ذو أعراض أشد ونادر الحصول قبل سنوات المراهقة. وإن كان هذا المرض في الطور الحاد فمن المستحسن تركين المريض بمهدئ قوي وإدخاله المستشفى. قد تتكرر عوارض الهوس الخفيف أو قد يكون جزءا من الداء ذي القطبين. يتنقـل الأطفال والمراهقون المصابون بالداء ذي القطبين بين فترات متقلبة ومتكررة من الاكتئاب والهوس.
الدواء لهذا المرض الآن هو كربونات الليثيوم، وبما أن هناك عددا من التركيبات لهذا الدواء يجب اختيار إحداها، ثم الاستمرار بها. يجب إعطاء المريض جرعة كل يوم، ثم مراقبته أثناء فترة الاستقرار التي تبدأ بعد 12 ساعة من الجرعة السابقة، أي أنه بعد خمسة أيام من الزيادة الأخيرة للجرعة تكون تركيزات المصل عادة ما بين 1.0-0.6 جزء للتر. عندما تتم السيطرة على هذا المرض يخضع المريض لهذه الفحوصات المخبرية كل شهرين. ويتم فحص الخلاصات الدرقية ووظائف الكليتين كل ستة أشهر، أو أقل إذا دعت الحاجة. فقدان السوائل الناجم عن الإقياء والإسهال والتعرق في الجو الحار كل هذا يسبب حالة تتسم بالتقيؤ والإسهال والرجفة والرنح والرتة (عسر التلفظ) وضعف العضلات الذي قد يتسبب بعدم تناسق النبض والذهول، ثم الموت إن استمر بتناول الليثيوم. هناك بعض التأثيرات الجانبية أقل حدة، وتتضمن الزيادة في الوزن والعطش الشديد وغزارة البول. يبدو الآن أن التخوف من تسمم الكليتين كان في غير محلـه. من الضروري تغيير الغدة الدرقية إذا بدرت ظواهر قصور تلك الغدة؛ وقد يصاب المريض بفرط إفراز مجاورات الدرق.
قد يكون لـ “Clozapine” أثر على الداء ذي القطبين السريع الدورة أو المقاوم أو الاضطرابات الفصامانية.
من الممكن استخدام فالبرويت الصوديوم و “Carbamazepine” بدلا من كربونات الليثيوم لعلاج المرضى الذين لا يستجيبون لهذا الأخير، ومن الممكن تجربته أولا. وقد تم مؤخرا استخدام “Lamotrigine” للغرض نفسه.
في حالات الداء ذي القطبين السريع الدورة تحدث ثلاثة عوارض أو أكثر في السنة. في بعض الأحيان هناك العديد من تقلبات المزاج خلال الأسبوع أو اليوم الواحد، وقد يحتاج الأمر إلى علاج الخلل الوظيفي للغدة الدرقية أو جارات الدرق. تم اختيار فالبرويت الصوديوم أو “Carbamazepine” لعلاج المرض السريع الأطوار، وقد تكون تلك صعبة العلاج. الجرعات هنا هي نفسها التي توصف لمرض الصرع، ويفضل الاستمرار بتناول “Carbamazepine”. لا توجد هناك مستويات من نسب الدواء إلا إذا كان هناك تخوف من ممانعة المرضى.
قد يكون “Carbamazepine” هو الدواء للذهان الدوري للمراهقين التي وصفها “ياماشيتا”.
الاكتئاب
هناك ازدياد في إصابة الأطفال بالاكتئاب الذي يصاب به الراشدون عادة. فقد كان ينظر في السابق -على الأغلب- إلى تلك الأعراض على أنها اضطرابات عاطفية دونما أي تحقق أو تفرقة.
عندما يشك بأن الطفل مكتئب يجب مقابلته على انفراد، ويتم التحقق من نواياه بالانتحار، إن وجدت. ويجب أن يتخذ الطبيب قرارا فيما إذا كان من الواجب إحالته إلى المعالجة في المشفى. يستجيب الاكتئاب الطفيف والمتوسط الشدة إلى علاج (CBT). ولكن الاكتئاب الحاد يبقى على حاله. بالرغم من أن أطباء نفس الأطفال يستخدمون تقليديا الأدوية ثلاثية الحلقة للشفاء الناجح للمكتئبين اكتئابا حادا (خلافا للمزاج السيئ والسمة السوداوية)، ليس هناك من دلائل مستخلصة من تجارب ثنائية التعمية تدعم هذه المعالجة. يقترح “هارينغتون” أسبابا محتملة لهذا الاختلاف: “فمن الجائز أن استعمال الموازين السمحة في DMS-III (جدول المعايير التشخيصي والإحصائي الثالث للأمراض العقلية-لجمعية أطباء النفس الأمريكان ) قد قاد إلى ضم كل مجموعة غير متجانسة من حالات الاكتئاب وأن البعض فقط قد استجاب لهذا العلاج بثلاثيات الحلقة” خصوصا ضمن المرضى الذين يعانون من الحالات المرافقة للأمراض التي يشخـص فيها الاكتئاب عن طريق كراسات الاستبيان للحصول على عناصر بشرية من بين الأطفال الذين يراجعون عيادات الأطباء من أجل شكاوى أخرى هامة. تم في العقد السابق تحول فضل بموجبه الأطباء استخدام مضادات اكتئاب السيروتونينية مبدئيا لأنه لم يكن هناك من دلائل تحظرها ولا أخرى تنصح بها. ولكن الوصفات المعاصرة تعتمد على .“Fluoxetine” إن التأثيرات الجانبية لهذه الأدوية تشبه تلك العائدة للأدوية ثلاثية الحلقة (أي المضادة للكولين رغم مفعولها المثبط لقبط السيروتونين الانتقائي) وتتضمن الأرق لدى تناول “Fluoxetine”. تسبب الأدوية السيروتونينية اضطرابات فوق هرمية.
إن الخطر الكامن وراء تناول العقاقير السيروتونينية هو إثارة المتلازمة السيروتونينية، التي تتميز بتطور سريع لتغيرات الحالة العقلية وعدم الاستقرار والارتجاف والقشعريرة والرمع العضلي والمشية غير المتوازنة ومنعكسات مفرطة وحمى وتغيرات عصبية ذاتية والتعرق، ولكن إذا قمنا بإيقاف هذا الدواء المزعج نكون قد وضعنا حدا للحالة، المعالجة الفعالة إن احتيج إليها هي عرضية (للأعراض). خلافا لهذا نرى أن متلازمة مضادات الذهان الخبيثة تظهر ببطء (خلال ثلاثة أو تسعة أيام). ولكن التصلب والجلوس على كرسي المقعدين والجامود هي كلها مميزة ولا تظهر في متلازمة السيروتونين وتكون الأعراض العصبية الذاتية أخف حدة. يبدو أن متلازمة السيروتونين يكثر ظهورها حينما يوقف الدواء السيروتونيني أو يستبدل به دواء آخر.
إن مضادات الاكتئاب قد تسبب انقلابا هوسيا في أعراض المرضى بالداء ذي القطبين غير المشخص لديهم سابقا.
لا تزال الأدوية ثلاثية الحلقة تحتل مكانا في علاج الاكتئاب الحاد الذي لا يستجيب إلى مضادات الاكتئاب السيروتونينية. يستخدم نموذجيا الـ “Amitriptyline” لتأثيره المهدئ على المريض الشديد التهيج و “Imipramine” لتأثيره المنبه على هذا المريض إذا تضاءلت حركته ونشاطه. يجب تحذير المرضى وآبائهم من الظهور المبكر واستفحال التأثيرات الجانبية المضادة للكولين كجفاف الفم والإمساك وتشوش الرؤيا. ليس لهذه التأثيرات مشكلات كبيرة إذا تم تناول الدواء بشكل بطيء، ويجب أن يكون هناك تخطيط سليم لكهربائية قلب المريض (ECG) لأن اضطراب التوصيل هو مضاد للاستطباب. يبدو أن الأطفال يتطلبون 100-75 ملغ في اليوم كمعدل، على أساس تحديد الجرعة الأولى بخمسة وعشرين ملغ ثم الزيادة بنفس القدر كل ثلاثة أيام. هناك فروق كبيرة في حاجة الأشخاص إلى “Imipramine”، فعندما نلجأ إلى الأدوية ثلاثية الحلقة تصبح مراقبة تركيز الدم من الأمور المستحسنة. اقترح “بيونغ-أنتيك” وفريقه أن تركيزا لمصل الدم يعادل 150 ميكروغرام في اللـتر (“Imipramine” و “Destipramine”) هو ضروري للأثر العلاجي. ومن المفيد أيضا أن تتم قراءات دورية لتخطيط كهربائية قلب المريض إذا احتاج المريض إلى جرعات كبيرة من “Imipramine”. لا يظهر للعلاج بمضادات الاكتئاب بجرعات مدروسة أي أثر عادة إلا بعد مرور حوالي عشرة أيام.
يستمر العلاج بمضادات الاكتئاب لهؤلاء الذين يستجيبون له لفترة تتراوح بين أربعة وستة أشهر بعد ظهور مفعولها. يجب عدم التوقف عن أخذ تلك المضادات في الأوقات الحرجة مثل بداية السنة الدراسية الجديدة. على الأبوين أن يدركوا أن هناك حاجة للإشراف على تناول أقراص الدواء ووضعها في مكان لا تكون فيها بمتناول المريض وأشقاؤه والعلب المضادة للطفل هي ضرورية.
ظهر لحرمان المكتئبين من النوم أو النوم مع حركات سريعة للعينين كعلاج لهم ظهرت نتائج غير متوافقة، ولكنه قد يكون (هذا الحرمان) علاجا بديلا للذين لا يستجيبون للعلاج بواسطة العقاقير المضادة للاكتئاب.
يزول عادة الاكتئاب العاطفي الموسمي – الذي يحث دوريا في الخريف أو الشتاء – في فصل الربيع، ويتناول المريض كميات كبيرة من الكربوهيدرات ويزداد وزنه ويفرط في النوم. يستجيب هذا المرض إلى العلاج – بالضوء – الذي يبدأ في الخريف أو يـنقل المريض إلى مكان آخر من الأرض يتغير فيه الفصل. إن التقليد المصطنع لنور الفجر هو من الخيارات التي يمكن أن نلجأ إليها عندما لا يستطيع الأطفال المكوث أمام صندوق الضوء لفترة كافية.
إن للجامود (catatonia) أسبابا عديدة، وأكثرها عددا هو العاطفي منها. يستجيب المعانون منه إلى جرعة كبيرة من “lorazepam” مما يسمح بمعالجة الأمراض النفسية أو الجسمية القاعدية.
إن الاكتئاب الشديد جدا الذي لا يستجيب إلى مضاداته والذهول الاكتئابي والجامود هي استطبابات نادرة للعلاج بالصدمات الكهربائية. ولكن يجب عدم القيام بها من دون موافقة الاستشاريين، وربما من الزملاء العاملين في مجال الطب النفسي للمراهقين والراشدين، إضافة إلى مناقشة الأمر بكل جوانبه مع المريض والولدين. إن الفائدة الكبرى من العلاج هذا هي سرعة الاستجابة إذا نجح.
اضطرابات الوسواس القهري وهوس النتف
إن من مظاهر اضطراب الوسواس القهري التغسيل المتكرر (للبدن والأشياء)، والتجنـب، وإحصاء عدد الأشياء، والفحص، والمراجعة للأمور وطقوس وأنماط قهرية أخرى للذات التي تشمل عادة كل أفراد العائلة. إن الأطفال الذين يعانون من تلك الأشياء بشكل شديد قد يضطر ذووهم إلى إحالتهم إلى مكان للعلاج.
يلعب العلاج السلوكي دوره في هذا المجال، ولكنه ليس بالفعالية التي كــانت سائـدة. الأدوية السيروتونينية “Clomipramine” و“Fluvoxamine” و “Fluoxetine” مؤثرة حتى في غياب الأعراض الاكتئابية المرافقة، كما هو تأثير “Sertraline”. يستخدم “Clomipramine” في الحالات المقاومة عادة كدواء ثالث إن لم يتم استخدامه قبل ذلك.
يسـتجيب هوس النتف أيضـا إلى “Clomipramine”. ولكن هذا لا يشكل برهانا على أن الوضعين متشابهان.
العـرة ومتلازمة “توريت”
بمقدور المرء أن يعالج التقلصات الوجهية اللاإرادية (العرات) عن طريق التفسيرات والطمأنة. تشتمل متلازمة “جيل دي لا توريت” على التقلصات والحركات العصبية الوجهية وتلك الصوتية. لا يعطى الدواء إلا عندما تشكل تلك الحركات إعاقة للشخص، ولكن الشفاء التام ليس ممكنا. ليس هناك من دلائل على أن العلاج المبكر يغير من مجرى المرض.
يعتبر “Haloperidol” الدواء الأكثر تجربة وهو المنصوح به كعلاج. التأثيرات خارج الهرمية الحادة شائعة. ويجب تحذير المرضى من احتمال حصول رجفات وتصلبات وأزمات مدورة للمقلة تستجيب كلها للأدوية المضادة لمرض “باركنسون”، مثل “Procyclidine”. قد يتسبب “Haloperidol” في تركين شديد. وهي حالة سميت بالحالة “الضبابية”.
قد تسبب “Pimozide” و“Sulpiride” و “Fluphenazine” و“Risperidone” تأثيرات جانبية فوق هرمية. ولكنها كانت أقل أثرا من تلك العائدة إلى “Haloperidol”. قد قل استعمال “Pimozide” الآن بسبب تقارير عن موت مفاجئ ناجم عن اضطرابات النظم عند تناول جرعات كبيرة. يجب أن يكون هناك تخطيط كهربائية قلب مسبق وينصح بمراقبة لاحقة للمريض. يكون المريض قد بدأ يستجيب للعلاج إذا وصل معدل الجرعة اليومية إلى 8 ملغ.
هناك من يدعمون العلاج بواسطة كلونيدين. ومن حسناته أنه ليس مضادا للذهان. ولكن هناك تساؤلات حول فعاليته، ويقال إن العلاج به يستغرق عددا من الأشهر. فقد قال كاتب المقال -المتضمن تلك التساؤلات- بأنه يسبب الاكتئاب ولا يخلـص المريض من التقلصات أبدا. يجب عدم التوقف عن تعاطي الكلونيدين فجأة لكن على مدى ثلاثة أو أربعة أيام كي نتجنب خطر أعراض الانسحاب أو فرط الضغط الارتدادي.
نلاحظ أن العرات الصوتية هي الأولى في الاستجابة للعلاج بالعقاقير، وتليها العرات الحركية الشديدة، ثم العرات البسيطة.
قد تتعلق متلازمة “توريت” بأمراض نفسية أخرى، وبشكل خاص الأعراض الوسواسية القهرية. فالحركات المعقدة المتواترة التي تبدو وكأنها تؤدي بالإكراه -كالتقبيل المتكرر- تدعى عرات معقدة في المقالات الأمريكية، ولكن بما أنها تقع بين متلازمة “توريت” من جهة والاضطرابات الوسواسية القهرية من جهة أخرى، نفضل هنا تسميتها “الحركات المعقدة”، وقد تكون تلك الحركات المعقدة هي المشكلة الأساس. لا تؤثر مضادات الذهان على تلك الحركات، ولكن المريض كثيرا ما يستجيب لعقار “Clomipramine” حيث يطلب علاج محدد به.
تزداد العرات ترددا وتنخفض، ولكنه يتشكل عند بعض الأطفال ما يدعى “وضعية من العرات” وهي سلسلة من الحركات المعقدة والتقلصات المستمرة يشعرون بعدها بالحنق والإرهاق. ينتج عن النوم بمساعدة الكلورال -مثلا- بعض التحسن، إن لم يكن هناك علاج محدد لتلك الوضعية.
من الطبيـعي أن يشـعر المـرء ببعض التخوف من نشوء عسر حركة آجل على مدى الحياة لدى تلك العصبة من الأطفال الذين يتلقون علاجا مستمرا طويلا بمضادات الذهان. تشتمل العلاجات البديلة على لصقات جلدية تحتوي على النيكوتين (7 ملغ لفترة 24 ساعة متلاحقة كل شهر)، وهي أقل تدخلا في حياة المرء وسهلة التطبيق، وهناك أيضا Tertrabenazine.
القلق ونوبات الهلع ورفض المدرسة
إن أفضل الوسائل لمعالجة الخوف أو القلق أو نوبات الهلع هي استخدام السلوكية منها. فرفض ذهاب الطفل الأصغر إلى المدرسة لأول مرة يتعلق بمظاهر قلق لها عدة عوامل. والعودة المبكرة إليها هي الأساس في التربية.
قد يكون للقلق الحر المتنقل ولنوبات الهلع صلة بالتهوية المفرطة التي يمكن أن تـقيم في العيادة. قد تم استخدام الأدوية المضادة للقلق. ولكن نتائجها كانت متضاربة في فعاليتها. قد تكون الأدوية السيروتونينية الأكثر شعبية، وهناك دلائل على استعمال “Fluvoxamine”، ويجب الابتعاد كليا عن “Benzodiazepines” لأن لها جانبا إدمانيا وتأثيرات جانبية سلوكية. قد يؤدي “Propranolol” إلى فائدة ما، ولكن له مضادات للاستطباب عندما يكون هناك سيرة بالربو أو اضطرابات النظم. لهذا العلاج فائدة، وهي أن باستطاعة المريض تناوله حين يحتاجه. من الممكن وصف “Amitriptyline” و“Imipramine” الثلاثيــة الحلقة لكونهما يخففان من القلق. من الصعب استخدام الجيل الراهن من مثبطات أوكسيداز أحادي الأمين لأن على المريض أن يلتزم بحمية ما تجنبا لردة فعل رافعة للضغط. مثبطات أوكسيداز أحادي الأمين الأحدث والقابلة للعكس مثل Moclobemide قد تجعل هذه الزمرة من الأدوية متاحة أكثر للمرضى المراهقين لكنها تتطلب أيضا قيودا غذائية. وتوجد مشكلات كامنة في التحول إلى موجهات نفسية أخرى.
اضطرابات الهستريائية واضطرابات الأكل والألم المزمن
الاضطرابات الهستيرية والمجسدة مشمولة هنا لأنها أحيانا تؤدي إلى الاكتئاب الذي يجب أن نشخصه ونعالجه بالطريقة العادية. وبالطريقة نفسها نرى أن الاكتئاب يواكب أحيانا متلازمة التعب المزمن والقمه العصبي Anorexia Nervosa.
قد تكون إزالة العقد عن طريق الحقن بعقار “Amylobarbitone” مفيدة في تشخيص الذهول النفساني وفي شفاء الأطفال المصابين بفقدان وظيفة شديد لا عضوي.
لا يوجد دواء فعـال ضد القمه العصبي، ولكن كلا من “Imipramine” و “Fluoxetine” نجحا إلى حد ما في علاج الراشدين من النهام العصبي Bulimia Nervosa. لقد تم استخدام “Gabapentin” و “Carbamazepine” والأدوية ثلاثية الحلقة لعلاج الآلام النفسية المنشأ، ولكن علاج الألم المزمن لدى الأطفال في غياب مناهج محددة يتم عن طريق العودة إلى الحياة الطبيعية والذهاب المنتظم إلى المدرسة. لدى مراكز خدمات الرثية للأطفال أفضل الترتيبات بهذا الخصوص وتقدم طرقا نافعة.
الإلغاء
خلافا للإمساك لا تتم محاولة معالجة عارض التبرز في الأماكن غير اللائقة قبل سن الرابعة، وذلك لأسباب تتعلق بنمو الطفل. والعلاج هنا سلوكي بشكل عام، كإهداء الطفل كرسيا جديدا في المرحاض. كثيرا ما نلجأ إلى المسهلات عندما يحدث إمساك الأطفال، واختيار المسهل أمر هام.
بشكل مشابه تقف اعتبارات النمو أمام التعرض إلى التبول الليلي في الفراش عند الأطفال دون سن الخامسة. وقد يكون لهذا التبول علاقة بدواء يتناوله الطفل. ونلجأ هنا إلى العلاج السلوكي كحل لهذا العارض، بعد استبعاد الأسباب الجسدية. بعض الأطفال يستجيبون إلى هدايا معينة كهدية لليالي الجافة، ونحث غيرهم على التوقف بطرق أخرى. كثير من المقاطعات قد جعلت عيادات التبول الليلي تقدم هذه الخدمة. بالرغم مما ذكر آنفا يقوم العديد من الأطبـاء وأطبـاء النفس بوصف “Amitriptyline” و“Imipramine” ضـد التبول الليلي اللاإرادي بالرغم من أن لهذين الدواءين مفعولا قصير الأمد. ولكن حالات الانتكاس كثيرة عند التوقف عن تناولهما، وخطورة الجرعة الزائدة على المريض أو أشقائه. قد يكون هناك مجال لوصف أحد هذين الدواءين على المدى القصير -فعلى سبيل المثال- الموافقة على ذهاب الطفل مع الرحلة المدرسية في عطلة ما. قد نستطيع قول الشيء ذاته بالنسبة لعقار “Desmopressin” الذي يمكن الآن تناوله عن طريق الفم. يتسبب هذا الدواء بالصداع ونقص في الشهية إلى الطعام وتقلصات، ربما بالتسمم المائي الطفيف. لا يمكننا بعد هذا أن ننصح ذوي الأطفال المرضى بالتبوّل الليلي اللاإرادي باللجوء إلى العقاقير مع وجود طرق سلوكية مؤاتية لعلاجه.
إن العلاج الأساس لتبول الأطفال اللاإرادي أثناء النهار هو علاج سلوكي بما في ذلك وضع قدر للتبول في أماكن عدة، ولكنه يجب على القائمين على هذا الموضوع مراجعة المقالات عن هذا الأمر خصوصا إذا كان الوضع صعبا ومربكا. إن معظم العقاقير التي يصفها المتخصصون في هذا المجال تسبب الكوابيس.
فرط النشاط
إذا أخذنا برأي “التصنيف العالمي للاضطرابات النفسية، الطبعة العاشرة (ICD-10)” رأينا أن كل الأطفال القلقين والضئيلي فترة الانتباه وذوي السلوك المفرط في النشاط هم في الواقع يعانون اضطراب فرط النشاط الحركي. أما رأي “الكتيب التشخيصي والإحصائي لمعايير الاضطرابات النفسية، الطبعة الرابعة المعدلة DSM-IV-TR” في أمريكا فهو أنهم يعانون من فرط النشاط الحركي ونقص الانتباه. يعرف هذا الأخير شريحة أكثر عددا من المرضى، لأنه يهتم بوصف الوضعيات لتلك الاضطرابات، ولن نتعرض له أكثر من هذا.
يعرف اضطراب فرط النشاط الحركي بشكل مختصر على أنه يحدث باكرا بمعدل يساوي 17 من كل 1000 ولد بين السادسة والثامنة من العمر في تلك الدراسة في شرق لندن. أبدى أطباء المملكة المتحدة النفسانيون الممانعة في التشخيص، ولكنهم عادة يحددون الاضطراب السلوكي نفسه الذي يرافق التشخيص المذكور. وهذا وضع معيق للتفكير، حيث تكون إدارة المرض (أو علاجه) من الأمور الصعبة، وتتطلب الانتباه إلى البنية والمضمون المنطقي، الأمر الذي قد يتطلب معالجة للظروف البيئية. كثيرا ما تستعمل العقاقير المنبهة في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنها لا تستعمل إلا قليلا في المملكة المتحدة. ومع هذا فإن تلك العقاقير المعطاة للأطفال قد نالت قدرا كبيرا من البحث والتقصي، فقد شهد العديد من الدراسات على فعاليتها. بالرغم من أنها لا توصف إلا للأطفال المبتلين بشدة الذين يظهر سلوكهم في المنزل والمدرسة وعيادة الطبيب، ولكن لكل جهة طبية في كل منطقة من المناطق في المملكة المتحدة مرضاها المرشحون، وكل منطقة تحتاج إلى ترتيبات لهؤلاء.
يتم بعد التشخيص تحديد كل من الوالد والأستاذ (بعد موافقتهما) باستخدام مقياس “رتر” أو مقياس “كونرز” الأمر الذي يتطلب بضع دقائق فقط. ويمكن تكرار تلك القياسات لتقييم التغيرات. إن كلا من “Methylphenidate” و “Dexamfetamine” فعال، وتـم الفـحص على أساس “نعم” أو “لا”. فعندما تظهر نتيجة تظهر بوضوح. ولا تشرد الممرضة المشرفة على مائدة العشاء إذا نسي أحد الأطفال أخذ قرص دوائه. والأحسن من هذا هو أن سلوك الطفل المتحسن سيساعد العائلة على أن تتعايش معا بشكل أفضل. إذا كان للاضطراب السلوكي من ترابط ما فلن تؤثر عليه المنبهات، ومن المهم أن نلاحظ الطبيعة الحقيقية للأعراض المتبقية ألا نتوقع حلا دوائيا لها. يتوقع للقلق المرتبط أن يزداد سوءا مع تناول المنبهات. لدواء “Methylphenidate” نصف حياة قصيرة، وهو يعطى بجرعات متقطعة ما بين 0.3 و 1.5 ملغ في اليوم، بدء بحوالي 5 ملغ مرتين في اليوم مع جرعة يومية عليا تساوي ستين ملغ تبعا لوزن الطفل. قد يكون كبت الشهية إلى الطعام مشكلة هنا، ولذا تعطى الجرعة بعد طعام الإفطار أو بعد الغداء وربما بعد الانتهاء من المدرسة. قد تتسبب الجرعات المسائية بالأرق.
يشتكي البعض من نقص في النمو قابل للتصحيح. وقد يكون منشؤه جرعات عالية من الدواء. ومع هذا يجب قياس طول الطفل ووزنه وتحديد ضغط دمه في كل زيارة لعيادة الطبيب. وهذا يعني أن العيادة يجب أن تكون معدة لذلك. قد يبكي بعض الأطفال أو يكتئبون، وقد ينتاب آخرين سلوك وسواسي قهري أو بعض العرات. هناك خلاف في وجهات النظر فيما إذا كان باستطاعة الأطفال ذوي العرات وفرط النشاط الحركي تناول المنبهات. ليست العرات من مضادات الاستطباب، ويجب اتخاذ القرارات على أساس الحالات كلا منها على حدة.
يطول مفعول “Dexamfetamine” اليومي. وقد يعطى مرتين في اليوم. تبدأ الجرعة بخمسة ملغ في اليوم وجرعة يومية عليا مقدارها أربعون ملغ. تشبه التأثيرات الجانبية تلك الذي يسببها “Methylphenidate”. يتحمل بعض الأطفال دواء من الأدوية بشكل مغاير لآخر بالرغم من أن كلا من “Dexamfetamine” و “Methylphenidate” هو دواء منضبط لن يدمن أحد على أي منهما وفقا للجرعات المحددة هنا. هناك مستحضرات ذات تحرر مديد من كلا الدواءين موجودة الآن. وهي قد تتيح الموازنة بين الفعالية والآثار الجانبية التي لا يتيحها المركبان الأصليان.
يجب علينا أن نفكر في نهج للعلاج والإشراف الطويل الأمد إذا كانت المنبهات مؤثرة. من الممكن – في سنوات المراهقة – محاولة تخفيض الجرعات أو إيقافها في أوقات غير حرجة ولكنه ليس من الضروري الاستمرار في عملية التخفيض هذه إذا نجم عن هذا تدهور في سلوك المراهق المصاب.
بالرغـم من أن هناك فائدة في جرعة منخفضة من “Imipramine” ولكن هذا الدواء بديل ضعيف للمنبهات، وقد يساعد إذا كانت هناك أعراض قلق مرافقــة. يـؤثر أيضــا“Carbamazepine” على فرط النشاط الحركي لدى الطفل وقد يكون أقل استخداما مما يجب.
يستخدم أيضا الكلونيدين بشكل واسع ولكن ليس هناك إلا أدلة محددة على أنه أكثر فعالية من الدواء الغفل (الصوري) وتأثيره محـدود، وقد يكون“Guanfacine” أفضل.
إن “Buproprion” (أي “Amfebutamone”) هو خيار آخر، ولكن من تأثيراته الجانبية بعض النوبات المرضية. لقد تم سحب “Pemoline” من الأسواق في المملكة المتحدة.
يستخدم الآن بعض المتخصصين بفرط النشاط الحركي علاجات مركبة كالمنبهات مع الكونيدين أو “Risperidone” ولا حاجة إلى زيادة عددها.
المبادئ الأساس لعلاج الاضطرابات النفسية لدى الأطفال بالعقاقير
- يجب أن تكون هناك خطة محددة.
- يجب أن نتوقع عدم انصياع الأطفال.
- إن لم يكن المرء مقيدا بالتأثيرات الجانبية وجب زيادة الجرعة حتى يطرأ تحسن ما أو يكون السلوك مقبولا بالنسبة لحجم الجرعة والطفل، كل هذا قبل أن نقرر أن هذا الدواء غير مفيد ونخفض أو نوقف الجرعات.
- يجب إيقاف تناول أي دواء لا يؤدي إلى نتيجة.
- قد يزيد السلوك سوءا أي دواء كان قد وصف لتحسين هذا السلوك.
- كثيرا ما يتضمن العلاج تخفيض الجرعة أو تقنينها.
- إذا كان لا بد من تناول الأدوية وجب اختيار الأدوية الأخف قوة أولا.
- يجب تجنب مضادات الذهان ( “Haloperidol”و “Risperidone” على سبيل المثال) للحد من خطر تشكل عسر الحركة الآجل الذي قد يتلو علاجا بمضاد ذهان قصيرا وبجرعة أخفض.
- يجب عدم أخذ أكثر من دواء مضاد للذهان واحد في الوقت نفسه، فالتشنجات كثيرة في الطب النفسي للأطفال ويجب ألا أن يتناول الطفل دواء لكل تشخيص.
- إن فكرة تناول دواء واحد هي من الأفكار الجيدة في ظل درايتنا الحالية للموضوع.
المراجع
موقع طبيب
التصانيف
طب العلوم التطبيقية الطبي