من الناحية التقنية تعني كلمة الأوبييت، Opiate (أي المخدر الأفيوني) ما يشتق من النبات المخدر الذي يصنع منه الأفيون، كالمورفين الكودايين، في حين تشير كلمة أوبيويد، Opioid إلى المخدرات الأفيونية وإلى طائفة واسعة أخرى من المركبات الاصطناعية. وبأي حال، فإن الكثير من الناس يستخدمون كلمة أوبييت، أي المخدر الأفيوني، للإشارة إلى الصنفين المذكورين آنفاً. إن المخدرات الأفيونية الشائع استخدامها تتضمن الهيروين، المورفين، ميثادون، كودايين، فانتانيل، هيدرومورفون، ديميرول (الاسم العام ميبيريدين)، أوكسيكونتين (الاسم العام أوكسيكودون)، ولورتاب (الاسم العام هيدروكودون).
لقد تم اقتراح عقاقير متنوعة كوسائل لمعالجة الإدمان على المخدرات بأنواعها، إلا أنه في أوائل الستينيات خلص القائمون على مهنة الطب إلى أنه ما من وسيلة معالجة معروفة يمكن لها أن تساعد، بشكل قاطع، أكثر من شريحة ضئيلة من مدمني المخدرات على مدى طويل، فهناك نسبة 70 إلى 90 بالمئة منهم سينتكسون في غضون فترة قصيرة.
إننا نملك بالفعل عقاراً فعالاً: المخدر التركيبي الذي يدعى ميثادون. تم تطويره عام 1930، وهو مركب غير رخيص الثمن، وأثره يدوم طويلاً، جرعة واحدة تكفي اليوم بطوله. يمكن للميثادون عند استخدامه بصورة مناسبة أن يوازن بفعالية مدمني المخدرات، من دون أن ينتج أي نشاط أو أي تحمّل لجرعات إضافية. غير أنه لا يزال وارداً أن يسبّب الميثادون شعوراً بالنشوة إن تم تناوله بكميات كبيرة، لذا، فهناك إمكانية أن يُساء استخدامه. لكنه بشكل عام خيار ممتاز في المعالجة. إنما لسوء الحظ تبقى المعالجة الصيانيّة بالميثادون مثار جدل واسع النطاق، في الأوساط الطبية والعامة على حدٍّ سواء. فالمواقف السلبية المستندة إلى التثقيف غير الدقيق حول الميثادون، فضلاً عن كتلة متشابكة مقَلقَلة وغير واضحة من التنظيمات التي تحيط باستخدامه، جميعها تجعل من الصعب على غالبية مدمني المخدرات اعتبار الميثادون كخيار في المعالجة. نتيجة لذلك وحتى وقت قريب للغاية، في عام 2005، 75 بالمئة من المدمنين على المخدرات لم يتلقوا العلاج بالرغم من وجود دواء ذي فعالية فعلاً.
سابوكسون – Saboxone، المقاربة الثورية لمعالجة الإدمان على المخدرات:
في عام 2002، صرّحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA باستخدام عقار جديد لمعالجة الإدمان على المخدرات، ألا وهو بابرينورفين – buprenorphine، مخدر يعمل كناهض جزئي، في جرعاته المنخفضة يشابه تأثير مخدرات من مثل الهيروين والأوكسيكودون، وفي جرعاته العالية يشابه تأثير النالتريكسون ضادة المخدر. وذلك بأن تتشابك جرعاته بقوة مع مستقبِلات المخدر في الدماغ، فتصبح كعلكة في قفل الباب، مانعة المخدر الحقيقي من التشابك مع المستقبِلات وإثارة الشعور بالنشوة. فبما أنها لا تستطيع الدخول، فلا مجال للانتشاء.
يوصف عادة لمدمني المخدرات عقار بابرينورفين على شكل دواء يدعى سابوكسون، والذي يحتوي على بابرينورفين ونالوكسون. يستخدم سابوكسون كواحد من معالجات الصنف الأول للإدمان على المخدرات، وذلك للتقليل من استخدام المخدر غير المشروع، ولمساعدة المرضى على المحافظة على برنامجهم العلاجي بحجب تأثير المخدر، والتقليل من الرغبات الملحة، وإيقاف أي مظاهر رئيسة للتراجع. فمعظم مدمني المخدرات يظهرون استفادة كبيرة مع تناولهم سابوكسون بغض النظر عن نوع المخدرات التي كانوا يتعاطونها والمدة الزمنية للتعاطي.
كانت قصة بين تُشكِّل نموذجاً لمدمن المخدرات. فحين دخل معهدي وهو في التاسعة والعشرين طالباً المساعدة للتخلص من إدمانه على الهيروين، قال إنه قد كره حياته المعتمدة على المخدرات، ومقت كونه أسير الإدمان. فإن تخلف عن جرعته ساعتين، يبدأ بالشعور بالغثيان (وهي أعراض التراجع الأولية عن المخدرات)، وستصل رغباته الملحة عنان السماء، لذا، كان عليه على الدوام أن يتيقّن من أن زاده اليومي بحوزته، أينما توجه ومهما كان يفعل. يروي قائلاً: “خلال السنتين الماضيتين، لم أشعر حقاً بالمتعة وأنا أتعاطى. إنما أقوم بذلك فقط كي لا أشعر بالغثيان أو أصاب بالجنون. لهذا السبب أكره حياتي”. لحسن الحظ، بعد مرور أسبوع فقط من بداية استخدامه للسابوكسون تحول إلى شخص آخر تماماً. وأخبرني أنها كانت المرة الأولى التي يشعر فيها بأنه شخص طبيعي منذ كان في السادسة عشرة من عمره.
يشكل السابوكسون تقدماً ذا شأن في معالجة الإدمان على المخدرات لأنه يحجب عن الدماغ آثار المادة المخدرة. فإن زللت وتعاطيت وأنت تتداوى بهذا العقار، فلن تشعر بالانتشاء. حرمانك هذا من ميزة التعاطي سيجعلك أقل عرضة للانتكاس. فبتجريد المرضى من الرغبات الجامحة والشوق إلى التعاطي، يمكّن المرضى من المشاركة وبنجاح كبير في برنامج علاج خارجي، وبرنامج الخطوات الاثنتي عشرة لتعلم مهارات مواجهة المشكلات المستقبلية التي هم بحاجة إليها للمحافظة على نمط حياة يكرس الصحو ويخلو من تعاطي المخدرات ويتقدم بخطى واعدة إلى الأمام.
فكما أن الفيفيترول والكامبرال أحدثا ثورة في عالم معالجة الإدمان على الكحول، كذلك فإن السابوكسون يشكل العلاج الشافي الموعود الذي ينتظره الملايين من مدمني المخدرات.
كيف يعطى للمريض
يجب ألاّ يعطى السابوكسون باستمرار، خوفاً من وجود بقايا من المخدرات في جسم المتعاطي، فيقوم الدواء بفعل الضادة، حاجباً آثار المخدرات وملقياً المريض في أتون مزعجات طور التراجع. يتم تعديل الجرعة عادة خلال اليومين الأولين من الاستعمال. وما إن يتم بلوغ الجرعة الأمثل حتى يشعر المريض بالراحة ولن يعاني بعد من الرغبات الملحّة.
بالرغم من أن الحال يختلف من امرئ إلى آخر، إلا أن معظم المرضى يحتاجون إلى تناول السابوكسون على الأقل لفترة تتراوح بين تسعة أشهر إلى اثني عشر شهراً حتى يستقر وضع أجهزة أجسامهم، ومن ثم يمكن للعديد منهم إنقاص الجرعات تدريجياً. من الأفضل بعد حالة الاستقرار بشكل عام أن يتناول المريض الفيفيترول أو النالتريكسون الفموي عاماً أو عامين على الأقل ليضمن استمرارية إغلاق الباب في وجه إمكانية الانتشاء.
الآثار الجانبية
تتضمن تلك الآثار التعرق، وآلاماً في الرأس، والألم، والغثيان، والإمساك، ومتاعب في النوم. كما يمكن أن يقود إلى نوع من الاعتماد على الدواء، مع مظاهر تراجع في حال تم الانقطاع عن التداوي به فجأة.
تأليف: د. هارولد إيرشل
المراجع
موقع طبيب
التصانيف
طب العلوم التطبيقية الطبي