تختار بعض النساء، لأسباب تتراوح بين السلامة والراحة، اللجوء إلى ولادة قيصرية مخطط لها وليس إلى الولادة المهبلية (الطبيعية)، ويطلق على ذلك اسم الولادة القيصرية الاختيارية elective Caesarean birth؛ وفيها يولد الطفل جراحيا من البطن، ويكون ذلك قبل أن تبلغ الأم المخاض، وتجرى هذه العملية حسب اختيار المرأة وليس بالضرورة لأسباب طبية.
مسائل يجب أخذها بالحسبان
تعد الولادة القيصرية الاختيارية قضية خلافية، فالذين يؤيدونها يرون أن للمرأة الحق في اختيار طريقة ولادتها لطفلها، بينما يرى المعارضون أن أخطار الولادة القيصرية تفوق كل الفوائد المتوقعة؛ ولم يصدر رأي أو حكم معتمد على الأدلة الطبية لأن الإجراء لم يخضع لمزيد من الدراسة.
وبما أن هذه العملية خلافية، يمكن أن تختلف كثيرا آراء مقدمي الرعاية الصحية فيها، فبعضهم قد يرغب بأخذها بعين الاعتبار، بينما يستبعدها البعض الآخر معتقدا أن الولادة القيصرية الاختيارية يمكن أن تكون ضارة، ولذلك يأخذ تعهدا على إجرائها دفعا للضرر.
قد ترغبين بالحديث مع مقدم الرعاية الصحية حول الولادة القيصرية الاختيارية إذا سبق لك أن عانيت من مخاض صعب وولادة متعسرة في السابق؛ لذلك، تأكدي من مناقشة كافة الأخطار والفوائد مع مقدم الرعاية الصحية، فهو من يستطيع تقييم التاريخ الطبي لك وتقدير حالة الحمل لديك والحصول على أحدث المعلومات الطبية الراهنة.
وتتمثل أفضل طريقة لاتخاذ القرار – لا سيما في مثل هذه القضية الخلافية – في الحصول على ما أمكن من المعلومات حول كافة جوانب الموضوع، ولذلك اعرفي محاسن الولادة القيصرية الاختيارية ومساوئها؛ وتحدثي إن استطعت إلى نساء أخريات خضعن للولادات القيصرية، حيث ربما تجدين من خضع منهن لولادة قيصرية انتقائية، فتجربة المرأة في ولادة قيصرية إسعافية قد لا تشبه تجربتها في إجراء انتقائي؛ وتكلمي أيضا مع امرأة خضعت لولادة طبيعية (عبر المهبل)، ثم تعاوني مع مقدم الرعاية الصحية لاتخاذ أصوب قرار لك ولطفلك.
الأخطار المحتملة للولادة القيصرية الاختيارية
يرى البعض أن التقدم في الإجراءات الجراحية جعل الولادات القيصرية الاختيارية آمنة مثل الولادات المهبلية تقريبا، بينما يحتج آخرون بأنها ما تزال تنطوي على خطر المضاعفات أكثر من الولادة المهبلية.
وتشتمل بعض الأخطار المحتملة للولادة القيصرية الاختيارية لديك على:
●   موت الأم. يندر أن يؤدي الحمل أو الولادة إلى الوفاة، سواء أكانت الولادة مهبلية أم قيصرية؛ غير أن الولادة القيصرية يمكن أن تحمل هذا الخطر أكثر من الولادة المهبلية بمرتين، مع أن معدل وفاة الأم نتيجة الولادة القيصرية قد نقص خلال العقد الأخير؛ وتشك بعض الدراسات الآن في هذا المعدل مرتئية أنه يمكن أن يوازي أو يقل عن الخطر المرافق للولادة المهبلية؛ كما أن الولادة القيصرية المخطط لها تكون ذات معدل وفاة أقل من القيصرية الإسعافية.
●   الأخطار على المدى الطويل. تكون النساء اللواتي خضعن لولادة قيصرية سابقة في خطر مرتفع من مشاكل المشيمة في الحمول اللاحقة، وهذا ما يعقد الحمول المتأخرة، فقد يقود إلى استئصال الرحم (hysterectomy) وحتى إلى الوفاة؛ كما يمكن للولادة القيصرية السابقة أن تزيد من خطر تمزق الرحم، لا سيما عندما تقررين تجريب الولادة المهبلية بعد الولادة القيصرية VBAC. وتميل الحمول المتعددة إلى زيادة خطر المضاعفات مع كل حمل لاحق، كما تزيد الولادات القيصرية المتعددة الخطر أكثر فأكثر.
●   الأخطار الجراحية. بما أن الولادة القيصرية جراحة كبرى، فهي تحمل أخطار أكبر للعدوى والنزف والإصابة؛ وقد يكون النزف خلال هذه الولادة أكبر بمرتين منه خلال الولادة المهبلية؛ وفي نحو 3% من الحالات، تحتاج الأمهات إلى نقل الدم بعد الولادة القيصرية.
يمكن أن تؤدي العقاقير المستعملة خلال الجراحة، بما في ذلك تلك المستخدمة في التخدير، إلى استجابات غير متوقعة أحيانا، مثل مشاكل التنفس؛ ولذلك، تجرى معظم القيصريات المخطط لها بالتخدير النخاعي spinal أو فوق الجافية epidural anesthesia، والذي يخدر جسمك من الصدر وما دون؛ ومن الخيارات الأخرى التخدير العام general anesthesia الذي يؤدي إلى فقدانك للوعي، وقد يؤدي التخدير العام أحيانا إلى الالتهاب الرئوي pneumonia، وقد ينطوي بدرجة قليلة على القيء واستنشاق المواد المقاءة إلى الرئتين؛ غير أن التخدير العام لا يستخدم عادة إلا في الحالات الطارئة، حيث يحتاج الطفل إلى التوليد بأسرع ما يمكن.
وبعد الولادة، تكون النساء اللواتي ولدن بالولادة القيصرية أكثر عرضة لعدوى الغشاء المخاطي المبطن للرحم (التهاب بطانة الرحم endometritis) أو الجلدة الدموية؛ وتشير بعض الدراسات إلى أن النساء اللواتي خضعن لولادة قيصرية قد يكن أكثر ميلا إلى العودة إلى المستشفى بعد الولادة.
●   نقص القدرة على الإرضاع من الثدي بعد الولادة. في غضون الساعات القليلة الأولى من الولادة، يمكن ألا تكوني قادرة على الإرضاع الثديي أو القيام بالكثير للطفل، غير أن ذلك مؤقت، حيث سيكون هناك متسع من الوقت لإرضاع الطفل والتعلق به بعد الشفاء.
وفضلا عن الأخطار المذكورة آنفا، هناك عبئ مالي إضافي للولادة القيصرية أكثر من الولادة المهبلية؛ ولذلك، قد يكون عليك أن تتحققي من شركة التأمين للتأكد من أنها تغطي نفقات الولادات القيصرية الاختيارية.
الأخطار المتوقعة للولادة القيصرية على طفلك:
●   الولادة المبتسرة (المبكرة) Premature birth. إذا لم يكن تقدير عمر الحمل صحيحا، يمكن أن يولد طفلك قبل أسبوع أو أسبوعين من موعده؛ وقد يقود ذلك إلى صعوبات تنفسية ونقص وزن المولود ومشاكل أخرى.
●   تسرع القلب العابر Transient tachypnea. تعد صعوبة التنفس الخفيفة، والمسماة بتسرع القلب العابر، إحدى أكثر الأخطار على الطفل بعد الولادة القيصرية شيوعا؛ وتحصل هذه الحالة عندما تكون رئتا الطفل رطبتين جدا؛ فعندما يكون طفلك في الرحم، تكون رئتاه مملوءتين بالسائل بشكل طبيعي؛ وخلال الولادة المهبلية، تؤدي الحركة عبر قناة الولادة إلى عصر طبيعي لصدر الطفل ودفع السائل خارج رئتيه؛ أما خلال الولادة القيصرية، فلا يوجد هذا التأثير، لذلك يمكن أن يبقى السائل في رئتي الطفل بعد ولادته، مما قد يؤدي إلى تسرع التنفس والحاجة عادة إلى أكسجين إضافي يعطى تحت الضغط لإخراج السائل.
●   تأثيرات التخدير. قد يؤدي انخفاض ضغط الدم المحرض بالتخدير عند الأم أحيانا إلى نقص وصول الأكسجين إلى الطفل، مما يقود إلى زيادة الحموضة في دم الطفل. وتعد هذه الحالة عابرة؛ ففي التخدير العام، تصل بعض العقاقير للطفل، مما يتسبب في تثبط التنفس لديه؛ ويمكن – عند الضرورة – إعطاء الطفل عقاقير لمعاكسة تأثيرات التخدير.
●   الجروح. يمكن في حالات نادرة أن يتعرض الطفل خلال الولادة القيصرية للجرح.
●   الإملاص stillbirth مستقبلا (ولادة جنين ميت).
الفوائد المتوقعة للولادة القيصرية الاختيارية
تشتمل بعض الفوائد المتوقعة للولادة القيصرية الاختيارية على:
●   الحماية الممكنة لعضلات حوضك. يمكن أن يؤدي جهد الدفع لإخراج الطفل، خلال الولادة المهبلية، إلى إضعاف أو الإضرار بعضلات الحوض أو إصابة الأعصاب الحوضية؛ وقد تتسبب الإصابة الناتجة عن ذلك في السلس البولي Urinary incontinence أو البرازي fecal incontinence، أو قد تؤدي بدرجة أقل شيوعا إلى تدلي أعضاء الحوض pelvic organ prolapse، وهي حالة تتبارز فيها بعض الأعضاء – مثل المثانة – نحو قناة المهبل.
ويزول السلس البولي الناجم عن الحمل والمخاض في غضون ثلاثة شهور عادة، لكن بعض النساء يصبن إصابة دائمة؛ وقد لا تظهر علامات ضعف عضلات الحوض وأعراضه أحيانا إلا بعد سنوات من الولادة؛ وتشتمل العوامل التي يمكن أن تزيد خطر إصابة عضلاتك الحوضية على الشق الجراحي لتوسيع فتحة المهبل (بضع الفرج episiotomy) والتمزقات الكبيرة خلال المخاض واستعمال الملاقط أو الولادة المساعدة بالمحجم vacuum-assisted delivery.
إن خضوعك لولادة قيصرية لا يضمن أنك لن تعاني من مشاكل السلس، كما أن وزن الطفل خلال الحمل يمكن أن يضعف عضلات حوضك؛ وحتى النساء اللواتي لم يسبق لهن إنجاب أطفال قد يصبن بمشاكل السلس.
وقد وجد في دراسة على أكثر من 15000 امرأة أن 10% من النساء اللواتي لم ينجبن أطفالا يذكرن معاناتهن من علامات السلس وأعراضه خلال حياتهن، ويزداد هذه المعدل حتى 16% عند النساء اللواتي ولدن كل أولادهن بالقيصرية وحتى 21% عند اللواتي ولدن أولادهن بالولادة المهبلية؛ وتكون النتائج متماثلة عند النساء اللواتي يلدن بقيصرية انتخابية أو غير انتخابية؛ وعند تقصي النساء بعمر 50 – 64 سنة، لم يلاحظ فرق في معدل السلس بين النساء ذوات الولادات المهبلية والنساء ذوات الولادات القيصرية.
يمكن أن تستعمل النساء تمارين كيجل Kegel exercises خلال الحمل وبعده في محاولة لتقوية عضلات حوضك والوقاية من مشاكل السلس.
●   تجنب الولادة القيصرية الإسعافية. تكون الولادة القيصرية الإسعافية (التي غالبا ما تجرى بعد مخاض عسير غير مجد) أخطر من كل من الولادة القيصرية الاختيارية والولادة المهبلية.
●   تجنب المخاض العسير. يمكن أن يؤدي المخاض العسير إلى ولادة باستعمال الملاقط أو مساعدة المحجم، ولا تنطوي هذه الطرائق عادة على مشاكل، غير أن الولادات المساعدة بالأدوات instrument-assisted deliveries والفاشلة تتصاحب بخطر أكبر لإصابات المواليد.
●   المرونة في تسهيل الجدولة. يمكن أن تسمح جدولة الولادة القيصرية بتحضير أفضل للولادة، فالجدولة قد تخفف من الأعباء الواقعة على فريق الرعاية الطبية، مما يساعد على الوقاية من التعب وعدم كفاية مستويات العاملين.
يمكن أن تشتمل بعض الأخطار المنخفضة على طفلك على:
●   قلة مشاكل الولادة. يمكن أن تقلل الولادة القيصرية المخطط لها بعض مشاكل الولادة النادرة، فهي قد تنقص موت الطفل المتعلق بالمخاض وعسر ولادة الكتفين shoulder dystocia والإصابة الولادية birth injury (التي تشكل قلقا خاصا عند النساء من ذوات الخطورة العالية اللواتي يحملن أطفالا كبار الحجم) وتنفس العقي meconium الذي يحصل عندما يستنشق الطفل الفضلات البرازية خلال الولادة؛ كما تحمل أحداث المخاض خطرا صغيرا جدا للشلل الدماغي cerebral palsy.
●   نقص خطر سراية الأمراض المعدية. قد يلاحظ، في الولادة القيصرية الاختيارية، نقص في سراية الأمراض المعدية من الأم إلى الطفل، مثل فيروس الإيدز AIDS virus والتهاب الكبد البائي hepatitis B والتهاب الكبد السائي hepatitis C والهربس (الحلأ) herpes وفيروس الورم الحليمي البشري human papillomavirus.

المراجع

موقع طبيب

التصانيف

طبيب  العلوم التطبيقية  الطبي