يعتبر النوم أحد المكونات الأساسية لاستمرار عمل مختلف وظائف الجسم البشري بصورة طبيعية، ونقص النوم يؤدي إلى اختلال في فسيولوجية الجسم وكثير من وظائفه الحيوية. ويعتقد الكثير من الباحثين والتربويين أن اضطراب ونقص النوم يؤديان إلى نقص القدرة على التحصيل العلمي والأداء بصورة جيدة. ولكن للأسف فإن الدراسات والأبحاث التي ركزت على هذا الموضوع قليلة جدا واهتم أكثرها بالطلاب الجامعيين وطلاب المراحل الثانوية. وقد أظهرت بعض الدراسات أن التحصيل العلمي للطلاب الذين يشخرون أو يعانون من مشكلات التنفس أثناء النوم أقل من قرنائهم، وتحسن الأداء الدراسي للطلاب المصابين بالشخير بعد علاجهم.
وستُنشر هذا العام دراسة أجريناها على عينة من طلاب المدارس الابتدائية في مدينة الرياض مع مجموعة من الباحثين من كلية الطب بجامعة الملك سعود في إحدى المجلات العالمية المتخصصة في طب النوم (Sleep and Hypnosis). وهدفت الدراسة إلى تقييم تأثير اضطرابات النوم وعادات النوم السيئة في أداء الطلاب في الامتحانات وتحصيلهم العلمي. وشملت العينة أكثر من 1000 طالب وطالبة من كل صفوف التعليم الابتدائي. وقد أظهرت الدراسة الكثير من النتائج التي قد تفيد الآباء والأمهات وكذلك المربين والمعنيين بالتربية والتعليم، لذلك أحببت أن أشارك القراء الأعزاء ببعض هذه النتائج. ولتقييم الأداء المدرسي تم استخدام التقارير الشهرية التي تصدرها المدارس.
وبناء على ذلك قسم الأداء الدراسي للعينة تحت الدراسة إلى ممتاز (64 في المئة) ومتوسط (36 في المئة). وأظهرت الدراسة أن أداء الطلاب الذين كانوا يعانون من تقطع النوم، الكوابيس، التبول اللاإرادي أثناء النوم، الشخير، صعوبة إيقاظهم أثناء الصباح والخمول بالنهار، أقل بكثير من الذين لم يعانوا تلك المشكلات. كما أن الطلاب الذين كانوا يذهبون للنوم عند حلول وقت النوم حصلوا على نتائج أقل من قرنائهم الذين لم يعانوا المشكلة نفسها. وعندما تم تقييم عادات النوم لدى الطلاب حصلنا على نتائج مهمة قد يؤدي تعديلها إلى تحسن الأداء الدراسي للطلاب.
فقد وجدنا أن الأداء الدراسي كان أقل عند الطلاب والطالبات الذين عندهم العادات الآتية: عدم الانتظام في مواعيد النوم، النوم مع الوالدين في نفس الغرفة، مشاهدة التلفزيون بعد الساعة الثامنة مساء أو حتى حلول موعد النوم، اللعب بألعاب الكمبيوتر بعد الثامنة مساء أو حتى وقت النوم، وكذلك الطلاب الذين ينامون في الفصل. وكانت فترة النوم أطول عند الطلاب الممتازين مقارنة بالطلاب المتوسطين. وهذه النتائج تتوافق مع بعض الدراسات التي أجريت في الدول الغربية فقد أظهرت بعض الدراسات أن مشاهدة التلفاز قبل النوم أو حتى ساعة متأخرة تؤثر في التحصيل العلمي، كما أن وجود جهاز تلفاز في غرفة الطفل قد يؤثر عكسيًا على تحصيله العلمي. وما سبق قوله ينطبق على ألعاب الكمبيوتر الشائعة بين الأطفال.
كما أن دراسات أخرى أظهرت أن الأطفال المتفوقين ينامون 15 إلى30 دقيقة ليليًا أكثر من غير المتفوقين. لذلك على الآباء والأمهات أخذ كل ما سبق في الاعتبار. وعلى التربويين والأطباء المختصين محاولة الوصول إلى توصيات واضحة تساعد الآباء والأمهات على تطبيق النظام الصحيح للنوم وعلى الاكتشاف المبكر لاضطرابات النوم التي قد تؤثر في صحة الأطفال وتحصيلهم العلمي.. مع تمنياتنا لأبنائنا الطلاب بالنجاح والتوفيق. وسنناقش المزيد من مواضيع النوم عند الأطفال وإطلاعهم على آخر ما يُنشر عن النوم عند أطفالنا في المملكة.
المراجع
موسوعة النوم في الصحة والمرض
التصانيف
حياة صحة رعاية صحية