إن القلوب إذا تنافر ودّها
شًـبه الزجاجة كسرها لا يجبر
"النجدي"
من ضمن ما تعلمته في بطولة كأس العالم الأخيرة أمر أحب أن أشرك فيه القارئ العزيز ، وله أن يختار بعدها بين المنتخبين الفرنسي والألماني.
المنتخب الفرنسي ، أعدّه المدرب قبل بطولة كأس العالم باستبعاد كافة اللاعبين من أصول جزائرية ، واعترضت جمعية معاداة المهاجرين على هذا الكمّ من اللاعبين السود في المنتخب ، فرد عليهم اللاعبون بعدم الترديد مع النشيد الوطني الفرنسي قبل المباريات ، وهكذا بدت جلية النظرة العنصرية تجاه المُجنّسين.
وخلال البطولة وُصف المنتخب بأنه يمثل حالة الانقسامات العرقية والثقافية داخل المجتمع الفرنسي ، ففي الفريق نفسه كانت هنالك مجموعات عرقية منعزلة ، وكره متبادل بين اللاعبين بحسب أصولهم.
وبعد الهزيمة قرأنا عبارات تلقي باللوم على اللاعبين من الأصول غير الفرنسية ، ووصفت الصحافة الفرنسية الفريق بأنه عصابة من اللاعبين المجنّسين ، وأن الأقليات لوّثت الفريق الفرنسي ، وعندما أضرب اللاعبون السود بعد استبعاد اللاعب "انليكا" من المنتخب اعتبر الفرنسيون ذوو البشرة البيضاء أن السود قد تمردوا ورددوا عبارات تذكر بأيام العبودية.
وكأن الفرنسيين قد نسوا أو تناسوا أن "المجنّسين" أنفسهم هم اللذين جلبوا البطولة لفرنسا عام 1998 بقيادة اللاعب الموهوب زين الدين زيدان الجزائري الأصل.
المنتخب الألماني ، وضع تاريخاً من العنصرية وراء ظهره ، فضمّ أحدَ عشر لاعباً من أصول غير ألمانية ، ومنهم ألمع نجوم المنتخب مثل مسعود وخضيرة وكلوزه وبودلوسكي وبواتيج ، كلهم من أصول غير ألمانية.
وكان هذا مبعث فخر واعتزاز الألمان فيقول رئيس اللجنة الاولمبية "الرياضة وسيلة رائعة للاندماج الاجتماعي" ، ويقول وزير الشباب "إن صورة الفريق تعد تعبيراً عن حياتنا المشتركة وروح الانتماء" ، ويصف المدرب الألماني فريقه بأنه يمثل كأس العالم.
يفخر الألمان بأن فريقهم يمثل الانسجام بين الأعراق والثقافات وتقبّل الآخر ، ويرون أن فريقهم متعدد الثقافات يجمعه حلم واحد.
الشاهد أن نتيجة الكراهية والعنصرية والانقسام كانت خروج فرنسا من البطولة بصورة مهينة مذلة ، بعد أن أحرزوا نقطة واحدة في مباريات ثلاث ، وأن فريق الانسجام والمحبة والحًرفية قد لعب بشكل رائع وحقق المركز الثالث وأوشك على تحقيق الكأس.
فلنتعلم إذن أن مصير العنصرية والكراهية فشل يعم الجميع ، وأن الوحدة وقبول الآخر والأخذ بالأسباب نجاح يعم الجميع ايضاً.
هل أزيد أم ان الفكرة وصلت ؟
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة اسماعيل الشريف جريدة الدستور