بالطبع فإن النظام المصري وعلى رأسه الرئيس مبارك هو الخاسر الاكبر حتى الآن. هي مسألة وقت قبل ان تحقق الثورة اهدافها ويرحل النظام وازلامه لتفتح مصر صفحة جديدة عناوينها الديمقراطية وشرعية الشعب والاصلاح السياسي والاقتصادي والتعددية واحترام حقوق الانسان.
لكن هناك من الخاسرين من يتمنى اليوم ان تفشل الثورة او ينجح في ترويضها ورثة النظام والتحالف بين رجال السلطة والمال. هؤلاء يتآمرون على الثورة الشعبية ويحاولون ان يعودوا بمصر الى الوراء. وهناك من يحذر من انقلاب عسكري يخلط كل الاوراق ويدفع بمصر وشعبها الى نفق مظلم.
من بين الخاسرين ايضا الولايات المتحدة التي هي بصدد خسارة واحد من اهم حلفائها في المنطقة. وبين تردد الادارة الاميركية وتراجعها عن مواقفها يظهر حجم القلق من تطور الامور في الميدان. الافضل لواشنطن ان يختفي الرئيس ليحل مكانه اللواء عمر سليمان الذي تثق به اميركا واسرائيل والغرب. فمصر ليست تونس وهي مفتاح الدخول الى العالم العربي وهي قمرة القيادة ودفة التوجيه. ومن بين هؤلاء اسرائيل التي لم يغمض لها جفن منذ انطلاق الثورة. فمصر مبارك حليف استراتيجي أمّن حدودها الطويلة في سيناء وزودها بالغاز الرخيص وحاصر اعداءها في غزة وفتح لها ابواب اكبر دولة عربية. اسرائيل لا تزال تهز فزاعة الاسلاميين الذين بانَ حجمهم الحقيقي على الساحة المصرية ، وهي تحذر من ثورة من الطراز الايراني رغم الفوارق الواضحة. تتمنى اسرائيل ان يستجيب العالم لمخاوفها بخصوص الاسلاميين لانها ترتاع من مشاهد الشباب المصري العلماني الذي يجاهر بعدائه لها والذي يقود الانتفاضة الشعبية بكل اتزان وعقلانية.
ومن الخاسرين ايضا الانظمة العربية المستبدة التي خرج بعض فقهائها ليدين الثورة ويصفها بالفتنة. وبعد تونس ومصر فان رياح التغيير تكون قد هبت فعلا على المنطقة واطلقت سراح ملايين الشباب الذين سئموا حال الاستنقاع والتردي الذي اصاب العالم العربي. هناك من بادر الى الاصلاح وهناك من ينتظر دوره. ومن الخاسرين اجهزة الاعلام الرسمية التي كانت تنتظر رصاصة الرحمة ، فجاءت الثورة المصرية واحتضان بعض وسائط الاعلام لها لتطلق هذه الرصاصة. وهناك من الاحزاب والتنظيمات من فاته القطار فضاع خطابها وسط الزحام. والسلطة الفلسطينية بصدد اجراء جردة حساب فدور مصر محوري في عملية السلام ولسنا نعرف مصير هذه العملية بعد الاحداث الاخيرة.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة أحمد جميل شاكر جريدة الدستور