تعريفات أساسية للتراث والمخطوطات
المقابلة
عند تحقيق ونشر أحد النصوص التراثية يقوم المحقق بجمع النسخ الخطية لهذا النص ، ويختار أفضلها ويجرى بينها المقابلة .. وهى مقارنة كل كلمة فيما بين مخطوطات التحقيق ، للوصول الى أصح وأصوب صورة للكلمة . أصح الكلمات وأصوبها يضعه المحقق فى متن الكتاب الحقّق ، ويضع فى الهامش الكلمات التى استبعدها عند المقابلة..
التعقيبة
كانت عادة النّسّاخ القدماء ـ المحترفين ـ أن يضعوا فى الهامش الاسفل من آخر الورقة، الكلمة الأ ولى من الورقة التالية ـ وتسمى هذه الكلمة : التعقيبة ـ وقد كان النّسّاخ يفعلون ذلك، خشية اضطراب أوراق المخطوطة..فاذا اضطرب ترتيب الصفحات ، كان من الممكن اعادة ترتيبها بملاحظة هذه التعقيبة..
المخطوطة الأم
يستخدم هذا التعبر للاشارة الى المخطوطة الأصلية التى كتبها المؤلّف أو أملاها على أحد تلامذته ..ولأن هذه المخطوطة ، هى الأ صل الذى نقلت منه بقية مخطوطات الكتاب ، سميت: المخطوطة الأم .
التخريج
من الواجبات الأساسية علي محقق النصوص التراثية ، أنه كلما ورد فى النص المحقّق آيه قرآنية أو حديث شريف ، يقوم المحقّق فى الهامش بذكر موضع الآيه من المصحف (اسم السورة ، رقم الآيه) و ايراد اسناد الحديث الشريف وموضعه فى كتب الصّحاح
( صحيح مسلم ، صحيح البخارى .. الخ ) وتسمّى هذه العملية : تخرج الآيات والأحاديث
التملّك
كان من عادة مقتنى الكتب القديمة (المخطوطات) أن يذكروا على غلافها أسماءهم ـ وأحيانا تاريخ الشراء ـ بعبارات مثل : صار فى نوبة الفقيرالى الله .. من كتب .. آل الينا بالشراء .. الخ ، وتسمّى هذه العبارات : التملكات .
المسـوّدة و المبيّـضة
اذا كتب المؤلف القديم كتابا أو رسالة بصورة مبدئية ، ثم عاد ونقّـحه .. فالصورة الأولية للكتاب تسمى (المسودة) والصورة النهائية له هى (المبيضة) ونادرا ما تكون المسودات للرسائل القصار، فهى عادة تكون للكتب الكبيرة..
انظرعلى سبيل المثال :
مسـودة (التاريخ الكبير) للمقريزى .. لم يبيضه المؤلّـف .
كَبِيكَـجْ فى كثير من المخطوطات القديمة ، تصادفنا على غلافها عبارة : ياكبيكج احفظ الورق. وقد اعتقد المشتغلون بالتراث ، أن هذه العبارة دعاءٌ من قبيل الخرافات التى كان القدماء يعتقدون بها ، كأن يكون هناك ملاك حارس للمخطوطات ، أو شئ من هذا القبيل الخرافى .
لكن الحقيقة بخلاف ما يعتقده التراثيون .. ذلك أن كلمة (كبيكج) هى اسم نبات يشبه (الكرفس البرى) يسمى أيضاً : كف السبع ، شجر الضفادع ، عين الصفا .. وهو من السموم القتالة، كان أطباؤنا القدامى يعالجون به الأمراض الجلدية .
وقد استخدم الورَّاقون ، قديماً ، نبات (كبيكج) لحفظ المخطوطات من الحشرات ، كالأرضة والسمكة الفضية وغيرها .. وهى عملية تشبه ما نسميه اليوم (التبخير) .
ولتمييز المخطوطة التى تم تبخيرها ، كان يُكتب على غلافها عبارة : ياكبيكج احفظ الورق لتكون علامة للمشترى ، أو مقتنى المخطوطة ، على أنها مُعالجة بهذا النوع من النبات .
علم الغبار
يستخدم هذا المصطلح للإشارة ýýýýýýýýý إلى (الحساب الهندى) الذى عُرف فى التراث العربى -أيضاً- بأسماء أخرى ، هى: حساب التخت، حساب التراب
وجاءت تسمية هذا النوع من الحساب بهذا الإسم،لأن الهنود كانو يجرون العمليات الحسابية على الرمل والتراب(وليس الألواح) ..ويختلف هذا النوع من الحساب من نوع آخر عرفه العرب ،هو (حساب اليدý) الذى يسمى أيضاýً :حساب العقود.وكان هذا النوع الأخير مستخدماً قبل أن يعرف العرب حساب الغبار.
ويقوم حساب اليد على إعطاءكل حرف من حروف الأبجدية رقماً ،ثم تقوم العمليات الحسابية على نظام الكسورالستينةوالإثنى عشرية ،فيكتب السُدس6/1 ونصف السُدس12/1 وثمن السُدس 48/1 وهكذا..ومن ثم، كان هذا النوع شديد التعقيد،مما أوجب استعمال نوع أبسط هو حساب الغبار(الحساب الهندى).. وهو الذى يستخدمه الناس حتى اليوم.
علم الكلام :
هو أحد أهمِّ الجوانب الفكرية فى الحضارة العربية الإسلامية ، يعرف أيضاً بعلم أصول الدين وبعلم العقيدة .. ويسمَّى بعلم الكلام لأنَّ موضوعه هو كلام الله (القرآن) ولأنه يتكلم فى قواعد الاعتقادات وأصولها، ويسمى علماؤه: المتكلِّمون .
المعتزلة :
فرقةٌ كلامية شهيرة ، بدأها اثنان من علماء الكلام الأوائل ، هما : واصل بن عطاء ، عمرو بن عبيد .. وتتميَّز هذه الفرقة بنزوعها إلى التأويل العقلى للنصوص القرآنية وفَهْمِ مسائل العقيدة بطريقةٍ عقلانية .
وهناك كثير من علماء الكلام الذين انتسبوا لفرقة المعتزلة ، آخرهم هو القاضى عبد الجبار الذى جمع التراث المعتزلى فى كتابٍ كبير بعنوان : المغنى فى أبواب التوحيد والعدل .
وللمعتزلة أصولٌ خمسة يتفقون عليها ، ويعدُّ مَنْ يقول بها معتزليّاً.. وهى:
(1) التوحيد بمعنى أن صفات الله هى عين ذاته، فلا يجوز الانقسام فى الذات الإلهية (2) العدل بمعنى أن الله لايعرف الظلم ولايمكن له أن يفعله (3) الوعد والوعيد بمعنى أن الله تعالى لابد أن يُصدق وعده للمؤمنين ووعيده للكافرين ، دون شفاعة لمن يموت بلا توبة (4) المنزلة بين المنزلتين بمعنى أن المسلم الذى لايؤدى حقوق الإسلام ، لاهو مؤمن ولا هو كافر ، وإنما هو فى منزلة بين منزلتىْ الإيمان والكفر (5) الأمر بالمعروف النهى عن المنكر بمعنى أن المؤمن لابد وأن يكون فاعلاً بيده أو بلسانه ، أو يكون فاعلاً بقلبه .. وهذا أضعف الإيمان .
الأشاعرة :
هى فرقةٌ كلاميةٌ أسَّسها الإمام أبو الحسن الأشعرى الذى سار على مذهب المعتزلة ، ثم ثار على اجتهاداتهم العقليـة التى تصطدم أحياناً بعقائد أهل السنَّة والجماعة .. واتخذ هو طريقةً وسطى بين التوغُّل فى التأويل العقلى من ناحية، والتسليم بظاهر النصوص القرآنية من ناحيةٍ أخرى . وتعتبر نظريته فى الكسب من أهمِّ ملامح الفكر الأشعرى الذى امتدَّ من بعده عدة قرون، بل لايزال ممتدّاً إلى اليوم فى علماء مثل الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمه الله ، وغيره من علماء الدين .
نظرية الكسب :
هى نظريةٌ كلاميةٌ قال بها الأشاعرة ، ملخَّصها : أن الفعل الإنسانى يقوم أساساً على نيَّة العبد ولكنه لايقع إلا بفعل قدرة الله وبالتالى فالإنسان والله مشتركان فى الفعل ، وسوف يُحاسب الإنسان عليه ؛ لأنه اكتسبه لما مالت نيَّته لهذا الفعل .. ومع أن كثيراً من الدارسين المعاصرين يرون هذه النظريَّة الكلاميَّة نوعاً من التلفيق ! إلا أنَّ نظرية الكسب وجدت قبولاً واسعاً عند غالبية المتكلِّمين المتأخرين ، وعند الجمهور .
الخوارج :
هم طائفةٌ خرجت عن الخلاف الذى دار بين السنَّة والشيعة فى فجر الإسلام وقرَّروا أن الجانبين على خطأ . ومن ثَمَّ ، فقد خرجوا عن طاعة على بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان . وقد لعب الخوارجُ دوراً كبيراً فى التاريخ الإسلامى ، وانقسموا إلى فرقٍ وجماعات ، من أطرفها فرقة النجدات .
النجدات :
فرقةٌ كلاميةٌ من الخوارج ، تُنسب إلى نجدة بن عامر الحنفى الذى قُتل سنة 69 هجرية . وترى هذه الفرقة أن الدين هو معرفة الله تعالى ورسله، وتحريم دماء المسلمين وأموالهم ، والإقرار بما جاء من عند الله ؛ وما سوى ذلك فالنَّاس معذورون فى الجهل به .. وأطرف ما قالته هذه الفرقة ، هو أنَّ النَّاس لايلزمهم إمامٌ أو رئيسٌ ، وإنما يسيِّرون أمورهم بأنفسهم ويتناصفوا فيما بينهم ، وإن اضطر النَّاسُ إلى إمامٍ .. فلا بأس !
وتسمى هذه الفرقة أيضاً باسم العاذرية لأنهم يعذُرون الجاهلَ بأحكام الدين الفرعية .. أمَّا الأمور الكلية ، فلا عُذرَ فيها أحدٍ من المسلمين .
الجوهر والعَرَض :
من المصطلحات الفلسفية التى استقاها فلاسفة الإسلام من الفلسفة اليونانية، ويُقصد بالجوهر : الخصائص الأساسية للشئ ، أما العَرَض فهو الأمور الثانوية الملحقة به .. فجوهر الإنسان مثلاً ، أنَّه حيوانٌ ناطقٌ ضاحكٌ . أما العَرَض ، فكأن يكون أشقر الشعر أو أسمر البشرة أو طويلاً أو بَدِناً .. إلخ
الكحَّـالــة
استخدام الأطبَّاء العرب هذه الكلمة كمرادف لما نسميه اليوم (طب العيون) وكانوا يقولون لطبيب العيون : كَحَّال .. وكانت الكحالة قديماً من أهم التخصُّصات الطبية ، وكان الكحالون أمهر الأطباء . وقد كانت للعرب فى الجاهلية معرفة بداية بالكحالة ومداوة العيون ، واشتهرت عندهم بالمهارة فى ذلك زينب بنت أود وغيرها . لكن الكحالة صارت عِلْماً متقدِّماً بعد الإسلام حين تطوَّرت كافة العلوم ، وبدأ الأطباءُ العرب والمسلمون فى تدوين الكتب والمراجع العلمية فى هذا التخصص الطبىِّ الدقيق .
وأول كتاب عربىٍّ فى العين ، يعود إلى القرن الثالث الهجرى (التاسع الميلادى) مؤلِّفه هو يوحنا بن ماسويه طبيب الخلفاء العباسيين -توفى سنة 243 هجرية - وعنوانه : دَغْل العين .. وقد أمر الخليفة المقتدر آنذاك ، بأن يكون هذا الكتاب مقررا دراسيا لكل من آراد مزاولة الطب . ولحنين بن إسحاق (المتوفىَّ 260 هجرية) كتابان فى الكحالة ، هما : العشر مقالات فى العين المسائل فى العين .. وقد نشر المستشرق الألمانى ماكس مايرهوف الكتاب الأول ، كما نشر الكتاب الآخر بالاشتراك مع الأب سباط .
أما أشهر كتاب فى التراث العربى عن العيون ، فهو تذكرة الكحالين لعلى بن عيسى الماهر ، وقد ظل مرجعاً دراسياً للعرب والأوروبيين لمدة ثمانية قرون ، ذكر فيه مؤلفه 143 دواءً لأمراض العين ، نقلها الأوروبيون فى العصور الوسطى محافظين على تسميتها العربية . والكتاب منشور بالعربية فى حيدر آباد بتحقيق الأستاذ غوث القادرى ، وله ترجمة ألمانية رائعة قام بها المستشرق هيرشبرج الذى تخصَّص فى دراسة الكحالة عند العرب .
وهناك العشرات من الكتب العربية فى طب العيون ، بل المئات ، ولم يُنشر منها حتى اليوم إلا بضعة كتب ، كالثلاثة المذكورة فيما سبق ، وكتابان آخران هما ، المهذب فى الكحل المجرب لابن النفيس .. المرشد فى الكحل للغافقى .. ولاتزال البقية مخطوطة .
الاسم والكنية واللقب والنسبة
يخلط بعض الدارسين المعاصرين بين الاسم والكنية واللقب والنسبة ، دون فهمٍ دقيق لكلٍّ منها ، مما يؤدِّى إلى أغلاط كثيرة فى كتاباتهم عن أعلام الإسلام .. وبيان ذلك - مثلاً - فى حالة الفيلسوف ابن رشد ، كالتالى : الاسم (محمد ) الكنية (أبو الوليد) اللقب (ابن رشد) النسبة (القرطبى) .. وفى حالة ابن النفيس: فإن الاسم هو (على) الكنية (علاء الدين) اللقب (ابن النفيس) النسبة (القرشى) وهكذا.
والكنية تشريفٌ للأعلام المشهورين ، ترتبط بالاسم فى معظم الأحيان، فكان العرب يكنُّون بأبى الحسن من اسمه (على) .. وبأبى يوسف من اسمه (يعقوب) .. وفى أحيان أخرى لاتقترن الكنية بالاسم على نحو خاص ، فابن عربى (محمد) كنيته (محيى الدين) وهى نفس كنية الجيلانى (عبد القادر) .
أما اللقب فهو تسميةٌ مشهورة تنطلق على أحد الأعلام على أساس اسم العائلة أو على أساس موقف معين .. فالعالم اللغوى المشهور (قُطْرب) لُقِّب بذلك؛ لأنه كان يأتى شيخه فى المساء ليسأله عن بعض المسائل العلمية دون أن يصبر حتى الصباح، فقال له شيخه (أنت قطرب) وهى دودة تسعى فى الليل فقط!
والشاعر المشهور (حيص بيص) لُقِّب بذلك ؛ لأنه خرج يوماً إلى السوق فلفت نظره هرج الناس وتدافعهم فقال : مالى أرى الناس فى حيص بيص ! . وقد يكون اللقب بسبب الاشتغال بعلمٍ معين ، فنجد بعض أعلام التراث يحملون ألقاباً مثل : المنطقى ، الأرثماطيقى (الرياضى) ، الكحَّال (طبيب العيون) .. أو الاشتغال بمهنةٍ معينة كالزجَّاج ، والورَّاق ، والكتبى ، والخوَّاص والخياط .
والنسبة بيانٌ للبلد الذى وُلد فيه الشخص أو استوطنه ، ومن هنا يقال : الخوارزمى (نسبة إلى خوارزم ) الرازى (نسبةً إلى الرى) المروزى (نسبةٌ إلى مرو) السامرائى (نسبة إلى سامراء = سُرَّ من رأى) وغير ذلك ، ولاينسب الشخص لبلدٍ، إلا إذا كان قد ولد فيه أو عاش فيه سنوات على الأقل .
هذا فى عالم التراث ، أما اليوم فلا كُنيةَ ولا نِسبةَ ولا لقب !
موقع د.يوسف زيدان للتراث والمخطوطات
المراجع
موسوعة ابن الإسلام
التصانيف
مصطلحات تاريخية