مات الدكتور عبدالله عصام أبو طويلة ، وانتقل الى رحمته تعالى لكن أجزاء من جسده الطاهر ما زالت تنبض بالحياة ، ولكن عند خمسة مواطنين ، ووالده يؤكد بعد أن التقى ولأول مرة بالاشخاص الذين زرعت في أجسادهم أعضاء من ولده انه يشعر بأن ولده يعيش في هؤلاء ، وانه في غاية السعادة ان الله عز وجل منّ على هؤلاء بالشفاء العاجل ، وعادوا الى ممارسة حياتهم الطبيعية.
قبل أيام كان لقاء في مدينة الحسين الطبية جمع بين المواطنين الذين استفادوا من زراعة الاعضاء المتبرع بها مع والد الفقيد الدكتور عبدالله رحمه الله ، حتى ان سمو الامير رعد بن زيد اعتبر هذه المناسبة من الأيام الاردنية الخالدة ، لأنها تعبر عن وحدة هذا الشعب وتلاحمه ، وقدرته على تحمل المصاعب والتي تجلت في الساعات المؤلمة والحرجة لآل أبو طويلة وهم يتلقون نبأ الوفاة الدماغية لولدهم المبدع والطبيب الانسان ، وبطل الاردن في التايكواندو الدكتور عبدالله ابو طويلة ، فكان اكبر من جراحه وألمه ، وعلى الفور اتخذ القرار الأصعب في حياة أي انسان وهو التبرع بأعضائه للمحتاجين من مرضى الوطن.
القرنيتان ذهبتا الى سيدتين كادتا تتحطم حياتهما لأنهما لا يبصران ، فاستعادتا نعمة البصر بينما حصل احد المرضي على الكبد بعد ان فشل كل أقاربه في توفير قطعة من كبدهم يمكن زراعته في جسده وهو ما يطلق عليه التبرع من حي الى حي ، لكنه لم يكن هناك اي تطابق نسيجي ، بينما حصل التطابق بين هذا المريض وبين كبد الراحل العزيز.
مريضان آخران استفاد كل واحد منهما من الكلية وأنهيا الى الأبد رحلة العذاب مع عمليات غسيل الكلى ، وسيمارسان عملهما كالمعتاد.
لقد بدأت ثقافة التبرع بالاعضاء في مجتمعنا بالظهور وقد تم حتى الان كما تقول الاحصائيات حصول بنك العيون الاردني على اربعة الاف قرنية ثمنها لو تم الحصول عليها من الخارج ستة ملايين دينار ، في وقت شحت فيه عمليات الحصول على القرنيات من الخارج مهما كانت التكاليف.
لدينا في الاردن اكثر من ألفي مواطن ينتظرون دورهم في الحصول على الكلية المناسبة حيث يقومون بعملية الغسيل نتيجة الفشل الكلوي بمعدل ثلاث مرات في الاسبوع ، وان الحكومة تنفق اكثر من ثلاثين مليون دينار سنويا كتكاليف لعمليات غسيل الكلى وانه لو تمت زراعة الكلى لسبعين مريضاً لكان التوفير على الخزينة نحو مليون دينار ، وهذا اقل بكثير من توفير الحياة الكريمة لمرضي الفشل الكلوي.
لقد أحسنت امانة عمان باطلاق اسم المرحوم الدكتور عبدالله عصام أبو طويلة على الشارع القريب من منزله في ضاحية الرابية ، وهذا المرة نعتبره تكريماً لكل مواطن يوصي بالتبرع بأعضائه ، او يتبرع بأعضاء قريب له عند وفاته.
اننا نأمل من وزارة الاوقاف ، وخطباء المساحد ، ووسائل الاعلام ، والمدارس والجامعات التركيز على ثقافة التبرع بالاعضاء فقد جاء في كل الفتاوى الشرعية أنها صدقة جارية عن روح المتوفى ، وانقاذ لحياة الآخرين.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة أحمد جميل شاكر جريدة الدستور