في نحو ثلاث من كل 100 امرأة حامل، يمكن أن تحمل زيارة الطبيب في الشهر الرابع أنباء مدهشة عن توقع وجود توأمين أو ثلاثة أو أكثر، ويدعى ذلك الحمل المتعدد multiple gestations.
ويعد عدد النساء اللواتي يحملن توائم في ازدياد، وهناك عاملان يساعدان على تفسير الزيادة؛ الأول يتمثل في أن النساء اللواتي يحملن بعد الثلاثين في ازدياد، كما أن الحمل المتعدد يحدث بشكل أكثر شيوعا في النساء بعد الثلاثين من العمر؛ وأما العامل الثاني فهو استعمال عقاقير الإخصاب والطرائق التكنولوجية المساعدة على التوالد، مما قاد إلى المزيد من التوائم؛ ويعد كشف العلامات السريرية للحمل المتعدد، مثل الرحم الأكبر من السوي أو وجود ضربات قلب لأكثر من جنين، أمرا سهلا خلال الفحص الجسمي الروتيني؛ كما أن نتائج اختبار “التقصي الثلاثي” “triple screen” test توحي بالتوائم الثنائية أو الثلاثية الأخرى.
عندما يتوقع طبيبك وجود أكثر من جنين لديك، يمكن أن يقوم بإجراء الفحص بالأمواج فوق الصوتية ultrasound exam لإثبات هذا الشك؛ وخلال هذا الفحص، تستعمل الأمواج الصوتية للحصول على صورة شبيهة بالصورة التلفزيونية لرحمك وطفلك أو أطفالك؛ ونظرا إلى الاستعمال الواسع لفائق الصوت ultrasound هذه الأيام، فإن أكثر من 90% من الحمول التوأمية تشخص قبل الولادة.
كيف تتشكل التوائم
تتشكل التوائم بنمطين: متماثلة identical (من بيضة واحدة) وأخوة fraternal (من بيضتين)؛ فالتوائم المتماثلة تظهر عندما تنشطر بيضة مخصبة مفردة وتتخلق إلى جنينين؛ ويكون الطفلان الناتجان متماثلين وراثيا، ومن الجنس نفسه ويبدوان متشابهين تماما.
أما التوائم الأخوة فتظهر عندما تخصب بيضتان منفصلتان بنطفتين مختلفتين؛ وفي هذه الحالة، يمكن أن يكون التوأمان بنتين أو ولدين أو ولد وبنت؛ ولا يكون هناك تشابه بين التوأمين أكثر من أي أشقاء آخرين.
قد يكون من الممكن تحديد ما إذا كان التوأمان متماثلين أم مختلفين بالتصوير بالأمواج فوق الصوتية؛ فمثلا، إذا كان أحد التوأمين ولدا والآخر بنتا، فهما أخوة؛ كما أن الأغشية حول الأجنة يمكن أو لا يمكن أن توحي بتوأمين متماثلين؛ وقد يحتاج الأمر إلى المزيد من الاختبارات بعد ولادة الطفلين لتحديد ما إذا كانا متماثلين.
يمكن أن تحدث التوائم الثلاثية Triplets بطرق مختلفة؛ ففي معظم الحالات، تخصب ثلاثة بيوض منفصلة ناتجة عن الأم بثلاث نطاف منفصلة؛ وهناك احتمال آخر وهو انقسام بيضة مخصبة مفردة بطريقتين مشكلة توأمين متماثلين مع تخصيب بيضة ثانية بنطفة ثانية مما يؤدي إلى طفل ثالث أخ؛ كما يمكن أن تنقسم بيضة مخصبة مفردة بثلاث طرق، مما يؤدي إلى ثلاثة أطفال متماثلين، رغم أن ذلك نادر جدا.
ماذا تعني التوائم للأم
إذا كنت تحملين توأما أو ثلاثة توائم أو أكثر، يمكن أن تعاني من تأثيرات جانبية للحمل مزعجة؛ فأعراض الغثيان والقيء وحرقة الفؤاد (اللذع) والأرق والتعب تكون مزعجة بوضوح؛ وبما أن الحيز اللازم للأجنة المتخلقة يكون زائدا، قد تعانين من ألم بطني وضيق في التنفس؛ ثم قد تشعرين في مرحلة لاحقة من الحمل بضغط واقع على عظم العانة، وهو البنية المتوضعة فوق الجزء السفلي من مقدمة حوضك.
إن حمل عدة أجنة يعني أنك قد تزورين طبيبك بشكل أكثر تواترا، ولا بد من رعاية خاصة في الحمول المتعددة، مما يسمح للطبيب أو مقدم الرعاية الصحية بتعقب نمو الأجنة ومراقبة صحتك عن كثب واستباق المشاكل المتوقعة قبل وقوعها.
نظرا لوجود أكثر من جنين يتغذى، تصبح تغذيتك وزيادة وزنك أكثر أهمية، فقد يكون مطلوبا منك المزيد من الأكل واكتساب المزيد من الوزن والحصول على حديد أكثر؛ فإذا كنت تحملين بتوأم، يمكن أن يوصي طبيبك بأن تحصلي على نحو 300 كالوري إضافية يوميا بحيث يكون الإجمالي هو 2700 – 2800 كالوري؛ وتوصي الرابطة الأمريكية للداء السكري بوجود توأمين أن تكون زيادة الوزن 15 – 20 كغ؛ أما بوجود ثلاثة توائم، فتوصي بأن تكون زيادة الوزن 22.5 كغ.
يكون انخفاض تعداد خلايا الدم (فقر الدم) أرجح حدوثا في حمل التوائم؛ لذلك، يمكن أن يوصي طبيبك بتناول 60 – 100 مغ من عنصر الحديد؛ وقد يطلب منك الحد من بعض أنشطتك، مثل العمل والسفر والتمرين؛ ولا بد من التعاون مع الطبيب للحصول على قائمة بالتوصيات والنصائح.
المضاعفات المحتملة لحمل التوائم
إن حمل أكثر من جنين واحد يزيد فرص حدوث بعض مضاعفات الحمل؛ وكلما زاد عدد الأجنة، زاد احتمال وقوع المشاكل، وهي تشتمل على:
• الولادة أو المخاض قبل الأوان Preterm labor. يحدث ذلك عندما تبدأ التقلصات بفتح عنق الرحم قبل الأسبوع 37 من الحمل، ويحدث ذلك في الحمول المتعددة بشكل أكثر تواترا من الحمول المفردة (جنين واحد).
يمكن أن يؤدي المخاض قبل الأوان إلى ولادة باكرة لطفل أو أكثر، ويولد نحو 60% من التوائم الثنائية وأكثر من 90% من التوائم الثلاثية قبل الأسبوع 37 من الحمل؛ ويبلغ العمر الحملي الوسطي للتوائم الثنائية 37 أسبوعا، بينما تصل التوائم الثلاثية إلى 35 أسبوعا أو أقل أحيانا؛ وتحصل الولادة في جميع التوائم الرباعية تقريبا وأكثر في فترة باكرة.
يكون الأطفال الذين يولدون باكرا عرضة أكثر لنقص وزن الولادة (أقل من 2800 غ)، ويصابون بمضاعفات صحية أخرى؛ ولذلك، يميل الطبيب إلى مراقبتك عن كثب للوقوف على علامات المخاض الباكر، وقد ترغبين بفعل الشيء نفسه؛ فإذا بدأت التقلصات لديك وكانت أكثر تواترا أو أقوى، اتصلي بطبيبك على الفور.
واعتمادا على عمر أطفالك، يمكن تدبير المخاض الباكر بالمراقبة الدقيقة والراحة في السرير أحيانا.
• مقدمة الارتعاج أو الانسمام الحملي Preeclampsia. يكون ارتفاع ضغط الدم الناجم عن الحمل (الانسمام الحملي) أكثر شيوعا أيضا في الأمهات الحوامل بحمل متعدد، فهو يميل إلى الحدوث بشكل أبكر في النساء اللواتي يحملن أكثر من جنين؛ وتشتمل علامات الانسمام الحملي وأعراضه على زيادة الوزن السريعة والصداع والألم البطني ومشاكل الرؤية وتورم اليدين والقدمين؛ ولا بد من الاتصال بطبيبك عند معاناتك من هذه المشاكل.
• الخطر المرتفع للولادة القيصرية Caesarean birth. يكون احتمال الولادة القيصرية أعلى في الحمول التوأمية، غير أن نحو نصف النساء الحوامل بتوأمين يتوقع أن يلدن ولادة مهبلية؛ فإذا كنت تحملين أكثر من جنينين، قد يوصيك طبيبك بالولادة القيصرية كإجراء آمن لأطفالك.
• نقل الدم بين التوائم Twin-twin transfusion. لا يحدث انتقال الدم بين التوائم إلا بوجود توائم متماثلة، ويمكن أن يحدث ذلك عندما يربط وعاء دموي في المشيمة جهازي الدوران للجنينين، وبذلك قد يتلقى أحد التوأمين جريانا دمويا أكثر من التوأم الآخر؛ فالجنين الذي يتلقى الكثير من الدم يمكن أن ينمو أكثر ويتحمل جهازه الدوراني عبئا زائدا من الدم، بينما قد يكون التوأم الآخر أصغر وينمو ببطء أكبر ويصاب بفقر الدم؛ وهذا ما قد يضع أحد الطفلين أو كلاهما في خطر محدق، ويمكن أن تكون الولادة الباكرة ضرورية في بعض الأحيان.
هناك معالجات حديثة قد تكون مفيدة، فالدراسات ترى أن استعمال بزل السلى (بزل السائل الأمنيوسي) amniocentesis لتصريف السائل الفائض يمكن أن يساعد في التدبير؛ وتستعمل الجراحة الليزرية في بعض المستشفيات المتخصصة لسد الاتصال بين الأوعية الدموية؛ وعلى العموم، يقوم فريق من أطباء التوليد والمواليد بتقديم الرعاية لهذه الحالات ذات الخطورة العالية؛ ويولد الأطفال عادة حالما تصبح فوائد الولادة الباكرة أكبر من المشاكل المحتملة للخداج (الولادة قبل الأوان) prematurity.
• متلازمة اضمحلال التوائم Vanishing twin syndrome. يمكن أن يبدي التصوير الباكر بالأمواج فوق الصوتية توائم أحيانا، غير أن هذا التصوير قد يبدي في وقت لاحق دليلا بسيطا أو لا يبدي أي دليل على أحد التوأمين، وهذا ما يدعى بمتلازمة اضمحلال التوأم؛ ولم يتأكد الخبراء من السبب في حدوث ذلك، وقد يكون هذا الأمر مخيبا أو مشوشا لك، لكن لا تلومي نفسك بشأنه؛ فليس للأم أي دور في التحكم بهذه النتيجة.
• التوأمان الملتصقان Conjoined twins. يمكن أن ينجم التصاق التوأمين عن انقسام غير كامل للتوأمين متماثلين؛ وقد كانت هذه الحالة تعزى في الماضي إلى التوأمين السياميين عادة Siamese twins، ويحدث ذلك بشكل نادر جدا، وبنسبة 1/100000 مولود فقط؛ ويمكن أن يكون التصاق التوأمين عند الصدر أو الرأس أو الحوض؛ كما قد يتشارك التوأمان في عضو داخلي (حشى) أو أكثر في بعض الحالات؛ ويلجأ إلى الجراحة أحيانا لفصل التوأمين الملتصقين، ويعتمد نجاح العملية جزئيا على موضع التصاق التوأمين وعدد الأعضاء المشتركة بينهما.
المراجع
موقع طبيب
التصانيف
طبيب العلوم التطبيقية الطبي