ليس سلس البراز بالشيء الذي سمعت عنه كثيرا، مع أنه يصيب أكثر من 6 ملايين أمريكي. ويمثل سلس البراز عدم القدرة على التحكم بالأمعاء؛ فعندما تشعر بالحاجة إلى التغوط Bowel movement، قد لا تكون قادرا على ضبط هذه الحاجة بما يكفي لبلوغ الحمام، وهذا ما يدعى بسلس البراز الإلحاحي، أو قد تعاني من تسرب غير متوقع للبراز عندما لا تشعر بأية حاجة إلى التبرز، وهذا ما يدعى بسلس البراز غير المحسوس.
ويرى معظم الناس أنه من المفروغ منه قدرتنا على التحكم بالتغوط أو الأمعاء، ولا نعاني من حوادث سلس إلا ربما في حالات النوبات القصيرة من الإسهال؛ لكن ذلك لا ينطبق على المصابين بسلس البراز المزمن (الناكس)، فهم لا يستطيعون التحكم بمرور الغازات أو البراز الذي قد يكون سائلا أو صلبا.
يمكن أن يتراوح سلس البراز ما بين التسريب البسيط أحيانا وحتى فقد التحكم التام بالتغوط (عادات الأمعاء)؛ كما يمكن أن يمرر المصابون بسلس البراز الغازات بشكل غير إرادي. ومع أن الإمرار غير الإرادي للغازات لا يعرف بأنه سلس براز بحد ذاته، لكنه قد يكون مشكلة مزعجة.
يكون لدى العديد من المصابين بسلس البول سلس البراز أيضا – ويدعى ذلك بالسلس المضاعف أو المزدوج Double incontinence؛ ويقدر – على سبيل المثال – أن 30% من النساء المصابات بسلس البول لديهن عوارض من سلس البراز أيضا.
قد يكون لسلس البراز تأثير هائل في ضرره في كل مظهر من مظاهر حياتك اليومية، بما في ذلك صورة الذات Self-image والعمل والعلاقات؛ فعندما تحاول تدبير مشكلة لا يمكنك التحكم بها، قد تهتز ثقتك بنفسك واحترامك لذاتك؛ ويمكن أن تشعر بالخجل أو الإحراج أو الخزي.
يخاف الكثير من المصابين بسلس البراز من مغادرة المنزل خشية من حدوث السلس أمام الآخرين، وهم يشعرون بأنهم “ملتصقون بالمرحاض”؛ وقد يكون من الصعب القيام بجولة حول المبنى، ناهيك عن الجولة في سيارة أو باص أو طائرة. كما تضطرب الوظائف الاجتماعية على أقل تقدير، ويمكن أن تكون المحافظة على الوظيفة المهنية صعبة.
لا يتحدث معظم المصابين بسلس البراز عن ذلك أمام أي شخص، ولا حتى الطبيب؛ بل يقللون من أنشطتهم ويبتعدون عن أصدقائهم وأسرتهم؛ فتكون النتيجة عزلة اجتماعية وخسارة للعمل ونقصا في الاعتداد بالذات واكتئابا وقلقا. ويعد سلس البراز لدى البالغين المسنين أحد أكثر الأسباب في اللجوء إلى دور المسنين.
يكون سلس البراز أكثر شيوعا عند المسنين، لكنه يمكن أن يصيب أي شخص، بما في ذلك الأطفال بعد أن ينتهوا من التدريب على المرحاض. ومن الصعب تحديد حجم أو شيوع هذه المشـكلة، لأن الكثير مـن الناس يتكتمون علـى الأمر؛ ولكن، يقدر أن سلس البراز موجود في 2-7% من عامة الناس و11% من الأشخاص بعد الثمانين من العمر. ويرتفع الانتشار بين نزلاء دور المسنين إلى نحو 45%. وتميل النساء أكثر من الرجال إلى إخبار الطبيب عن المعاناة من سلس البراز، لكنه شائع بين الرجال فضلا عن النساء.
ومع أن سلس البراز يصيب المسنين غالبا، لكنه لا يمثل جزءا طبيعيا من التقدم في العمر، كما أنه ليس بحالة ميؤوس منها مهما كان عمرك؛ فلقد أضاء التحسن في فهم المشكلة، وإدراكها، وتشخيصها، ومعالجتها الرؤية عند المصابين بسلس البراز، حيث يمكن مساعدة معظم الناس بالمعالجة المناسبة، وغالبا ما قد تحل المشكلة تماما.
إن اتخاذ خطوات نحو التعامل مع سلس البراز يساعد على إزالة الإحراج، والخوف، والقلق، والعزلة التي غالبا مع تترافق المشاكل الجسدية؛ ويمكن أن تحسن المعالجة حياتك وتساعدك على الشعور بالعافية. ويساعد هذا الموضوع على فهم أسباب سلس البراز ومعرفة آلية عمل الأمعاء وما يحدث في حال حدوث اضطراب فيها.
كيف تعمل الأمعاء؟
لا يعد سلس البراز Fecal incontinence مرضا مستقلا أو مرضا بحد ذاته، ولكنه علامة من علامات مشكلة طبية أو أكثر؛ ويمكن أن يحدث عندما يحصل خطأ ما في العملية المعقدة المتناسقة التي تسمح بالاحتفاظ بالغائط أو البراز إلى الوقت الذي يختاره الشخص ليفرغه. وقد ينجم السلس عن عدة مشاكل، ويندر أن يكون ناجما عن عامل واحد. ولفهم أسباب سلس البراز، من المفيد أن نعرف شيئا ما عن الطريقة الطبيعية لعمل الأمعاء.
يعد استمساك Continence الغائط أو البراز أحد وظائف الجهاز الهضمي السليم (الذي يكون بحالة صحية جيدة). هذا، ويبدأ الجهاز الهضمي من الفم، وينتهي بالمستقيم Rectum والشرج في القسم السفلي من الأمعاء الغليظة Large intestine. ويتألف السبيل الهضمي Digestive tract من عدة أعضاء تعمل مع بعضها البعض لمعالجة الطعام الذي تأكله، وامتصاص المواد الغذائية الحيوية والسوائل إلى داخل مجرى الدم، وتخليص الجسم من الفضلات التي لا يستطيع الجسم هضمها.
عندما تعمل الأمعاء بشكل طبيعي، تتقدم المواد الطعامية المتبقية (الفضلات) بطريقة منظمة عبر الجزء الأخير (السفلي) من السبيل الهضمي – الأمعاء الغليظة (القولون Colon)، والمستقيم، والشرج. وبمرور الوقت الذي يستغرقه الطعام ليعبر السبيل الهضمي الطويل ويصل إلى نهاية القولون، يجري امتصاص المواد الغذائية (المغذيات) Nutrients. ويجري في القولون امتصاص معظم الماء الموجود في البقايا الطعامية (الفضلات)؛ وتسمى الثمالة أو المواد المتبقية البراز Stool أو الغائط Feces، ويكون لينا لكنه متماسك عادة. ويتكون الغائط من الطعام غير المهضوم، والماء غير الممتص، والجراثيم، والمخاط، والخلايا الميتة ويخزن في المستقيم قبل أن يطرح عبر الشرج.
يجري التحكم بوظيفة الأمعاء الإفراغية عن طريق ثلاثة أشياء بشكل رئيسي:
●  قوة المصرتين الشرجيتين، وهما عضلتان حلقيتا الشكل في نهاية المستقيم، تتقلصان أو تنقبضان لمنع الغائط من الإفلات خارج المستقيم.
●  القدرة الاستيعابية أو السعة التخزينية للمستقيم، وهي تسمح بتخزين الغائط لبعض الوقت بعد أن تشعر بأن هناك برازا في المستقيم (أي بعد الشعور بالحاجة إلى التغوط).
●  القدرة على الإحساس بالحاجة إلى التغوط.
ويجب أن يعمل كل من القولون، والمستقيم، والجهاز العصبي بشكل طبيعي للمحافظة على استمساك الغائط؛ كما يجب أن يكون الإنسان قادرا على تمييز الإلحاح الغائطي والاستجابة للحاجة إلى الذهاب إلى الحمام. وتمارس عوامل أخرى دورا في هذا الأمر، بما فيها كيفية عبور الطعام والفضلات عبر القولون، وقوام البراز، وكميته.

يبدأ السبيل الهضمي بالفم وينتهي بالمستقيم والشرج، وهو يشتمل على عدة أعضاء حيوية
القولون
يبلغ طول القولون، الذي يسمى الأمعاء الغليظة أيضا، حوالى 5 أقدام (150 سم تقريبا)؛ ويمتد من نقطة اتصاله بالأمعاء الدقيقة في الجهة السفلية اليمنى من البطن إلى الأعلى باتجاه الكبد، ثم يعبر – عند الكبد – أعلى البطن، ويدور بعدئذ بشكل حاد إلى الأسفل لينزل على طول الجهة اليسرى من البطن باتجاه الحوض. وتعد الأقسام النهائية من القولون – القولون السيني Sigmoid colon، والمستقيم، والشرج – هامة جدا في استمساك الغائط.
يسمى الجزء السفلي من القولون، والذي ينزل من أعلى عظم الحوض إلى المستقيم، القولون السيني؛ ويشير هذا الاسم إلى شكله المنحني الشبيه بالحرف S. ويساعد القولون السيني على إبطاء مرور المادة الغائطية قبل أن تعبر نحو المستقيم.
يستغرق عبور المحتويات المهضومة كامل القولون ما بين 10 ساعات إلى عدة أيام؛ ويجري في أثناء ذلك امتصاص معظم السوائل والأملاح من هذه المحتويات، حيث تجف وتصبح أكثر قساوة، ويتشكل البراز، ثم يخزن في القولون السيني إلى أن تحدث تقلصات عضلية تحركه باتجاه المستقيم.
تدفع هذه الحركات العضلية، والتي تعرف بالموجات التمعجية Peristaltic waves، البراز إلى الأمام بسرعة نحو المستقيم؛ وتستمر الموجات التمعجية 10-15 دقيقة عادة بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات يوميا، وأكثر وقت لحدوثها شيوعا بعد الاستيقاظ أو بعد تناول وجبة طعامية. ولهذا السبب، نرى الكثير من الناس يتناولون الجريدة ويتجهون مباشرة إلى الحمام بعد تناول الفطور. كما يزيد الطعام أيضا فعالية القولون عن طريق ما يعرف بالمنعكس المعدي القولوني Gastrocolic reflex، والذي يمكن أن يؤدي إلى شعور المرء وكأنه بحاجة إلى الذهاب إلى الحمام.



يتكون القولون لديك من أربعة أقسام، مبتدئا بموضع التحام الأمعاء الدقيقة بالأعور ومنتهيا بالقسم السيني فوق المستقيم تماما
المستقيم والقناة الشرجية
يقع المستقيم في نهاية الأمعاء الغليظة، بعد القولون السيني Sigmoid colon مباشرة؛ والمستقيم هو أنبوب عضلي أجوف بطول يبلغ نحو خمس بوصات (12.5 سم تقريبا)، ويكون أكثر مرونة من بقية أقسام الأمعاء، بحيث يمكنه أن يتمدد ليخزن المواد البرازية. كما يكون المستقيم فارغا في الحالة الطبيعية؛ ولكن عندما يدفع البراز من القولون إلى المستقيم، تتمدد جدرانه لتستوعب البراز. ويحاط المستقيم بأعصاب تستشعر هذا التمدد وتثير الحاجة إلى إفراغ الأمعاء؛ وتزداد الحاجة (الإلحاح) بزيادة كمية البراز الداخلة إلى المستقيم.
عندما تتمدد جدران المستقيم، تسترخي عضلة المصرة الشرجية الداخلية (الباطنة)؛ وتعد المصرة الشرجية الداخلية إحدى الطبقتين العضليتين الحلقيتين اللتين تحيطان بنهاية المستقيم على طول البوصتين الأخيرين منه، وهي القسم المسمى بالقناة الشرجية Anal canal (أي نهاية المستقيم). وتنتهي القناة الشرجية بالشرج، وهو الفتحة الموجودة في نهاية السبيل الهضمي. وتبقى المصرة الشرجية الداخلية متقلصة (مغلقة) معظم الوقت لتمنع التسرب من المستقيم إلى القناة الشرجية.
ولكن عندما يتمدد المستقيم، تنفتح المصرة الشرجية الداخلية لفترة وجيزة، وتسمح لكمية ضئيلة من محتويات المستقيم بالمرور إلى القناة الشرجية، وتصبح بتماس مع النهايات العصبية الكثيرة الموجودة هناك، حيث يحدث منعكس تحديد المحتوى (الاعتيان) Sampling reflex السريع الذي تقوم به مستقبلات عصبية حسية تكشف ما إذا كان محتوى المستقيم غازا أم غائطا سائلا (طريا) أو صلبا، الأمر الذي يسمح للشخص بأن يقرر ماذا يفعل: هل يطرح الغاز أم يمنعه من الخروج، أم يبحث عن المرحاض بسرعة إذا كان لديه إسهال أو غائط رخو، أم ينتظر الوقت والمكان المناسبين ليقوم بإفراغ الأمعاء.
وفي هذا الوقت، يجري منع البراز من الخروج بواسطة عضلة المصرة الشرجية الخارجية (الظاهرة)، حيث إنه عندما يتمدد المستقيم تنقبض المصرة الخارجية؛ وتتفرد هذه العضلة بقدرتها على التقلص بشكل إرادي (واع) مثلما يحدث عندما يقبضها الشخص لمنع خروج البراز، أو بشكل انعكاسي (غير إرادي) مثلما يحدث عندما يكون الإنسان نائما على سبيل المثال، حيث تبقى المصرتان الداخلية والخارجية منقبضتين لمنع خروج البراز من المستقيم. كما يحصل هذا المنعكس أيضا في أثناء السعال أو الضحك الشديد أو رفع الأشياء الثقيلة، وذلك لمنع خروج البراز عندما يحدث ازدياد فجائي في الضغط داخل البطن.

الاحتفاظ بالبراز
إذا كنت بحاجة إلى تأخير عملية إفراغ الأمعاء، تقوم بتقبيض أو شد المصرة الشرجية الخارجية، كما تقبض عضلة تسمى العضلة العانية المستقيمية Puborectalis، وهي عضلة بشكل الحرف U، تقع في قاع الحوض، وتشكل عند انقباضها معلاقا Sling رافعا يدعم المنطقة الواقعة بين المستقيم والقناة الشرجية؛ وعندما تتقلص هذه العضلة، تجر المستقيم بحيث يصبح في موقع فوق القناة الشرجية وإلى جانبها مشكلا زاوية بدلا من أن يبقى على استقامة واحدة معها، الأمر الذي يمنع مرور البراز من المستقيم إلى القناة الشرجية.
يمكن أن تقوم بتقليص أو شد المصرة الشرجية الخارجية (الظاهرة) بشكل فعال لبضع دقائق فقط في أحسن الحالات، ثم يتمدد المستقيم بعدها ليستوعب كميات أكبر من البراز، ويختفي الإحساس بإلحاح التغوط، وترتخي المصرة الشرجية الخارجية؛ وتنغلق المصرة الشرجية الداخلية لتحافظ على البراز داخل المستقيم.
تعرف قدرة المستقيم على التمدد وتخزين البراز بالمطاوعة Compliance؛ وبالطبع، هناك حد لهذه المطاوعة، حيث يمكن أن يتمدد المستقيم إلى قدر يستوعب فيه أقصى ما يمكنه من البراز، ثم يشعر الإنسان بحاجة ملحة إلى التغوط. ويستطيع المستقيم أن يستوعب – عند معظم الناس – زهاء 300 ميليلتر من المادة البرازية (ما يعادل 10 أونصات “نحو 300 غ” أو أكثر قليلا من حجم كأس)، ويبقى الأمر مريحا؛ ثم يصبح الأمر مزعجا أو غير مريح بعد هذا الحد.
حركات الأمعاء (إفراغ الأمعاء)
عندما تصبح جاهزا لإفراغ أمعائك، ترتخي جميع العضلات المعنية بالحفاظ على استمساك البراز – المصرتين الداخلية والخارجية والعضلة المستقيمية العانية. وتؤدي وضعية الجلوس أو القرفصاء إلى جعل المستقيم والشرج على استقامة واحدة، وتزول الزاوية بينهما، فتسمح بذلك لمحتويات المستقيم بالتحرك نحو الشرج؛ فعندما تقوم بالدفع (أو العصر)، ترتخي المصرة الخارجية والعضلة العانية المستقيمية، مما يؤدي إلى زوال الزاوية بين المستقيم والشرج أكثر.
ويمكن أن تقوم بعملية ضغط أو حمل، وهي حركة تسمى مناورة فالسالفا Valsalva maneuver لطرد البراز؛ وتؤدي هذه الحركة إلى إغلاق مجرى الهواء Airway وشد عضلات جدار البطن، وتدفع الحجاب الحاجز باتجاه الأسفل. وتزيد مناورة فالسالفا الضغط داخل البطن، وتساعد على إفراغ المستقيم.

مشاكل الأمعاء والسلس
يجب أن تعمل جميع البنى المختلفة المترابطة التي جرى وصفها في المقطع السابق مع بعضها البعض لكي تعمل الأمعاء وتؤدي وظيفتها بشكل طبيعي، وتمنع حدوث حركات أمعاء (إفراغ للأمعاء) غير مقصودة (تغوط). ويمكن أن نعد السبيل الهضمي خطا إنتاجيا في مصنع، وهناك عمال (أعضاء) متوزعون عليه في مواقع مختلفة يقومون بأعمال أو مهام مختلفة لمعالجة الطعام والسوائل حتى يصبحان في نهاية المطاف غائطا. وفي حال تعطل أو توقف أي من الأعضاء عن عمله – أي إذا تأثر أي قسم من الجهاز بمرض أو أذية ما – يمكن أن يحدث السلس. وتكون الإصابة في أغلب الحالات في أكثر من عامل واحد (أي في عدة عوامل مع بعضها البعض).
يحدث السلس في بعض الأحيان نتيجة لحالة لا علاقة لها بالجهاز الهضمي، مثل التهاب المفاصل، وهو مرض يمكن أن يؤدي إلى صعوبة حركية تعيق الوصول إلى المرحاض وقت الحاجة؛ وتسمى هذه الحالة سلس البراز الوظيفي Functional incontinence.
أسباب سلس البراز
تشتمل الأسباب الشائعة لسلس البراز على الإمساك المزمن (الناكس) والإسهال وأذية العضلات والأعصاب؛ ويعد تضرر العضلات عاملا مساهما في معظم حالات سلس البراز.
تتآثر أو تتآزر العضلات والأعصاب المحيطة بالمستقيم والشرج لتولد الإحساس بوجود الفضلات، وتسمح بتخزينها وتحريكها ومن ثم طرحها خارج الجسم في نهاية المطاف. ويمكن أن تؤدي أذية عضلات المصرة الشرجية إلى حدوث السلس، حيث لا يمكن أن تنغلق العضلات الضعيفة بشكل محكم؛ وبذلك يحدث تسرب للغائط.
كما تمارس عضلات قاع الحوض دورا مهما في الحفاظ على الاستمساك، حيث تدعم هذه العضلات الأعضاء الموجودة ضمن الحوض والقسم السفلي من البطن؛ فإذا ضعفت عضلات قاع الحوض أو اضطرب عملها، يمكن أن ينتج عن ذلك سلس البراز.
ويمكن أيضا أن تمارس أذية الأعصاب دورا في حدوث سلس البراز؛ فحتى يكون هناك استمساك للبراز، يجب أن تكون قادرا على تمييز الحاجة إلى التغوط وأن تستجيب لها. ولذلك، قد تؤدي الحالات التي تؤثر في الجهاز العصبي أو تسبب أذية الأعصاب إلى التقليل من إدراك الشخص أو إحساسه بامتلاء الأمعاء؛ فإذا تضررت الأعصاب التي تتحكم بعضلات المصرة، لا تؤدي عملها بالشكل المناسب، وبذلك يمكن أن يحدث السلس. أما إذا حدثت أذية في الأعصاب التي تستشعر وجود البراز في المستقيم، قد لا تشعر بالحاجة إلى الذهاب إلى المرحاض (للتغوط) حتى يحدث تسرب البراز إلى الخارج.
هناك طيف واسع من الحالات والاضطرابات التي يمكن أن تسبب سلس البراز، وهي تتضمن:
الإمساك Constipation
يؤدي الإمساك المزمن إلى تمطط عضلات المصرتين الشرجيتين وضعفهما، وهذا ما يقود إلى جعل أعصاب الشرج والمستقيم أقل استجابة لوجود البراز في المستقيم. كما يمكن أن يضعف الإمساك عضلات القولون، مما يؤدي إلى إبطاء عبور الفضلات في الأمعاء، ويسبب ذلك صعوبة في طرح البراز ويفاقم الإمساك أكثر.
يؤدي الإمساك المزمن غالبا إلى تراص البراز (انحشاره) وتشكيل كتلة كبيرة من غائط قاس جاف ينحشر في المستقيم، ويتسرب البراز السائل من حوله.
الإسهال Diarrhea
تكون السيطرة على البراز السائل (الرخو) في حال وجود الإسهال أصعب من السيطرة على البراز الطبيعي القاسي، حيث يمكن أن يتغلب الإسهال على قدرة الجسم على الاحتفاظ بالبراز. وتشتمل الأسباب العديدة للإسهال على الأمراض المعدية Infectious illnesses، مثل التسمم الغذائي Food poisoning أو الأنفلونزا المعدية Stomach flu أو الإفراط في استعمال المسهلات (الملينات). وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون سبب الإسهال المعالجة الإشعاعية Radiation therapy أو بعض الأدوية والأمراض التي تصيب القولون أو المستقيم، مثل التهاب القولون التقرحي Ulcerative colitis أو داء الرتوج Diverticular disease والسرطان. وقد ينجم السلس عن الحالات التي تسبب إسهالا مزمنا، مثل الداء المعوي الالتهابي Inflammatory bowel disease (IBD) ومتلازمة القولون المتهيج Irritable bowel syndrome (IBS).
متلازمة القولون المتهيج
يمكن أن تسبب هذه المتلازمة رخاوة في البراز وإسهالا، وبذلك تكون السيطرة عليه أصعب من البراز الصلب (الطبيعي).
الحالات العصبية
يمكن أن تؤدي بعض الحالات، مثل التصلب المتعدد، والخرف، وداء السكر، وإصابات النخاع الشوكي والدماغ إلى اضطراب القدرة على الإحساس بوجود البراز في المستقيم.
الولادة Childbirth
قد تسبب الولادة المهبلية (الطبيعية) ضعفا أو أذية في عضلات قاع الحوض وأعصابه؛ وتزداد الخطورة عند حدوث تمزق عضلي في الشرج خلال الولادة. كما يزداد احتمال حدوث الأذية أيضا بفعل عوامل أخرى تشتمل على استعمال الملاقط (ملاقط الجنين) في أثناء الولادة، وكبر حجم الجنين، وطول مدة المرحلة الثانية من المخاض، وإجراء شق لتوسيع فتحة المهبل (بضع الفرج) والولادة المقعدية Breech birth.
الإفراغ الناقص للمستقيم
يمكن أن يؤدي إبقاء البراز في المستقيم لفترة طويلة (أي تأخير التغوط لفترة طويلة)، أو عدم إفراغه بشكل كامل، إلى تسرب براز سائل.
العصر (الكبس) في أثناء التغوط
يمكن أن يؤدي التعود على الكبس (العصر) لإفراغ الأمعاء على المدى الطويل إلى أذية الأعصاب التي تستشعر وجود البراز في المستقيم، وتؤدي أيضا إلى إضعاف عضلات قاع الحوض.
العيوب الولادية في المستقيم والشرج
قد يعاني بعض الناس الذين لديهم مشاكل أو عيوب ولادية في المستقيم والشرج من اضطرابات على مدى الحياة، ومن ضمنها سلس البراز.
الإصابات الرضية (الناجمة عن الرضوض)
يمكن أن تسبب إصابة قاع الحوض أو الشرج أو المستقيم ضررا في العضلات والأعصاب، مما يؤدي إلى السلس.
الجراحة
يمكن أن تسبب الجراحة التي تجرى لمعالجة الأوردة المتوسعة في المستقيم والشرج (البواسير Hemorrhoids) ضررا في الشرج، وتؤدي إلى سلس البراز. كما قد تؤدي عمليات أخرى تجرى على المستقيم والشرج، فضلا عن العمليات، النسائية والعمليات المجراة على البروستات، وجراحة الأمعاء إلى حدوث سلس البراز.
الأدوية
تندب المستقيم
إذا فقد المستقيم مرونته، وأصبح أكثر قساوة وأقل قابلية للتمدد، يغدو من الصعب الاحتفاظ بالبراز ضمنه؛ ويمكن أن يحدث ذلك نتيجة للتندب بسبب جراحة المستقيم، أو المعالجة الإشعاعية، أو الداء المعوي الالتهابي IBD.
حالات أخرى.
يمكن أن يسبب هبوط المستقيم إلى داخل الشرج (تدلي المستقيم Rectal prolapse) أو تدلي المستقيم أو تبارزه عبر المهبل عند النساء (القيلة المستقيمية Rectocele) إلى سلس البراز. كما يمكن أن تمنع البواسير الانغلاق التام للمصرة الشرجية، مما يؤدي إلى سلس البراز.
العلامات المعوية المنذرة Bowel Warning Signs
إذا تصاحب سلس البراز بنزف، راجع الطبيب على الفور؛ فقد يدل النزف – مع فقد القدرة على التحكم بالأمعاء – على التهاب القولون Colitis أو ورم في المستقيم أو نزول (تدلي) نحو القناة الشرجية (تدلي المستقيم Rectal prolapse)؛ كما يمكن أن تسمح حالات طبية أخرى، مثل البواسير Hemorrhoids والإصابة الشرجية أو التمزق في المستقيم (الناسور Fistula)، بتسرب المخاط أو الدم عبر الشرج؛ وقد يلتبس هذا التسرب أحيانا مع سلس البراز.
من المعرض لخطر الاصابة بسلس البراز؟
يمكن أن يصيب سلس البراز الرجال والنساء، الصغار والكبار؛ وحتى الناس الذين ليس لديهم سلس غائط، يمكن أن يتعرضوا له مرة بالصدفة (على شكل عرضي) في حال أصيبوا بأنفلونزا معدية أو بمرض معد آخر يسبب الإسهال.
ولكن، تزيد بعض العوامل إمكانية حدوث السلس؛ وتشتمل عوامل الخطر هذه على ما يلي:
●   عدم قدرتك على القيام بالفعاليات الحياتية اليومية، مثل ارتداء الثياب أو الذهاب إلى الحمام بمفردك.
●   التقدم في العمر.
●   وجود إسهال أو إمساك مزمن.
●   وجود حالة صحية عامة سيئة.
●   الولادة، لاسيما إذا كانت المرأة قد ولدت أجنة كبار الحجم، أو حدث لديها تطاول في المرحلة الثانية من المخاض، أو حصلت الولادة باستعمال ملاقط الجنين، أو ولد الجنين بمجيء مقعدي، أو تعرضت لإجراء شق لتوسيع فتحة المهبل (بضع الفرج Episiotomy) أو لتمزق في المهبل امتد إلى الشرج.
●   مشاكل في القولون أو المستقيم أو الجهاز التناسلي الأنثوي.
●   تناول أدوية معينة.
●   بالنسبة للأطفال، تأخر أو انقطاع تدريب الطفل على استعمال الحمام (المرحاض).
وبالإضافة إلى ذلك، تشتمل الأمراض والحالات التي تزيد خطر حدوث سلس البراز على:
●   داء السكر.
●   السكتة الدماغية Stroke.
●   التصلب المتعدد Multiple sclerosis.
●   داء باركنسون Parkinson’s disease.
●   التصلب الجهازي Systemic sclerosis.
●   الحثل العضلي Myotonic dystrophy.
●   الداء النشواني Amyloidosis.
●   إصابات الحبل الشوكي (النخاع).
●   رتق الشرج (عدم انثقاب الشرج) Imperforate anus.
●   داء هيرشسبرونغ Hirschsprung’s disease (ضخامة القولون الخلقية).
●   تدلي الشرج والأعضاء التناسلية Procidentia.
عدم القدرة على حصر البراز
سلس البراز الإلحاحي Urge Fecal Incontinence
قد لا تكون قادرا على تأخير خروج البراز (حصره) إذا لم تكن عضلة المصرة الشرجية الظاهرة تقوم بعملها بشكل جيد، حيث تشعر بالإلحاح والحاجة إلى الذهاب إلى المرحاض فور شعورك بوجود غائط في المستقيم، كما قد لا تتمكن من عصر أو تقليص عضلة المصرة بالقوة الكافية ولوقت كاف كي تصل إلى المرحاض.
تعد الولادة سببا شائعا لأذية المصرة الشرجية، حيث يمكن أن تسبب الولادة المهبلية تمزقات في عضلات المصرتين الشرجيتين الداخلية والخارجية، كما يمكن أن تؤذي العصب الفرجي (الاستحيائي) Pudendal nerve، وهو العصب الرئيسي المعصب للمصرة الخارجية. ويحدث سلس البراز عند بعض النساء خلال أسابيع بعد الولادة، بينما يتأخر ظهوره عند البعض الآخر حتى منتصف الأربعينات أو بعد ذلك، حينما تضعف العضلات والأنسجة الداعمة في الحوض.
تشتمل الأسباب الأخرى لأذية المصرة الشرجية على جراحة البواسير، أو العمليات الأخرى التي تجرى على المستقيم والشرج، والعدوى حول منطقة الشرج والإصابات فيها، ونقص قوة العضلات مع التقدم بالعمر.
قد يعاني الأشخاص الذين لديهم أذية عصبية في قاع الحوض من مشاكل تؤثر في قدرة المستقيم على التكيف مع وجود البراز، حيث يمر البراز عبر القولون السيني والمستقيم بشكل سريع جدا، متغلبا أو متجاوزا الحواجز التي توقف مرور البراز في الحالة الطبيعية؛ وينتج عن ذلك إسهال أو نقص في الوقت الفاصل بين الشعور بوجود البراز في المستقيم والحاجة الملحة للذهاب إلى المرحاض. ويمكن أن تحدث مثل هذه الأذية نتيجة وجود داء السكر أو التصلب المتعدد أو إصابات الدماغ أو النخاع الشوكي.
كما يمكن أيضا أن يحدث شعور بالإلحاح وتكرر الحركات المعوية (إفراغ الأمعاء أو التغوط) في حال عدم قدرة المستقيم على التمدد بشكل كاف لتخزين الكمية الطبيعية من البراز، حيث يتمدد المستقيم في الحالة الطبيعية ليستوعب البراز حتى يتمكن الشخص من الذهاب إلى المرحاض؛ ولكن، إذا لم يتمكن المستقيم من التمدد لهذا الحد، ينقص الزمن المتوفر للشخص بين الإحساس بوجود البراز والحاجة الملحة للذهاب إلى المرحاض. وقد تتعرض لسلس البراز إذا أصبح المستقيم صلبا أو متيبسا حتى إذا كانت عضلات المصرة لديك تعمل جيدا. كما يمكن أن يحدث نقص في سعة المستقيم (قدرته التخزينية) نتيجة التندب بسبب الجراحة أو تشعيع الحوض (المعالجة الإشعاعية) أو الداء المعوي الالتهابي IBD.
يمكن أن تؤدي حالة تسمى تدلي المستقيم إلى شعورك بالحاجة الملحة لاستخدام المرحاض حتى ولو كانت كمية البراز قليلة؛ ويحدث تدلي المستقيم هذا عندما تضعف العضلات الداعمة له، فيتدلى أو ينزل نحو الأسفل إلى داخل القناة الشرجية أو إلى خارج الجسم. وعندما يكون الشخص مصابا بتدلي المستقيم، يتوجب على المصرة العضلية الخارجية أن تعمل بشكل أكبر أو بجهد أكبر لتمنع البراز من الخروج. ويمكن أن يؤدي تدلي المستقيم إلى أذية المصرة، ويعاني معظم المصابين بهذه الحالة من سلس البراز.
اضطراب القدرة على الإحساس بوجود البراز
سلس البراز بفقد الحس Unsensed Fecal Incontinence
يخبر الإحساس المستقيمي الشخص بوجود البراز في المستقيم، وبالحاجة إلى استعمال المرحاض؛ ولكن إذا تضررت الأعصاب المسؤولة عن الإحساس ضمن المستقيم أو الشرج، قد يفقد الشخص القدرة على الإحساس بوجود البراز في المستقيم، ويمكن ألا يصبح قادرا على التمييز بين الغاز، والبراز الصلب، والبراز السائل.
عندما يضطرب الحس في المستقيم، قد لا يتمكن الشخص من تمييز الحاجة إلى تفريغ الأمعاء، ويمكن أن يطرح البراز بشكل غير إرادي، أو قد تتراكم كمية زائدة من البراز في المستقيم؛ وهذا ما قد يسبب انحشار البراز، حيث يحدث تراص للبراز في المستقيم يؤدي في النهاية إلى تسرب براز سائل حول البراز الصلب المحشور، ويسمى ذلك سلس البراز الفيضي Overflow incontinence.
تشتمل أسباب اضطراب الحس المستقيمي على تضرر الأعصاب بسبب دار السكر، والتصلب المتعدد، والسكتة الدماغية، وإصابات النخاع الشوكي. كما يمكن أن تحدث الأذية العصبية أيضا نتيجة الولادة أو بسبب الكبس (العصر) الشديد على مدى سنوات للقيام بالتغوط. وقد تؤثر بعض الأدوية، مثل المسكنات الأفيونية Opiate painkillers ومضادات الاكتئاب، في الحس المستقيمي، وتؤدي إلى سلس البراز أيضا. ويمكن أن يضعف الحس المستقيمي عند المسنين والأشخاص الذين يعانون من عاهات جسدية أو عقلية.
قد تؤدي أذية عضل المصرة الشرجية الداخلية إلى نوبات من تسرب البراز دون أن يعي الشخص الأمر، حيث يسمح الانغلاق غير المحكم للعضلة بتسرب البراز. وإذا ما تعطل منعكس الاعتيان المستقيمي (منعكس تحديد المحتوى) Sampling reflex، قد لا يصبح الشخص قادرا على تحديد أو تمييز محتويات المستقيم ليقرر ماذا يجب أن يفعل. ويمكن للأسباب نفسها التي تؤذي المصرة الشرجية الخارجية – الولادة والإصابات والجراحة والضعف العضلي بتقدم العمر – أن تسبب مشاكل في المصرة الداخلية أيضا.
تتطلب القدرة على الإحساس بوجود البراز في المستقيم أن يكون الشخص واعيا أو منتبها بشكل كاف، بحيث يمكنه أن يميز الحس ويتصرف بالشكل المناسب. وقد لا يستطيع الشخص المصاب بالخرف أن يميز الإحساس الذي يحدث عند امتلاء المستقيم، بينما يعاني الشخص المصاب بالتهاب المفاصل من صعوبة في الوصول إلى المرحاض. ويعد سلس البراز مظهرا من مظاهر المراحل المتأخرة من داء ألزهايمر Alzheimer’s disease, والذي يشارك فيه حدوث الخرف مع الأذية العصبية في السلس. ويصعب على الشخص الذي يعاني من إعاقة جسدية – لأي سبب كان – أن يصل إلى المرحاض في الوقت المناسب.
الإمساك وسلس البراز الفيضي Overflow Incontinence
مما يثير الاستغراب أن أكثر أسباب سلس البراز شيوعا هو الإمساك. ويعرف الإمساك بأنه طرح البراز بمعدل أقل من مرة كل ثلاثة أيام، أو الحاجة إلى العصر الشديد عند محاولة إفراغ الأمعاء. ويعتقد كثير من الناس أنهم يجب أن يفرغوا أمعاءهم مرة واحدة باليوم على الأقل؛ ولكن تواتر مرات التغوط يختلف من شخص لآخر، حيث أن إفراغ الأمعاء (التغوط) ثلاث مرات في الأسبوع على الأقل من دون عصر يعد أمرا طبيعيا (أي لا يكون هناك إمساك).
يعد الإمساك، مثله مثل سلس البراز، علامة لمشكلة ما، وهو ليس مرضا بحد ذاته. ويعاني كل شخص من الإمساك بين فترة وأخرى، حيث تؤدي التغيرات في الروتين اليومي للشخص، مثل السفر أو تغير النظام الغذائي، إلى خلل في عادات التغوط ينتج عنها إمساك. وتشتمل الأسباب الأخرى المحتملة للإمساك على:
●  نقص الفعالية (الحركة) الجسدية.
●  نقص الألياف في الغذاء (الغذاء الفقير بالألياف).
●  الحمل والولادة.
●  داء السكر والأمراض الأخرى المتعلقة بالهرمونات.
●  بعض الأدوية.
●  الجراحة.
●  متلازمة القولون المتهيج.
●  البواسير.
●  تجاهل الحاجة إلى التغوط بشكل متكرر.
●  الأمراض التي تؤثر في الأعصاب، مثل التصلب المتعدد، والسكتة الدماغية، والخرف، وداء باركنسون.
●  تدلي المستقيم والقيلة المستقيمية.
يمكن أن يؤدي الإمساك المزمن إلى انحشار البراز – بشكل كتلة كبيرة من الغائط الجاف القاسي داخل المستقيم. وقد تصبح هذه الكتلة كبيرة جدا بحيث لا يستطيع الشخص طرحها. ويسبب البراز المحشور أو المتراص تمددا وضعفا في عضل المصرة الشرجية الداخلية، ويمكن أن يعبر البراز المائي من الأعلى حول هذه الكتلة ويتسرب، ويسمى هذا النمط من السلس بسلس البراز الفيضي Overflow incontinence، ويمكن أن يبدو مثل الإسهال، لكن إذا استخدمت فيه الأدوية المضادة للإسهال فهي تزيد الحالة سوءا.
متلازمة القولون المتهيج والسلس
تتميز متلازمة القولون المتهيج IBS بوجود ألم بطني أو معص Cramping وتغيرات في أنماط التغوط، مثل حدوث زيادة في تواتر مرات التغوط أو براز رخو وحدوث إسهال وإمساك. ويقر حوالى 20% من الناس المصابين بمتلازمة القولون المتهيج بحدوث سلس البراز. ولا يعرف بشكل كامل ما هو السبب في متلازمة القولون المتهيج، ولكن يبدو أن الأعراض تنشأ من اضطراب في التناسق (التآثر) Interaction بين الأمعاء والدماغ والقسم من الجهاز العصبي المسؤول عن الاستجابات اللاإرادية (الجهاز العصبي المستقل Autonomic nervous system)؛ وتكون النتيجة زيادة في حساسية القولون وفرطا في استجابته (استجابة غير طبيعية) لبعض الأشياء مثل الشدة، أو الكرب، وبعض الأطعمة.
تصل نسبة حدوث متلازمة القولون المتهيج في الولايات المتحدة حتى 1 من بين كل 5 أشخاص؛ وتكون الأعراض والعلامات خفيفة عند معظم الأشخاص؛ ولكن، يمكن أن تتفاقم الأعراض عند التعرض للكرب. كما يمكن أن تسبب متلازمة القولون المتهيج تناوبا بين الإسهال والإمساك، وكلاهما يمكن أن يؤدي إلى سلس البراز. وقد تؤدي متلازمة القولون المتهيج أيضا إلى نقص السعة التخزينية والإحساس في المستقيم.
يحدث عند بعض المصابين بمتلازمة القولون المتهيج زيادة في قوة ومدة التقلصات العضلية التي تحرك أو تدفع الطعام ضمن السبيل الهضمي، وبذلك يجبر الطعام أن يتحرك بشكل أسرع عبر الأمعاء، ويسبب غازات وتجشؤا وإسهالا؛ ويسمى هذا النمط من متلازمة القولون المتهيج متلازمة القولون المتهيج المصحوبة بإسهال مسيطر Diarrhea-predominant IBS، وهي تصيب الرجال بشكل رئيسي. بينما يشيع الشكل المعاكس عند النساء – حيث يتباطأ مرور الطعام، ويصبح البراز جافا وقاسيا مسببا الإمساك – وهو النمط الذي يعرف بمتلازمة القولون المتهيج المصحوبة بإمساك مسيطر Constipation-predominant IBS.
يعاني بعض الناس من تبادل بين نوبات الإسهال والإمساك؛ كما يمكن أيضا أن يحدث لديهم شعور بالكبس (العصر)، أو الإلحاح، أو الإحساس بعدم انفراغ المستقيم بشكل كامل.
تقدم العمر وسلس البراز
لا يعد سلس البراز أمرا محتوم الحدوث مع التقدم بالعمر، حيث تبقى وظيفة الأمعاء نشيطة وبحالة صحية جيدة عند معظم الناس حتى مراحل عمرية متأخرة. ولكن، يمكن أن تساهم بعض التغيرات الجسمية التي تحدث مع تقدم العمر في حدوث السلس.
يمكن – مع الزمن – أن تضعف عضلات المصرتين والعضلات والأربطة الداعمة في الحوض؛ وتتعرض النساء بشكل خاص لحدوث ضعف عضلي في هذه المناطق، ويكون السبب غالبا هو تأثير الهرمونات التناسلية في قوة عضلات قاع الحوض والشرج ونشاطها، حيث ينقص مستوى هذه الهرمونات بشكل حاد عند المرأة بعد سن اليأس، وتفقد المصرة الشرجية الخارجية بعضا من قدرتها على العصر.
قد يؤدي التقدم بالسن إلى تغيرات يمكن أن تؤثر في وظيفة الأمعاء، حيث تسبب التغيرات التي تحدث في جدران الأمعاء والتروية الدموية إلى إبطاء مرور الطعام والفضلات عبر الأمعاء؛ وقد يلاحظ الشخص حدوث الإمساك بشكل أكثر لأن البراز يصبح أقسى وأكثر جفافا.
يمكن أن تساهم أمراض الشيخوخة الشائعة، مثل داء السكر وداء باركنسون، في حدوث سلس البراز؛ وقد يتأخر ظهور تأثيرات الولادة في عضلات قاع الحوض والشرج (المصرتين) حتى مرحلة متأخرة من العمر. كما يمكن أن يكون للنظام الغذائي ونمط الحياة تأثير كبير في حسن عمل الأمعاء مع التقدم بالعمر؛ فقد يتناول كبار السن كميات أقل من السوائل، حيث يصبح الشعور بالعطش لديهم أقل حدة؛ وقد يتعرض كبار السن الذين لا يقومون بفعاليات جسمية أو لا يتناولون كميات وافرة من الألياف إلى إمساك متكرر، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى السلس. وأخيرا، تساهم بعض الأدوية في حدوث سلس البراز أيضا.
نظرة متفائلة
لا يدرك معظم الناس أو لا يعون بأن هناك معالجة فعالة لسلس البراز؛ ولذلك، لا يجب على أي شخص أن يخفي معاناته، حيث توجد العديد من الحلول المختلفة التي تستهدف أسباب السلس. ويمكن أن تحسن المعالجة السيطرة على الأمعاء، أو يمكن أن تؤدي الاستراتيجيات المساعدة إلى جعل الحياة مع سلس البراز أسهل قليلا.
ويعد العمل على تشجيع المصاب على الاعتراف بوجود سلس البراز لديه الخطوة الأولى في التدبير.




المراجع

موقع طبيب

التصانيف

طبيب  العلوم التطبيقية  الطبي