في موكب مهيب ودع الاردن والعالم العربي بالامس واحدا من اعلامه ورجالاته وذلك بفقدان شيخ المؤرخين العرب العلامة الاستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري ، والذي تتلمذ على يديه من يحتلون الان مناصب رفيعة على امتداد الوطن العربي.
الدكتور الدوري رحمه الله تعالى ، احتضنه الاردن موئل كل العرب بعد ان ودع بدموعه دجلة ، والفرات قبل نصف قرن من الزمان وانتقل الى الرفيق الاعلى في عمان ، وهو بعيد عن العراق ليلتحق بقافلة العظماء والمبدعين الذين تمنوا ان تكون نهايتهم على تراب العراق ، بعد ان عاشوا على امل رؤية بغداد وان يستظلوا بنخيلها.
سار في موكبه الذي انطلق من مسجد الجامعة الاردنية التي عاش معظم سنوات حياته ينتقل بين مختلف مبانيها ومنذ تاسيسها ، وليحمل على اعناق وأكف المئات من تلاميذه وعشاقه ومحبيه من الاردنيين ، والعراقيين والعرب المتواجدين في عمان ، ويستقر في مقبرة سحاب.
استطاع الدوري في مؤلفاته التاريخية أن يقدم صورة جديدة للتاريخ العربي الإسلامي عن طريق دمجه لأصالة البحث التاريخي في مؤلفات المؤرخين العرب القدماء مع أدوات التحليل والبحث التي استقاها من الغرب.
استطاع الدوري في مرحلة مبكرة جدا ، وتحديدا عام 1945 أن يقدم لنا كتاب (مقدمة في تاريخ صدر الإسلام) وهي رؤية جديدة للتاريخ الإسلامي جمع فيها رؤيته للعوامل المختلفة التي أسهمت في تطور التاريخ الإسلامي والذي يحددها بعوامل عقدية إيمانية وعوامل قبلية عصبية وعوامل اقتصادية ، وبهذا جمع الدوري برؤية المسلم العربي مجمل العوامل الأساسية المؤثرة في التاريخ دون تحيز لنظرية معينة تضع أحد هذه العوامل أولا فلم يعل من شأن الإيمان مهملا الاقتصاد ولم يهمل العصبية ليركز على الاقتصاد.
طبق الدوري كل ذلك على مرويات التاريخ الإسلامي الوفيرة ليضع صورة أكثر وضوحا لأزمات التاريخ الإسلامي مثل فتنة مقتل عثمان ومشاكل العراق الاقتصادية في تلك الفترة ونزاعات الخلافة بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان.
كان كتابه الآخر (مقدمة في التاريخ الاقتصادي العربي) أحد الكتب الأولى وما زال أحد الكتب النادرة التي تتحدث عن مراحل تطور الاقتصاد في بدايات الدولة الإسلامية.
اننا نامل ان تتبنى الجامعة الاردنية ، ووزارة الثقافة وكل الجهات المعنية بقضايا التاريخ على امتداد الوطن العربي اعادة طباعة ونشر مؤلفاته التي اغنت المكتبة العربية والاسلامية ، وان تقام العديد من الندوات والحلقات التي تحكي تاريخ شيخ المؤرخين ، وان يطلق اسمه على احدى المدرجات الرئيسية في الجامعة الاردنية ، وبالاضافة الى احد شوارع العاصمة.
رحم الله استاذنا الكبير رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته والهم كل محبيه وتلاميذه على امتداد العالمين العربي والاسلامي الصبر والسلوان.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة أحمد جميل شاكر جريدة الدستور