الحب في العشرين: احتدام النداءات في جسد الفتى، ارتباك الروح في ليل الصبيّة، أكفّ تلوّح بالمناديل، حبرٌ على مقاعد المحاضرة!
أرقٌ ساذجٌ تتطلبه فكرة المعاناة، قهوة تظلّ تروحُ وتجيء الى الطاولة، وعلى الطاولة أيضاً يدان مرتبكتان تصنعان سيركا بهلوانياً، وتفركان بعضهما .. أو يفركهما الشبق المحبوس!
رواياتٌ كثيرة نظن أنها كُتبت لنا، ملحنون كثيرون لا نصدق أننا لم نكن في بالهم وهم يسطّرون الأغنيات، (الشجرات اليوم على الرصيف أحلى، فتضحكُ البنت وتصدّق! لو أن كل الرجال رومانسيون مثلك، فيضحك الفتى ويصدق!) ويقضم هو طرف السيجارة وتعضّ هي على دمعة تتفلّت، وهما يعودان آخر النهار لبيتين! يظلّ في الليل يعدّ الساعات التي عقاربها تلدغه، ويفكر: لو اختصرتُ قليلاً من الجلوس في الكافتيريا وذهبتُ للجامعة مشياً ألا يكفينا مصروفي لنتزوج؟!
وتصنع اليدان سيركاً رومانياً سريع الإيقاع.
* * *
في الثلاثين: تنضجُ حِيلُ الرجال ويستوي كيدُ النساء، ويصيرُ عليه أن ينفق الكثير من الوعود، وأن يخطط للكثير من الأحلام، وأن يقترح بشكل جدّي أسماء وأعداد الأولاد ..
لكن الضجر يصير رفيقاً ثالثا على الطاولة إياها! إما لأنهما شربا الفكرة تماماً، وروّضا النداءات، أو لأنهما لم يفعلا ذلك !!
اختبرا كل الأسئلة معاً، واختلفا في الكثير من الإجابات، (لفتت انتباهه مرّة لجذع مكسور تدلّى، مشفقة على الشجرة، فضحك كما يليق برجل عمليّ، ولم يعلّق فالأشجار تبدو عاديةً تماماً؛ مجرد أشجار على رصيف)!
وتبدأ الهموم تصير فردية أكثر، هو يفكر بالبحث عن عروسٍ محترمة لم تواعد أحداً من قبل، ويفكر بالبحث عن عملٍ أوفر دخلاً، وهي تفكر به وتترجى الله أن يكون عريسها .. لكنها لا تمانع إذا ما توفر عريس أفضل، أو آخر الأمر أي عريس .. المهم هنا أن لا تغادر الثلاثين فارغة اليدين!
* * *
في الأربعين وما يتلوها: يصير الحب استغاثات، ويشبه شعارات "اليونيسيف"!
الناس هنا أكثر انشغالاً بنهاياتهم، ويحتفلون كل يوم بأنهم استيقظوا!
في الأربعين، ونحن نسير الى خاتمة المهرجان، نصير أكثر طمأنينة للأمثال الشعبية، وأكثر ثقة بفوائد البابونج، وأكثر اهتماماً بالشجرات التي تيبست عند موقف الباص!
والحب، يصير حاجةً أكثر بلاغةً من التوترات العاطفية، .. ففي الذهاب الى النهاية يشتهي الناس أن يكونوا معاً، وأن يذهبوا إلى هناك بشعور المندفعين في مظاهرةٍ حاشدة، يمسكون أيديهم بتضامن، ... يحتاج الناس في هذه السنّ الى شعورٍ بالعناق!
يخرج الناس من الأربعين بأيدٍ تمسك بعضها، .. وأن تجد بين حشود الناس كفّاً على مقاس كفّك فهذا هو الحب!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة إبراهيم جابر إبراهيم جريدة الغد