مثلما يرتطم عصفورٌ بشُبّاكِ طائرةٍ فيسقط مَغشيّاً عليه!
أو ينقصفُ غصنٌ طريٌّ كان ابناً ودوداً لشجرةٍ صالحة!
أو مثلما يموتُ طفلٌ في العاشرة!
كأنما تعثرَ نجمٌ كان صاعداً إلى وظيفته فسقط عن درج السماء!
.. هكذا يُصابُ الحب بالعطب!!
.. وهكذا تنساكَ امرأةٌ ما تزال ملابسها في غسّالة ثيابك!
مثل غيمةٍ قليلةِ الخبرة، داهمتها هبّةُ هواءٍ خفيفةٍ، فانفرطَ عِقدُها، وسالتْ ماءً كثيراً .. قبل أن تُتِمّ حَمْلَها!!
.....
في ذلك الصباح: كنتُ أسمعُ قططاً تموء في قلبي، مثل نساءٍ مهجورات!!
ورأيتُ الفراشات تطايرنَ عن ستائرِ غرفتي، قبل أن أسمع نشيجهنَّ المكتوم في المطبخ.
والممرّ الذي كان يترنّح بالموسيقى إن مرّت، كان بارداً مثل معرضٍ لفساتين ِالزفاف!
....
كانت القهوة باردةً، لكن ليسَ ذلك هو السبب الذي أصاب رجلاً بالبكاء، إنما حينَ خفقت في عينه صورتُها تضحكُ على الجدار، فقام يحملُ سريرهُ على ظهرهِ ويصرخُ في نافذته: يا اللّه أعطني القوّةَ كي لا أكرهها!!
....
الفتى المؤرّق الخاطر يشاغلُ نفسَه: طفلتي تتهجّأ - لأمرٍ في بالِها - كيد النساء، أو أنها نسيت اسمي في اختلاطِ الرسائل والصور؟ ربما!
....
في تلك الليلة، حين وقفتُ تحتَ نافذتها المضاءة بصوتها لم ألتفت للجدار وهو يحدّقُ بي: أيها الغريب لملم خطاكَ الغريبة، وانصرِف!
أسمعُ ضحكتها جيداً .. وأمدُّ يدي فتنغرسُ الأحلام القليلة، المُرتّبة على إفريزها، بكفّي.
هذا الغبار الذي يعلو الزجاج، الستارة المسدلة، الهواءُ الحميمُ المنبعثُ يُسلّم عَليّ، العتمة الأنيقة، كلّها تطلُّ برأسها مُشفقة!
ارتقيتُ ساقيَّ الركيكتين وعلّقتُ شهوتي الأخيرة: أنّى لي أرى قُمصانيَ على حبلِ هذا الغسيل؟
....
نافذةٌ شحيحةَ الكلام .. لم تكن مضاءة تماماً؛ من الضوء ما يكفي لأُقبّلك ألفَ سنة، من الهواء ما يسرُّ أن نتقاسم الشهيق، ومن الأصابع ما يلزمُ لأن نُغلق نافذةً واحدةً آخرَ العُمر ونستريح!
لم أجدني مرة واحدة أمام هذه النافذة، لم تُعلّقني السماءُ هكذا عبثاً، بين آناء بيتٍِ وأطراف بيت، كنتُ أحثَُّ الخطى إليّ، حين تقاسمتْ لحمينا نافذة؛ تداولتنا بين خيط عتمةٍ وضوء.
لم تكن الأرضُ، قبل ذلك بهذا الضيق؛ ولم أكن غريباً مثلما كنت، والجدارُ يدقُ صدري بقبضته، والطريق تنسربُ من بين قدميَّ كالغيمةِ الخاسرة.
....
ما الذي سيقوله المارّةُ عن رجلٍ يمدُّ يدَه ليقطفَ نافذة؟
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة إبراهيم جابر إبراهيم جريدة الغد