بعد الهزة المالية التي تعرض لها الاف المواطنين فيما يطلق عليه قضية البورصات. والتي استنزفت من جيوب الاسر الاردنية مئات الملايين. نتيجة الجشع والطمع والتهافت على المستثمرين المزعومين. والذين كانوا يدفعون ارباحا تتراوح بين عشرة وعشرين بالمئة شهريا. عادت الى السطح من جديد قضية نصب واحتيال تقدر بحوالي 40 مليون دينار تعرض لها العديد من المواطنين في مدينة الزرقاء.

مواطن واحد تم الاحتيال عليه بمبلغ ثمانية ملايين دينار من قبل شخصين وصفهما هذا المواطن بانهما يتمتعان بذكاء خارق حتى ان بعض الذين تدافعوا لتحقيق ارباح شهرية تقدر بثلاثين بالمئة. قاموا ببيع بيوتهم. ومصاغ زوجاتهم وسياراتهم واثاثهم. وانهم بعد ان وقعوا في الفخ وكانوا طعما للاخرين. توقفوا عن استلام ارباحهم لتضاف الى راس المال الذي قاموا بدفعه.

اي عقل اومنطق يقول ان مبلغ الف دينار يمكن ان يحقق ربحا يزيد عن الف وخمسمائة الى الفي دينار في سنة واحدة. اذا ما استمر المحتال بدفع الارباح بصورة مستمرة حيث تبين انه يقوم بالدفع ودون مطالبة وبمنتهى السهولة لمدة شهر او شهرين او ثلاثة. حتى تتولد الثقة بينه وبين الزبون. والذي يتوقف عن طلب الارباح ليضيفها الى راس المال الاصلي.

ايه تجارة يمكنها ان تحقق وعلى نطاق واسع ارباحا تزيد عن المئة بالمئة سنويا. علما بان الارباح التي تدفعها البنوك للمودعين لا تزيد عن خمسة بالمئة سنويا وان فائدة الاقتراض لا تزيد عن تسعة بالمئة. وكان الاجدر بهذه البنوك ان تستثمر اموالها لدى هؤلاء الذين يدعون بانهم مستثمرون.

الى متى سيبقى المواطن يعيش عالم الاحلام ويتوهم بانه سيصبح ثريا في يوم وليلة. اوخلال اشهر اوسنة؟،.

متى سيحتكم المواطن الى عقله. ويعرف ان لا تجارة اواي نوع من انواع الاستثمار يجعله يحقق ارباحا خيالية تزيد في بعض الاحيان عن عشرين بالمئة. وتبلغ ثلاثين بالمئة شهريا.

قد يكون ذلك مقبولا لبائع الترمس او الذرة المسلوقة. حيث يمكن ان يبيع كوز الذرة بنصف دينار. ولا تزيد تكلفته عليه عن العشرين قرشا وفي اعلى معدلاته لكن هل يمكن لهؤلاء ان يبيعوا بعشرات الاف من الدنانير يوميا. او حتى شهريا او سنويا. حتى نقول ان هذه الملايين من الاستثمارات ستوضع في تجارة الترمس. او الذرة المسلوقة؟.

نحن في عصر يصول العديد من المحتالين فيه ويجولون. ليس على المستوى المحلي. ولكن على المستوى الاقليمي والدولي. فكم من مواطن وقع في شراك رسالة موهومة جاءته عبر الانترنت من ارملة لمسؤول افريقي تملك عشرات الملايين من الدولارات وانها ستدفع نصف هذا المبلغ لشخص يسهل عليها التحويل وتطلب ان يدفع الفين او ثلاثة الاف دولار لتسديد بعض الالتزامات والرسوم. وفي بعض الاحيان يتم طلب مائة دولار او مائتي دولار فقط مقابل نصف مليون دولار. حيث يلبي النداء الالاف من الذين تصلهم هذه الرسائل عبر المواقع الالكترونية ويتحقق للمحتال نتيجة ذلك مبالغ طائلة.

اننا نهيب بعقول المواطنين بان يفوتوا الفرصة على المحتالين مهما كانت سياراتهم وملابسهم وحقائبهم او مكاتبهم فارهة وانيقة ومهما كانت السنتهم ناعمة حتى ولو دفعوا للمواطنين المستثمرين الاموال بيدهم اليمين لانهم يستردون اضعافها بيدهم اليسار وانه حتى لو تم القبض على المحتالين فلن تكون هناك اية اموال بحوزتهم لانهم جزء من عصابة وان الاموال اصبحت خارج البلاد.

لقد بذلت الحكومة في السنوات الماضية جهودا في التوعية بعدم الوقوع في شراك هؤلاء المحتالين الذين يدعون الاستثمار في البورصات وقد تم التحذير من مغبة دفع الاموال لهم. لكن احدا لم يعير ذلك اي انتباه بعد ان رأى الارباح الموهومة بين يديه وان الحكومة قيدت عملية الاستثمار بالشركات المرخصة والتي تخضع لمراقبتها. لكن احدا لا يمكن متابعة المحتالين الذين يجدون باستغفال المواطنين المناخ المناسب والملائم للنصب والاحتيال عليهم جهارا نهارا.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   أحمد جميل شاكر   جريدة الدستور