"قال قايل عن حبي وحبك مش حلو؟".
أبداً!.. أنا لم أقل ذلك؛ كل ما قلتهُ بالضبط أن شريط فيروز الأخير هذا "مش حلو"!
لم يخضّني كما تفعل فيروز عادة، ولم يربكني، ولم يخطر لي أن أعيد أي أغنية منه لأسمعها ثانية.. كما كنتُ أفعلُ ثانيةً وثالثةً وعاشرة، مع أشرطتها السابقة!
ليس لأنها بلغت من العمر، ومن الموسيقى، عتيّا، فصوتها، مايزال صوتها، وسحرها الشخصي الذي لا يُفسّر، مايزال في جِرار الغيب لا نحزرُه، لكن شيئاً ما في هذا الشريط انشغل فيما يبدو "على عجل"، وهو شيء لا يخصّ قدرات فيروز نفسها، بل ابنها الشقي، أقصد الكلمات والألحان، التي ليست أبداً بمستوى (شغل زياد) الذي نعرفه، وشغوفون به جداً!
أغنيتان فقط في الشريط، جيدتان جدا هما (ايه في أمل، وما شاورت حالي)، مع أن أولاهما قديمة، وغنّتها السيدة منذ سنوات لكنها لم تسجّلها، بخلاف ذلك حمل الشريط تخريباً فادحاً بإعادة توزيع أغنيتين قديمتين بشكل جديد، هما (بكتب اسمك يا حبيبي التي صارت بكتب اساميهن، والبنت الشلبية)، وإعادة التوزيع عادة معروفة عند زياد في التعامل مع أغنيات أمه القديمة، (تزبط) معهما غالباً، لكنها هذه المرّة فشلت جداً، وكان يمكنه توجيه التحية لعاصي ومنصور، واتخاذ هذا الموقف الأخلاقي مع ابناء عمه المختلفين معه على إرث المرحومين، بطريقة أخرى، من دون ان يُخرّب أغنية ثمينة!
أما أغنية (الأرض لكم) فهي بيان سياسي فجّ، ولا يكتبه شبان يخرجون في مظاهرة للمرة الأولى، ولا تحمل أي إيقاع موسيقي، ولا تترك عند السامع أي أثر من ذلك الذي تتركه الأغنيات الوطنية!
كما أنه ليس مفهوماً دحش هذه الأغنية (السياسية وليست الوطنية) في السيرة الغنائية لفيروز التي لم تفعل ذلك منذ أن سمعناها تغنّي!
ولم تكن فيروز فيروزاً أبداً في هذه (الأغنية)، وربما في الشريط كلّه!
فلأول مرة، لأول مرة بالمطلق، تحسّ أن أغنية لفيروز يمكن أن تكون سبباً في ضجيج، وأنك يجب أن تخفض الصوت، أو تغلق المسجّل، نحن الذين كان بإمكاننا أن نسمع فيروز طوال العمر من دون توقف، ومن دون ملل، ومن دون أن نغيّر الشريط في مسجّل السيارة لشهور طويلة!
ورغم أن تجارب الابن مع أمه كانت ناجحة جداً قبل ذلك، وساحرة، في (كيفك انت) و(سلملي عليه)، و(مش كاين هيك تكون)، إلا أن هذا العمل لم يكن موفّقاً بالمرّة!
وربما أبلغ تعليق على هذا الشريط، نستعيره من الشريط نفسه، من أغنية (كبيرة المزحة)، لنردد بالحرف وبالحزن ذاته: بآخر هالعمر كبيرة المزحة هاي!.
....
أما عن حبي وحبك؟ لا أبداً!
ولو بدّك (إلك مني وعليّ عيدو من أوّلو)!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة إبراهيم جابر إبراهيم جريدة الغد