ربما أن هنالك فارقاً مروعاً بين "العلاقة العاطفية" و.. "الحب"!
في "العلاقة" ثمة دهاء، وإدارة عاطفية، وتحسّبٌ، ومكرٌ، وحسابات ربحٍ وخسارة، وكرامةٌ شخصيةٌ تظل تنهضُ مستفزة عند أية زلة لسان، وتفكيرٌ عميقٌ بمن الذي بات ليلته منتصرا على الآخر!
في "الحب".. اندفاع عميقٌ وساحرٌ من دون تحسّب.
في "الحب" لا تُحسب الأمور بمنطق المهزوم والبطل، ولا أحد يتوقف ليحاسب الآخر على كلمةٍ عابرة، بل إنه في الحب ليس ثمة (آخر) من حيث المبدأ!
في "الحب" ثمة كائنٌ واحد، شاء حظه أن يسكن بيتين!
في "الحب" لا سيدٌ وعبد.. في "الحب" لا أحد يخطط للانتصار على أحد، فكلاهما خاسرٌ لو خسر "الأحد"!
وكلاهما أيضا خاسرٌ لو انتصر "الأحد "!
في "العلاقة"، تفكيرٌ انتهازيٌ: عليّ أن أنتظر ليعود إليّ منكسرا وطائعاً، وعليه أن يفهمني، وأن يسير وفق هواي!
في "الحب" تنكسر الشجرةُ إن انكسر فرع نحيلٌ وتدلّى على خصرها!
في "العلاقة" يومان.. أو ثلاثة بلا هواء، بلا قهوةٍ، وبكفّ تظلُّ باردةً من دون شقيقتها، بقدم لا تلهج بالركض نحو موعدها اليومي، وبصوتٍ يبات في الفم نيئاً دون كلام!
في "الحب" لا يصيرُ الحبُ موعداً؛ لكنه مقدسٌّ مثل ساعة الأذان!
ولا ينفعُ الهواء المعلّبُ، أو بقايا الحب على طرف الطاولة منذ الليلة الماضية، أو بضع كلمات عالقات على سماعة الهاتف.
كما أنه في "الحب" لا جدوى من فكرة "الرسائل القصيرة"؛ فهي مثلما قلتُ لكِ مرةً: لا تبلل الروح إلا بقدر جرعةِ ماء سريعةٍ من عند الحلاق !
في "العلاقة" ارتواء ولو مؤقت، قناعةٌ ساذجةٌ لا تليق بالعاشق الجَسور، وتهذيبٌ وعقلانيةٌ وقليلٌ أو كثيرٌ من الاحتكام للعقل، ولـ"المصلحة العليا"؛ كما يفعل السياسيون!
في "الحب" قفزٌ بالمظلات من دون اكتراث بالأرض الشائكة، كما يفعل الفدائيون!
في "الحب" انهماكٌ دؤوبٌ بالبحث عما هو مدهشٌ وحيويٌ، واحتفالٌ صاخبٌ على مدار الوقت يلظم طرف الليل بأطراف النهار!
لا يليق بالحب أن يكون مدروساً، وان يوضع على طاولةٍ مستديرةٍ للنقاش، وأن تُعدّ له "دراسة جدوى"!!
الحب اندفاعٌ أحمقٌ ولذيذ، مثل صعود الجبل لرجلٍ لم يمارس الرياضة من قبل، متعبٌ لكنه يخلخل عضلات القلب الكسولة، ويرشّ ماء على وسادة الذي نام وحيداً...
في "العلاقة" علينا أن نكون مستيقظين، وأن نراقب سائق العلاقة، وأن نرشوه بين وقتٍ وآخر، وان نظلّ نحدقّ بانتباه في "اللوحات الإرشادية" على الطريق.
ونظلّ نسأل: هل وصلنا؟ وما شكل البيت؟ ونغضب إن سلكنا طريقا خاطئا احتاج لعشر دقائق أخرى.
..
لكنه في "الحب" لا أحد يسأل: إلى أين تذهب هذه "الحافلة"!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة إبراهيم جابر إبراهيم جريدة الغد