يثير الداعية الإسلامي الشاب عمرو خالد جدلاً دائماً؛ ربما كان من ضرورات مشروعه الدعوي الذي يستند لأدوات جديدة، ولافتة للانتباه!
فمنذ ظهوره قبل أعوام فاجأ خالد الجمهور بشخصية حداثية للداعية لم يعتدها الفلكلور الدعوي الإسلامي؛ الذي كان مرتبطاً غالباً بالعمامة وإعفاء اللحية وحفّ الشارب، والدشداشة التي يظهر السواك من طرف جيبتها، فخرج هذا الرجل على الناس بربطة عنق وبدلات أنيقة بشارب خفيف جدا وبلا لحية وبوسامة مرسومة بعناية، جعلته بسرعة نجماً لدى الشباب والصبايا، الذين كانوا يبحثون عن أنموذج جديد و(مودرن) من الدعاة... يجعلهم يوائمون بين الالتزام ومتطلبات الحياة الجديدة.
وأثار خالد ارتياح الشباب، لكنه لاقى تململاً خافتاً لدى التقليديين وكبار السن، خصوصاً بعد ما راجت أفكاره، التي تُطوّع الأحكام الفقهية الصارمة لتغدو أكثر ليناً وطواعية ولتتناسب مع مشروعه... أو فكرته!
واستمر الرجل يثير جدلاً لأسباب متباينة، حتى تم منعه من المحاضرات والندوات في مصر، فاختار الإقامة خارج العالم العربي، ثم ما لبث أن ثار حوله لغط كبير عندما زار "الدانمارك" في ذروة أزمة "الصور المسيئة" للمشاركة في مؤتمر قال حينها إنه سيصحح من خلاله النظرة للرسول عليه الصلاة والسلام!!
وقد اعتبرت خطوته (بالذهاب الى الدانماركيين إذ ذاك) انفتاحاً على الآخر أكثر مما يجب، في توقيت غير ملائم، وتنازلاً غير محمود، وجرى تأويلها إلى أكثر من منحى.
وكتب كثيرون بعد ذلك منتقدين الداعية النجم الذي صارت محاضراته بتذاكر مدفوعة الأجر، واتهمه آخرون بالخلط بين الآيات والأحاديث، وأنه لا يحفظ القرآن ويخطئ كثيرا فيما يقرؤه غيباً، وقيل مؤخراً إنه رفع أجره للمقابلات التلفزيونية إلى 500 دولار للساعة، ثم جاءت لاحقاً المفاجأة غير المفهومة بالإعلان الترويجي لبرنامجه (دعوة للتعايش) والذي اختار لوضع مقدمته الموسيقية الفنان تامر حسني!
كثيرون تساءلوا حينها: التعايش مع من؟ والاجتهادات كادت كلها تلتقي على إجابة واحدة!
شاء عمرو خالد، عن غير قصد ربما، أن يؤكدها بشكل واضح وسافر، حين قال في اتصال هاتفي من الولايات المتحدة في أواخر نيسان (ابريل) العام 2007، مع برنامج "القاهرة اليوم" أن تكريمه من قبل مجلة "تايم الأميركية" ضمن أكثر مائة شخصية مؤثرة في العالم جاء بسبب زيارته للدانمارك!
وأضاف خالد (إن اليهود من أحفاد ضحايا الهولوكست يمارسون هولوكست جديداً ضد الفلسطينيين، وكأنما يحاولون تفريغ شحنات الغضب التي تولدت لديهم!)... وكأن ما ينقصه أن يضيف: وهذا مُتفهم إلى حد ما!!
ومؤخرا وصفت الإذاعة الوطنية العامة فى أميركا، خالد، بأنه "دكتور فيل العرب"، ودافعت الإذاعة عن الدعاة المودرن، الذين قالت إنهم "يتعرضون للمضايقات في بلادهم، لأنهم يتصدون لمهمة عظيمة ويقدمون طرحا جديدا يتجاهل الصدام الموروث بين المسلمين والحضارة الغربية ويضيّق الفجوة "... ولم تقل يضيّقها على حساب من!!
أما خالد نفسه، فقال للإذاعة "رسالتي واضحة جداً، وهي أن أقوم بتطورات فى هذه المنطقة وكل الشرق الأوسط، من خلال الشباب والنساء؛ لأنني أؤمن بأن الشباب والنساء في هذه المنطقة يمكنهم القيام بدور كبير جداً لتغيير الصورة السيئة جداً للأسف عن البلاد العربية!"
... يبدو مشروع "التطورات" الذي يتبناه عمرو خالد ملتبساً، ومثيراً للكثير من الأسئلة، وتحديداً حين يُكرّم من الأميركيين ويوصف بأنه (يتصدى لمهمة عظيمة)!!

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  إبراهيم جابر إبراهيم   جريدة الغد