الكراهية أخت المحبة، أو ابنتها.
وما يجمعُ الناس هو ما يفرّقهم لاحقاً!
ثمة حبٌّ هائل؛ يكفي أحياناً ليصنعَ عدوّين.. أو يحيل واحداً من عاشقين الى قاتلٍ محترف، وآخر إلى قتيلٍ ليس بوسعه أبداً أن يموت تماماً!
لا تكفي يد القاتل المدرّبة، دون نواياه،.. لذلك لا يموت المعشوق حين نُرديه ونحن نُصلّي لأجل نجاته!
وليس كما راج بين العامّة أن القتل يحتاجُ شجاعةً فائقة.. فالحبُّ هو الذي تلزمهُ القوة والبأس؛ لأن القتل أمرٌ مدهشٌ لكنّه غير مُكلف، يجلبُ الراحة، من الخصم، ويترك القاتل منتصراً يلوّحُ بكفّيه في الفراغ ببلاهة. والذين خَبِروا الحياة، وقلّبوها بين أيديهم، هم وحدهم يهزّون رؤوسهم بازدراء ويعرفون: لا متعة أبداً، من أي نوع، أن تعيش في غاية السعادة!
لكن السعادة أن تعيش على حافّة الجريمة التي تظلُّ تفكّرُ كل ليلةٍ بكُلفتها؛ وهي، أيضاً، العيش مع خصمٍ ضروريٍّ، والحبُّ هو تلك الالتماعة النادرة في عين القتيل الذي لن تقتله أبداً!
الرفاه في القلق، في الرِجل التي تُقدّمها حين عليكَ أن تؤخر رِجليكَ الاثنتين، وفي الخطوة التي تذهبها وأنت ترى ظلالَ فكرةٍ ما مروّعةٍ تتبعُك!
الحبُّ السعيد؛ الذي يشبهُ طفلاً يتنطّطُ في بِركةِ ماء مُعقّم ومُلوّنٍ بالأزرق، ينفعُ الكسالى وموظفي الحكومة وربّات البيوت في الرابعة والستين من أعمارهن، أما الحب الذي يترقرق في العين حين تقرأ الشِعر أو تدهمُكَ الموسيقا فهو حبٌّ مرنّغٌ بالتوتّر، لا يتوخّى الهناء، ولا تغويه السلامة، ويظلُّ مُهدّداً كمغامر يتزلج على الماء فوق أعالي الماء، ينخزُ البحر من خاصرته كفارسٍ ينخزُ حِصانه!
ويظلُّ يشعرُ بالخجل كلما وصل سالماً!
في الحبّ لا يصيرُ الحبُ موعداً؛ لكنه مقدسٌّ مثل ساعة الأذان!
ولا ينفعُ الهواء المعلّبُ، أو بقايا الحب على طرف الطاولة منذ الليلة الماضية، أو بضع كلمات عالقات على سماعة الهاتف.
كما أنه في الحبّ لا جدوى من فكرة الرسائل القصيرة؛ فهي مثلما قلتُ لكِ مرةً: لا تبلّل الروح إلا بقدر جرعةِ ماء سريعةٍ من عند الحلّاق!
في العلاقة ارتواء ولو مؤقت، قناعةٌ ساذجةٌ لا تليق بالعاشق الجَسور، وتهذيبٌ وعقلانيّةٌ وقليلٌ أو كثيرٌ من الاحتكام للعقل وللمصلحة العليا؛ كما يفعل السياسيون!
في الحبّ قفزٌ بالمظلّات دون اكتراث بالأرض الشائكة، كما يفعل الفدائيون!
في الحبّ انهماكٌ دؤوبٌ بالبحث عما هو مدهشٌ وحيويٌ، واحتفالٌ صاخبٌ على مدار الوقت يدخل طرف الليل بأطراف النهار!
لا يليق بالحبّ أن يكون مدروساً وأن يوضع على طاولةٍ مستديرةٍ للنقاش، وأن تُعدّ له دراسة جدوى!
الحبّ اندفاعٌ أحمق ولذيذ، مثل صعود الجبل لرجلٍ لم يمارس الرياضة من قبل، متعبٌ لكنه يخلخل عضلات القلب الكسولة، ويرشّ ماء على وسادة الذي نام وحيداً.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة إبراهيم جابر إبراهيم جريدة الغد