بالرغم من اقامة العديد من المشاريع الإسكانية من الحكومة والقطاع الخاص الا أن القطاع التعاوني لم ينل الاهتمام اللازم من الحكومة، وان المنظمة التعاونية الاردنية يقع على عاتقها في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة مسؤوليات جسيمة اكثر من اي وقت مضى نظرا للارتفاع الهائل في اسعار المساكن، ومختلف السلع الاستهلاكية.

لقد كان للجمعيات الاسكانية التعاونية في الماضي الدور الكبير في تغطية الحاجة السكنية لمختلف شرائح المجتمع، وتحققت مشاريع كثيرة سواء في القوات المسلحة ووزارة التربية والتعليم والقضاة والصحفيين، والجمارك، والصيادلة والاطباء، وحتى المغتربين، لكن مثل هذه الجمعيات بدأت تتقلص، ويخبو نشاطها.

لكن العجز ما زال قائما في الجمعيات الاسكانية التعاونية للقطاع الخاص بحيث تشمل المواطنين العاديين على غرار الجمعيات الاسكانية في دول عربية اخرى.

بعض هذه الجمعيات منيت بالفشل، وتم التصرف بأموالها من قبل المسؤولين عنها، وذلك بسبب غياب الرقابة المؤسسية من المنظمة التعاونية الاردنية، لكن الامر يستحق اهتماما اكبر ووضع التشريعات اللازمة، والرقابة الصارمة التي تتيح نجاح المشاريع في الجمعيات التعاونية الاسكانية.

لا بد للدولة من تقديم كل التسهيلات اللازمة من حيث توفير التمويل والقروض لهذه الجمعيات الاسكانية، وان تساهم وزارة البلديات وفي كافة انحاء المملكة بتوفير قطع الاراضي بأسعار مناسبة اذا كانت من الاراضي الاميرية، او تابعة للبلديات، لانها تقع ضمن مشاريع المنفعة العامة وألا تزيد مساحة الشقة عن 120 - 150مترا مربعا حتى يستفيد منها اكبر عدد ممكن من المواطنين من ذوي الدخل المحدود والمتدني.

وقد يكون من المناسب ان تتدخل الجمعية العلمية الملكية ومؤسسة الاسكان والتطوير الحضري في إبداء النصح والارشاد في إقامة المساكن رخيصة التكاليف، حيث يؤكد أحد خبراء الاسكان في الاردن، ان كلفة البناء بالطرق التقليدية اصبحت مرتفعة، وأن هناك أساليب كثيرة من شأنها تخفيض الكلفة وفي مقدمتها صب الخرسانة بواسطة المضخات، مع إمكانية اجراء التمديدات الصحية والكهربائية اثناء تركيب الطوبار داخل الجدران قبل عملية الصب، وذلك لتوفير كثير من الوقت، واستعمال القطع مسبقة الصنع للجدران والاسقف من الخرسانة المسلحة التي تصب من الداخل والخارج، وبين الطبقتين طبقة عازلة وامكانية استعمال واجهات وأسقف من البلاطات مسبقة الصب من الخرسانة المسلحة ضمن قوالب حديدية.

ان التطور العمراني الذي يشهده الاردن والدول العربية الاخرى يؤكد ان هناك العديد من الطرق والوسائل التي من شأنها تخفيض كلفة البناء، واستعمال المواد الموجودة في البيئة المجاورة، اذ ان الاستمرار في إقامة المساكن وفق الطرق التقليدية، واستعمال الحجر فقط، سيبقي التكلفة عالية لان ذلك يعتمد على الايدي العاملة المرتفعة التكاليف.

وفي الاطار التشريعي لا بد من إيجاد الضمانات اللازمة لإقامة صناديق للادخار السكني وبإشراف من الحكومة، وفي مقدمتها المنظمة التعاونية، ولا بد من إيجاد الوسيلة المناسبة لشراء الاراضي مسبقا وبأسعار معقولة وبيعها بسعر التكلفة اذ لو ان هناك مثل هذه الاراضي ولغايات الاسكان في القطاع الخاص متوفرة منذ خمس سنوات لكانت تكاليف البناء معقولة، ولو وفرنا الاراضي اللازمة منذ الان لإقامة مشاريع اسكانية عليها في المستقبل لكان بالامكان توفير السكن المناسب للمواطن وبالسعر المعقول.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   أحمد جميل شاكر   جريدة الدستور