ليالٍ بالجـوى تأتـي حبالـى = يكاد الشـوق يورثنـي خبـالا
أذوب ممزق الأوصال وجـدًا =أسائل من جفا بطـرًا وصـالا
أكابر والاسـى يجتـاح قلبـي =وأُتعب ليلتي الضمأى ابتهـالا
ضمورٌ في الفؤاد، وبعض نبضٍ =وشمـسٌ للحيـاة دنـت زوالا
عيون الناس ترمقنـي كانـي =مخلّصها ، و ترقبنـي ذُبالـى
وبحر الشعـر يرفدنـي بمـدٍّ =من الكلمات تدهمنـي عُجالـى
ولستُ بناكصٍ عن ذاك عهدي = أكـون لآملـي عمًـا وخـالا
عصاني الشعر حتى قلت: مالا=وصار قريضه أملاً محالا
سألت الحرف قافيةً بلامً =فأعطاني من الكلمات دالا
وراودت القصيدة والقوافي=فساقت مثل صاحبتي الدلالا
كأني لم أعد في الشعر شيخًا=وصار الحرف هرجًا وابتذالا
أسائلُ من لهم في القلب صوت=فيرجع لي صدى صوتي سؤالا
أنا النزّال في طلب المعالي=فكيف أهاب في الشعر النزالا؟
إذا قيل التفاخر، قيل "مكي"=فشدوا صوب دوحته الرحالا
هو الفحل الذي حكم القوافي=فكل القول يصمت حين قالا
وملهمتي تغض الطرف عني=إذا ما جئت أسألها وصالا
فأدلف حاملا قلبي بكفي=أسائلها التلطف والنوالا
وأدري أن مهر الوصل حرفٌ=أبى إذ أرتجي منه امتثالا
ألا يا حرفُ لا تبخل..، أعنّي=فإن الناس تسألني سجالا
وعيبٌ أن يشيح الحرف عنا=وقد كنا نشاركه الجمالا
فيا من شعركم ألقى الرواسي =وصال بروعةٍ فينا وجالا
تواضع في شموخكمُ قصيدي=ومنكم ينهل الصفو الزلالا
ولا أدري إذا ما تهتُ فخرًا =حرامًا كان أم فخرًا حلالا
فمعذرةً ولست لكم بندٍّ=ليغفر ذنبنا الباري تعالى
وقسطنطين يشعلها اشتعالا=كأن هجومه في الغزو صالا
قصيدك يا فصيح بليغ حرفٍ=ولكن لا تحوله اقتتالا
ومهلاً إن عزمت على سجالٍ=فحرفًا للتسابق لا نصالا
ألم تلمح لإنسانٍ ظلالا؟=فمن ذا كان يوقدها انفعالا؟
وما دخل العوانس في سجالٍ؟=رأيت سراته قممًا رجالا؟
تذللُ في أكفهم القوافي=وتخضع عند بابهمُ امتثالا
لدينا - يا فصيحُ- الشعر عبدٌ=نسخره لما شئنا اشتغالا
وبئرٌ ماؤه لمن ابتغاهُ=ببيد القهر ينهله زلالا
ولن تلقى له في الأرض ندًا=ولو أوهمتَ أن له مثالا
جنوبٌ ريح رائقةُ القوافي=وظن البعض مطلعها شمالا
من الأرض التي ما انفك شعرٌ=يطيب بزرع فتيتها غلالا
بنو تلك البقاع تحار فيهم=قوافي الخلق تمتدح الخلالا
شبابٌ ينثرون الحرف درًا=فتنتظم القلائد إذ تلالا
عراقيون معدنهم أصيلٌ=ومن مصر التي تأبى النوالا
ومن عمّان سيدة القوافي=ومن حلب التي اشتهرت مقالا
فيا شعر العروبة دمتَ شمسًا=على أصقاعنا تأبى الزوالا
ومسك ختامها يا صحب عذرًا=إذا ما شط شعري أو أطالا
فعندي الشعرُ مصطرعٌ جَموحٌ=أبى أن يرتضي أبدًا هزالا
بربك لا تغب وتعال عندي=إذا ما شئتَ نقلبها احتفالا
فنؤنس من لهم في الشعر ذوقٌ=ونوقد نارها فترى الد ِلالا
على نيرانها تمتاز غيظًا=ويطرب عاشقٌ نال الوصالا
أناشد إخوتي عذرًا فإني=مللت الشعر مني حين طالا
وعدت لدوحة الأحزان أرجو=جوابًا ، فالحياة غدت سؤالا
ومل الناسُ مني هطل مزنٍ=فما عادوا يحبون المقالا

المراجع

المعهد العربي للبحوث والدراسات

التصانيف

عقيدة