لا اعتقد ان وزارة تطوير القطاع العام ومن قبلها وزارة التنمية لادارية قد ساهمتها في تطوير العمل الاداري في معظم الوزرات والدوائر الحكومية والمؤسسات العامة، او حتى تبسيط المعاملات المواطنين باعتبار المواطن من اكبر المساهمين في دعم موازنة الدولة والالتزام بدفع رواتب الموظفين.
لا ننكر ان خطوات ايجابية انجزت في بعض دوائر الخدمات وفي مقدمتها دائرة الجوزات العامة، والاحوال المدنية، والترخيص على سبيل المثال.
لم يعد المواطن مضطرا لقضاء عدة ايام في استخراج جواز السفر حيث اذكر قبل ثلاثين عاما، وعندما كانت دائرة الجوازات العامة في منطقة العبدلي ان المواطن كان يقضي ليلة كاملة لانتظار دوره في الصباح حيث توزع الارقام على المراجعين وظهرت عندها تجارة الارقام والتي وصلت الى عشرين دينارا، وكان دخل الموظف لا يزيد عن مئة دينار في احسن الاحوال، الى ان بدات الدائرة ومنذ سنوات تنجز اية معاملة خلال ساعات على الاكثر، في حين ان دائرة الترخيص والسواقين حققت انجازات في تسهيل معاملات المواطنين الذي لم يعد يبحث عن واسطة او الوقوف على باب المدير او مساعده لانجاز معاملته وان الاجراءات التي اتخذت ساهمت في تبسيط هذه المعاملات وان الحصول على الرخصة او تجديدها اصبحت في غاية السهولة.
بالطبع هناك دوائر اخرى ادخلت تحديثات على اعمالها وانظمتها بهدف تبسيط كل المعاملات للمواطنين، لكن هناك العديد من المؤسسات والدوائر التي ما زالت تعيش في الماضي وعقدة المركزية.
احد المواطنين بعث الينا شاكيا تعقيدات العديد من دوائر الخدمات، وقال انه وصل الى البلاد في اجازة تستغرق عدة ايام لشراء شقة، حيث يعمل في احدى الدول الخليجية. يقول في رسالته، ان الالم يعتصرني بعد ان ذهبت انا وصاحب الشقة التي انوي شراءها الى مديرية المنطقة التابعة لامانة عمان لنجد ان جزءا من هذه المعاملات يجب ان يتم في المبنى الرئيسي لامانة عمان، حيث هناك مديريات مستقلة، ولكل مسؤول او مسؤولة مدير مكتب، ولمدير المكتب سكرتيرة، وان رحلة العذاب تبدأ من الروتين المقيت وضياع بعض المعاملات، وتسجيلها في ديوان كل مديرية، وان احدا لا يفيدك, بالخطوة الاخرى المطلوب انجازها، وتعود الى مديرية النمطقة بعد ان تكون قد دفعت ما عليك من عوائد لتصاب بصدمة اخرى.. وهي ان موظف امانة عمان نسي ختم نموذج البيع وعليك العودة اليه، لتجد ان الدوام قد انتهى وان المعاملة تتطلب تسديد رسوم اخرى قد لا تزيد عن عدة دنانير لكن الصندوق يكون مغلقا.
ولدى الوصول الى مديرية تسجيل الاراضي المعنية تعيش اياما صعبة، اذ يطلب منك العودة مرة اخرى الى مديرية المنطقة التابعة للامانة، لاستكمال بعض الاجراءات، وضرورة مراجعة دائرة الاراضي في جبل اللويبدة، اذا ما كانت هناك مطالبة من دائرة ضريبة الدخل، فتبرز للموظف ما يثبت انك تحمل براءة الذمة، فيكون الجواب بان ذلك من اختصاص المديرية وهناك تصاب بصدمة اخرى حيث يطلب منك ان تراجع المستودع للحصول على نص الكتاب المرسل من الضريبة منذ سنوات وبعد جهد جهيد يقول لك الموظف اسف لم اجد هذا الكتاب فتبرز له نسخة منه، فيقول لك انه يجب تجديده، فتذهب الى مكتب ضريبة الدخل في منطقتك، لتجد انك مضطر للعودة مرة اخرى الى دائرة الاراضي، لتنتظر دورا طويلا لاصدار سند تسجيل جديد، او مخطط موقع، وعند دفع الرسوم الاولية تجد ان الصندوق قد اغلق، وان امين الصندوق حمل «الغلة» وذهب بها الى البنك، ليتم العودة في اليوم التالي ولتكون المفاجاة ان المعاملة تتطلب ذهاب احد المساحين في الدائرة الى الشقة لتقدير سعرها وان التقدير الذي يحضره المواطن من مكتب مساحين مرخص غير معترف به في دائرة الاراضي ويتم احيانا زيادة السعر عشوائيا ومزاجيا ولو كان البيت قديما، او بحاجة الى صيانة او ان البيت في الطابق الرابع وبدون مصعد.
اننا نطالب وزارة تطوير القطاع العام والتي انجزت برنامجا واحدا لاعادة هيكلة القطاع العام تم توجيه النقد الحاد له، مما دفع رئيس الوزراء الى تجميده، ان تركز على دراسة اوضاع دوائر ومؤسسات ووزارات الخدمات، وتعمل على تبسيط معاملات المواطنين وضمان سرعة انجازها دون تعقيد، والاهم من ذلك ان تتخلى امانة عمان عن معظم صلاحياتها الى مدراء المناطق في الامانة، والتي نزعت منهم خلال السنوات الماضية حتى ان مدير المنطقة، لا يستطيع أن يستبدل لمبة في شارع، او يتقاضى بعض انواع الرسوم على المواطنين الا ان عن طريق مخاطبة المسؤولين في الامانة وهذا ما يتنافى مع توجهات الحكومة للحد من المركزية.
وبهذه المناسبة فإننا نتساءل عن مشروع الحكومة الألكترونية والذي تأخر كثيرا عن موعده، والذي يوفر الكثير من الجهد والمال على المواطن والموظف على حد سواء.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة أحمد جميل شاكر جريدة الدستور