من غير المعقول أن يصل المزاج العام في أنحاء المملكة إلى هذا الحد، وأن يلجأ المواطن إلى الشارع والطريق لإغلاقه، أو أنه يستغل كل هذه الأجواء الديمقراطية بطريقته التي لا يمكن إقرارها، أو القبول فيها.

لا ننكر أن هناك قرارات مرتجلة عززت مواقف أصحاب الأصوات المرتفعة، أو الذين يلجأون إلى الشارع، ويغلقون الطرق بوجه السيارات ويعطلون مصالح المواطنين، وتم الاستجابة لمطالبهم الأمر الذي دفع الآخرين في مناطق أخرى لنهج نفس الأسلوب، وهذا أمر لا يمكن القبول به، وأنه لو كانت هناك مسطرة واحدة، وتعليمات مطبقة على الجميع ودون استثناء لما حصل ما حصل.

من حق وزير الصحة الذي نعرف مدى انتمائه وتفانيه في العمل وخدماته الجليلة في كل المواقع التي أشغلها والتي كان آخرها منصب مدير الخدمات الطبية الملكية أن يجري تنقلات وتشكيلات بين الأطباء والعاملين في وزارته، وأن للوزير مبرراته المنطلقة من المصلحة العامة في ذلك، ولا بد من ضخ دماء جديدة من أجل مصلحة المريض.

لو أن أحداً سأل الأجيال السابقة من الموظفين، كيف كان أحدهم ينتقل من مدينة السلط إلى مدينة نابلس في الضفة الغربية، أو من عمان إلى الكرك، أو من إربد إلى العقبة، ويلتزم بذلك حتى دون أي تذمر.

وزير الصحة يؤكد بأن التنقلات التي أجراها مؤخراً، والتي ستتبعها تشكيلات أخرى نابعة من الحرص على توفير المدير الذي يلبي حاجات المواطنين ويراعي صحتهم، إضافةً إلى تحسين الخدمة، والوضع الصحي لمديريات الصحة.

حتى الآن ما زالت الشكاوى مستمرة من تراجع الخدمات في المستشفيات والمراكز الصحية وأن التعامل بمزاجية من بعض الأطباء والإداريين مع المواطنين هو الذي يدفعهم في أحيان كثيرة للاعتصام على باب مستشفى، أو اللجوء إلى شخص الوزير أو النواب، أو حتى رئاسة الوزراء.

لا نريد القول أن تشكيلات مدراء الصحة ومدراء المستشفيات ومديريهم والأطباء الأخيرة جاءت بمنتهى الدقة، لكنها جاءت مراعيةً للأمور القانونية، ومدروسة إدارياً، وأن أية تنقلات لن تكون في معظم الأحيان ملبية لرغبة الجميع، لكن من حق الأوائل الذين حصلوا على الاعتمادية في وزارة الصحة من أخذ الفرصة الكافية لممارسة حقهم واختبار كفاءتهم.

آن الأوان لأن نعيد النظر بكل تصرفاتنا، وقراراتنا سواء من مسؤولين أو مواطنين، وأن تكون نابعة من مصلحة الوطن والمواطن، بعيدة عن الفردية والأنانية والمصلحة الضيقة.

فنحن في ظروف أحوج ما نكون فيها لتصفية النفوس وإزالة كل أسباب الاحتقانات، وأن نلجأ لكل الوسائل الديمقراطية المتاحة للوصول إلى أهدافنا وان الجميع سيكون خاسراً بمحاولة تحقيق ما يريده كل واحد منا عبر الصوت العالي أو الممارسات غير المسؤولة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   أحمد جميل شاكر   جريدة الدستور