كنا نتوقع أن تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة لإنعاش القطاع التعاوني، خاصة في ظل هذه الأوضاع الإفتصادية الصعبة، لكن التراجع الذي يشهده قطاع التعاونيات، يؤكد ان هذه التجربة التي اثبتت نجاحاً على مدار عقود ماضية قد بدأت تشكل عبئاً، وان الأمر يتطلب اعادة النظر بواقع المؤسسة التعاونية الاردنية اما بدعمها، ووضع التشريعات الجديدة الملائمة، او الاعلان عن حلها، او الحاقها مباشرة باحدى الوزارات، او حتى مؤسسة الاقراض الزراعي او الاتحاد العام للجمعيات الخيرية.
ليس العبرة بعدد الجمعيات التعاونية، وعدد المنتسبين اليها، لكن العبرة بالخدمات التي تقدم لأعضائها، حيث تعلن ادارة المؤسسة ان اكثر من اربعين بالمئة من هذه الجمعيات متعثرة وتعاني من مشكلات مالية ومديونية وادارة مختلفة.
لقد كانت الجمعيات التعاونية في وقت من الأوقات تقوم باستلام الآلاف من تنكات الزيت والجبنة وبأسعار معقولة، وبذلك تكون قد خدمت المزارع وأنقذته من الوقوع فريسة بين السماسرة والتجار، حيث كانت تنكة زيت الزيتون تباع في الاسواق بأكثر من 50 - 60 بالمئة من السعر الذي يتقاضاه المزارع من التاجر.
كنا نحلم بأن تتابع المؤسسة التعاونية الاردنية بكل دقة ما تقوم به الجمعيات التعاونية وتكون رقيباً عليها وعلى كل نشاطاتها، لكننا أصبنا بخيبة أمل من وجود جمعيات تعاونية قامت على النصب والاحتيال، اوانها أكلت رأسمالها وخسرت كل ما لديها، وبالتالي دفع المواطن الثمن.
كنا نتمنى ان تعزز المؤسسة التعاونية ثقافة التعاون في المدرسة والجامعة والحي وتنشط لترسيخها في كل بنك او شركة او مؤسسة، او وزارة لكن العمل التعاوني في تراجع مستمر.
كنا نتمنى ان يكون للمؤسسة الدور البارز في تأسيس جمعيات تعاونية في المناطق النائية لمربي المواشي على سبيل المثال، واقامة مشاريع لزراعة المواد العلفية، وان تدخل التكنولوجيا في اقامة صناعات من منتجات الألبان بدلاً من الطرق اليدوية.
كنا نتمنى ان تبادر المؤسسة التعاونية والتي استغلت من قبل بعض اداراتها بضخ اعداد كبيرة من الموظفين والعاملين فيها ان تقوم بمشاريع انتاجية تعود على المزارع والمواطن والموظف بالفائدة، وان تنفيذ بعض هذه المشاريع الانتاجية يعود على المزارع والمواطن والموظف بالفائدة، وان تنفيذ بعض هذه المشاريع المجدية لا ينتظر التأخير وخاصة ما يتعلق باستغلال مادتي جفت الزيتون وتفل البندورة حيث يقال ان خلط هاتين المادتين يوفر الاعلاف لما نسبته 28 بالمئة من المواشي وعشرة بالمئة لغايات التسمين.
المؤسسة التعاونية، لا يمكنها ان تعمل الا اذا كانت هناك نوايا حقيقية في انعاش واعادة النظر بالتشريعات التي تعمل من خلالها، وتشجيع اقامة التعاونيات وتسليط الأضواء على الناجح منها لتكون نموذجاً للاخرين.
لقد كانت جمعيات الاسكان التعاونية في الستينات والسبعينات من القرن الماضي انجح من الجمعيات التي تقام حالياً، لأن المنظمة التعاونية في ذلك الوقت كانت تطبق أهدافها بكل الوسائل المتاحة اليها، وكانت الثقة بها، وبالجمعيات التي تقام عالية، حتى ان المنظمة كانت تقوم بحماية الأعضاء المنتسبين لأية جمعية وتدق ناقوس الخطر قبل وقوعه، وتتابع أعمال هذه الجمعيات صغيرها.. قبل كبيرها.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة أحمد جميل شاكر جريدة الدستور