لقد حان الوقت الآن لمعالجة تلك العادات التي تحتاج إلى التغيير. تمعّن جيداً في دفتر يوميتك لمعرفة الأسباب التي تدفعك إلى الأكل. وثمة مكان جيد للانطلاق منه وهو التلميحات أو الأشياء التي تدفعك إلى الأكل. وإذا كشفت مفكرتك أنك تأكل أساساً بسبب الجوع، يعني ذلك أنك حصلت على موطن قوة للاستناد إليه. لكن إذا لاحظت أنك تأكل كلما كنت سعيداً أو محبطاً أو غاضباً أو كلما مررت أمام الفرن أو آلة البيع أو كلما قدم لك أحدهم الطعام، يتوجب عليك إذاً العمل على ضبط الحوافز.
وقد أصبحت بعض الحالات أو الأماكن مرتبطة بالأكل في دماغك. لذا، عند التواجد في مثل هذه الحالات أو الأماكن، تجد أنك تأكل بصورة تلقائية. فعلى سبيل المثال، إذا وجدت نفسك دوماً تأكل كيساً من رقاقات البطاطا حين تشاهد نشرة الأخبار، تكون إذاً مشاهدة الأخبار مرتبطة بأكل رقاقات البطاطا.
ما الذي تستطيع فعله في هذا الشأن؟ عليك تعطيل الصلة القائمة بين ما يدفعك إلى الأكل وردَّة فعلك تجاهه. وحسب الحوافز التي تدفعك إلى الأكل، يمكنك إجراء ضبط للحوافز من خلال عدد من الاستراتيجيات.
شروط الأكل
تناول الطعام دوماً بيقظة. إنتبه إلى ما تضعه في فمك وكن واعياً لكل قضمة. ولتحقيق ذلك، لا يجدر بك إنجاز أي شيء آخر في الوقت نفسه. لا تقرأ. لا تشاهد التلفزيون. تناول فقط. تذوّق طعامك. أشعر فعلاً بمذاقه ورائحته وتركيبته. وتذكر أنه يفترض بالأكل أن يمنحك السرور وليس فقط تزويد جسمك بالوقود.
إذا كنت تناولت الجزء الأفضل من علبة الآيس كريم من دون أن تدرك حتى أنك تأكل، لا ريب أنك تعرف ماذا يعني الأكل من دون إدراك. ما من شيء ممتع في الأمر وقد تشعر بالارتباك بعد ذلك. أما الأكل المصحوب بالإدراك فيتطلّب بعض التمرّس، لكنه يستحق عناء الجهد المبذول. فعندئذ، لن تستمتع فقط بطعامك وإنما ستشعر أيضاً بالشبع بمجرّد تناول القليل.
الوقت هو الأساس
إذا كشفت مفكرة طعامك أنك تأكل مرات عدة خلال اليوم، يمكن إذاً لوجود جدول زمني أن يمنحك بعض السيطرة على الأمر. لكن ذلك لا يعني ضرورة تناول وجبات الطعام الثلاث الرئيسية. في الواقع، يمكنك ابتكار جدولك الخاص، أي الجدول الذي يتيح لك الأكل حين تكون جائعاً. ويمكنك إضفاء بعض المرونة على هذا الجدول من خلال تحديد أطر زمنية، مثل تناول الفطور بين السابعة والسابعة والنصف صباحاً، بدل التمسك بمواعيد ثابتة وصارمة.
وقد تجد أن تناول ثلاث وجبات رئيسية ووجبتين خفيفتين خلال النهار ملائم فعلاً لك. وقد يكون تناول ست وجبات صغيرة ملائماً أكثر لأسلوب عيشك. لكن الشيء المهم هو تحديد جدول مواعيد والالتزام به. (لكن لا تحاول البقاء أكثر من 4 أو 5 ساعات متتالية من دون أكل وإلا تصبح شديد التوق إلى الطعام). وإذا وجدت نفسك جائعاً قبل 20 دقيقة تقريباً من الموعد المحدد للوجبة الخفيفة، حدد بنفسك ما إذا كنت تستطيع الانتظار قليلاً. أو ربما قد لا تكون جائعاً إطلاقاً عندما يحين الموعد المحدد لتناول الطعام. إذا كنت لا تستطيع الانتظار، تناول على الأقل وجبة خفيفة صحية قبل الشروع في وجبتك.
التصميم
صمم قبل يوم واحد على الأقل ما تريد تناوله في اليوم التالي. والواقع أن ما تأكله مرتبط بعدد الوحدات الحرارية التي رأيت أنك تحتاج إليها للتخلص من الوزن وبرنامج الأكل الذي تتبعه. لكن التصميم المسبق وتوافر المكونات اللازمة بين يديك يساعدك على عدم التهام قطعة بيتزا باقية حين تصل جائعاً إلى المنزل في وقت العشاء.
وبالطريقة نفسها، يمكن لتوضيب الغداء أو الوجبات الخفيفة أو حتى الفطور، لأخذه معك إلى العمل أن يحول دون اعتمادك على آلة البيع غير الصحية أو الوجبات السريعة واتخاذ خيارات متهورة في انتقاء الطعام. قد يبدو هذا الأمر مستنفداً للوقت، لكن بعد أن تعتاد على توضيب الطعام في الأكياس، قد تجد أن هذه العملية موفرة للوقت إذ لا يتوجب عليك البحث عن الطعام خلال النهار.
ولا ريب أن أفضل التصاميم قد تخفق في بعض الأحيان. لكن ثمة قاعدة ذهبية في الاستعداد ألا وهي الاحتفاظ دوماً بشيء صحي لمضغه، مثل الفوشار القليل الدسم أو قطع الخضار أو الفاكهة. بهذه الطريقة، إذا حال موعد نهائي غير متوقع في دوام العمل دون تناولك الطعام خلال ساعة الغداء أو إذا وجدت نفسك على متن الطائرة خلال وقت العشاء (إنسَ أمر كيس الفول السوداني)، سوف تجد دوماً شيئاً صحياً لتناوله في حالة الطوارئ.
العثور على مكان
حين تأكل الطعام في المنزل، حدد مكاناً لذلك النشاط ومن الأفضل أن يكون مائدة الطعام. حضّر المائدة، حتى لو كنت تأكل لوحدك. إجعل الأمر ممتعاً قدر الإمكان. وتذكر ضرورة الانتباه إلى طعامك وعدم القيام بأي شيء آخر اثناء الأكل. هكذا، عند تناول الطعام في مكان واحد، يمكنك ربط هذا المكان وهذا المكان فقط بالأكل. وإذا لم تأكل أبداً أثناء الجلوس في الكرسي الهزاز أمام شاشة التلفزيون، لا يحتمل أن تشعر بتوق مفاجئ إلى فطيرة الكرز أثناء الجلوس في الكرسي الهزاز أو تشغيل جهاز التلفزيون. نعم، الأمر بهذه البساطة. وبهذه الصعوبة أيضاً. عليك قطع الروابط التي تقيدك.
منع الطعام التافه
قد تخدع نفسك بالاعتقاد أن كيس حبوب الفول السوداني المكسوة بالشوكولاته الذي وضعته للتو في عربة التسوق هو للأولاد. لكن بعد وصول الكيس إلى المنزل، هل تستطيع المقاومة؟ أنجز معروفاً لك ولأولادك. لا تحضر إلى المنزل الطعام الذي لا يسهم في صحة الجميع.
لكن هذا لا يعني الإقلاع تماماً عن الحلويات. فهناك الكثير من الأطعمة القادرة على إرضاء التوق إلى المذاق الحلو وتوفير المواد المغذية اللازمة في الوقت نفسه. وإذا كنت تملك الوقت الكافي، إبحث عن الوصفات التي تشدد على الأكل الصحي والقليل الدسم. كما يمكنك التسوق في المتاجر التي تقدم بدائل مغذية للوجبات السكرية القياسية الغنية بالدسم والمفتقدة إلى الألياف والتي تملأ رفوف السوبرماركت. لكن إحذر من المنتجات المطهوة القليلة الدسم والمنتجات الأخرى القليلة الدسم. فهي تحتوي في الغالب على العدد نفسه من الوحدات الحرارية أو حتى أكثر وعلى المزيد من السكر، مما تفعل المنتجات الأغنى دسماً.
وتذكر أنه فيما تتمرّن على العادات الجديدة للأكل، سوف يتغير ذوقك. فالأطعمة التي بدت فيما مضى شهية جداً قد تصبح حلوة جداً أو دهنية جداً. وفي الوقت نفسه، قد تكتشف أن الكوب المليء بثمار التوت مع القليل من القشدة الرائبة القليلة الدسم ورشَّةٌ من سكر القرفة هو فكرة جديدة بالغة الروعة.
التسوق حسب لائحة
يحول ذلك دون وضع ذلك الكيس من رقاقات البطاطا في عربة التسوق على نحو متهور أو من دون تفكير. كما أن هذه الطريقة تتماشى جيداً مع مبدأ التفكير المسبق. وبالإضافة إلى هذه المبادئ، لا تتسوق أبداً حين تكون جائعاً لأنك تميل حينها إلى التهام أي شيء يبدو شهياً، حتى لو بطريقة مبهمة. وأثناء عملية التسوق، إحرص على قراءة اللصائق. لا تفترض أن ذلك الشيء جيد لك لأنه قليل الدسم. تحقق من محتوى السكر وعدد الوحدات الحرارية والصوديوم. وإذا كان المنتج يحتوي على مواد كيميائية أكثر من الطعام الحقيقي، هل ترغب فعلاً في إدخاله إلى جسمك؟
بعيد عن النظر، بعيد عن القلب. إحفظ الطعام المغري حيث لا تستطيع مشاهدته، خصوصاً إذا كشفت مفكرة طعامك عن ميلك إلى الطعام بسبب التلميحات البصرية. ضع الطعام المغري في الجهة الخلفية للخزانة أو الثلاجة، حيث لا تشاهده عيناك كلما فتحت الباب.
أتركه، لا تحبه
حضّر نفسك لصدمة. مهما قال لك أهلك أثناء مرحلة نموك، إعلم أنك لست ملزماً بإنهاء الطعام في طبقك. فحتى لو سكبت الكمية التي تعتبرها منطقية لنفسك في الطبق، كيف تعرف قبل الشروع في الأكل مقدار الطعام الذي تحتاج إليه لإشباع جوعك؟ وإذا سكب أحدهم الطعام لك في طبقك، كيف يمكن لأي شخص في العالم أن يعرف مقدار الطعام الذي تحتاج إليه؟ تناول ببطء وتذوق كل قضمة وتوقف حين تشعر أنك شبع ولست متخماً.
وإذا كنت تنتمي إلى الفريق المشجع على إنهاء كامل الطبق، إبدأ بترك القليل من الطعام في كل وجبة لمجرد الإشارة إلى دماغك أنه لا بأس في ذلك. وحين تصبح أكثر مهارة في تحديد متى تكون جائعاً ومتى تكون شبعاً، يسهل عليك وضع مقدار أقل من الطعام في طبقك في المقام الأول وترك الطعام الذي لا تريده. وتذكر أن الأكل إلى درجة الشعور بالتخمة قد يثير فيك مشاعر الذنب والأفكار السلبية عن الذات بسبب فقدان السيطرة.
فقط بسبب الجوع
الأكل مريح فعلاً ولذلك يلجأ العديد من الأشخاص إلى الطعام فيما يرغبون فعلاً في شيء آخر. وقد يبدو الطعام شيئاً مهماً حين تكون تعباً أو عطشاناً، حين تكون وحيداً أو حزيناً، حين تكون غضباً أو محبطاً. لكن لسوء الحظ، لا يستطيع الأكل تلبية حاجاتك غير الجوع على نحو مرضٍ. كما أن تناول الطعام لأي سبب آخر سيدفعك حتماً لتزويد جسمك بوحدات حرارية أكثر مما تحتاج.
إذا كنت تتجاهل إشارات جوعك لفترة من الوقت وتتناول الطعام لأسباب أخرى، قد يتوجب عليك إذاً معرفة ماهية الجوع بالنسبة إليك. إمتنع عن تناول الطعام لبضع ساعات متتالية ولاحظ كيف تشعر. إذا كنت لا تشعر بالجوع، لا تحاول تهدئة نفسك بالطعام. إذا كنت تعباً، حاول الاستراحة أو التأمل. وإذا كنت عطشاناً، إشرب كوباً من الماء. إذا كنت قلقاً، أنجز بعض التنفس العميق أو استمتع بحمام دافئ أو حاول القيام بنزهة. توقف عن جعل الأكل الاستجابة لكل حاجاتك. وإذا كنت غير أكيد من جوعك، إنتظر 15 إلى 30 دقيقة إضافية ولاحظ كيف تشعر. إليك إرشاد في هذا الصدد: إذا لم تستطع تحديد ما الذي تريد أكله، ثمة احتمال كبير إذاً أنك لست جائعاً.
جمع الحشود
ثمة شيء لن تكشفه لك مفكرة طعامك ألا وهو كيفية الحصول على الدعم المفيد أثناء خوض عملية إنجاز التعديلات الضرورية للتوصل إلى الوزن الصحي. كن حذراً أثناء اختيار مصادر الدعم. نملك جميعاً مفكراتنا الخاصة، لكنها ليست واقعية على الدوام. لذا، لن يسعد كل من ينتمي إلى دائرة أصدقائك ومحبيك لتخلصك من الوزن الزائد. إختر الشخص أو الأشخاص الذين تعرف أنهم يريدون فعلاً الأفضل لك وسوف يشجعونك فعلاً.
وقد يكون الدعم المثالي متجسداً في شريك في عملية التخلص من الوزن الزائد، أي في شخص يحاول هو أيضاً التخلص من الوزن. أو قد يكون زوجتك أو زميلك أو صديقك. ويجد بعض الأشخاص راحة أكبر عند الحصول على الدعم المحترف، الآتي مثلاً من اختصاصي التغذية أو المدرّب الشخصي. ويحب أشخاص آخرون الدعم الجماعي الممكن الحصول عليه من مراكز متخصصة في هذا الشأن.
وهناك أيضاً الأشخاص الذين يحبون العمل لوحدهم ولا يرغبون في طلب مساعدة أي كان. إفعل ما يناسبك، لكن تذكر وجود طرق مختلفة لتلبية الحاجات المختلفة.
فكّر في تعديل السلوك
ويشتمل ذلك على درس العوامل المسببة للبدانة (سواء كان ذلك الأكل المفرط أو الافتقاد إلى النشاط الجسدي)، ومن ثم التخفيف من هذه العوامل أو تعديلها. وتشتمل مختلف مكوّنات برامج تعديل السلوك على المراقبة الذاتية (تسجيل تصرفاتك)، ضبط الحوافز (تقليص الظروف الخارجية)، وإدارة الطوارئ (مكافأة السلوك الملائم)، وتغيير معايير السلوك مباشرة (تغيير طريقة تصرفك)، وتعديل السلوك الإدراكي (تغيير طريقة تفكيرك).
لكن كيف ينطبق كل ذلك عليك؟ ثمة شرط أساسي في المراقبة الذاتية مثلاً وهو مراقبة كل شيء تأكله. فقد تبين أن الأشخاص الذين يحتفظون بسجلات غذائية هم أكثر نجاحاً في التخلص من الوزن والحفاظ على الوزن الجديد على المدى البعيد. وثمة برنامج لمعالجة السلوك اسمه “تعلم” يشتمل على ضبط أسلوب العيش، والتمارين الرياضية، والمواقف، والعلاقات والتغذية، وهو قادر على مساعدتك في تطبيق كل ذلك.
الخروج من الورطة
إذا كنت تتقيد بالاقتراحات لكنك لا تزال تجد نفسك عالقاً في الأنماط القديمة، عليك إذاً معرفة ما الذي يبقيك جامداً. نحن نعمل لإبقاء الأشياء على حالها. وإذا أحدثت خللاً في التوازن الذي أنشأته، من خلال التخلص من الوزن الزائد مثلاً، يميل ذلك التوازن إلى إصلاح نفسه والعودة إلى العمل كالمعتاد. ويعني ذلك استردادك في النهاية للوزن السابق والعودة إلى العادات التي سببت وزنك الزائد في المقام الأول. تقضي الحيلة إذاً بإحداث خلل في التوازن بحيث يولد توازن جديد أثناء عملية التصحيح.
والسبيل لفعل ذلك، حسب النظرية التي جرى تطويرها في جامعة هارفارد، هو تحدي افتراضاتك الكبيرة. وتتجلى هذه الافتراضات في الأشياء التي تظنها صحيحة لكنها في الواقع مجرد افتراضات اتخذتها بنفسك. في الواقع، ليس منظورك للأمور الحقيقة الفعلية. فإذا كنت تفترض أن العالم مسطح، لن تغامر أبداً بعيداً خشية السقوط.
لنقل مثلاً أنك تعتبر أنه حكم عليك بالوزن الزائد لأنك ولدت في عائلة يسيطر عليها الوزن الزائد. أو لأنك لم تمارس أبداً التمارين الرياضية المحترفة ولذلك لا تستطيع ربما الالتزام ببرنامج التمارين. لكن هذه الأمور مجرد افتراضات وليست حقائق. عليك التعرف إلى افتراضاتك ودراستها. إليك كيفية فعل ذلك:
● تعرّف أولاً إلى أحد افتراضاتك الكبيرة.
● خصص بعض الوقت للتفكير كيف يخدمك افتراضك. ما الذي يحدث أو لا يحدث حين تعتبر افتراضاتك بمثابة حقيقة لا ريب فيها؟ ما الذي يحدث حين تعترف أن الأمر مجرّد افتراض؟
● إحذر من أي شيء قد يشوّش افتراضك الكبير. فإذا كنت تظن أنك لا تستطيع التخلص من الوزن، لكنك تخلصت من ثم من 5 كيلوغرامات، كيف يؤثر ذلك في “حقيقتك”؟
● أدرس افتراضك جيداً. كم مضى وقت على وجوده؟ من أين أتى؟
● إفحص الافتراض بطرق آمنة.
وكما قلنا منذ البداية، يعني ذلك أنه يجدر بك إجراء التغييرات ببطء. إعتمد الخطوات الصغيرة. إستمع إلى نفسك أثناء خوض العملية. ما هي أفكارك ومشاعرك حين تكتشف أن افتراضك ليس حقيقة؟ هل تشعر بالارتياح؟ بالذعر؟ بالقلق؟ لا تتجاهل مشاعرك. تحدث بشأنها مع صديق أو مستشار. أكتب عنها في دفتر اليوميات. وبما أنها تتماشى مع كل الفوائد الرائعة للتوصل إلى الوزن الصحي والحفاظ عليه، قد تتعرض هي أيضاً لبعض العقبات.
وقد تكون العقبات كبيرة أو صغيرة. يمكن أن تتمثل العقبة الكبيرة في شعورك بالأمان نتيجة الوزن الزائد لأنه يحميك من الملاحظات الجنسية غير المرغوبة. أو أنك تستتر ربما وراء وزنك الزائد لأسباب أخرى. في هذه الحالة، عليك التحدث مع مستشار متخصص في المسائل النفسية المرتبطة بالوزن. وتذكر أنه يوجد حل لكل مشكلة.
الحرمان مرفوض
الواقع أن استمداد المتعة من أسلوب العيش الجديد ليس مجرد أمر مسلٍ. فهو أيضاً ضروري لنجاحك. فإذا كنت متساهلاً بشأن التغييرات التي أنجزتها، ثمة احتمال كبير ألا تدوم طويلاً. وإذا كنت تعتبر نفسك خاضعاً لحمية غذائية، يحتمل أن تتخلى عنها في النهاية وتنتهي بالعودة إلى حيث انطلقت.
فإذا أردت التوصل إلى الوزن الصحي والحفاظ عليه، عليك اعتبار التغييرات التي تخوضها أمراً إيجابياً. وعليك اجتياز التجارب السلبية بأسرع وقت ممكن. فالحرمان ليس ممتعاً. لذا، يجدر بك أخذ احتياجاتك في الحسبان وعدم اتباع البرنامج غير المرن المخصص لكل الاحتياجات.
لنقل مثلاً إنك تحب الآيس كريم الساخن. ها أنت الآن تغيّر عادات أكلك وتقول لنفسك إنك لن تتناول أياً منها. وفي أحد الأيام، تتوق إلى تناول واحدة. إلا أنك تبدأ بمضغ عيدان الجزر للتعويض عن ذلك التوق، رغم أن الأمر لا يجدي نفعاً. ثم تبدأ بالبحث عن بديل آخر. تجرّب اللبن الخالي من الدسم وتنتقل من ثم إلى الآيس كريم القشدي القليل الدسم الممزوج بشراب الشوكولاته وتنتهي بالتهام كيس من رقاقات الشوكولاته. ها قد سمحت لنفسك بالتهام مجموعة كبيرة ومنوعة من الأطعمة. ثمة احتمال كبير أن تشعر بالانتفاخ والذنب والأسوأ من ذلك أنك لا تزال ترغب في تناول الآيس كريم الساخن.
وقد لا يقودك الحرمان ربما إلى هذا النوع من الجوع. فقد يقودك ربما إلى الاستياء فقط. وتجد نفسك في النهاية وأنت تعيش لليوم الذي تتمكن فيه من تناول حلوياتك المفضلة مجدداً. متى يأتي ذلك اليوم؟ حين تتوقف عن الحمية الغذائية طبعاً. لكن هذا الأسلوب مرفوض.
ماذا يحدث إذا سمحت لنفسك بتناول بعض الأطعمة بين الحين والآخر، بدل حرمان نفسك منها بالكامل، شرط أخذها في الحسبان ضمن مأخوذك الإجمالي. ماذا يحدث إذا تناولت في تلك المناسبات أفضل أنواع الآيس كريم الساخن والتهمته ببطء وروية وتوقفت من ثم فور إرضاء توقك؟ قد تجد حينها أنك تحتاج فقط إلى بضعة قضمات عند تذوق حلوياتك المفضلة والانتباه جيداً إلى كل ملعقة تضعها في فمك.
هل يبدو ذلك مستحيلاً؟ جرّبه. ففي برنامج تعلم ضبط الوزن، أي البرنامج السلوكي الذي يستخدمه الأطباء مع المرضى الراغبين في التوصل إلى الوزن الصحي، يتحدث المؤلفان الدكتور كيلي د. برونيل والدكتور توماس أ. وادين، عن امرأة اسمها جيني اكتشفت أنها تستطيع الحصول على آيس كريمها المفضل والتهامه أيضاً.
كانت جيني تحب الآيس كريم وتتناول وعاءاً كاملاً كل ليلة. طُلب منها عدّ قضماتها والانتباه إلى المتعة التي تحصل عليها من كل قضمة. وجدت جيني أنها كانت تأكل 16 قضمة في الإجمال. كانت القضمات الأربع الأولى لذيذة ولم تنتبه كثيراً إلى القضمات العشر التالية، لكنها أعادت التركيز مجدداً على القضمات الأخيرة الباقية. وبفضل هذا الإدراك الجديد، اكتشفت جيني أنها تستطيع حذف القضمات العشر الوسطية. إنه أمر رائع. فبمجرّد الانتباه إلى نمط أكلها، استطاعت تخفيض أكثر من نصف كمية الدهن والوحدات الحرارية وزادت في الوقت نفسه من متعة تناول الطعام.
التركيز على الجانب الإيجابي
بدل التركيز على الأنواع التي لا تستطيع أكلها، ركّز على الأنواع التي يمكنك أكلها من خلال التعرف إلى النكهات الجديدة الممكن اكتشافها والتي تعزز صحتك. فإذا لم تكن من محبي الفاكهة في السابق، حاول إضافة أنواع مختلفة من الفاكهة إلى قوائم طعامك. أضف التوت إلى حبوب الصباح (جرب الأنواع المجلدة أو المجففة في حال عدم توافر الأنواع الطازجة). ماذا عن بعض شرائح المانجا أو الدراق على شريحة من الخبز المحمص مع زبدة الفول السوداني والعسل؟ أضف بعض شرائح المندرين والزبيب إلى السلطة.
تصفح كتب الطبخ ومجلات الطهو المخصصة للأكل الصحي. لا تملك الوقت الكافي للطهو؟ ليس هذا عذراً. فوصفات اليوم مصممة بحيث يتم تحضيرها بسرعة وسهولة. لا بل إن العديد من كتب الطبخ تذكر الآن مقدار الوقت الذي تحتاج إليه الوصفات. وعند تجربة أطعمة جديدة وأنواع جديدة، لا تكتفي فقط بالتعرف إلى مذاقات تحبها وتزيد بالتالي من متعة أكلك وإنما تزيد أيضاً من مجموعة الأطعمة المغذية في برنامج أكلك. تجدر الإشارة إلى أن التنوع مهم جداً في الحصول على التغذية الملائمة ومحاربة ضجر براعم التذوق.
تذكّر هنا أيضاً أهمية المذاق. ففي النهاية، سوف تعمل براعم التذوق عندك على تعديل نفسها لأسلوب أكلك الجديد. سوف تحب الأطعمة التي لم تظن قبلاً أنك ستأكلها وقد تجد أن بعض أطعمتك المفضلة باتت غير صالحة للأكل.
إنتبه أيضاً إلى الشعور الذي تولّده فيك الأطعمة. يفترض بتناول الأطعمة المغذية أن يمنحك المزيد من الحيوية وليس العكس. فإذا تناولت قطعة من الحلوى في منتصف بعد الظهر، لاحظ كيفية فتور حيويتك بعد قليل. لكن ماذا يحدث بعد تناولك لبعض الفاكهة واللبن أو الخضار والصلصة؟ هل تشعر بالفرق؟ وقد تعتاد حتى على سؤال نفسك: “هل سيسهم الأكل الذي سأضعه في فمي في صحتي الجيدة أو أنه سيضيف فقط بعض الوحدات الحرارية؟”. إذا كان سيضيف فقط بعض الوحدات الحرارية، فلمَ تأكله إذاً؟ وما لم يكن شيئاً تحبه كثيراً، ننصحك بحذفه. وإذا كنت تحبه كثيراً، إكتف بتناول القليل منه. سوف يشكرك جسمك على ذلك.
الوقت إلى جانبك
إذا كنت تقف على الميزان كل صباح وتحكم بقلق على النتيجة التي أحرزتها، يعني أنك تعدّ نفسك للإخفاق. ففي البداية – ولا يمكننا التشديد على ذلك كثيراً – يحتاج التغيير إلى الوقت. ثانياً، إذا كنت تركز فقط على الكيلوغرامات التي فقدتها، يعني أنك تفوّت كل الأشياء الرائعة التي يولدها لك أسلوب عيشك الجديد، بما في ذلك الفوائد الصحية للتخلص من الوزن وزيادة النشاط والحصول على المزيد من الطاقة والشعور برضى أكبر عن الذات.
خذ مثلاً نشاطك الجسدي. أنت تجني الكثير من الفوائد الأخرى غير حرق الوحدات الحرارية عند التحلي بالنشاط. وحين يعتاد جسمك على الحركة، تشعر بالارتياح عند ممارستها. فقد جرى تصميم جسمك للحركة وليس للبقاء جالساً طوال اليوم. فالتحلي بالكسل يستنزف قواك إلى أن تشعر بالغباء.
أما تعويد نفسك على الحركة فيجعلك تشعر بالارتياح أيضاً لأنك تعرف أنك تنجز شيئاً إيجابياً ومدللاً للذات. كما أن النشاط الجسدي يحارب الاكتئاب ويخفف من الإجهاد. وهو يساعدك على النوم بصورة أفضل. وقد أظهرت الدراسات أن أغلبية الأشخاص الذين يتوصلون إلى الوزن الصحي ويحافظون عليه ينجزون ذلك من خلال تغيير عادات أكلهم وإضافة النشاط إلى نهارهم.
فإذا أردت حثّ نفسك للحركة والحفاظ على تلك الحركة، عليك اختيار النشاطات التي تستمتع بها. إمشِ أو أركب على الدراجة الهوائية أو إسبح أو أرقص أو تنزه في الغابات. هل تكره التمارين الرياضية؟ إبتكر إذاً الفرص للانخراط في نشاطات ضمن أسلوب العيش، مثل جزّ عشب الحديقة وتسلّق السلالم بدل استعمال المصعد الكهربائي وحراثة الحديقة. والواقع أن الخيارات لا متناهية في هذا الصدد. أعثر على شريك. إستمع إلى الموسيقى. إفعل أي شيء يحرّكك.
وإذا كنت كثير الجلوس لفترة من الوقت، حدد إذاً الأهداف الصغيرة القابلة للتحقيق. إليك بعض الأفكار للحفاظ على حوافزك:
● إحتفظ بسجل لتقدمك وسجّل كل الوقت المخصص للتمارين أو كل الأميال التي اجتزتها.
● إلتزم بعقد مع نفسك ودوّنه على ورقة. إحتفظ بالعقد في مكان تستطيع رؤيته.
● أعثر على مدرّب. وإذا كنت عاجزاً عن تحمل تكاليف المدرب الشخصي، أطلب من صديقك أن يتمرّن معك أو يراقب تقدمك ويشجعك.
● كافئ نفسك بشيء يهمك كلما حققت هدفاً معيناً.
● حدد وقتاً منتظماً لنشاطك الجسدي بحيث يصبح عادة بالنسبة إليك.
● تأمل أثناء الحركة. بهذه الطريقة، تحصل على فوائد إضافية في المقدار نفسه من الوقت وتتمرّن وأنت خالي البال وتضيف بُعداً جديداً بالكامل إلى نشاطك. هناك الكثير من الكتب في هذا الصدد.
● إبتكر بيانات أو توكيدات إيجابية. كررها إلى نفسك كل يوم أو أكتبها على ورقة وعلّقها حيث تشاهدها بانتظام. من الأمثلة على ذلك: “أنا أصبح أقوى وأفضل حالاً كل يوم” أو “في كل يوم أصبح أفضل وأفضل بشتى الطرق”. إبتكر توكيدات تتحدث إلى ذاتك. ثم كررها لنفسك حتى تعنيها فعلاً.
● إمنح نفسك بعض الراحة عند الضرورة. فحتى أبطال الرياضة يشهدون أياماً تكون فيها التمارين الرياضية مثل عمل شاق. وفي بعض الأيام، تكون تعباً بكل بساطة. لكن هذه ليست النهاية. فطالما تعرف أنك لا تستعمل تعبك بمثابة عذر للتوقف عن التمارين، لا بأس في أخذ يوم من الراحة بين الحين والآخر. أو يمكنك منح نفسك 5 إلى 10 دقائق لمحاولة الشروع في تمرينك الاعتيادي. إذا بقيت تشعر بالكسل بعد هذا الوقت المحدد، يجدر بك جعل ذلك اليوم للراحة ومن ثم التجربة في اليوم التالي. واعلم أنه كلما سيّرت الأمور في برنامج طعامك وتمارينك بصورة أفضل، ازدادت إمكانية جعله خيارك وتضاءل احتمال رفضك له.
وضع كامل الذات
هل تذكر رقصة الهوكي بوكي التي كنت تؤديها حين كنت صغيراً؟ كنت تضع أنحاء مختلفة من جسمك داخل الدائرة إلى أن تضع كل جسمك داخلها في النهاية. والواقع أن وضع كامل الذات في العملية هو ما يجدر بك القيام به للتوصل إلى الوزن السليم والحفاظ عليه. سوف تشعر في بعض الأيام أنك ترغب في الانسحاب. كن مستعداً في تلك الأيام لإعادة نفسك مجدداً إلى المسار الصحيح وإعادة قلب مسار الأمور. واعلم أن التغيير يكون على هذا النحو ولاسيما في مرحلة إعادة التنظيم الجذرية. وكما هي حال رقصة الهوكي بوكي، قد يكون الأمر ممتعاً أيضاً.
إذا نجح الأمر، إعتبر التغييرات التي تنجزها بمثابة رقصة. أنت تتعلم خطوات جديدة فيما تصمم حياة جديدة لنفسك، حياة تؤدي إلى صحة أفضل والمزيد من الثقة في الذات. حياة تؤدي إلى تحقيق أهدافك. سوف تتعثر في بعض الأحيان أو تشعر بإحباط شديد بحيث تظن أنك لن تفلت أبداً من الورطة. وفي أحد الأيام، تجد نفسك وأنت تتحرك برشاقة أكبر وتدرك حينها أن الأمر يستحق فعلاً عناء كل الوقت والجهد. لكن ذلك لا يعني أنك لن تتعثر مجدداً، لكنك أصبحت تعرف كيفية استرداد العافية والمضي قدماً.
صحيح أن التغيير صعب، لكنه ممكن بلا ريب. تذكر ضرورة وضع كامل ذاتك في العملية. وحين تشعر ببعض الارتجاج، توقف عن تحليل مشاعرك وتحدث إلى الشخص الداعم لك أو دوّن المسألة في دفتر يومياتك – أو إعتمد أية طريقة أخرى تساعدك على استرداد الاستقرار والعودة مجدداً إلى الرقص. خذ نفساً عميقاً وامنح نفسك تربيتة لطيفة على الظهر وتابع المشوار. يمكنك تحقيق هدفك.

المراجع

موقع طبيب

التصانيف

طبيب  العلوم التطبيقية  الطبي