مثلما يشير الاسم، يعتبر تواتر الصداع الميزة الأكثر بروزاً في الصداع اليومي المزمن. وتشير التسمية فعلياً إلى عدة أنواع مختلفة من الصداع تتشارك ميزة مشتركة ألا وهي حدوث الصداع لعدة ساعات يومياً، وكل يوم تقريباً.
والصداع اليومي المزمن هو مشكلة شائعة. وهو أيضاً أحد أكثر أنواع الصداع المعيقة ويمكن أن يفرض عبئاً كبيراً عليك وعلى عائلتك وأصدقائك. في الواقع، إن الأشخاص المصابين بالصداع اليومي المزمن يعانون من الاكتئاب، والقلق، واضطرابات النوم إضافة إلى مشاكل جسدية ونفسية أخرى. ويعتبر الصداع المزمن المستمر على هذا النحو تحدياً كبيراً يحاول الأطباء معالجته.
للتأقلم مع الألم المستمر، يعتمد العديد من الأشخاص المصابين بالصداع اليومي المزمن على أدوية الألم بكثرة. والمؤسف أن الاستعمال المفرط للدواء يؤدي غالباً إلى ما يعرف بالصداع الارتدادي، بحيث تنشأ دورة من الصداع المتكرر يصعب كسرها.
ثمة مجموعة كبيرة من استراتيجيات المعالجة للصداع اليومي المزمن تركز على الوقاية. أما المعالجة الحادة، والتي توفر راحة فورية من الأعراض، فيبقى استعمالها محدوداً لتفادي الصداع الارتدادي.
عند اتباع المعالجة العدوانية أساساً والسيطرة الثابتة والطويلة الأمد على الصداع، يكشف العديد من المصابين بالصداع اليومي المزمن عن ألم رأس أقل وصداع أقل. ويلاحظون تحسنات كبيرة في نوعية حياتهم نظراً لتضاؤل الألم والاكتئاب واضطرابات النوم.
تصنيف الصداع
الصداع اليومي المزمن هو مصطلح شامل يجمع عدة اضطرابات من الصداع قد ترتبط أو لا ترتبط ببعضها البعض. هكذا، فإن الأسباب والعلامات والأعراض والمعالجات لكل نوع من أنواع الصداع تختلف كثيراً. لكن الميزة الوحيدة المشتركة بين كل أنواع الصداع اليومي المزمن هي حدوث الصداع لأكثر من 15 يوماً في الشهر، وبشكل يومي في أغلب الأحيان.
يصنّف الأطباء الصداع اليومي المزمن ضمن أشكال أولية وأشكال ثانوية. ينشأ الصداع اليومي المزمن الأولي غالباً عند الأشخاص الذين عانوا من صداع الشقيقة أو صداع التوتر طوال عدة سنوات. ومع الوقت، يزداد تواتر هذا الصداع تدريجياً حتى يصبح شبه يومي تقريباً. أما الصداع اليومي المزمن الثانوي فيعني وجود مرض أو مشكلة كامنة، مثل التهاب السحايا، وورم الدماغ، وضغط الدم المرتفع وراء الصداع المتكرر.
ويصنف اختصاصيو الصداع الشكل اليومي المزمن الأولي إلى فئتين – الصداع الطويل المدة الذي يدوم أربع ساعات أو أكثر، والصداع القصير المدة. يناقش هذا الموضوع أشكال الصداع الطويلة المدة، بما في ذلك الصداع اليومي المزمن في صداع الشقيقة، وصداع التوتر المزمن، والصداع اليومي المستمر والصداع النصفي المستمر. وتخصص الجمعية الدولية للصداع أبواباً منفصلة لهذه الأنواع من الصداع ضمن نظام التصنيف الخاص بها ولا تجمعها كلها معاً على أنها فئة واحدة.
أما الصداع اليومي المزمن القصير الأمد – أي ذلك الذي يدوم أقل من 4 ساعات، فهو يشمل الصداع العنقودي، والصداع النصفي الاشتدادي وشكلاً من الصداع يعرف بالاسم اللاتيني SUNCT.
إن الصداع القصير الأمد يختلف بخصائصه عن أشكال الصداع اليومي المزمن الطويل الأمد.
الأسباب
لم تفهم تماماً أسباب الصداع اليومي المزمن. فالأنواع المختلفة للصداع اليومي المزمن قد تنشأ من آليات مختلفة أو من مجموعة آليات. لكن في كل أشكال الصداع، يصبح الدماغ في النهاية حساساً جداً للإشارات الصادرة من التركيبات الحساسة للألم داخل الدماغ وخارجه. أما الآليات المحتملة المسؤولة عن نشوء الصداع اليومي المزمن فتشمل:
● استجابة الدماغ بصورة شاذة لحوافز مثل توتر العضلات أو التهاب الأنسجة.
● عمل شاذ لبنى الدماغ التي تقمع الألم
● تغيرات في الجهاز العصبي ناجمة عن نوبات صداع متواترة.
● تحفيز الجهاز العصبي المركزي نتيجة الإجهاد أو الالتهاب أو الصدمة.
● استعمال مفرط للدواء
● استعداد وراثي للحساسية تجاه الألم
● إصابة أو تحفيز مؤلم للقسم العلوي من العمود الفقري.
وتشير بعض الدراسات إلى أن عوامل الخطر المسببة للصداع اليومي المزمن تشمل القلق، والاكتئاب، واضطرابات النوم، والبدانة، والغطيط (يَغِطّ في نومه)، واستعمال الكافيين والصداع العرضي الذي يحدث بتواتر أكثر. واللافت أن المشكلة أكثير شيوعاً عند النساء مما هي عند الرجال.
أنواع الصداع اليومي المزمن الطويل المدة
ينطوي الصداع اليومي المزمن الطويل المدة على أربعة أنواع رئيسية، تميزها علامات وأعراض مختلفة. والنوعان الأكثر شيوعاً هما الصداع اليومي المزمن في صداع الشقيقة وصداع التوتر المزمن.
قد يصعب أحياناً على الأطباء التمييز بين الصداع اليومي المزمن في صداع الشقيقة وصداع التوتر المزمن. ويعتقد بعض العلماء أن كلا الصداعين يكشفان عن آليات كيميائية أحيائية مماثلة. فالألم اليومي في كلا الصداعين قد يكون مماثلاً من حيث الكثافة، رغم أن ألم صداع التوتر المزمن نادراً ما يكون معيقاً. بالإضافة إلى ذلك، لا يكون صداع التوتر المزمن مصحوباً بالغثيان أو الحساسية للضوء أو الصوت أو الحركة – وهذه هي خصائص صداع الشقيقة.
لكن بعض الأشخاص المصابين بشكل خفيف من الصداع اليومي المزمن في صداع الشقيقة قد يعانون من نوبات يصعب تمييزها فعلياً عن نوبات صداع التوتر المزمن. كما يصاب أشخاص آخرون بالصداع اليومي المزمن في صداع الشقيقة وصداع التوتر المزمن. وعلى رغم الجدل المستمر بشأن كيفية تصنيف مختلف أنواع الصداع اليومي المزمن، يجمع الأطباء على طرق مختلفة لتخفيف الألم.
الصداع اليومي المزمن في صداع الشقيقة
قد يتعرض المصابون بصداع الشقيقة العرضي للصداع اليومي المزمن بعد سنوات من نشوء صداع الشقيقة. ويصبح الصداع تدريجياً أكثر تواتراً إلى أن تعاني من الألم كل يوم تقريباً. يطلق على هذه العملية اسم صداع الشقيقة المتحول.
وفيما يصبح الصداع أكثر تواتراً، يميل الألم اليومي إلى أن يصبح أقل وخامة مما اعتدت عليه قبلاً. وغالباً ما تتضاءل الأعراض الشائعة لصداع الشقيقة مثل الغثيان والحساسية للضوء والصوت. وقد يكون الألم في جهة واحدة من الرأس أو في كلا الجهتين وقد يصيب عنقك ووجهك أيضاً.
لسوء الحظ، يستمر العديد من الأشخاص الذين تعرضوا لصداع الشقيقة المتحول في المعاناة من نوبات حادة لصداع الشقيقة، تكون أكثر وخامة من الألم الخفيف والثابت الحاصل في النوبات اليومية. وقد يكشف الشكلان الحاد والمزمن من صداع الشقيقة عن المسببات نفسها، مثل الكحول، والتغيرات في أنماط النوم، وحذف الوجبات، وتغيرات الطقس، ودورة الطمث والإجهاد.
بالنسبة إلى الأشخاص الذين يسعون إلى رعاية طبية لمعالجة صداع الشقيقة المتحول، يتبين غالباً أن الإفراط في استعمال الدواء هو المسؤول. ويتحول صداعهم إلى نمط عرضي في غضون ثمانية أسابيع من وقف الاستعمال المفرط للعقاقير المسكنة للألم. ويذكر التصنيف الدولي لاضطرابات الصداع معايير لتشخيص حالة معروفة بصداع الشقيقة المزمن، الحالة التي تستلزم حدوث الصداع طوال 15 يوماً أو أكثر في الشهر، في غياب الاستعمال المفرط للدواء. لكن هذه الحالة غير شائعة نسبياً.
كما أن العديد من المصابين بالصداع اليومي المزمن في صداع الشقيقة يعانون من الاكتئاب. وقد يتحسن الاكتئاب عند كسر الحلقة القائمة بين الاستعمال المفرط للدواء والصداع اليومي الوخيم. ويرتبط الصداع اليومي المزمن باضطرابات النوم، والقلق، والخوف، وتناذر تهيج الأمعاء والوجع العضلي الليفي.
صداع التوتر المزمن
إن خصائص صداع التوتر المزمن مشابهة لتلك الموجودة في الشكل العرضي، لكن النوبات تحدث كل يوم تقريباً. واللافت في الأمر أن تحول صداع التوتر العرضي إلى صداع يومي قد يحدث فجأة أو نتيجة الاستعمال المفرط للأدوية.
يكون ألم صداع التوتر المزمن خفيفاً أو معتدل الكثافة. وهو يصيب غالباً جهتيّ الرأس وأسفل الرأس والعنق. وقد يتمثل الألم في إحساس بالضيق أو ألم كليل – يتم وصفه غالباً بحزام ضغط ضيق حول الرأس. وقد يتقلب الألم خلال اليوم أو يبقى ثابتاً طوال أيام أو أسابيع أو حتى سنوات. ولا يرتبط صداع التوتر المزمن بالغثيان أو الحساسية للضوء أو الصوت.
الصداع اليومي المستمر الجديد
إن الميزة الوحيدة لهذا النوع النادر من الصداع هي استهلاله المفاجئ عند أشخاص لا يكشفون عن أي تاريخ لصداع سابق. فهذا الصداع لا ينشأ من شكل عرضي للصداع موجود قبلاً. وعند بعض الأشخاص، يبدأ الصداع بعد حدث مسبب، مثل الالتهاب أو مرض مثل الانفلونزا أو عملية جراحية أو حدث مجهد في الحياة. لكن عند أكثر من ثلث الأشخاص المصابين بهذا النوع من الصداع اليومي المزمن، لا يوجد سبب معروف للصداع.
حين يبدأ الصداع بهذه الطريقة التي يصعب نسيانها، يحدث الصداع اليومي المستمر الجديد بشكل يومي، تماماً مثلما يشير الاسم. وفي الدراسات التي تناولت المصابين بهذا النوع من الصداع، تبيّن أن 82 في المئة من الأشخاص استطاعوا تحديد اليوم الذي بدأ فيه الصداع تحديداً. لا بل إن بعض الأشخاص استطاعوا تذكر تاريخ يعود إلى 20 عاماً.
يعتقد الباحثون أن هناك شكلين من هذا الصداع – واحد يختفي بعد عدة أشهر من دون معالجة وآخر يستمر على رغم المعالجة العدوانية. والمؤسف أن الشكل الطويل الأمد قد يستمر لسنوات من دون توقف.
عند معظم الأشخاص المصابين بالصداع اليومي المستمر الجديد، يستمر الصداع من دون توقف طوال اليوم. ويكون الألم معتدلاً عادة ويمكن وصفه بالألم الموجع، والكليل، والمؤلم، والحارق أو بمثابة ضغط أو ضيق. وغالباً ما تكون العلامات والأعراض مماثلة لتلك الموجودة في الأشكال الأخرى من الصداع اليومي المزمن، مثل الصداع اليومي المزمن في صداع الشقيقة، رغم أن المصابين بالصداع اليومي المستمر الجديد يكونون أكثر شباباً قليلاً من المصابين بالأنواع الأخرى من الصداع اليومي المزمن.
وبما أن الصداع اليومي المستمر الجديد يمكن أن يدوم لسنوات أو حتى لعقود بعد نشوئه، قد يصبح مشكلة معيقة جداً. وحتى مع المعالجة التدخلية، لا يجد العديد من المصابين بهذا الصداع أي تحسن.
الصداع النصفي المستمر
الصداع النصفي المستمر هو شكل نادر نسبياً من الصداع اليومي المزمن. يحدث الألم في جهة واحدة من الرأس وتختلف كثافته من دون أن يختفي تماماً. يكون الألم معتدلاً عادة لكنه قد ينطوي على نوبات من الألم الوخيم الذي يدوم لأقل من دقيقة. وفي بعض الحالات النادرة، يمكن أن ينتقل الألم من جهة إلى أخرى في الرأس.
في بعض الأحيان، تكون نوبات الألم الوخيم مصحوبة بواحد أو أكثر من الأعراض التالية في الجهة نفسها من الألم:
● نزول الدمع من العين
● احمرار العين
● تورم الجفن أو انسداله
● احتقان الأنف أو جريانه
كما أن المصابين بالصداع النصفي المستمر قد يشهدون أعراضاً مرتبطة بصداع الشقيقة، مثل الغثيان والتقيؤ، والحساسية للضوء، والحساسية للضجيج والحس الشخصي المسبق.
قد يحدث الصداع النصفي المستمر في شكل عرضي أو مزمن. وفي الشكل العرضي، تتناوب فترات من الصداع اليومي مع فترات خالية من الصداع – وذلك طوال أشهر عادة. وفي الشكل المزمن، يحدث الصداع بشكل يومي مع توقف بسيط أو من دون توقف إطلاقاً، طوال سنوات أحياناً.
الاستعمال المفرط للدواء والصداع الارتدادي
حين تعاني من الصداع، تلجأ بصورة طبيعية إلى الحل السريع لمسكّن الألم. وكلما كان صداعك أكثر تواتراً، ازداد تناولك لأدوية الألم. وقد تبدأ حتى باستعمال أدوية الألم للحؤول دون نوبة مرتقبة. فأنت تخشى ربما تفويت العمل أو حدث اجتماعي.
لكن ما يجهله العديد من الأشخاص هو أن الاستعمال المفرط لمسكنات الألم قد يسبب صداعاً ارتدادياً – أي صداعاً متكرراً ينشأ نتيجة تكيف جسمك مع الدواء. إلا أن الكثير من الدواء قد يربك قدرة دماغك على الإحساس بالألم والاستجابة له. وحين يزول تأثير الدواء، يسجل رأسك رسائل الألم ويعود الصداع. تتناول حينها الدواء مجدداً، وتستهل بذلك حلقة مفرغة. قد يولد جسمك أيضاً قدرة تحمل لمستويات عالية من الدواء، بحيث تحتاج إلى زيادة الجرعة للتوصل إلى تسكين الألم المنشود.
قد يصبح جسمك معتمداً على مسكنات الألم من دون أن تدرك ذلك حتى. فإذا كنت تستعمل أدوية الألم لمعالجة الصداع أكثر من يومين أسبوعياً، قد يتحول صداعك العرضي إلى صداع يومي مزمن نتيجة الاستعمال المفرط لهذا الدواء. ويمكن لأي شكل من الصداع اليومي المزمن أن يتفاقم نتيجة الإفراط في استعمال الدواء.
ما هي الأدوية التي تسبب صداعاً ارتدادياً؟
إن أي دواء مستعمل لتسكين أعراض الصداع بصورة فورية يمكن أن يسهم في الصداع الارتدادي، بما في ذلك مسكنات الألم الشائعة، كما أن الكافيين، الذي يدخل في تركيبة العديد من أدوية الألم ومنتجات الحمية الغذائية، يمكن أن يكون عاملاً مسبباً أيضاً. لكن الأدوية الأكثر ارتباطاً بالصداع الارتدادي تشمل:
• المسكنات المركبة. تحتوي هذه العقاقير غالباً على الكافيين والأسبيرين والأسيتامينوفين، وهي معروفة بتسبيبها الصداع الارتدادي.
• أدوية صداع الشقيقة.
أعراض الصداع الناجم عن الاستعمال المفرط للدواء
إن الصداع الناجم عن الاستعمال المفرط للدواء يمكن أن يحدث كل يوم تقريباً وقد يستمر مبدئياً طوال اليوم. وقد تختلف كل نوبة من حيث الكثافة والمدة وموقع الألم. قد يكون الصداع خفيفاً ومتقطعاً بنوبات من الصداع الأكثر وخامة، خصوصاً في البداية حين يبدأ مفعول الدواء بالاختفاء. وغالباً ما تنجم هذه النوبات عن جهد جسدي أو عقلي خفيف. وقد تكون مصحوبة بالغثيان، والأرق، والقلق، والتهيج، ومشاكل في الذاكرة، وصعوبة في التركيز والاكتئاب. وقد يوقظك الصداع في ساعات الصباح الأولى. أما الأشخاص المصابون بصداع الشقيقة، فقد يكون الصداع الارتدادي عندهم شبيهاً بنوبات صداع وخيمة وطويلة.
من هو المعرض للإصابة بالصداع الارتدادي نتيجة الاستعمال المفرط لمسكنات الألم؟
إن كل شخص له تاريخ مع صداع الشقيقة أو صداع التوتر يكون عرضة للإصابة بالصداع الارتدادي نتيجة الاستعمال المفرط لمسكنات الألم. واللافت أن الأشخاص الذين لا يكونون عرضة للصداع وإنما يستعملون أدوية الألم بشكل يومي لمعالجة أمراض مثل التهاب المفاصل، لا يصابون عادة بالصداع الارتدادي. ويوحي ذلك بأن قابلية التعرض للأنواع الأولية من الصداع قد تعرض الشخص أيضاً للصداع نتيجة الاستعمال المفرط للدواء.
كسر حلقة الصداع الارتدادي
لكسر حلقة الصداع الارتدادي، عليك الحدّ من مقدار أدوية الألم التي تستعملها. وحسب العقار الذي تتناوله، قد يتم نصحك بالتوقف مؤقتاً عن استعمال أدوية الألم كلها أو تخفيف استعمالك للدواء بحيث لا تتناول العقار أكثر من مرتين أسبوعياً.
في الواقع، إن وقف العادة ليس سهلاً. وحين تبدأ، يمكن أن يصبح ألم الصداع أسوأ قبل أن يبدأ بالتحسن، طوال عدة أيام ربما. وقد تعاني من أعراض الانقطاع، مثل العصبية، والأرق، والغثيان، والتقيؤ، والتململ، وألم البطن، والإسهال أو الإمساك. لكن تواتر الصداع وكثافته يفترض أن يتضاءلا في غضون أسبوع إلى 10 أيام. ومع المثابرة، يشعر معظم الأشخاص بالارتياح من دورة الصداع الارتدادي خلال شهرين.
قد ترغب في متابعة هذه العملية تحت إشراف طبيب. وتتوافر علاجات مختلفة للتخفيف من ألم الصداع ومن التأثيرات الجانبية المرتبطة بالانقطاع عن العقار. ويتم في الغالب استهلال الأدوية الوقائية في الوقت نفسه الذي توقف أو تخفف من تناول مسكنات الألم. واللافت أن العقاقير الوقائية لا تسبب الصداع الارتدادي مثلما تفعل الأدوية الحادة. لكن الأدوية الوقائية لن تكون فعالة تماماً ربما إلا بعد تخليص جسمك من الاستعمال المفرط للأدوية. وقد يستغرق ذلك ثلاثة إلى ثمانية أسابيع.
قد يوصى أيضاً الأشخاص الذين يفرطون في استعمال الأدوية بالمكوث لفترة قصيرة في المستشفى إذا:
● أخفقوا في التوقف عن استعمال الأدوية بعد المعالجة خارج المستشفى.
● كانوا يعانون من مشكلة طبية أو نفسية أخرى، مثل داء السكر أو القلق أو الاكتئاب.
● كانوا يستعملون جرعات كبيرة من العقاقير المشتملة على البوتالبيتال أو الأفيون.
● كانوا يسيئون استعمال مواد مثل المهدئات أو مزيلات الاحتقان.
● كانوا يعانون من صداع مستمر ودائم مع أعراض أخرى مثل الغثيان والتقيؤ.
عند كسر حلقة الصداع الارتدادي، قد تعود إلى نمطك السابق من نوبات الصداع، مثل صداع الشقيقة أو صداع التوتر العرضي. في هذه المرحلة، يمكنك العمل مع طبيبك لإعداد خطة لضبط الصداع في المدى الطويل. وقد توصى المعالجة الوقائية اليومية، ويمكن وصف مسكنات محددة للألم خلال نوبات الصداع التي قد تحدث في المستقبل.
يستمر بعض الأشخاص في المعاناة من الصداع المتواتر حتى بعد التوقف عن الاستعمال المفرط للأدوية واعتماد أشكال أخرى من المعالجة. وقد تكون إعادة تأهيل الألم خياراً بالنسبة لهم، الأمر الذي ينطوي على وقف استعمال كل الأدوية والسعي وراء علاجات بديلة خالية من العقاقير.
علاج الصداع اليومي المزمن
تركز معالجة الصداع اليومي المزمن على الوقاية من الصداع بدل معالجة الأعراض الحادة. وثمة استراتيجيات محددة ترتبط بنوع الصداع الذي تعاني منه وما إذا كان الاستعمال المفرط للدواء يسهم في هذا الصداع. إذا كنت تتناول مسكنات الألم أكثر من يومين أسبوعياً، تتمثل الخطوة الأولى في المعالجة في وقف استعمال هذه العقاقير. كما أن العديد من المصابين بالصداع اليومي المزمن يكشفون عن اضطراب في المزاج، مثل الاكتئاب أو القلق أو الاضطراب الثنائي القطبين. وتعتبر معالجة هذه المشاكل خطوة مهمة في الضبط الإجمالي لاضطرابات الصداع. قد يُطلب منك الاحتفاظ بسجل للصداع للمساعدة في تحديد مسببات الصداع ووضع خطة لمعالجتك.
الأدوية الحادة
قد يحتاج المصابون بالصداع اليومي المزمن إلى أدوية مسكنة للألم، مثل التريبتانات والإرغوتامين المخصصة لصداع الشقيقة. لكن يجب الحدّ كثيراً من استعمال هذه العقاقير – يومين على الأكثر كل أسبوع – لتفادي الاستعمال المفرط للدواء والصداع الارتدادي. وقد يصف لك طبيبك أدوية لا تسبب كثيراً الصداع الارتدادي.
الأدوية الوقائية
يمكن استعمال مجموعة منوعة من الأدوية الوقائية لمعالجة الصداع اليومي المزمن. في الواقع، إن العقار الذي يصفه لك الطبيب يرتبط بنوع الصداع اليومي المزمن الذي تعاني منه. كما أن العقاقير الوقائية تحتاج مبدئياً إلى عدة أسابيع حتى تتراكم في جسمك وتصبح فعالة تماماً. لذا، قد يوصى بتناول أحد الأدوية التالية:
مضادات الاكتئاب
إن مضادات الاكتئاب الثلاثية الدورة هي العلاجات الأكثر استعمالاً لكل أشكال الصداع اليومي المزمن، باستثناء الصداع النصفي المستمر. وقد تساعد هذه الأدوية في معالجة الاكتئاب والقلق واضطرابات النوم التي تصاحب غالباً الصداع اليومي المزمن.
قامعات بيتا
هذه العقاقير، المستعملة عموماً لمعالجة ضغط الدم المرتفع، تشكل دعامة أساسية في معالجة صداع الشقيقة العرضي.
وفي بعض الأحيان، توصف هذه العقاقير بالاشتراك مع مضادات الاكتئاب للحصول على نتائج أفضل.
مضادات التشنج
تستعمل الأدوية المضادة للتشنج للوقاية من صداع الشقيقة وهي تستعمل الآن أكثر فأكثر عند المصابين بالصداع اليومي المزمن.
مرخيات العضلات
تبيّن أن مرخيات العضلات فعالة أحياناً في معالجة الصداع اليومي المزمن.
العقاقير غير الستيرودية المضادة للالتهاب (المسكنات)
هذه العقاقير المضادة للالتهاب قد تكون فعالة خصوصاً عند الانقطاع عن مسكنات الألم الأخرى.
قامعات COX-2
رغم أن هذه الأدوية مشابهة للعقاقير غير الستيرودية المضادة للالتهاب، فإنها تعمل بطريقة مختلفة ومع تأثيرات جانبية أقل.
إلا أن بعض الأشخاص المصابين بالصداع اليومي المزمن لا يتحسنون لسوء الحظ، حتى بعد التوقف عن الاستعمال المفرط للدواء. ويبقى صداعهم مستمراً حتى مع تناول الأدوية الوقائية. لذا، يعود بعض هؤلاء الأشخاص إلى استعمال الأدوية الحادة أكثر من يومين أسبوعياً. ويدرس العلماء سبب عدم تحسن بعض أشكال الصداع اليومي المزمن مع المعالجة وكيفية معالجة المشكلة بفاعلية أكبر.
المعالجة من دون أدوية
هناك العديد من الاستراتيجيات الخالية من الأدوية التي تساعد في السيطرة على الصداع اليومي المزمن. وتشكل هذه الاستراتيجيات جزءًا أساسياً من أي برنامج لضبط الصداع، وهي تشمل:
● تفادي مسببات الصداع المعروفة
● عدم التدخين
● النوم والأكل وممارسة التمارين بانتظام
● التدرب على الاسترخاء
● العلاج الإدراكي
● الوضعية الجيدة
● المعالجة الجسدية.
في الواقع، إن التوقف عن التدخين مهم جداً للمصابين بالصداع اليومي المزمن مع صداع الشقيقة وصداع التوتر. فالتدخين قد يحفز هذين النوعين من الصداع. كما ترتبط المستويات المرتفعة من النيكوتين بازدياد القلق والاكتئاب.
اضطرابات النوم والصداع اليومي المزمن
غالباً ما يترافق الصداع مع اضطرابات النوم – فالصداع الوخيم قد يعيق نومك، ويمكن لاضطرابات النوم أن تسهم في الصداع. وتشير الأبحاث إلى رابط بين الصداع وانقطاع النفس أثناء النوم – وهي مشكلة ينقطع فيها التنفس الطبيعي للنائم بشكل متكرر. يؤدي ذلك إلى استيقاظ النائم لفترة وجيزة والتقاط أنفاسه. كما أن بعض المصابين بالصداع اليومي المزمن إضافة إلى انقطاع النفس أثناء النوم يجدون أن صداعهم يتحسن عند معالجة اضطراب نومهم.
كما وجدت دراسة أن المصابين بالصداع اليومي المزمن هم عرضة ثلاث مرات أكثر للشخير من الأشخاص الذين يعانون من الصداع بين الحين والآخر. وبما أن الشخير هو عارض شائع في انقطاع النفس أثناء النوم، توحي نتائج الدراسة بأن الصداع اليومي المزمن قد يرتبط باضطراب النوم عند بعض الأشخاص. وتبرز الحاجة إلى المزيد من الأبحاث لدعم هذه النتائج وتحديد العلاجات الفعالة.
المراجع
موقع طبيب
التصانيف
طبيب العلوم التطبيقية الطبي