التغذية النباتية plant nutrition مجموعة الظواهر والوسائل البيولوجية التي تضمن استمرار حياة النباتات المختلفة وفاعليتها الوظيفية باستعمال المصادر البيئية التي تعيش فيها. وتقتضي دراسة التغذية النباتية المعرفة التامة بعلوم فيزيولوجيا النبات والكيمياء الحيوية والنبات والفيزياء والرياضيات التطبيقية والبيئة، وذلك بحثاً عن الطرائق الفاعلة للتوسع العمودي والأفقي بالرقعة الزراعية وعن أفضل الأوساط المغذية للنباتات التي تهم التغذية والاقتصاد بهدف الحصول على أفضل مردود نوعاً وكماً.
لمحة تاريخية
وصلت بحوث تغذية النبات والعلاقات الكائنة بين التربة والنبات في بداية القرن التاسع عشر ومنتصفه إلى درجة متقدمة على يد الباحث الفرنسي بوسينيول (1807-1887) J.B.Boussignault الذي عدّ مؤسس علم الزراعة الحديثة، ولم يكتف بدراسة التركيب المعدني لرماد النباتات بل تعمق في دراسته للعلاقات بين كمية العناصر الموجودة في النبات وتلك العناصر المفقودة من التربة والأسمدة المضافة إليها، وهو أول من برهن على تثبيت البقوليات للآزوت الجوي. وبعده، بيّن الألماني ليبيغ (1803-1873) Liebig أن كل المواد الموجودة في محلول التربة تمتص بوساطة جذور النباتات، وأدت أفكاره إلى قبول النظرية المعدنية للأسمدة Mineral theory of fertilizers، وفي عام 1860، بيّن النباتي الألماني ساكس J.V. Sacks أن التطور الصلب للتربة يمكن أن يغذي النبات على نحو كامل، وأوجد محلوله المغذي الشهير الذي يعد أساس المحاليل المغذية حتى الآن، وأتى بعده كنوب Knob الذي وضع في عام 1886 محلوله المغذي الشهير وحسّن طرائق الزراعة في المحاليل المغذية، ثم أثبت النباتي الروسي فورونين Woronin بأن عقد جذور البقوليات تحتوي على البكتريا. وتتابعت الاكتشافات في القرن العشرين، وتبين أن الجذور تمتص الأملاح بالتماس المباشر بين حبيبات التربة وسطح الجذور. ومنذ عام 1930 برزت أهمية محلول التربة كمصدر للعناصر المعدنية القابلة للامتصاص بوساطة الجذور، وتتابعت البحوث في هذه المجالات وأحرزت تقدماً ملموساً يعد اليوم المنطلق الأساسي للأبحاث الحديثة في تغذية النبات.
تركيب النبات والتغذية المعدنية
تتركب المادة الحية للخلايا النباتية من عناصر وجزيئات مشابهة لبقية المواد الحية في الكائنات الأخرى (البكتريا، الحيوانات وغيرها) مما يدل على عمق وحدة المحيط الحيوي Biosphere الذي يتكون من كائنات متقاربة وراثياً وقادرة على التكاثر والتناسل عبر مسيرة التطور، ورغم ذلك فإن النباتات تنفرد بمميزتين حيويتين أساسيتين هما:
1ـ تحاط الخلية النباتية بغلاف سللوزي (كيتيني في الفطور) وتدخل الغلوسيدات بكميات كبيرة في تركيبها.
2ـ تتميز الخلية النباتية بقدرة متطورة على التركيب الحيوي Biosynthesis تستطيع معها أن تعيش مستقلة ذاتياً في وسط معدني من دون أي تبادل مع أي كائن حي آخر.
فالنباتات الراقية النامية في المحيط الهوائي وعلى تربة غنية بالنترات يمكنها أن تدخل الفحم والآزوت والماء والكبريت والفوسفور وغيرها في جزيئاتها العضوية المختلفة، أما الطاقة اللازمة لعمليات التركيب الحيوي فتتزود بها مباشرة من الأشعة الشمسية، وهذه الحالة لا توجد في الكائنات الحيوانية. تدخل في تركيب النباتات عناصر معدنية تسهم في نشاطاتها وتدل الدراسات على عدم وجود تناسب بين كمية العنصر في الوسط الذي يتطور فيه النبات وبين أنسجته، ولتوفير احتياجات النباتات لابد من معرفة تركيبها، وتوضح التحاليل النباتية احتواء الأنسجة النباتية على العناصر الآتية:
1ـ تشكل العناصر الأربعة الأساسية: C,H,O,N أكثر من 96٪ من المادة الجافة، ويحصل النبات عليها من الماء والهواء المشتمل على الأكسجين والآزوت وبتثبيت ثاني أكسيد الكربون الجوي بعملية التمثيل اليخضوري، ولا يمكن لأي نبات أن ينمو بغياب أحد هذه العناصر ولو توافرت العناصر الأخرى.
2ـ أما العناصر الكيماوية الضرورية فتقسم إلى مجموعتين هما:
أ ـ العناصر الكبرى macronutrient elements وهي: إما لا معدنية مثلCL,S,P، وإما معدنية وهي Ca,K,Na,Mg ويراوح تركيزها بين 10-2و10-3غ/غ مادة جافة.
ب ـ العناصر الصغرى micronutrient element وهي: Fe,Zn,Mn,Cu,Mo,Si,B,Ba وغيرها ويراوح تركيزها بين 10-3 و10-6غ/غرام مادة جافة. كما توجد العناصر المعدنية الزهيدة oligo-elements وتشمل عناصر كثيرة هي Cr,Li,Br,F,I,Co,Ni,Al,Pb,Cd,Rb,Ti وغيرها، ويراوح تركيزها بين10-6 و10-9غ/غرام مادة جافة، ووجودها يحسن عموماً من نمو النباتات. وتجدر الإشارة إلى أن التركيب الكيماوي للنباتات يختلف بحسب الأنواع والأصناف ونوع التربة وخصبها وطبيعتها الفيزيائية وخاصة التهوية ودرجة الحرارة والرطوبة ودرجة الحموضة PH وكمية الأسمدة المضافة إليها والشروط البيئية وعمر النبات وأعضائه والطعم والأصل وتوافقهما وغيرها. ويختلف محتوى رماد الأنسجة النباتية بحسب النباتات وتنوعها وتطورها.
طرائق دراسة التغذية النباتية
يستعين الباحثون بطرائق عديدة لتحديد العناصر الضرورية في تغذية النباتات، وهي المزرعة الحقلية، وزراعة البكتريا والفطور المجهرية، وزراعة الأنسجة، والمزارع المائية، والمزارع الرملية، واستخدام النظائر المشعة، وتوضع تجهيزات هذه الطرائق في دفيئات مكيفة أو في مخبر تربية النبات الفيتوترون Phytotron إذ تنظّم كل من درجة الحرارة والرطوبة والتهوية والإضاءة على نحو آلي لتأمين الشروط البيئية المرغوبة والسيطرة على جميع العوامل المؤثرة.
وصار من الممكن تحديد الراتب المعدني الذي يؤدي إلى النمو الأنسب لنبات ما باستخدام طرائق تركيبية مبنية على استنبات نبات محدد على وسط محدد أهمها: طريقة المضاريب factiorial method وطريقة التجريب في مقدار ثابت ـ نصف التجريبية ـ (طريقة هومس) Homés التي تعتمد على تحديد النسب الفضلى بين العناصر المغذية. إلا أن العلماء المختصين M.Homés وG.Van-Schoor وVanhoeck وغيرهم، طوَّروا هذا الطريقة من الوجهتين التجريبية والإحصائية انطلاقاً من نظريتي هومس: نظرية التغذية المعدنية المتزنة ونظرية السمية، على ضوء التداخل بين العناصر. وأمكن تحديد علاقات رياضية وقوانين إحصائية خاصة. وظهرت طريقة المتحولات التصنيفية عام 1952، وعرفت باسم طريقة هومس ـ فان سكور. ووضعت استناداً إلى التجريب على النباتات الراقية، أما محاولات تطبيقها على النباتات الدنيا فقد بدأت منذ عام 1965 على يد العالمين L.Brouwers وسعيد محمد الحفار على الفطور ذات القيمة الصناعية لإنتاج الصادّات والحصول على النمو الخضري الأعظمي في جامعة بروكسل (بلجيكة).
ويمكن أيضاً تحليل أجزاء النبات المختلفة وبخاصة النموات الخضرية الحديثة التي تسهم في الكشف عن نقص العناصر المعدنية بمقارنة التحليل الكيماوي لأوراق أشجار غير مريضة مع أوراق لأشجار مريضة تعاني من نقص العناصر. وذلك إلى جانب تحليل التربة بهدف تصحيح الميزان الغذائي المعدني وإضافة الأسمدة المعدنية اللازمة للنمو النباتي، وأدَّت هذه الطرائق إلى الكشف عن عناصر ضرورية جديدة من فئة العناصر المغذية الصغرى مثل اليود والحديد والمنغنيز والنحاس والزنك والموليبدين وغيرها.
التغذية العضوية[ر: التمثيل والتنفس]
التغذية المائية
يوجد الماء بنسبة كبيرة جداً في أنسجة النباتات الحية ويعدّ العامل المحدد لحياة النباتات وانتشارها ونموها على سطح الكرة الأرضية، وتكاد تنعدم هذه الحياة في المناطق الصحراوية العطشى، وتصل نسبة الماء في الأنسجة النباتية إلى 95٪ من الوزن الرطب في بعض الأعضاء النشطة مثل الأوراق والثمار والجذور، وتراوح بين 45 و55٪ في الأجزاء الخشبية مثل جذوع الأشجار، وبين 5 و10 ٪ في البذور الساكنة. ويبيّن الجدول رقم (1) نسبة الماء في أنسجة نباتية مختلفة.
[[ملف:ناسا41.png|تعليق]]
ويعد الماء وسط الانتشار للمحاليل الغروانية التي تدخل في تكوين السيتوبلاسم والعصير الخلوي والبلاسما النووية وتتم جميع العمليات الحيوية من تمثيل وتنفس وغيرهما في هذا الوسط.
ويكمن سر الحياة في توافر الماء في الخلايا، فإذا قلّ المحتوى المائي فيها انخفض النشاط الحيوي في البروتوبلاسم وضعفت جميع مظاهر الحياة. ويضمن الماء انتباج الخلايا وغروياتها وانتصاب الأجزاء النباتية الهوائية غير المتخشبة، فإذا فقدت هذه الأجزاء نسبة كبيرة من مائها ذبلت وماتت. ويشكل الماء النسغ المغذي والنسغ الناقص بامتزاجه بأملاح العناصر المنحلة في التربة، كما يشكل وسط التفاعلات الاستقلابية وانتشار نواتج الاستقلاب والأيونات والكاتيونات وتفاعلات الحلمأة المختلفة. ويتم الترابط بين أنسجة النبات المختلفة بوساطة الماء فتنتقل الذائبات العضوية وغير العضوية عبر الجدران الخلوية وأنسجة الخشب واللحاء.
ولمقدار الماء أهمية كبرى في تفتح الثمار الجافة وتناثر بذورها ثم إنباتها، وانفجار الحوافظ في النباتات إذا انخفض المحتوى المائي في خلايا غلاف الثمرة وجدار الحوافظ عن حد معين، وتختلف قدرة امتصاص الماء في النباتات بحسب طبيعة حياتها، فمن النباتات الراقية ما يقضي حياته مغموراً تحت سطح الماء مثل الإلوديا، ومنها ما له أعضاء مغمورة في الماء وأخرى طافية عليه مثل البردى واللوتس، ومن النباتات ما له مجموعة جذرية تمتص الماء بشكل أساسي من التربة وترتفع بقية أعضائها في الجو، كما يزداد نشاط الهرمونات والأنزيمات بازدياد كمية الماء في الخلايا.
ويتأثر امتصاص الماء بعاملين أساسيين هما: التشرُّب Imbibition ويخضع لخاصية محبة المحاليل الغراونية للماء، والتناضح أو الحلول osmosis وهو انتقال الماء عبر الأغشية شبه المنفذة تحت شروط خاصة أهمها اختلاف تركيز المحلول على جانبي الغشاء الخلوي أو في السيتوبلاسم.
ويتحقق امتصاص الماء من التربة وصعوده في النبات نحو الأعلى بتأثير محصلة الضغط الجذري وقوة امتصاص النتح الورقي إضافة إلى قوى الشد بين الجزيئات المائية التي تجري بتكوين مستمر للخيوط المائية وغياب تام للفقاعات الهوائية في الأوعية الناقلة، وتتوقف هذه المحصلة على سرعة امتصاص الماء وسرعة النتح الورقي. وتبيَّن باستخدام النظائر المشعة أنّ سرعة انتقال الماء عبر الأنسجة يبلغ 10-2م في الساعة فأكثر.
النتح النباتي
إن المصدر الرئيسي لماء النبات هو من التربة، ويفقد النبات الجزء الأكبر من الماء الذي يمتصه بالنتح الذي لا تتأثر سرعته بانخفاض المحتوى المائي في التربة طالما ظلت نسبة الرطوبة فيها أعلى من النسبة التي تسبب الذبول الحقيقي للنبات. كما تؤثر درجة الحرارة في الجو المحيط بالنبات والأوراق، ويؤدي ارتفاعها إلى زيادة عجز الإشباع ببخار الماء في الجو الخارجي ممّا يزيد من سرعة النتح. كما يختلف بحسب بنية الورقة وثخانتها ووجهها وعمرها وعمر خشب النبات. وتزداد سرعة النتح بازدياد التغذية المائية والإضاءة الشمسية ودرجة الحرارة وسرعة الرياح وغيرها، وتختلف هذه السرعة بحسب المناطق الرطبة ونصف الرطبة والجافة. ويتحقق النتح على حساب الطاقة الإشعاعية الشمسية وعلى حساب التوصيل الحروري من الجو الخارجي. ويمكن القول بشكل عام أن سرعة النتح تراوح بين 100 و250غ/ م2 الورقي/سا في الساعات النهارية وبين 14.3 و8.9غ/ م2 الورقي/سا في الساعات الليلية، ويعد النتح عاملاً فيزيولوجياً أساسياً يعمل على تنظيم درجة حرارة الأوراق وامتصاص الماء بوساطة الجذور، أما امتصاص المواد المعدنية فينظمه الاستقلاب وطاقته والمواد الناتجة عنه. ويرتبط وزن المحصول النباتي النهائي بكمية الماء الميسور في التربة (الشكل القابل لإفادة النبات).
أنواع الماء في النبات والتربة
يوجد الماء في النبات إما على شكل الماء المثبت أو المرتبط الذي تكون جزيئاته مرتبطة بروابط هيدروجينية حول مجموعات كحولية أو أمينية أو كربوكسيلية وغيرها، وإما على شكل ماء حر الذي تكون درجة ارتباطه ضعيفة وسهل الحركة ويكون موجوداً في الفجوات الخلوية، وإما على شكل ماء بنيوي وهو الماء الذي يثبت التركيب الثلاثي في الفراغ لبعض الجزيئات العملاقة البروتينية ولا ينزع إلاّ بتخريب طبيعة البروتينات. يمكن استخلاص الماء الحر في درجة الحرارة 70-110ْم، ولا يمكن استخلاص الماء المرتبط والبنيوي في هذه الدرجة. ويُشكِّل الماء المثبت أوالبنيوي نحو 3- 5٪ من نسبة الماء الكلي في الأنسجة النباتية، وجرت العادة على تقسيم حالة الماء في التربة إلى فئتين:
1ـ الماء الحر: وهو الماء الذي يخضع في حركته إلى ثقله والقوى الشعرية في التربة ويتمثل بماء الرشح السائلي أو الماء الثقلي أو الماء الشعري ويقع تحت تأثير القوى الشعرية
2ـ الماء المثبت: ويقسم إلى ثلاث فئات وهي:
أ ـ الماء المثبت كيماوياً داخل حبيبات التربة.
ب ـ الماء المثبت بشده بقوى الامتصاص الخارجية للحبيبات الترابية.
ج ـ الماء الضعيف التثبيت أو الماء الغشائي وهو الماء الذي يحيط بالحبيبات.
التغذية الجذرية
للتغذية الجذرية أثر مهمّ جداً في حياة النباتات، ويعد تنظيم شروط التغذية المعدنية عبر المجموعة الجذرية أهم العوامل التي يمكن أن تؤثر في توجيه نمو النباتات وتطورها وإنتاجها. والوسيلة العملية لتوضيح تأثير الإنسان في إطار زيادة الإنتاج وتحسين نوعيته، وتعد المجموعة الجذرية في أي نبات المخبر البيولوجي والفيزيولوجي لمجموعته الخضرية، الذي يضمن استمرار حياتها، بل إنه يفوقها بأهمية نشاطها الحيوي، وينبغي على كل مختص بالعلوم الزراعية أن يعرف حق المعرفة وظائف المجموعة الجذرية وبنيتها التشريحية ومدى إسهامها في نمو النباتات وتطورها وتأثيرها في المجموعة الخضرية وفي العلاقات الغذائية المباشرة وغير المباشرة فيما بينها، وتأمين ما تحتاج إليه من مواد مغذية ضرورية لدعم نموها وتقويته في الوقت المحدد، ولإطالة حياتها وزيادة مردودها الإنتاجي. وكانت المجموعة الجذرية للنباتات تعد، حتى وقت غير بعيد، العضو النباتي الذي تتحدد وظيفته الفيزيولوجية بامتصاص الماء والمواد المعدنية الذائبة في محلول التربة والتي تنتقل إلى أعضاء المجموعة الخضرية ليتحقق استقلابها وتمثيلها وتنفرد الأوراق عن بقية الأعضاء ببناء المركبات العضوية المعقدة، إلاّ أن تجارباً حديثة أثبتت حدوث تحويل حقيقي لأيونات المواد المعدنية المختصة والآزوت إلى مركبات عضوية معقدة مثل الأحماض الأمينية وبوليبيبتدات في أنسجة المجموعة الجذرية وخاصة في شبائكها الجذرية، واكتشف في عصير الجذور مركبات الغلوتاثيون Glutathione وأحماض أمينية كثيرة وكوموزين Comozine وبيريدوكسين Pyridoxine وكينون Kinon وغيرها. كما وجد في عصير جذور القرع (16) حامض أميني وكمية من البروتينات متحدة مع أملاح الكلس والسيليس. وتبين أن P32 المشع يشترك مباشرة في بناء البروتينات الغروية والليبيدات في الأنسجة الجذرية. وثبت باستخدام النظائر المشعة (C14,N15) أن حامض الكاربون الممتص يسهم في تركيب الأحماض العضوية التي تقوم بدور المستقبلات للأمونياك حين بناء الأحماض الأمينية ولكن بوجود مركبات فسفورية بكمية كافية.
ومن جهة أخرى ثبتت مقدرة الجذور على تركيب النيكوتين مثلاً في جذور نبات التبغ، والسكريات في جذور الشوندر، والنشاء في جذور البطاطا، ومركبات معدنية آزوتية وفسفورية وبوتاسية وأحماض عضوية في جذور الأشجار المثمرة، وتحويل السكريات إلى أحماض أمينية في الجذور. هذا إلى جانب الدور البارز لفطور الميكوريز في تركيب العديد من المواد الغذائية المفيدة والضرورية للتكامل الغذائي المفيد في التفاحيات واللوزيات والحمضيات والجوزيات والكرمة وغيرها. وتصطنع السيتوكينينات Cytokinins في قمم الجذور، وتنتقل منها إلى المجموعة الخضرية لتقوم بتنشيط صنع البروتينات اللازمة للانقسام الخلوي. وتؤدي المجموعة الجذرية أيضاً دوراً مهماً في تركيب الأنزيمات كالكاتالازCatalase والسيتوكروموكسيداز Cytochromoxydase في نباتات الكابوسين وعباد الشمس، وتشارك الأوراق في تركيب البروتوكلورفيل والبورفورين الحديدي والمنغنيزي، وكذلك في تلون أوراق الطعوم بتأثير الأصل في العديد من الأشجار المثمرة. وتؤثر المجموعة الجذرية في عمليات فيزيولوجية أخرى مهمة مثل طول موسم النمو وسرعة النمو الطردي ومقاومة الطعم للبرد ولبعض الآفات وفي انتظام دورية الإثمار، إذ تبين أن كمية الكاربوهيدرات الذائبة تزداد تدريجياً في موسم النمو الخضري في جذور التفاح الذي تتميز أشجاره بحمل ثمري جيد، في حين أن كمية السكريات المعقدة تتناقص فيها على عكس ما يجري في جذور الأشجار من دون الحمل الثمري غير المنتظم سنوياً. وثبت أيضاً أن محصول السنة القادمة في التفاح مرهون بكتلة الجذيرات الماصة (النشطة) المتكونة طيلة موجة النمو الخريفي في السنة السابقة.
إن مستوى العمليات الحيوية الكيماوية في الجذيرات النشطة (مراكز تمثيل المواد العضوية وخاصة البروتينية) يكون في الأشجار الفتية أعلى منه في الأشجار المسنة والأكثر تقدماً في أطوارها الحياتية، كما أن الكتلة العضوية الناتجة عن تماوت الجذور تدريجياً مع تقدم الأشجار بالسن تبلغ سوية مرتفعة، فقد بلغت على سبيل المثال نحو 2طن بالهكتار سنوياً في غابة لأشجار الشوح الحراجية عمرها /25/ سنة، مما يسمح في زيادة دبال التربة وتحسين قوامها وخصائصها التغذوية.
التغذية المعدنية
نقص عناصر التغذية والأضرار الناجمة عنها:
تُشكِّل العناصر المغذية المتوافرة في المركبات المعدنية والعضوية للتربة المخزون الغذائي الأرضي للنباتات، ويمثل التركيب المعدني لمحلول التربة أساس التغذية النباتية، إذ يحتوي على العناصر المعدنية المنحلة بالماء وبحالة قابلة للامتصاص الجذري، ويختلف تركيز عنصر ما في محلول التربة بحسب درجة انحلاله في الماء وقدرة العنصر على التبادل بين محلول التربة وغرويات الطين (المسماة بالمعقد الطيني الدبالي)، وPH محلول التربة والخاصية الكهرليتية التي تحدد سوية ارتباط العنصر بغرويات طين التربة، والسعة الحقلية والماء الميسور ونقطة الذبول في التربة وحركة الماء فيها والمسافات الفراغية بين حبيبات التربة وظاهرة التداخل والتضاد بين العناصر المعدنية. ويؤثر تركيز التربة بالعناصر المعدنية تأثيراً مباشراً في التغذية المعدنية للنباتات، إذ تبين على سبيل المثال لا الحصر أن ازدياد تركيز البوتاسيوم في التربة يؤدي إلى خفض كمية المغنزيوم الممتصة مما يسهم في ظهور أعراض نقصه، كما لوحظت أعراض نقص الحديد المحدد باصفرار الأوراق (الشحوب الورقي) على أشجار الدراق والكمثرى والتفاح وغيرها في الأراضي الغنية بعنصر الكالسيوم الذي يحد من امتصاص عنصر الحديد رغم توافره في التربة، وكذلك الأمر بالنسبة لأعراض نقص المنغنيز في الأراضي الكلسية. وتؤدي زيادة قلوية التربة إلى خفض امتصاص الحديد والمنغنيز والبور، كما يؤدي انخفاض PH إلى زيادة تركيز أملاح الألمنيوم والمنغنيز والحديد في محلول التربة مما يسبب ظهور أعراض التسمم النباتي واضطراب الميزان المعدني التغذوي للنباتات. ويلخص الجدول(2) ردود فعل النباتات على نقص بعض العناصر المهمة في مسار التغذية النباتية.
[[ملف:ناسا42.png|تعليق]]
الآفاق المستقبلية في مجال تغذية النبات والتسميد في الوطن العربي:
يمكن في ضوء الأوضاع الراهنة لتغذية النبات في الوطن العربي إنجاز بعض التوصيات وهي:
ـ ضرورة إقامة شبكة عربية في مجال تغذية النبات والتسميد يهدف إلى زيادة التعاون وتبادل الخبرة ووضع خطط لدراسات بحثية ثنائية وإقليمية مشتركة، والتنسيق بين الشبكة والجمعيات والمؤسسات (الحكومية وغير الحكومية).
ـ عقد دورات وندوات ومؤتمرات لدعم وتطوير الأنشطة الوطنية وتقديم المشورة لها في كل بلد عربي، وتجميع وتنظيم ونشر المعلومات الخاصة بتغذية النبات، وتسويق الأسمدة والمخصبات وتقدير الاحتياجات الغذائية للمحاصيل المختلفة من قبل أخصائي تغذية النبات، وتقديم الاستشارات لمنتجي وموزعي الأسمدة وتدريب المرشدين الزراعيين ودراسة تأثير الأسمدة في البيئة وفي الإنتاج كماً ونوعاً.
ـ ترشيد استخدام الأسمدة وجعل ذلك مبنياً على تحديد الاحتياجات الغذائية بحسب كمية المحصول المستهدفة والعائد الاقتصادي للمزارع والشروط البيئية، إلى جانب الاهتمام بدراسات تأثير تعاقب المحاصيل في تحديد الاحتياجات السمادية وحصر المعلومات عن الأسمدة بطيئة الذوبان للإفادة منها في عمليات التغذية النباتية، وتعميم استعمال الحاسوب في حساب التوصيات السمادية.
ـ وضع أسس مشتركة تسهل تداول الأسمدة بين الدول العربية ومراقبة الجودة مع مراعاة حماية المزارع والبيئة.
ـ استخدام المصادر المحلية المتاحة في إنتاج الأسمدة.
ـ تنسيق وتوطيد العلاقات بين البحث العلمي والإرشاد الزراعي.
ـ زيادة الأبحاث العلمية في مجال تغذية النبات والتسميد مع تكثيف تدريب العاملين والمرشدين والتنسيق الكامل بين الأبحاث التطبيقية والمخبرية لتكون المعطيات متطابقة أكثر مع الواقع الميداني ومتطلبات المزارع.
ـ تحديد آثار العناصر الصغرى في تحسين جودة المنتجات الزراعية وثمار الفواكه والمحاصيل الحقلية والخضر وطرائق استعمالها رشاً على الأوراق أو خلطاً في الترب.
هشام قطنا