منشأ كلمة تراخوما trachoma يوناني ومعناها خشن، وقد عرف هذا المرض منذ القديم، ويعد أهمّ أسباب العمى cécité في الدول النامية.
التراخوما مرض التهابي معدٍ ومزمن يصيب الملتحمة ثم ينتقل إلى القرنية والعامل المحدث لـها هو المتدثرة الحثرية Chlamydia trachomatis. يتوضع هذا العامل الممرض داخل خلايا الملتحمة الظهارية، وإن وجوده كمستضد يؤدي لتشكل الجريبات اللمفاوية follicules lymphoides تحت الظهارة كرد فعل مناعي، ولكن هذه المناعة غير كافية لمنع تحول الحالة وتطورها نحو الإزمان. يمكن أن يحدث الخمج من هذا العامل الممرض نفسه، وغالباً ما يترافق مع خمج جرثومي مؤدياً لحدوث التهاب ملتحمة وقرنية مخاطي قيحي، مما يزيد الحالة سوءاً ويساعد على انتشار العدوى وقد يؤدي إلى العمى.
تحدث العدوى من إنسان لإنسان عن طريق المفرزات العينية والأنفية للمريض، وإن قلة النظافة وانعدام العناية الصحية يساعدان كثيراً على انتشار المرض. والأطفال أكثر عرضة للإصابة بالمرض من غيرهم.

الأعراض

تتطور التراخوما عادة خلال عدة سنوات، وتكون الإصابة ثنائية الجانب، وتكثر مشاركة هذه الإصابة لالتهابات الملتحمة.
تظهر التراخوما في ظهارة الملتحمة، والقرنية وتبدو بشكل احتقان متعمم مع حدوث أجربة وحطاطات فيصبح لون الملتحمة أحمر مخملياً.
إن العنصر الأساسي في التراخوما هو الأجربة التراخومية الكبيرة الحجم والمتوضعة في ملتحمة الجفن العلوي على الأخص.
 
تمرّ التراخوما خلال تطورها بأربع مراحل هي:
ـ مرحلة التراخوما البدئية: قد تكشف في هذه المرحلة عند القيام بفحص دوري، إذ تمرّ خلسة إذا لم تترافق بالتهاب في الملتحمة يدعو المريض لمراجعة الطبيب. ويتّصف الدور البدئي بظهور أجربة على الملتحمة الجفنية خاصة عند مستوى الحافة العلوية للغضروف الجفني العلوي partie supérieure du tarse وفي هذه المرحلة يشكو المريض من حس وخز ودماع خفيفين وثقل في الأجفان.
ـ مرحلة التراخوما المتعممة: وفيها يحدث ازدياد بثخانة الجفن العلوي، فتزداد الأجربة حتى تشمل الملتحمة الجفنية العلوية، ويشاهد بالفحص حليمات وأجربة كبيرة، فإذا ضغط الجراب انبثق وسالت منه مادة هلامية، وهي علامة واسمة للتراخوما. كما تمتد الإصابة إلى القرنية في قسمها العلوي محدثة السبل القرني pannus وهو ارتشاح لمفاوي في القرنية مع أوعية دقيقة سطحية متجهة نحو مركز القرنية مشكلة شبكة وعائية. ويميز في مكان وجود السبل تشكلات عقدية رمادية تشبه الأجربة. وتكون الآفة في البدء سطحية ثم تمتد إلى لحمة القرنية. إنّ الأعراض التي يشكو منها المريض هي أعراض المرحلة السابقة إلاّ أنها تكون أكثر شدة وقد تتناقص حدة الرؤية بسبب حدوث السبل القرني.
ـ مرحلة التراخوما قرب الندبي: تتصف بظهور خطوط ندبية بيضاء في ملتحمة الجفن العلوي موازية لحافة الجفن أوعمودية عليها متقاطعة فيما بينها. يؤدي التندب الليفي إلى تشوه الغضروف الجفني مما يسبب شتراً داخلياً entropion، كما تظهر مع مرور الزمن أهداب حاكة في الجفن بسبب انحراف الأهداب عن وضعها الطبيعي، ويؤدي احتكاكها بالقرنية إلى ظهور تقرحات ulcère وكثافات قرنية (غفاءة) leucome.
ـ مرحلة التراخوما الندبية: تشاهد في هذه المرحلة خطوط ندبية بيضاء عريضة  على الملتحمة الجفنية، التي تصبح شديدة الالتصاق بالغضروف.
 

السير

قد تحدث التراخوما دون أن يلاحظها المريض ولا تترك سوى الندبات في ملتحمة الجفن العلوي، والسبل في القسم العلوي للقرنية. وقد تكون الأعراض شديدة  يمتد فيها السبل حتى يشمل القرنية مؤدياً إلى حدوث كثافات قرنية دائمة.
العقابيل والمضاعفات
ـ الشعرة: تشاهد الشعرة trichiasis عادة في الجفن العلوي بسبب تغير في اتجاه بعض الأهداب نحو كرة العين.
ـ الشتر الداخلي: بسبب تندب الملتحمة وانكماشها وتقوس ظفر الجفن العلوي مؤدياً إلى تماس الأهداب مع كرة العين.
ـ انسدال الجفن: لا يتمكن المريض فيه من رفع جفنه العلوي.
ـ كثافة القرنية: قد تجف القرنية المصابة بالسبل وتتقرح فتصاب بكثافات دائمة وتؤثر في حدة البصر، كما قد تؤدي إلى حدوث حرج بصر astigmatisme غير منتظم.
ـ جفاف العين: ويحدث عن نقص إفراز الدمع بسبب إصابة الغدة الدمعية الأساسية والغدد الدمعية الثانوية للملتحمة.
ـ تضيق الطرق الدمعية أو انسدادها: تسبب التراخوما ضموراً في الغشاء المخاطي لكيس الدمع مما يؤدي للدماع ولالتهاب حاد بكيس الدمع أحياناً.
ـ التصاق الجفن بالمقلة: قد تحدث ندبات تؤدي أحياناً لالتصاق الملتحمة الجفنية بالملتحمة البصلية symblepharon مما يسبب إعاقة حركة العين.
ـ التهاب الملتحمة: من المضاعفات المهمة حدوث التهابات جرثومية مشاركة مزمنة في الملتحمة.

التشخيص

إنّ ما يميز التشخيص وجود أجربة ذات حجم كبير نسبياً وقليلة الشفافية، من تلك التي تشاهد في أمراض أخرى، ويؤكد مخبرياً بفحص كشاطة الملتحمة grattage.
أما في المراحل المتقدمة فيسهل التشخيص لوجود السبل القرني والندب في الملتحمة الجفنية العليا.

المعالجة

تكون المعالجة بالصادات، وأكثرها فعالية التتراسكلين والاريترومايسين، وتقتصر الجراحة على معالجة مضاعفات التراخوما، أما اللقاح فما زال قيد التجربة.      

الوقاية

تكون بفحص عيون الطلاب والعمال دورياً لمعالجة كلّ حالة كما يجب معالجة جميع الأشخاص المعرضين للإصابة في بيئة ما.
وإن العلاج الدوائي وحده ليس كافياً وإنّما يجب العناية الصحية بنظافة العين  وذلك لقطع الحلقة المعيبة للعدوى.
 
 

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث