هناك حالات معينة تشكل العمود الفقري للصحة الجيدة، ومن هذه الحالات ضغط الدم الطبيعي. إنني أقوم بقياس ضغط الدم لعشرات المرضى يوميا، فغالبا ما يرغب المرضى في معرفة ما إذا كان ضغط الدم عندهم طبيعيا، حتى لو لم تكن هناك أسباب واضحة للقلق بالنسبة لهم. فضغط الدم في الأساس هو ضغط القلب الذي يدفع بالدم إلى كل أنحاء الجسم، وهو ليس ضغطا ثابتا بل يتغير على مدار النهار والليل، ويكون في أكثر حالاته انخفاضا أثناء حالة النوم العميق، لكنه سرعان ما يرتفع بشكل حاد أثناء الساعات الأولى بعد الاستيقاظ من النوم. لكن إذا استمر ضغط الدم في الارتفاع متجاوزا الحد الطبيعي على مدار الليل والنهار، فإن هذه الحالة تسمى ارتفاع ضغط الدم.
ونظرا لتغير ضغط الدم وتقلبه، فإنني لا أقر بأن شخصا ما يعانى ضغط الدم المرتفع إلا إذا أخذت سلسلة أو عددا من القراءات لحالة الضغط لديه ( فمن الممكن أن يرتفع الضغط لمجرد الذهاب للطبيب لفحص ضغط الدم ) ؛ ولذلك فإن قراءة واحدة غير كافية. كما أن الشخص يصاب بالدهشة عندما يعلم أنه يعانى ضغط دم مرتفعا لأن معظم المرضى لا يعانون أية أعراض قبل أن تثبت القراءات ارتفاع الضغط. وكان المرضى دائما يسألونني : لماذا؟، ولكن لم تكن هناك إجابة في 90% من الحالات، فذلك يحدث دون أن تكون هناك مشكلة طبية واضحة، وهذا ما يعرف بضغط الدم الأولي، أو الأساسي. أما في بقية الحالات، فقد يكون السبب راجعا إلى مشكلات في الكلية، أو مرض الداء السكري، أو تناول أدوية معينة. إن كل حالة تعد حالة فريدة في نوعها ؛ لذا يجب فحصها وبحثها حسب ما تقتضيه.
وفي أغلب حالات ضغط الدم المرتفع وفي حالة عدم وجود أي مرض آخر يكون أول ما يجب فعله هو تغيير أسلوب الحياة. وهذا يستلزم دائما التوقف عن التدخين، وإنقاص الوزن إذا كان زائدا، وزيادة ممارسة التمارين الرياضية. والعامل الأساسي في تخفيض ارتفاع ضغط الدم والذي نتجاهله دائما هو التقليل من تناول ملح الطعام، وتناول ما لا يقل عن خمس حصص من الفاكهة والخضراوات الطازجة كل يوم، والامتناع تماما عن تناول الكحوليات. وأخيرا، أن تتعلم كيف تهدئ من سرعة إيقاع حياتك، وأن تزيد من فترات الاسترخاء.
ولا شك في أن العلاج الدوائي لضغط الدم المرتفع قد حدثت فيه طفرة كبيرة على مدى السنوات العشر الأخيرة، ويشمل العلاج الدوائي الآن تناول جرعات صغيرة من أكثر من دواء لضبط ضغط الدم المرتفع بدلا من الاعتماد على تناول جرعات كبيرة من دواء واحد ؛ حيث إن هذا يقلل من الآثار الجانبية إلى أدنى حد. ويجب أن تناقش اختيار نوعية العلاج مع الطبيب، حيث قد أظهرت العديد من الدراسات الكبرى التي تم إجراؤها مؤخرا وجود بعض الفوارق الطفيفة فيما يخص الفاعلية، والآثار الجانبية بين مختلف أنواع العقاقير. وعلى الرغم من أنه قد يكون من الصعب أن يتذكر الناس تناول أقراص الدواء بشكل ثابت عندما يشعرون بالتحسن، إلا أنه من المهم أن يفعلوا ذلك ؛ ذلك لأن ضبط ضغط الدم المرتفع على المدى الطويل له فوائد كبيرة في التقليل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، والنوبات القلبية، ومشكلات الكلى فيما بعد.
عندما تتم السيطرة على ارتفاع ضغط الدم بشكل جيد، يصبح من الطبيعي أن تكون هناك زيارة متابعة لدى الطبيب كل ثلاثة أو ستة شهور، ولكن الجمعية الأمريكية لمرض القلب قد أضافت مؤخرا حقيقة مثيرة أخرى. فمن الواضح الآن أن الحالات التي تفجر الضغوط مثل حالات الغضب في الطرق، وأية أفعال عدوانية أخرى قد تزيد من خطورة ارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية بنسبة ثلاثة أضعاف مقارنة بالذين يتسمون بهدوء الطبع. وكل التقنيات الطبية المتوفرة قد لا تعادل بالنسبة للصحة ما تمثله جرعات الهدوء والاسترخاء في عالمنا المحموم هذا الذي يتسم بالسرعة.
يعتبر ارتفاع ضغط الدم واحدا من أكبر العوامل المسببة لتدهور الصحة على المدى الطويل. لذا فلابد أن تتعرف على مستوى ضغط الدم لديك وتعمل على خفضه إذا كان زائدا عن الحد. فإذا فعلت ذلك ؛ فإنك تضيف حياة سعيدة.
المراجع
موقع طبيب
التصانيف
طب العلوم التطبيقية الطبي