بالرغم من كل المؤتمرات والندوات حول التعليم الجامعي، وربطه بسوق العمل الا أن الاف الطلبة الذين يحصلون على شهادة امتحان الدراسة الثانوية العامة، يعيشون في حيرة عند توجههم لتقديم طلبات الالتحاق بالجامعات.

ونتساءل احيانا عن واقعية التفكير لدى الطالب الأردني أو ذويه وكيف يتخذون قرارات مصيرية متعلقة باختياراتهم في مجال التعليم العالي، ومدى ملاءمة هذه الاختيارات لحياتهم المستقبلية، ومدى قدرتها على مواجهة التحديات والصعاب.

التساؤل الذي يطرح نفسه هو كيف يختار الطالب دراسة تخصص مشبع بالخريجين وفرص العمل فيه قليلة أو نادرة والتنافس عليه شديد مثل العلوم الإنسانية وإدارة الأعمال والحقوق وحتى الكمبيوتر ويعزف عن دراسة تخصص آخر عليه طلب كبير في سوق العمل ويحمل معه مستقبلا وظيفيا واعدا بالرغم من ان تخصص ادارة الأعمال يشابه ادارة الفنادق، او المستشفيات، على سبيل المثال؟.

ان منطق الأمور يفترض عقلانية و واقعية القرار عند الطالب وذويه لا ان يصبح التفكير مشوشا والقرار غير صحيح وتترتب عليه معاناة مالية واجتماعية في مجتمع محدود الموارد ومعدلات البطالة عالية فيه.

أسوق ذلك وعندي علامات تساؤل كبيرة حول منطقية عزوف الشاب الاردني عن دراسة تخصص ادارة الفنادق بالرغم من توافر فرص عمل كبيرة لخريجي هذا التخصص ليس بعد التخرج فقط إنما اثناء الدراسة ايضا، إذ أن سوق العمل الاردني يحتاج سنويا لحوالي خمسة آلاف شخص مؤهل لاشغال الوظائف في القطاع الفندقي والسياحي، لكن للأسف هذا العدد لا يتوافر في سوق العمل، نتيجة عدم اقبال الأردنيين على دراسة هذه التخصصات لأسباب واهية وغير عقلانية بمنطق الحياة الحديثة، كما يقول الاستاذ د. محسن مخامرة رئيس كلية الأردن الجامعية التطبيقية للتعليم الفندقي والسياحي وهي كلية حكومية تابعة لوزارة السياحة وشهادتها تصدر عن وزارة التعليم العالي.

ترى كيف يقرر الطالب أو ذووه الالتحاق بمؤسسة أكاديمية لمجرد الحصول على شهادة وتجنب الالتحاق بمؤسسة اكاديمية اخرى توفر له التعليم والمعرفة والمهارات المطلوبة لتأهيله لسوق العمل وبالتالي ضمان وجود فرصة عمل له بموجب هذه المؤهلات.

الاردن يعاني في الوقت الحاضر من اعداد الخريجين المتزايدة الذين يحملون شهادات لكنهم لا يحملون المعرفة والمهارات المطلوبة لإشغال الوظائف وسوق العمل وبالتالي اصبحنا مجتمع شهادات هدفه الحصول على شهادة بأية وسيلة.

ما هو المستقبل الذي ينتظره الطالب من حمل شهادة فقط دون مضمون؟، وكيف يستطيع هؤلاء المساهمة ببناء الاردن الذي يعتمد اساسا على العنصر البشري برسم استراتيجيته ومستقبله؟.

للأسف يتمتع الطلبة والآباء بحرية اتخاذ القرارات غير الصحيحة، وبعد ذلك يحاولون تحميل مسؤولية نتائج هذا الخطأ للدولة والمجتمع لمعالجة آثاره، حيث يطالبون الدولة بتوفير فرص عمل لتخصصات تم اختيارها من قبلهم، وغير مطلوبة في سوق العمل، وهنالك العديد من الجامعات الخاصة أصبح لديها كليات للتعليم الفندقي لكن الاقبال عليها ما زال محدودا.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   أحمد جميل شاكر   جريدة الدستور