عيد العمال عندنا والذي نشارك به عمال العالم اليوم له نكهة خاصة، فقد استطاع العامل الأردني على مدار السنوات الماضية، وفي معظم مواقعه أن يجهر بمطالبه، وان يمارس حقه الديمقراطي في الاعتصامات والمسيرات، والتي كانت تحت مظلة الوطن والبناء على الانجازات.
عامل الوطن عندنا، وإن كانت إمكانياته المادية ما زالت محدودة، إلا أنه يتمتع والحمد لله بالكبرياء، والثقة بالنفس، ويشعر بكرامته، وأنه يتمتع إلى حد كبير بالأمن الوظيفي والذي افتقده أقرانه في دول أخرى.
نحمد الله تعالى أن الطبقة العاملة لدينا، استطاعت بعرقها وجهدها وجهادها أن تقوم بتوفير مستلزمات الحياة الكريمة لأبنائها، حتى أن الآلاف من الجامعيين ومن الأطباء والمهندسين والمحامين وغيرهم من الطبقات الاجتماعية التي تتمتع بقسط كبير من التعليم العالي.
نعتز بالعامل الأردني، والذي أصبح مضرب المثل في كل الدول العربية التي يعمل بها، وأنه أصبح المفضل لدى أصحاب العمل سواءً كان عاملاً في القطاع التجاري أو الصناعي، أو الزراعي، أو أي قطاع خدماتي آخر، لأنه عامل ماهر ومدرب صادق في تعامله.
من حق العمال علينا ان نبارك لهم اليوم في عيدهم، ونشد على ايديهم، ونحني هاماتنا اجلالا وتقديرا لسواعدهم وزنودهم التي احالت اردننا الى واحات خضراء، ومصانع ومعامل وحياة ونموا وازدهارا وعطاء.
لقد كان الاردن في مقدمة الدول العربية التي اهتمت بالحركة العمالية، حيث مضى اكثر من ستين عاماً على تأسيس اول اتحاد للعمال في الاردن، ليكون الانتاج والعمل والبناء هو شعار الاردن منذ تأسيسه ولتواكب الحركة العمالية نهضة الوطن منذ نيله الاستقلال قبل اكثر من نصف قرن.
لقد كانت الحركة العمالية وما زالت احد العوامل الاساسية في التنمية الاقتصادية والتنمية الشاملة التي وضعها جلالة الملك عبدالله الثاني قائد الوطن في مقدمة الاولويات الوطنية، حتى أنه أشار إلى ذلك بوضوح في كتاب التكليف السامي قبل أيام للدكتور فايز الطراونة.
لقد كانت الحركة العمالية وما زالت تقوم بدورها الوطني البناء في احداث النقلة النوعية وتحفيز قدرات وطاقات الشباب والمواطنين كل في موقعه.
لقد تميزت العلاقة بين اطراف العمل الثلاثة وهي النقابات العمالية، واصحاب العمل والحكومة بالحوار الجاد والتعاون البناء في حل كل المشاكل بروح من المسؤولية العالية والمشاركة في الهم الوطني وانه لا يجوز في اي حال من الاحوال التقصير في تقديم المزيد من الامتيازات للعمال وتحسين ظروف معيشتهم.
لقد تمتع العمال عندنا ومنذ نحو ثلاثين عاماً بالضمان الاجتماعي، والذي كان البعض يتخوف من عدم قدرته على الوفاء بالالتزامات، او يصاب بالفشل، لكن الارادة السياسية للقيادة الهاشمية كانت وراء هذا الانجاز الذي حفظ كرامة العمال وعائلاتهم بعد ان كان شبح الخوف من المستقبل والغد يطاردهم ويقض مضاجعهم، ويؤرق عائلاتهم.
لقد استطاعت الحركة العمالية عندنا ان تحدث نقلة في ثقافة العيب، وتعاونت مع العديد من الجهات لترسيخ سياسة التأهيل والتدريب لرفد الصناعات الكبيرة والمتوسطة بالايدي المؤهلة والمدربة، وانتشرت العمالة الاردنية في العديد من دول الخليج العربي، وكانت الاكثر عطاء وقدرة وخبرة وان صناعات عديدة اقيمت في الخارج على اكتاف ابناء الوطن.
اننا ما زلنا نتطلع الى منح العمال المزيد من الامتيازات وان يتم وضع برامج في ارجاء الوطن لتوفير المساكن المناسبة لكل عمال الوطن، وبأسعار مناسبة حتى ولو ادى ذلك الى تخصيص الاراضي الاميرية لغايات مشاريع اسكان العمال بهدف تخفيض الكلفة، وتعديل التشريعات التي تحد من عطائهم، وتوفر لهم اعلى درجات الامن الوظيفي، وشمولهم جميعا بالتأمين الصحي، ومساعدتهم في الاقساط الجامعية، وخاصة المتفوقين منهم، ورفع الحد الادنى لرواتبهم وتوفير التأمين الصحي لكل المتقاعدين منهم.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة أحمد جميل شاكر جريدة الدستور