الاهتمام الذي تبديه وزارة الصحة بموضوع الصحة النفسية يستحق التنويه والتقدير، خاصة وأن دراسات منظمة الصحة العالمية أثبتت أن هناك علاقة واضحه تربط بين الصحة النفسية والصحة بشكل عام، وأن العبء الناجم عن الاضطرابات العصبية النفسية يرتفع في سائر أنحاء العالم، وأنه بازدياد مستمر وخاصة في المناطق التي تأثرت بالحروب والصراعات أو النتائج المترتبة عليها.
لقد بات من الضروري وبعد تطوير خدمات الصحة النفسية المجتمعية بأن يتم دمج الصحة النفسية ضمن الرعاية الصحية الأولية، لأن من شأن ذلك توسع نطاق خدمات الإضطرابات النفسية، وتقليص مدة العلاج.
وللتخفيف من ثقافة العيب التي تنتاب المواطن الذي يعاني من إضطرابات نفسية، وعدم رغبته وذويه بالتوجه الى الطبيب النفسي، فإنه لا بد من تصنيف الصحة النفسية كأولوية في جدول الأعمال الوطني للصحة العامة وتخصيص الموارد المالية والبشرية الكافية للصحة النفسية حيث إن عدد المهنيين في الصحة النفسية في المملكة ما زال محدوداً للغاية، وأن نسبة الموارد البشرية المخصصة للصحة النفسية الى النسبة المخصصة للصحة العامة هي واحد الى خمسين مهنيا، ما يعكس عدم الإهتمام بهذا الجانب الحيوي في صحة الإنسان.
لا بد من التوسع بعيادات الصحة النفسية والتي يجب أن تكون ضمن المستشفيات العامة، والمراكز الطبية المختلفة وليس في مستشفيات الأمراض النفسية التي يجب أن تقتصر على الحالات الصعبة فقط، ويتم دمج الحالات البسيطة في المستشفيات العادية.
ولتحسين مستوى خدمات الصحة النفسية فإنه لا بد من التنسيق بين العديد من مقدمي الخدمات الصحية النفسية في وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية والمستشفيات الجامعية، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة التنمية الإجتماعية حيث هناك أعداد كبيرة من المرشدين النفسيين والتربويين، وكذلك مع جمعية العون الطبي الأردني، والاستعانة بالخبرات والامكانيات المادية والبشرية التي يوفرها المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في عمان.
في أحيان كثيرة تردنا شكاوى من نقص في الأدوية الأساسية للصحة النفسية، والتي لا تكون متوفرة في الأسواق المحلية، وإن كانت متوفرة فإن كلفتها عالية، وأن إستمرارية توفير الدواء يعتبر أمراً أساسياً، وأن إيجاد مظلة موحدة في الأردن للإشراف على الصحة النفسية من شأنه توفير أعلى درجات الخدمة، وتقصيد صرف الدواء للمرضى بدلآ من تمكن العديد من صرف نفس الدواء من بضع جهات حكومية.
وزارة الصحة مطالبة بإزالة كل المعوقات المادية والمعنوية من أمام مرضى الصحة النفسية، واعتبار المريض النفسي كأي مريض مصاب بالسكري، أو حتى بالتهاب اللوزتين، وقد أحسنت منظمة الصحة العالمية عندما مكنت العديد من المصابين بأمراض نفسية من التحدث عن التجربة التي مروا بها، وكيف أنهم عادوا بعد علاجهم وشفائهم الى مواقع عملهم، وهم أكثر صلابة، وقوة على مواجهة الحياة، ولم يعد مرضهم يشكل لهم أي حرج، وأنهم حريصون على أن يتوجهوا الى عيادات الطب النفسي دون أية اعتبارات، لأن صحتهم، واندماجهم في المجتمع وخدمة أسرهم هي الأهم، وتقع على رأس جدول الأولويات.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة أحمد جميل شاكر جريدة الدستور