لقد بني الأساس الاقتصادي لصناعة العقاقير الطبية في الدرجة الأولى على تخليق كيميائيات صناعية يتم تسجيلها والاحتفاظ بحق استغلالها. وهذا التسجيل يعطي الشركة المنتجة للعقار الحق المطلق في تسويقه لمدة تناهز الخمسة عشر عاما بالسعر الذي تقدره. وعلى هذا الأساس، فالاستثمار الحقيقي يكون في اختبار فاعلية هذا العقار وإثباتها والبدء في تسويقه لغرض علاجي معين وهو ما يتكلف حوالي المائة مليون جنيه إسترليني.
أما المواد الطبيعية، فلا يمكن بحال “تسجيلها”، ولهذا تصبح ربحية الاستثمار في هذه المواد وقدراتها العلاجية أقل بمراحل عنها في المواد المخلقة، ففيتامين “جـ” مثلا يمكن لأي منا شراؤه بأقل سعر خاضعا لقوى السوق المختلفة.
عقار AZT هو من أكثر العقاقير شيوعا لعلاج عدوى الإيدز. وتبلغ تكلفة الجرعة اليومية الموصى بها (500 مجم) نحو 6.25 جنيه إسترليني أو 10 دولارات أمريكية (190 جنيها إسترلينيا شهريا). رغم ذلك، ففيتامين “جـ” له قدرة تفوق قدرة AZT على تثبيط عدوى فيروس الإيدز داخل الخلايا البشرية. ولا يتجاوز تكلفة أقصى جرعة ممكنة 20000 مجم يوميا سوى 58 قرشا أو 90 سنتا أمريكيا (18 جنيها إسترلينيا شهريا). أي أن تكلفة AZT كعقار تبلغ عشرة أضعاف فيتامين “جـ”. وهذا الفارق المهول لا يعد استثنائيا. مما يفسر ما تتكلفه جهات الرعاية الصحية بالمملكة المتحدة لشراء العقاقير الطبية وحدها نحو 4.3 بليون جنيه إسترليني سنويا أو ما يعادل 71 جنيها للفرد.
أما المشكلة الأخرى التي تقابلنا في التعامل مع العقاقير الدوائية مثل AZT أن الغالبية العظمى منها لها آثار جانبية نظرا لكونها غير طبيعية، ومستحدثة على النظام الكيميائي بجسم الإنسان. أما فيتامين “جـ” فيمثل جزءا من هذا النظام، فليس له أية أعراض ضارة سوى عند حقنه بكميات مبالغ فيها. وهو ما يصدق على الكثير من المواد، قد يكون من ضمنها الماء عند تناوله بكميات كبيرة. ولهذا، فالأدوية الغذائية (على غرار فيتامين “جـ”، الذي يتسق مع أنظمتنا الداخلية) يمكننا التكيف معها بدرجة أكبر كثيرا من العقاقير المخلقة.
وبالنظر لمختلف الجوانب من حيث الكفاءة العلاجية والأعراض الجانبية الضارة بالإضافة إلى التكلفة تتفوق العديد من الأدوية الغذائية على نظائرها المخلقة لاسيما عندما تمثل جزءا من النظام الغذائي بكامله. والجدول التالي يوضح عددا من أهم العناصر الغذائية التي ثبتت فعاليتها العلاجية للتعامل مع المشاكل الصحية المقابلة.


المرض والأعراض العقاقير الشائعة المواد الغذائية الفعالة
اضطراب القلق البنزوديازيبين، المهدئات العصبية (الديازيبام، التيمازيبام)
  • فيتامين “ب” المركب، حمض الفوليك
  • الكالسيوم، المغنسيوم، الزنك
التهاب المفاصل مضادات الالتهاب اللااسترودية NSAIDs (إيبوبروفين، دكلوفيناك)، الكورتيزون (بريدنزولون)
  • زيت الأسماك، زيت الأَخْدَرِيَّة
  • حمض البسويليك
  • الجلوكوزامين
الربو الشعبي الموسعات الشعبية (السالبيوتامول، الفنتولين)
  • زيت الأسماك، زيت الأَخْدَرِيَّة
  • فيتامينا “أ”، “جـ”، ومضادات الأكسدة (القاضية على مثيرات الحساسية)
نزلات البرد والأنفلونزا مضادات الاحتقان (سودافد)
  • فيتامين “جـ”، الزنك، مضادات الأكسدة
  • خلاصة البلسان، مخلب القط، الردبكية
الاكتئاب مضادات الاكتئاب (بروزاك، أميتريبتالين)
  • فيتامينا “ب3″، “ب12″، وحمض الفوليك
  • التربتوفان، التيروزين
الإكزيما كريمات الكورتيزون
  • زيت الأسماك، زيت الأَخْدَرِيَّة
  • فيتامين “جـ”، المغنسيوم، الزنك (يقضي على الحساسية)
الصداع مضادات الألم (الأسبرين، الباراسيتامول)
  • فيتامين “ب3″ (النياسين)
  • الإنزيمات الهاضمة
أمراض القلب الأسبرين، مضادات الكالسيوم (إيستين)
  • فيتامينات “جـ”، “هـ”، “ب3″
  • EPA و DHA من زيوت الأسماك
  • الليسين
ارتفاع ضغط الدم الأسبرين، مضادات بيتا (أتينولول)، خافضات الضغط (إينالابريل)
  • فيتامينات “جـ”، “هـ”، “ب3″
  • EPA و DHA من زيوت الأسماك
العدوى المتكررة المضادات الحيوية (البنسلين، أموكسيسللين)
  • فيتامين “جـ”، الزنك، مضادات الأكسدة
  • خلاصة البلسان، مخلب القط، الردبكية
الأرق الأقراص المنومة (الموجادان، الزاناكس)
  • فيتامينات “ب3″، “ب6″، “جـ”
  • الكالسيوم، المغنسيوم، الزنك
  • التربتوفان
اضطرابات ما قبل الحيض ومشاكل انقطاع الطمث العلاج الهرموني التعويضي (بريمارين)
  • فيتامينات “هـ”، “ب6″، والزنك، والمغنسيوم
  • زيت الأَخْدَرِيَّة
  • هرمون البروجيسترون الطبيعي

الغذاء كدواء
يظل الغذاء بالطبع هو أهم مصادر الأدوية الطبيعية وليس مجرد العبوات الجاهزة منها. فالعديد من الأغذية الطبيعية توفر أكثر من عشرين عنصرا غذائيا علاجيا فعالا بكميات وافرة تكفي لإظهار أثر حقيقي على مسار حياتك.
فبالنظر مثلا لنباتات الفصيلة الصليبية، مثل الكرنب والقرنبيط بأنواعهما المختلفة ومع وفرة الفيتامينات والعناصر المعدنية بهذه الفصيلة، تظل هذه النباتات مصدرا ثريا لمواد مثل الجلوكوزينولات والتي ثبت مدى فعاليتها كغذاء صحي. إن تناولها لا يحد من مخاطر الإصابة بالسرطان فحسب -فتناولها 3 مرات أسبوعيا يهبط بمعدل الإصابة بسرطان القولون بنسبة 60% على سبيل المثال- بل يمكن جسمك أيضا من التعامل مع المواد السامة؛ عن طريق قدرتها المتفردة في زيادة تحفيز وظائف إزالة السمية بالكبد بنسبة 30% عند تناول ثمرة واحدة من أي منها مع كل وجبة. وهذا مثال بسيط لغذاء شائع لا يحد من مخاطر المرض فحسب، بل يزيد من قدرتك على التكيف مع المحيط الخارجي. وأغذية أخرى عديدة لها آثار مشابهة مثل الجزر والطماطم وفول الصويا والثوم… إلخ.
ولهذا، يبدو الغد القريب مفعما بالأمل في التحول نحو هذه الأدوية الغذائية كبديل عن العقاقير الطبية وما قد يكون لها من آثار ضارة، معتمدا على الصيدلية الطبيعية للأغذية لإصلاح كيمياء الجسد واستعادة كفاءته.
 

المراجع

موقع طبيب

التصانيف

طبيب  العلوم التطبيقية  الطبي