بدأت الاكتشافات العلمية الحديثة والبيئية والجينية في سبر أغوار نشأة الجنس البشري. ويبدو أن كثيراً من الأمراض التي نكن لها الكراهية قد نشأت لتحمينا. فعندما تنسد أنف إثر التعرض لملوث ما وعندما تتغير خلايا الرئة لدى المدخنين من هيئتها الأصلية لهيئة أخرى مع تكرار التعرض لسموم التدخين، فالجسم يحاول التأقلم مع الظروف الجديدة. إنها تلك القدرة على التكيف التي تتيح لنا البقاء على قيد الحياة في خضم هذا العالم المتغير.
وقد أفاد د.لينوس بولينج، وهو في الثانية والتسعين من عمره أن أمراض القلب والشريان التي تعد القاتل رقم واحد في العالم الغربي تحمينا من الانقراض. وقد جذب انتباه أطباء القلب بحث أجراه تحت اسم “نظرية موحدة حول أمراض القلب والأوعية الدموية” بالاشتراك مع ماتيوس راج. ولو ثبتت صحة نظريته، فلن يقف الأمر عند حد اكتشاف أسباب أمراض القلب، بل قد تؤدي إلى زوال هذه الأمراض القاتلة. الحل؟ فيتامين “جـ”.
كل الحيوانات تتمكن من تصنيع فيتامين “جـ” داخل أجسامها باستثناء فئران التجارب والخفافيش آكلة الفاكهة وطائر البلبل الأحمر والكائنات الأولية شاملة الإنسان. تختلف الكمية من فصيلة إلى فصيلة ولكنها تعادل 1000-20000 مجم يومياً للإنسان إذا تمت المقارنة. عنزة على سبيل المثال تقوم بإنتاج 216 مجم من فيتامين “جـ” لكل كجم من وزنها. لذا، فإن عنزة بالغة تزن 60 كجم تنتج 13000 مجم من فيتامين “جـ”. لكن غالبية الناس في المجتمعات الغربية تستهلك حالياً أقل من 100 مجم؛ وكما هو واضح، فهي كمية أقل بكثير مما نحتاجه. منذ 40 مليون سنة مضت، فقدت أسلاف الإنسان القدرة على تصنيع فيتامين “جـ” في أجسامها من الجلوكوز، ومنذ ذلك الحين ونحن نعتمد على ما نتناوله من طعام للحصول على ذلك الفيتامين المهم. وربما سببت وفرة المواد الغذائية التي تحتوي على هذا الفيتامين في تلك الأزمنة الغابرة تحوراً جينياً نتج عنه فقد هذه القدرة سالفة الذكر. في الواقع، كان العالم حينها يزخر بالفاكهة وغيرها من الأطعمة النباتية التي يمكن وبسهولة أن تمد الفرد بعدة جرامات من فيتامين “جـ” يومياً، وعندما غادر الأسلاف المناطق الاستوائية لغيرها من أجزاء العالم (خاصة خلال العصور الجليدية، عندما شحت النباتات بشدة) باتوا أكثر عرضة لأن يصابوا بالاسقربوط Scurvy.
والاسقربوط مرض قاتل من خصائصه تلف الأنسجة الضامة. وفيتامين “جـ” ضروري لإنتاج الكولاجين Collagen، الإيلاستين Elastin وهي ألياف تدعم ترابط الجلد والأغشية الداخلية والخلايا. أول علامات الاسقربوط حدوث نزف داخلي وتجمعات دموية نتيجة تلف جدران الأوعية الدموية. وفي القرون الأولى كان الاسقربوط يصيب أطقم السفن التي لم تأخذ معها ما يكفي من الخضراوات والفاكهة أثناء الرحلات الطويلة.
الطبيعة تحمي نفسها
إذاً، فكيف نظل على قيد الحياة؟ وفقاً لوجهة نظر د.لينوس بولينج، فقد يكون ترسب الدهون والبروتينات الدهنية في جدران الأوعية الدموية هو لحمايتها لأجل تعزيز فرصتنا في البقاء على قيد الحياة في ظل نقص فيتامين “جـ”. مجموعة أخرى من البروتينات تتراكم بشكل طبيعي في مواضع التلف لتؤثر على القدرة الذاتية للإصلاح ألا وهي الفيبرينوجين Fibrinogen، الأبوبروتين Apoprotein. يعد اجتماع كل من الليبوبروتين والأبوبروتين حالياً التطور الجيني الرئيسي الذي حدث ليعادل الأثر المدمر للاسقربوط على جدران الشرايين. تسمى هاتان المادتان معاً “الليبوبروتين أ” Lipoprotein A، والتي في حال زيادتها، يعتقد بأنها أحد أهم مؤشرات الإصابة بأمراض القلب والشرايين. دعنا الآن نلقِ نظرة على ما يعرف بتصلب الشرايين، أي زيادة سمك جدرانها وما قد يسببه لاحقاً من انسداد أو انفجار للوعاء الدموي، فتحدث السكتات الدماغية، الأزمات القلبية، الذبحات الصدرية، الجلطات الدموية بمختلف أنواعها.
الكوليسترول
أول نظرية هي أن الكوليسترول وهو مادة تشبه الدهون ويصنعها الجسم هو المتهم الأول. وكان رد الفعل أن نتجنبه في الطعام. بَيْد أن ذلك لم يأتِ بالأثر المطلوب. فيما بعد، تم اكتشاف أن المشكلة لا تكمن في وجود الكوليسترول بحد ذاته، بل تكمن في قدرة الجسم على التخلص منه ومن أثره على الشرايين. يقوم الكبد بتصنيع الكوليسترول ويجب أن يعود إليه مرة أخرى بعد نزوله إلى القناة الهضمية من خلال العصارة المرارية، حيث يساعد في عملية هضم الدهون، ومن ثم يمتص ثانية إلى مجرى الدم. وقد وجد أن بعض البروتينات النقالة Protein Carriers، وتعرف بالبروتينات الدهنية قليلة الكثافة LDL Low Density Lipoproteins مسئولة عن نقله إلى جدران الشرايين، بينما تقوم بروتينات أخرى، وهي البروتينات الدهنية عالية الكثافة HDL High Density Lipoproteins، تحمله خلال الشرايين وتعود به ثانية إلى الكبد. لذا، إن كانت مستويات كوليسترول LDL منخفضة لديك مقابل ارتفاع مستويات كوليسترول HDL فتلك أخبار سارة.
ركز رأي آخر على ما يسمى “النظرية الدهنية”، فالدهون بالدم تسمى الجلسريدات الثلاثية Triglycerides، وهي أيضاً إذا زادت مستوياتها تسبب أمراض القلب. وعلى عكس ما ذكرناه سابقاً بشأن الجلوكوز، فإن الإسراف في أكل الدهون (أو السكر أو شرب الكحول) يرفع مستويات الجلسريدات الثلاثية بالدم.
يتناول بحث حديث نموذج HDL/LDL. يجب أولاً إدراك أن الكوليسترول المُؤكْسَد (التالف) أكثر قدرة على التسبب في انسداد الشرايين بغض النظر عن البروتين الدهني الذي يحمله. تقوم مضادات الأكسدة مثل فيتامينات “أ”، “جـ”، “هـ” بحماية الكوليسترول من الأكسدة. يتفق ذلك ونتائج الأبحاث الحالية، التي تظهر باستمرار تراجع خطر الإصابة بتصلب الشرايين لدى الأشخاص الذين يتناولون كميات كبيرة من مضادات الأكسدة. وتظهر دراسات أكثر حداثة أن الدهن سبب المشكلة قد يكون في الحقيقة الليبوبروتين أ Lp(a) وهو عبارة عن اجتماع بروتين بدهن، ويقوم بنقل الكوليسترول ويلتصق بالجلطات الدموية. يستطيع الليبوبروتين أ إصلاح الأوعية الدموية التالفة أو المثقوبة، لكنه في الوقت ذاته، يرفع خطر الإصابة بأمراض القلب لأنه يترسب في جدران الشرايين. تشير الأبحاث حالياً وبشدة إلى أن نشأة الليبوبروتين أ تعد في الغالب استجابة جينية لفصيلة معرضة للانقراض بأثر ارتشاح الأوعية الدموية. هل تلك استجابة الطبيعة لمرض الاسقربوط القاتل؟ إن الفترة التي استغرقها نشوء الليبوبروتين أ لدى القرود تتفق والوقت الذي بدأت فيه الأوليات Primates، حسب الاعتقاد، في فقد القدرة على إنتاج فيتامين “جـ”.
ما مدى اتفاق النظرية التي تدعي بأن نقص فيتامين “جـ” سبب رئيسي للإصابة بأمراض القلب والشرايين مع الحقيقة؟ يؤدي نقص فيتامين “جـ” إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول والجلسريدات الثلاثية و LDL الضار والأبوبروتين و Lp(a) بالدم ونقص HDL النافع. والعكس صحيح تماماً. لا يمكن أن تكون كل هذه المفارقات محض صدفة، وكانت من القوة بحيث دفعت لينوس بولينج وزملاءه إلى متابعة أبحاثهم في هذا الشأن.
وبالنسبة لأسلافنا، فقد كان أثر فيتامين “جـ” عظيماً، خاصة في أشهر الصيف لتوافر مصادره، حيث تؤدي زيادة HDL إلى إزالة فائض الكوليسترول. يعمل فيتامين “جـ” أيضاً على تثبيط إنتاج الكوليسترول ويحفز نشاط هيدروكسيلاز 7 أ 7 a hydroxylase، وهو إنزيم رئيسي يقوم بتحويل الكوليسترول إلى عصارة مرارية. يؤدي ذلك كله إلى نقص ترسب المواد المصلبة للشرايين غير الضروري بالمرة. وقد بان في إحدى الدراسات أن 500 مجم من فيتامين “جـ” يومياً قد يؤدي إلى الحد من رواسب تصلب الشرايين خلال 2-6 أشهر. وقد يفسر لنا هذا ارتفاع معدلات حدوث الأزمات القلبية والسكتات الدماغية في أيامنا هذه في فصول الشتاء عنها في فصول الصيف والربيع حيث يزداد تناول فيتامين “جـ” كما يقول د.بولينج.
أدلة جينية
هناك مؤشرات قوية بشأن وجود استعداد جيني لدى بعض الأشخاص لارتفاع مستويات الكوليسترول والجليسريدات الثلاثية أو كليهما. وحسب نظرية د.بولينج، فإن نقص فيتامين “جـ” يكشف هذه القابلية التي نشأت وتطورت لحماية الشرايين من الاسقربوط.
يوجد مرضان يتعلقان بالقلب والشرايين وتسببهما عوامل جينية، تلف الأوعية الدموية السكري Diabetic Angiopathy، فرط الهوموسيستين في البول Homocystinuria. في السكري Diabetes، تتعارض مستويات الجلوكوز المرتفعة في الدم مع تناول فيتامين “جـ”. ومن ثم، يزداد تحلل جدران الشرايين. إن تناول فيتامين “جـ” لا يؤدي فقط إلى منع تلك المشاكل بزيادة تركيزه في جدران الأوعية الدموية، لكنه يدعم أيضاً اتزان الجلوكوز والإنسولين بالدم.
وفي الهوموسيستين في البول، يعاني المريض من تراكم كميات كبيرة من مادة سامة تسمى الهوموسيستين. تصنع هذه المادة من الميثيونين، أثناء تحوله إلى السيستانثيونين، وهي مادة غير ضارة، لكن لدى بعض الأشخاص يتراكم فائض الهوموسيستين نتيجة خلل إنزيمي. والنتيجة تلف واسع الانتشار يصيب القلب والشرايين؛ 60% من المرضى يبدءون في الشكوى من أعراض المرض قبل سن الأربعين. ومرة أخرى، يمكن أن يؤدي تناول فيتامين “جـ” إلى الحد من تلك المشاكل وغيرها من المضاعفات التي يسببها المرض، حيث يساعد في أيض الهوموسيستين بطريقة سوية. وهو ما يعجز عن القيام به واحد لكل 5 أشخاص. إن ارتفاع مستويات الهوموسيستين يضاعف فرصة التعرض للأزمات القلبية. ونعلم الآن أن فيتامينات “ب” (“ب6″، “ب12″، حامض الفوليك) قادرة على تثبيط تكوين الهوموسيستين. ومن ثم، خفض هذه الفرص.
التغلب على تصلب الشرايين
تعتمد صحة أي نظرية على ثبات ما تفترضه عملياً. يعتمد علاج تصلب الشرايين Atherosclerosis على استخدام مكملات فيتامين “جـ” والليثين (حامض أميني) الغذائية، التي بجانب قدرتها على منع ترسب الليبوبروتين أ بجدران الشرايين، تساعد أيضاً في إزالة الرواسب من هذه الجدران إن حدث ووجدت. لم تكتمل بعد أي دراسة سريرية (إكلينيكية) لإثبات هذه الفرضية، لكن تزداد أعداد ما يتعلق بها من قصص ناجحة.
إحداها لعالم كيمياء حيوية أمريكي، تعرض لثلاث عمليات لاستبدال الشرايين التاجية ولكثير من المضاعفات ويعاني من آلام الذبحة الصدرية مع أقل مجهود. قام باستخدام العديد من العقاقير الطبية، شاملة مثبطات بيتا والأسبرين بصورة يومية. وأضاف طبيب القلب الخاص به، بعد أن أخبره باستحالة إجراء عملية رابعة، لهذه الأدوية، 6 جم من فيتامين “جـ”، 60 مجم من Co Q10، وأقراص فيتامينات ومعادن متعددة تحتوي على فيتامينات “أ”، “هـ”، والليثيثين والنياسين (فيتامين “ب3″). وقد أوصاه د.بولينج بالاستمرار على فيتامين “جـ” وإضافة 5 جم من الليسين يومياً.
بدأ الرجل بجرعة يومية مقدارها واحد جرام من الليسين في مايو 1991م، وزاد الجرعة إلى 5 جم بمنتصف يونيو، وبمنتصف يوليو تمكن من السير ميلين وتنظيف حديقته بدون ألم الصدر، وكتب يقول: “إن تأثير الليسين سحري”. وقد عزى تحسن صحته إلى إضافة الليسين والفيتامينات إلى عقاقيره الطبية الأخرى. وقد لفت هذا التحسن انتباه زوجته وأصدقائه.
أما مايكل، وهو أحد مرضاي وقد عانى من 3 سكتات دماغية وارتفاع بضغط الدم مدة 10 سنوات، أتى إليَّ يشكو آلام الذبحة الصدرية نتيجة انغلاق شبه تام أصاب شرايينه التاجية. حتى السير الخفيف يصيبه بألم صدري لا يحتمل. وقد وصفت له جرعة يومية مقدارها 5 جم من فيتامين “جـ”، 3 جم من الليسين إضافة إلى 600 و.د من فيتامين “هـ”، 30 مجم من Co Q10. بعد 5 أشهر، وبعد أن توقف عن استخدام عقارين لعلاج ارتفاع ضغط الدم، أصبح ضغط دمه طبيعياً واستطاع الوصول إلى معدل ضربات قلب مقداره 180 ضربة في الدقيقة، مع مزاولة الرياضية قبل أن يشعر بأي ألم.
إعادة التفكير بطريقة راديكالية في أمراض القلب
رغم أن نظرية د.بولينج المتعلقة بأسباب وعلاج أمراض القلب تطابق الحقائق إلا أنها تحتاج دون شك إلى أن يتم اختبارها تفصيلياً فيما يتعلق بتشخيص وعلاج والوقاية من أمراض القلب والشرايين قبل أن يتم قبولها بشكل واسع. ولو ثبتت صحتها، فلسوف يقوم العلماء الذين اتبعوا غيرها من النظريات، مثل نظرية الكوليسترول على سبيل المثال، بإعادة النظر كلية في هذا الأمر. وحسب الفيزيائي الشهير ماكس بلانك: “نادراً ما تشق الفكرة الجديدة طريقها بالتغلب التدرجي وأخذ محل الأفكار المضادة لها. ما يحدث في الواقع هو أن الأفكار المنافسة تموت وتفنى تدريجياً. من ثم، تألف الأجيال الجديدة الفكرة الجديدة من بدايتها”.
نظرية فيتامين “جـ” قد تعد مثالاً لمثل تلك الفكرة، بولينج الذي توفى عام 1994م عن عمر يناهز 93، كان بالتأكيد مقتنعاً تماماً بأن أمراض القلب والأوعية الدموية هي نتاج مباشر لعجز الإنسان عن تصنيع حامض الأسكوربيك (فيتامين “جـ”)، إضافة إلى عدم كفاية ما نتناوله منه في الطعام المعاصر. ولو ثبت أن نقص فيتامين “جـ” هو المسئول الأول عن إصابة الإنسان بأمراض القلب والأوعية الدموية، فمن المفترض أن تصبح مكملاته الغذائية العلاج الأول لمثل تلك الأمراض. ويوصي بولينج بـ 5-20 جم يومياً. الأدلة الإحصائية والسريرية المتاحة مقنعة نسبياً. يقول بولينج: “إثبات هذه النظرية سريرياً من المفترض أن يؤدي إلى التخلص من أمراض القلب والأوعية الدموية كأحد أسباب الوفاة لهذا الجيل والأجيال التالية”.
المعادن وارتفاع ضغط الدم
بينما قد توضح نظرية “بولينج” و”راث” أسباب تصلب الشرايين وقابلية الإنسان للإصابة بها، فهناك بلا شك عوامل أخرى قد تساهم في تطور أمراض القلب والشرايين. أحدها، هو التحكم في ضغط الدم من خلال الكالسيوم والمغنسيوم والصوديوم البوتاسيوم. يحيط بالجدار الداخلي للشرايين طبقة عضلية، بإمكان هذا الجدار العضلي الانقباض والانبساط. عندما ينقبض، يرتفع ضغط الدم، ويحدث ذلك كرد فعل طبيعي للضغوط العصبية، حيث يساعد في وصول الجلوكوز من الدم إلى الخلايا، ولكن إذا طال أمد تلك الاستجابة، أو كانت الأوعية المنقبضة مسدودة جزئياً من قبل، فالنتيجة هي ارتفاع ضغط الدم، أو حتى انسداد كامل إلى درجة حدوث أزمة قلبية أو سكتة دماغية. هذه الحالة من التوتر الشرياني يحكمها اختلاف كهربي بين ما يعرف بالعناصر المشحونة Electrolytes داخل وخارج الخلايا العضلية.
العناصر محل النقاش هي الكالسيوم والمغنسيوم والبوتاسيوم، كلها تساعد في ارتخاء الشريان، بينما الصوديوم يساعد في انقباضه. ولو تم إعطاء العناصر الثلاثة الأولى بشكل منفصل، فسينخفض ضغط الدم بوضوح، وهو ما يحدث أيضاً في حالة تجنب الصوديوم. تأثير كل عنصر وحده أقل من تأثير أدوية خفض ضغط الدم المعروفة. بَيْد أن زيادة في الكالسيوم والمغنسيوم والبوتاسيوم بجانب نقص في الصوديوم بإمكانها خفض ضغط الدم بشكل مذهل خلال أيام. تماماً كما تفعل الأدوية، وربما بشكل أفضل ودون أعراض جانبية.
يمكن تجنب الصوديوم بسهولة من خلال عدم إضافة الملح إلى الطعام وتجنب الأطعمة التي تحتوي أصلاً على الملح. البذور (السمسم، عباد الشمس)، الجوز، اللوز هي أفضل مصادر الكالسيوم والمغنسيوم، بينما تحتوي الفواكه على الكثير من البوتاسيوم (منتجات الألبان رغم غناها بالكالسيوم إلا أنها تحتوي على القليل من المغنسيوم). من بين الثلاثة، المغنسيوم هو الأقل في مستوياته ويستحق الأمر مدداً مقداره 500 جم من الكالسيوم وكذلك من المغنسيوم إن كنت مصاباً بارتفاع ضغط الدم. يساعد المغنسيوم أيضاً القلب على أداء وظائفه، ومستوياته المثلى يصاحبها وبشدة تراجع في خطر الإصابة بأمراض القلب.
قم بحماية ما لديك من كوليسترول
كغيره من المواد الدهنية، فالكوليسترول عرضة للتلف التأكسدي Oxidant Damage، وبتناول كميات كبيرة من مضادات الأكسدة مثل فيتاميني “جـ”، “هـ” القابلين للذوبان في الدهون، نحمي الكوليسترول وغيره من الدهون بالدم من التلف.
قدرة فيتامين “هـ” على تقليص خطر الإصابة بالنوبات القلبية تفوق قدرة أفضل عقار دوائي معروف بأربع مرات. كما يقول د.موريس براون، الذي أظهرت دراسته المقارنة على فيتامين “هـ” بجامعة كامبردج حدوث تراجع في خطر الإصابة بالنوبات القلبية بنسبة 75%. وتتفق هذه النتائج مع نتائج دراستين أخريين تم نشرهما عام 1993م. في إحداهما، وتم نشرها في New England Journal of Medicine، تم إعطاء 87200 ممرضة 100 و.د من فيتامين “هـ” بصورة يومية لأكثر من سنتين. تراجعت فرص الإصابة بالنوبات القلبية بنسبة 40% لدى الأشخاص الذين تناولوا فيتامين “هـ”، مقارنة بمن لم يتناولوه. وفي الدراسة الأخرى، تم إعطاء 100 و.د من فيتامين “هـ” لـ 39000 رجل يعملون بقطاع الصحة لنفس الفترة الزمنية. ومرة أخرى، تراجعت معدلات الإصابة بنسبة 39% لدى من تناولوا فيتامين “هـ” مقارنة بغيرهم. تثبت هذه النتائج صحة التقارير الأولية بشأن قدرة فيتامين “هـ” على الوقاية من أمراض القلب، والتي قام بها د.إيفان سوت في خمسينيات القرن المنصرم. يقلل فيتامين “هـ” أيضاً من لزوجة الدم كما تفعل زيوت أوميجا-3 السمكية EPA و DHA، والتي، بجانب فيتامين “هـ”، أشد فاعلية بكثير ودون أعراض جانبية من الأسبرين.
مساعد الإنزيم Q – العامل المفقود
عنصر غذائي آخر، مساعد الإنزيم Q، يظهر خواص عجيبة لمساعدة مرضى القلب وأمراض أخرى تتميز بضعف الطاقة الخلوية. ولروعة خصائصه، يستخدمه ما لا يقل عن 12 مليون ياباني كمكمل غذائي. وفي كييف بأوكرانيا، تم إنشاء مركز أبحاث يقوم فقط بدراسة خواص هذا العنصر الغذائي الغريب.
تم التعرف على مساعد الإنزيم Q وعزله منذ 40 عاماً في بريطانيا بواسطة مجموعة من العلماء تعمل في ليفربول، وتم تشخيصه كمكون حيوي لأجل إنتاج الطاقة داخل الخلايا. أدت الاكتشافات الحديثة لوجود مساعد الإنزيم Q في الطعام وتراجع مستوياته مع التقدم في العمر وارتفاع مستوياته مع تناول المكملات الغذائية إلى قيام العلماء باعتبار مساعد الإنزيم Q من الفيتامينات التي لم تكتشف بعد. تقنياً، لا يمكن تصنيف مساعد الإنزيم Q كفيتامين، إذ يستطيع الجسم تصنيعه. لكنه ورغم ذلك، لا يجرى تصنيعه بكميات كافية للاحتفاظ بطاقة وصحة مثلى. لذلك، يعد عنصراً غذائياً شبه حيوي أو شبه ضروري Semi-Essential Nutrient.
تكمن القدرات السحرية لمساعد الإنزيم Q في قدرته على دعم قدرة الخلايا على استخدام الأكسجين. وفي أدق مراحل إنتاج الطاقة، عندما يتفاعل الهيدروجين مع الأكسجين، يجرى إطلاق الطاقة الكامنة في الطعام في هيئة جسيمات شديدة النشاط وتحتاج إلى معاملة خاصة. إنها كالوقود النووي؛ مصدر للطاقة قوي للغاية، لكنه شديد الخطورة.
ومن شدة خطورة هذه الإلكترونات المنبعثة والتي تعرف أيضاً بالشوارد الحرة Free Radicals، أنه إذا لم يتم التحكم فيها بفاعلية، يعتقد بأنها قد تسبب تحوراً سرطانياً في بعض الخلايا، وقد تتلف جدران الشرايين وتشارك في حدوث أمراض القلب. للتلف الذي تحدثه هذه الإلكترونات الحرة بالخلايا السليمة علاقة وطيدة بالشيخوخة، فكلما ازداد هذا التلف زادت معه أعمارنا البيوكيميائية. تعمل المركبات التي تحتوي على هذه الإلكترونات الحرة كمؤكسدات. ويتم تخليقها أثناء عملية توليد الطاقة الطبيعية، وأيضاً من خلال التدخين وتناول الأطعمة المقلية واستنشاق الملوثات والتعرض لأشعة الشمس.
لمساعد الإنزيم Q دوران يلعبهما يتعلقان بالتعامل مع هذه الإلكترونات الشاردة، إنه يتحكم في سريان الأكسجين، ينظم إنتاج الطاقة، يمنع التلف الذي تسببه هذه الإلكترونات. وحسب د.فولكرز، مدير معهد الأبحاث البيوكيميائية بجامعة أوستن بتكساس، بمجرد هبوط مستويات مساعد الإنزيم Q بالجسم تحت 25% من طبيعتها، يبدأ المرض في النشوء.
في الحقبة الأخيرة، تم إجراء ما يزيد عن 100 دراسة في الولايات المتحدة واليابان، وكانت بعض النتائج مذهلة؛ حيث إن مساعد الإنزيم Q يلعب دوراً حيوياً في إنتاج الطاقة داخل كل خلية. فاستخدامه لتعزيز الصحة واسع المجال، وقد يظهر أثره من خلال الدراسات الحديثة على مرضى القلب.
وفي دراسة مدتها 6 سنوات، بجامعة تكساس، شملت مرضى فشل القلب الاحتقاني، وهي حالة مرضية تتسم بضعف العضلة القلبية، تمكن 75% من المرضى على مساعد الإنزيم Q من البقاء على قيد الحياة مدة 3 سنوات، مقارنة بـ 25% فقط من المرضى على العلاج التقليدي. وأظهر مساعد الإنزيم Q في أكثر من 20 دراسة مقارنة تم نشرها في السنتين الأخيرتين، قدرة ملحوظة على دعم وظائف القلب، وقد أصبح الآن العلاج المفضل في اليابان. وفي دراسة مزدوجة أجرتها جامعة أوستن بتكساس ومركز أمراض البالغين بأوساكا باليابان، تم علاج 52 مريضاً بارتفاع ضغط الدم إما بمساعد الإنزيم Q وإما بأقراص خاملة Dummy-Tablets، وكان هناك انخفاض مقداره 11% في ضغط الدم بين من يتناولون مساعد الإنزيم Q مقارنة بانخفاض مقداره 2% لدى من تناولوا الحبوب الوهمية عديمة الأثر.
أما الذبحة الصدرية Angina، فهي حالة شائعة يشعر خلالها المريض بألم في موضع القلب مع بذل المجهود. عادة ما يسببها انسداد الأوعية الدموية الدقيقة التي تغذي العضلة القلبية وتمدها بالأكسجين. وحيث إن مساعد الإنزيم Q يساعد كل الخلايا العضلية في تعزيز كفاءتها، فقد تم اختبار هذا العنصر الغذائي السحري كعلاج طبيعي للذبحة الصدرية. وفي إحدى الدراسات بجامعة هاماماتسو باليابان، تم علاج مرضى الذبحة الصدرية بمساعد الإنزيم Q. من ثم، تمكنوا من بذل مزيد من المجهود قبل الشعور بالألم، وقلت مرات تعرضهم للذبحة. وبعد 4 أسابيع فقط من العلاج بـ مساعد الإنزيم Q تم تقليل جرعات الأدوية الأخرى بمقدار النصف.
غذاء عظيم لقلب صحيح
إن استخدام خليط من المكملات الغذائية لتلك العناصر أكثر فاعلية على الأمد الطويل من استخدام العقاقير الخافضة لضغط الدم؛ فهي تعالج سبب المشكلة بدلاً من علاج الأعراض. يعرض الجدول التالي المستويات اللازمة، بالإضافة لهذه الفيتامينات المتعددة النافعة، في كلٍّ من الوقاية والعلاج (لأولئك المرضى بارتفاع ضغط الدم ممن لديهم تاريخ مرضي لمرض قلبي أو شرياني). فمن الضروري أيضاً تغيير الطعام بتجنب الأطعمة المقلية والحد من تناول اللحوم والأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من الدهون المشبعة، وتناول الأسماك اللاحمة Carnivorous Fish مثل السلمون، الماكريل، الهيرنج، التونا. تناول الكثير من الفاكهة، الخضراوات الطازجة، الجوز، اللوز، الحبوب المليئة بالكالسيوم والمغنسيوم والبوتاسيوم. تجنب ملح الطعام والقهوة، لا تدخن، زاول الرياضة.
العنصر الغذائي |
للوقاية الأساسية |
للأكثر عرضة للإصابة |
فيتامين “ب6″ |
10 مجم |
50 مجم |
حامض الفوليك |
400 مكجم |
1000 مكجم |
فيتامين “ب12″ |
10 مكجم |
10 مكجم |
فيتامين “جـ” |
1000 مجم |
2000-10000 مجم |
الليسين |
500 مجم |
3000 مجم |
فيتامين “هـ” |
200 و.د |
400-1000 و.د |
EPA/DHA |
300 مجم |
1000 مجم |
مساعد الإنزيم Q10 |
30 مجم |
90 مجم |
الكالسيوم |
400 مجم |
800 مجم |
المغنسيوم |
200 مجم |
400 مجم |
المراجع
موقع طبيب
التصانيف
طبيب العلوم التطبيقية الطبي