تعد الكهرباء الحيوانية animal electricity أحد أنماط الكهرباء الحيوية[ر] ويقتصر وجودها على بعض الأسماك[ر]التي تعرف بالأسماك الكهربائية، وهي قادرة على توليد الشحنات الكهربائية واستقبالها، بما يخدم حاجاتها الحياتية. وتصنف الأسماك الكهربائية في ثلاث مجموعات رئيسية هي:
1ـ الأسماك قوية الكهربية strongly electric fishes تولِّد شحنات كهربائية قوية قد يصل كمونها إلى نحو600 فلط. وينتمي إلى هذه المجموعة الحنكليس الكهربائي Electrophorus electricus التي تعيش في المياه العذبة، وأسماك القط الكهربائية التي يعيش بعضها في المياه العذبة مثل Malapterurus، وبعضها الآخر في المحيطات مثل Astroscopus، وكذلك الرعاد الكهربائي Torpedo من الأسماك الغضروفية التي تعيش في المحيطات.
2ـ الأسماك ضعيفة الكهربية weakly electric fishes تولد شحنات كهربائية ضعيفة يبقى كمونها دون الفلط الواحـد. وينتمي إلى هـذه المجموعة أسـماك خرطوم الفيل elephant- nose fishes (Gnathonemus) وأسماك السكّين knife fishes (Eigenmannia و Gymnotus) التي تعيش في المياه العذبة.
3ـ الأسماك المستقبلة للكهرباء التي لا تستطيع توليد الشحنات الكهربائية لكنها تستطيع اكتشاف الحقول الكهربائية الضعيفة التي تنتج من حركة الحيوانات الأخرى وبخاصة الفرائس. وينتمي إلى هذه المجموعة أسماك القرش sharks ومعظم أسماك الرعاد rays والأسماك القططية catfishes، إضافة إلى الأسماك المجدافية paddle fishes.
توليد الكهرباء الحيوانية
يتم توليد الكهرباء بوساطة فاعِلات effectors خاصة تكيفت لتوليد الشحنات الكهربائية، تعرف بالأعضاء الكهربية electric organs. يتألف كل منها من عدد كبير من الخلايا الخاصة القرصية، تعرف بالخلايا الكهربائية electrocytes أو اللويحات الكهربائية electroplaques. تترتب غالباً بشكل أعمدة. وهذه اللويحات خلايا عضلية متحورة منغمرة في مادة هلامية يحيط بها نسيج ضام، تبدو بشكل كتل هلامية يمكن تمييزها بسهولة عن الخلايا العضلية المحيطة بها بسبب سيتوبلاسما الخلية الشفافة. وقد يكون عدد اللويحات الكهربائية والأعمدة التي تشكلها كبيراً، فلدى الرعاد الكهربائي مثلاً يوجد في كل عضو 500 عمود سداسي الوجوه، يتضمن كل منها 400 لويحة كهربائية (الشكل 1). وتتوضع هذه الأعضاء عادة على جانبي الجسم في أشفاع، ومع ذلك يختلف موقعها من نوع لآخر. فبعضها يتوضع موازياً للنخاع الشوكي، وبعضها في الذيل، أو في الجمجمة. أما لدى أسماك القط الكهربائية فيقع العضو الكهربائي عندها في الجلد ممتداً على شكل رداء نصف شفاف يغطي السمكة على طولها تقريباً (الشكل 2) .
أنماط الدفعات الكهربائية وآلية تفريغها
يتم تفريغ الأعضاء الكهربائية في سلسلة من الدفعات، تختلف في شكلها وتواتراتها وشدتها ومدتها من نوع لآخر. ويمكن عموماً تمييز نمطين رئيسيين: النمط النبضي pulse type والنمط الموجي wave type. تُطْلِق النمطَ النبضيَ الأسماكُ قوية الكهربية إضافة إلى بعض الأسماك ضعيفة الكهربية. وتكون النبضات عادة على شكل مجموعات قصيرة تتكرر بضع مرات في الثانية الواحدة، يراوح عددها في المجموعة الواحدة بين 10 نبضات لدى أسماك القط الكهربائية و4 نبضات لدى الرعاد الكهربائي. أما النمط الموجي فتطلقه الأسماك ضعيفة الكهربائية على شكل موجات تشبه التيار الكهربائي المستمر.
يُفسَّر تفريغ الأعضاء الكهربائية للشحنات اعتماداً على خصائصها التشريحية والفيزيولوجية. ففي أثناء الراحة تكون أغشية اللويحة الكهربائية مستقطبة (ذات شحنة سالبة من الداخل وشحنة موجبة من الخارج) من دون وجود تيار عبر الخلايا. وفي أثناء الفاعلية تُحدِث النهاياتُ العصبية ـ التي تصل الوجه السفلي (العصبي) لكل لويحة كهربائية بالدماغ ـ انعكاساً في استقطاب غشاء الوجه العصبي مقابل ثبات كمون الغشاء في الوجه المقابل (غير العصبي)؛ فيتولد تيار كهربائي يسري عبر غشاء اللويحة، تراوح شـدته لـدى الرعاد الكهربائي مثلاً بيـن 50 و90 ميلي فلط، ويتم تفريغه في 5 ميلي ثانية. ولما كانت الوجوه العصبية للويحات الكهربائية متجاورة وموصولة على التسلسل في العمود الواحد فتُجمع كمونات جميع الوجوه العصبية مع بعضها في هذه اللويحات (الشكل 3). وهكذا يمكن للأسماك قوية الكهربية، التي تتألف أعضاؤها الكهربائية من عدد كبير من اللويحات الكهربائية، أن تُولِّد تفريغات كهربائية يصل كمونها إلى 600 فلط لدى الحنكليس الكهربائي و350 فلطاً لدى أسماك القط الكهربائية وأكثر من 200 فولت لدى الرعاد.
أهمية الكهرباء الحيوانية
تستخدِم الأسماك الشحنات الكهربائية القوية للهجوم على الفرائس، ووسيلةً للدفاع وتجنب غائلة الحيوانات الأخرى؛ وتحمل بعض الأسماك كلا النوعين الهجومي والدفاعي. فالحنكليس الكهربائي مثلاً يحمل ثلاثة أعضاء كهربائية، يولِّد أحدها ـ ويعرف باسم عضو ساكس Sachs organ ـ تفريغات كهربائية منخفضة تستخدم في كشف الفريسة والتوجه، أما العضوان الآخران ـ ويعرف الأول بالعضو الرئيسـي main organ والثاني بعضو الصياد hunter’s organ ـ فيولدان شحنات قوية ويختزنانها لاستخدامها في مهاجمة الفريسة وصعقها.
ولا تكتفي معظم الأسماك الكهربائية ـ وخاصة الأسماك ضعيفة الكهربية ـ بتوليد الكهرباء فقط، بل يمكنها اكتشاف التبدلات الطفيفة في الحقول الكهربائية؛ وذلك بفضل أعضاء حسية متخصصة تعرف بالمستقبِلات الكهربائية electroreceptors تقع في جلد الأسماك، وفي الرأس لدى بعضها، وفي الخط الجانبي لدى بعضها الآخر. وتكون هذه المستقبلات مُحَدَّبة tuberous تختص باستقبال الإشارات ذات التواتر العالي، أو أنبورية (أمبولية) ampullary تستقبل الإشارات منخفضة التواتر.
الشكل (4)
قوام (بنية) التفريغات النبضية لدى إناث البريمور وذكورها
وتستعمل بعض الأسماك مستقبِلاتها الكهربية للتوجه في الوسط المحيط والاتصال مع الأسماك الأخرى، وبعضها في الاتصال والبحث عن الشريك الجنسي، حتى إن بعضها يقدم معلومات حول الجنس. فتواتر تفريغات ذكور الشبح البني Apteronotus leptorhynchus من أسماك السكين، أعلى منه لدى الإناث (800 ـ 1000 هرتز لـدى الذكور و600 ـ 800 هرتز لدى الإناث). وبالمقابل تولد إناثُ النوع ستِرْنوبيجوس Sternopygus macrurus إشارات ذات تواتر أعلى منها لدى الذكور (120 هرتز لدى الإناث و66.8 لدى الذكور)، أو ذات شكل مختلف (الشكل 4) أو مدة التفريغ. فالتفريغات القصيرة منخفضة التواتر (15ـ30 ميلي ثانية) للشبح البني من أسماك السكين تدل على الحالة العدائية، في حين تشير التفريغات الطويلة مرتفعة التواتر إلى حالة الإذعان والرضوخ.
وتجدر الإشارة إلى أن الأسماك الكهربائية لا تتأثر بالكهرباء القوية الصادرة عنها أو عن أقرانها بسبب نظام العزل الجيد الذي تؤمنه الشحوم لجملتها العصبية من جهة، وبسبب الارتفاع الكبير في عتبة تنبيه أعصابها وعضلاتها من جهة ثانية.
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث