الملتحيات Pogonophora تسمية مستمدّة من اليونانيّة؛ من كلمة pogon ومعناها لحية، وكلمة phora ومعناها حامل. وهي شعبة من الحيوانات لم تكن معروفة حتى القرن العشرين. وُجد أول نموذج منها عام 1900 في أعماق البحار حول إندونيسيا، بعد ذلك عثر على نماذج أخرى منها في بحار عديدة؛ بما في ذلك غرب الأطلسيّ على الشواطئ الشرقيّة للولايات المتحدة الأمريكيّة، وقد تمّ وصف نحو 145 نوعاً منها حتى اليوم.
صفاتها الخارجيّة
حيوانات دوديّة الشكل، يميَّز منها صفّان؛ هما المحيطيات (البيرفياتا) Perviata والردائيّات (الفيستيمينتيفيرا) Vestimentifera. لكن بعضهم يعدّ الصفّ الثاني شعبة قائمة بذاتها.
أفراد المحيطيّات صغيرة، يراوح طول الواحد منها بين 5 و58 سم وقطرها أقلّ من 1 مم. أما الردائيّات التي تعيش في الأعماق حول المداخن المائيّة الحراريّة hydrothermal vents فيمكن أن يصل طول الفرد منها إلى 1.5 م وقطر 5سم .
يعيش معظمها في وحل المحيطات؛ وفي أعماق تتجاوز 200 م، وهذا ما أخَّرَ اكتشافها، وهي حيوانات لاطئة، يعيش الفرد منها ضمن أنبوب كيتينيّ طويل يفرزه حول نفسه منتصباً شاقولياً في أرض المحيط، يُخْرِج منه الحيوانُ مقدمتَه، ربما من أجل التغذّي.
جسم الملتحيات أسطوانيّ طويل، تغطيه قشيرة cuticle؛ مؤلّف من جسم أماميّ قصير، وجذع رفيع طويل، وجسم خلفيّ opisthosoma قصير متقطّع .
يميّز في القسم الأماميّ فصّ رأسيّ cephalic lobe يحمل ما بين 1 و 260 لامسة طويلة (الصفة التي منحت الشعبة اسمها) وذلك بحسب الأنواع. وهي امتدادات طويلة مجوّفة يمتّد فيها الجوف العامّ للحيوان، تجتمع إلى جانب بعضها مشكّلة أنبوباً تمتدّ في داخله استطالات دقيقة من اللوامس مشكّلة ما يسمى الرييشات pinnules .
رسم تمثيلي للملتحيات :إلى اليسار الشكل العامّ للحيوان ،وإلى اليمين وضع الدودة في أنبوبها
يحمل الجذع الطويل بعض الحليمات papillae، وفي منتصفه حلقتان من الأشعار الحاملة للسنينات تسمى الحزام girdle؛ يثبّت الحيوان بالجدار الداخليّ للأنبوب. وبعد الحزام يصبح الجذع رفيعاً ينقطع بسهولة لدى جمع العيّنات من الحيوان. والواقع أن الجسم الخلفيّ لم يعرف ويوصف إلا عام 1963، وهو أثخن من الجذع، ويتألف من 5 - 23 قطعة قصيرة تحمل العديد من الأشعار.
بنيتها الداخليّة
تمتاز الملتحيات بغياب الفم وجهاز الهضم؛ مما يعني غموض طريقة تغذّيها. ويبدو أنها تمتصّ الغذاء المنحلّ من ماء البحر بوساطة الرييشات والخملات الدقيقة على لوامسها. كما يبدو أنها تتلقّى معظم الطاقة الضرورية لها من مشاركتها الحياة مع بكتريا كيميائيّة التغذّي تعيش معها، وتؤكسد كبريتَ الهدروجين، فتنطلق الطاقة التي توفر تركيب المركّبات العضويّة الضروريّة للحيوان. تحمل الملتحيات هذه البكتريات في عضو يسمى جسم التغذية trophosome الذي يشتقّ من المعي المتوسط الجنينيّ.
التكاثر
الأجناس منفصلة، ويحمل كلّ فرد شفعاً من المناسل gonads يمتدّ من كلّ منهما أنبوب حامل للعناصر التناسلية في منطقة الجذع. ويتضمن التكوّن الجنينيّ تشكّل جوف عامّ انشطاريّ schisocoelic، وليس جوفاً عاماً معوياً enterocoelic الذي كان قد يعتقد سابقاً بتكونه. واليرقة دوديّة الشكل، لكنها ضعيفة السباحة، ويبدو أن التيّارات المائيّة تجرّها إلى حيث تستقر؛ لتعطي الحيوان الكامل.
أهمّيّتها التطوّريّة
درس الروسيّ إيفانوف Ivanov أول عيّنة من هذه الحيوانات، وكانت من دون جسم خلفي. ولدى دراسته تَكَوُّن الجوف العام عّرف أنها تنتمي إلى ثنائيّات الفم Deuterostomia. لكن الاكتشافات التالية لعينات أخرى من المجموعة ودراستها جيّداً ومعرفة جسمها الخلفي المتقطع والتأكد من تشكل جوفها العام؛ كل ذلك غير الفكرة عنها ومن ثم تصنيفها، وعدّت من أوليّات الفم Protostomia وليس من ثنائيات الفم.
كما عَدّها الدارسون الأوائل، بسبب أنبوبها، أنها تنتمي إلى نصفيات الحبل Hemichordata، لكن تحليل محتوى الأنبوب للحموض الأمينيّة فيه والكيتين الذي يدخل في تركيبه قَرَّبَها من جناحيّات الغلاصم Pterobranchiae، وكذلك فإن الحليمات التي تحمل خلايا حسّاسة للضوء تشبه ما يوجد لدى الحلقيات، وبنية القشيرة وترتيب الأشعار على جسمها وتقسّم الجزء الخلفي من جسمها يقربها كثيراً من الحلقيّات.
ولهذا كله، ما زال الوضع التطوري، ومن ثم التصنيفي لهذه الحيوانات، غير معروف تماماً، ولن يستقر الرأي حول الموضوع إلا بعد دراسة التكون الجنيني لعدد كبير منها.
حسن حلمي خاروف
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث