حينما تكون أصغر سناً يكون من السهل أن تخدع نفسك، فتظن أن كل تلك الأمراض الانحلالية والمهددة للحياة سوف تصيب الآخرين فقط. ولكن هل لديك مناعة حقاً ضد جميع حالات العدوى الطفيفة والشديدة؟ وهل سيتجنبك مرض السرطان؟ هل أنت خالٍ من حالات الحساسية؟ وهل يندر أن تعاني نزلة برد؟ إذا أردت أن تجيب بنعم، فأنت تقرأ الآن الكتاب الصحيح. إن هدفنا هو أن نعطيك المعرفة اللازمة لتنشيط جهازك المناعي، ولجعلك خالياً من الأمراض، ولتكون بصحة أفضل وتؤدي وظائفك بصورة أفضل، وليكون مظهرك أفضل وتكون لديك فرصة لحياة أطول.

وهذه نصيحة في حينها المناسب لأن البشرية قد تكون على حافة أزمة عالمية لجهاز المناعة إذا استمرت الاتجاهات الحالية السائدة للأمراض المتعلقة بالمناعة.
•    يتوقع خلال السنوات القادمة أن تصير قابليتك للإصابة بالسرطان أكثر من 50%. خذ سرطان الثدي كمثال. ففي الوقت الحاضر تصاب واحدة من كل 12 امرأة في الولايات المتحدة الأمريكية، وواحدة من كل ثمان في المملكة المتحدة بسرطان الثدي، والأرقام تتزايد. وهو يحدث الآن بصورة أكثر شيوعاً وتبكيراً في حياة النساء مما كان منذ عقد مضى. ويتوقع أن تكون قابلية المرأة للإصابة بالسرطان بنسبة تزيد عن 50%، وفي الرجال أكثر من 65%، ويتوقع أن يصاب واحد من كل أربعة رجال بسرطان البروستاتا. وإننا حالياً نتجه إلى خسارة معركة السرطان وليس كسبها.

•    لقد تضاعفت الوفيات بسبب الأمراض المعدية في خلال عقد واحد. وفي كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يتزايد عدد حالات العدوى بشكل مذهل. وقد كشف مسح ميداني لجميع الوفيات في الولايات المتحدة بين عامي 1980 و 1992 عن وجود زيادة خطرة في الوفيات بسبب الأمراض المعدية بنسبة 58%.

•    تضاعفت الوفيات بسبب الأمراض المعدية فيما بين عمري 25، 44 سنة بمعدل ستة أضعاف. وهذا يرجع بصفة جزئية فقط إلى زيادة عدد الوفيات بسبب عدوى فيروس الإيدز. وقد زادت الوفيات من حالات العدوى التنفسية وحدها بنسبة 20%. وطبقاً لما قاله «سبنس جالبريث» المدير السابق لمركز مراقبة الأمراض المعدية فإن معدل تغير العدوى البشرية يبدو أنه يتزايد. وقد صار معلوماً الآن أنها يمكن أن تكون مسألة وقت فقط حتى يبرز إلينا التهديد الميكروبي القادم للجنس البشري.
•    يموت مليون شخص كل عام بسبب التسمم الغذائي. وإن المعدل المتزايد لحدوث الأمراض الناتجة عن الميكروبات في الطعام، الذي صار يتبع نزلات البرد في الترتيب مباشرة في بعض الدول الغربية، قد يكون أحد الآثار الضارة الناتجة عن الاستخدام العالمي لما يصل إلى 50 ألف طن من المضادات الحيوية سنوياً.

•    يستخدم 50 ألف طن من المضادات الحيوية كل عام في أنحاء العالم لعلاج البشر أو الحيوانات أو النباتات. وفي المملكة المتحدة وحدها، يكتب الأطباء ما يزيد عن 50 مليون وصفة طبية من المضادات الحيوية سنوياً (واحدة تقريباً لكل شخص سنوياً). وليست المضادات الحيوية مهيجات للأمعاء تؤدي إلى إضاعة البكتريا المعوية الصحية (التي يمكن أن تحتاج إلى ما يزيد عن ستة شهور حتى يتم تعويضها) فحسب، ولكن استخدامها على مدى واسع يؤدي أيضاً إلى إنتاج سلالات مقاومة للعقاقير من البكتريا المهددة للحياة، بدءاً من البكتريا الكروية العنقودية إلى بكتريا الدرن والبكتريا الكروية السبحية (المسئولة عن أغلب حالات التهاب الحلق). وإن قابلية حدوث عدوى الأذن المتكررة تكون أعلى بمعدل خمس مرات في الأطفال الذين يعالجون بالمضادات الحيوية.
•    يعاني واحد من كل ثلاثة أشخاص من حالات الحساسية، مما يظهر زيادة حالات الضعف التي أصابت أجهزتنا المناعية.
•    إننا نعاني، في المتوسط، ثلاثاً من نزلات البرد أو نوبات الأنفلونزا سنوياً. وتعتمد شدتها على قوة جهاز المناعة في الشخص المعرض لها. وفي كل عام يموت حوالي 3000 شخص بالأنفلونزا، ويمكن أن يزيد هذا العدد أثناء انتشار أوبئة الأنفلونزا إلى 30 ألف شخص!

إن المفهوم القائل إن الجراثيم تسبب الأمراض (التي أثبتها لويس باستير في القرن التاسع عشر) قد أنتج الفكرة القائلة إن الأمراض يمكن التغلب عليها، وإن الصحة يمكن استعادتها عن طريق القضاء على العامل الخارجي المسبب. وهكذا دخلنا عصر “العقاقير للقضاء على الجراثيم” على أساس الاعتقاد بأن المرض هو حلقة الوصل في هذه العملية التي تنتج عن شيء ما يجب القضاء عليه، وهذا يتم عادة باستخدام العقاقير. وفي حين أن هذا الأسلوب قد نجمت عنه بعض النتائج شديدة الإيجابية، إلا أن مفهوم “الدواء المقاتل” قد بدأ يفشل في تقديم فتوحات جديدة مطلوبة لحل معظم المشكلات الصحية التي نواجهها اليوم. والبديل الصحيح هو أن تنشط جهازك المناعي.

فكر في جهازك المناعي باعتباره فريقك الطبي الشخصي الماهر في فن العلاج، وأنه دائماً تحت الاستدعاء، ودائماً في خدمتك ليقوم بدوره في اتخاذ الوسائل الوقائية منعاً للأزمات الصحية. وسواء أكنت تحاول أن تمنع أحد الأمراض أو تعالجه، فإن جهازك المناعي هو خط الدفاع الرئيسي الذي لديك. وهو يستحق منك الرعاية والعناية حتى يمكنه أن يخدمك بصورة مرضية ويتيح لك الاستمتاع بحياة صحية سعيدة. إلا أن الحياة العصرية تميل إلى إحداث تأثير عكسي؛ فهي تفرض عبئاً على جيش الدفاع المناعي بدلاً من أن تدعمه.

ففي غضون فترة قصيرة نسبياً من الزمن، تسببنا في حدوث تغيير هائل في طعامنا وهوائنا ومائنا وحركتنا، بل وفي أسلوب حياتنا ككل. ونحن نتوقع أن تتأقلم أجسادنا سريعاً، لكي تجد وسائل جديدة للتخلص من، أو تخزين، كل الـ 7000 المادة الكيميائية الجديدة التي تتعرض لها من مبيدات وإضافات غذائية وعقاقير ومنظفات صناعية منزلية وغير ذلك من كيميائيات. إلا أن تلك الكيميائيات يجب أن تزال سميتها في أجسادنا إذا أردنا ألا تضرنا.

هذا، ولم تعد المواد أو العناصر الغذائية (أو المغذيات) التي توجد بصورة طبيعية في طعامنا كافية لكي تتيح لأجهزتنا المناعية أن تواجه الضغوط والأضرار المتزايدة بشكل فعال. وكثير من الناس، سواء أكانوا من زائدي الوزن أم لا، يتناولون المزيد من السعرات الحرارية أكثر مما يحتاجون. وفي نفس الوقت، فإننا نحتاج إلى المزيد من العناصر الغذائية لتساعدنا على مواجهة زيادة التلوث والتوتر. ومع ذلك، ففي أثناء عمليات تصنيع وإعداد الأطعمة يتم القضاء على كثير من العناصر الغذائية التي بها فلا يبقى سوى منتجات صناعية فقيرة من العناصر الغذائية ومحملة بسعرات حرارية لا تغني بشيء.

ولعلك قد أدركت الآن أن هناك أعداء كثيرين للجهاز المناعي السليم الفعال ولا يمكنك تجنبهم كلهم؛ وكما في أي حرب، فكلما كان عدد الأعداء الذين يهاجمونك في وقت ما أقل، كانت فرصتك في التغلب عليهم أفضل. فكم عدد الأعداء الذين يمكنك تحديد هويتهم والتخلص منهم أو تقليلهم؟ وهل هناك أعداء آخرون يجب أن تضيفهم إلى قائمتك (ربما كنتيجة لطبيعة مهنتك أو محل إقامتك)؟ وأفضل ما يمكنك أن تفعله هو أن تحاول التقليل من أولئك الأعداء وتقوية جهازك المناعي ليواجه ما تبقى منهم.

وفيما يلي قائمة تتضمن بعض الأعداء الرئيسيين لجهاز المناعة:

•    الدخان (التبغ وغيره؛ مثل المداخن والقمائن… إلخ).
•    التوتر.
•    التلوث (الشوارع المزدحمة، خطوط طيران الطائرات، المصانع… إلخ).
•    المبيدات.
•    الإشعاع.
•    الكيميائيات المسرطنة (الصناعية أو المنزلية).
•    العقاقير (المشروعة، غير المشروعة، الطبية)، وكلها تتطلب إشرافاً طبياً للتقليل منها أو منعها؛ فلا تجربها من تلقاء نفسك.
•    إضافات (مضافات) الأطعمة (لاسيما الألوان والنكهات).
•    اختلال التوازن في الطعام (على سبيل المثال: الإكثار من الملح أو السكر أو الدهن).
•    الحوادث.
•    السمنة أو الحرمان من الطعام.
•    نقص التوازن في المعادن.
•    نقص التوازن في الفيتامينات.
•    عدم ممارسة الرياضة بصورة سليمة.
•    العيوب الوراثية.
•    حالات العدوى (بالبكتريا، الفيروسات، الفطريات، الأوليات، الديدان،… إلخ).
•    التعامل مع الحياة بصورة سلبية.
•    الحزن أو التعاسة.

لماذا يحتاج جهازك المناعي إلى تنشيط

فيما يلي بعض الأسباب الوجيهة التي تحضك على تنشيط جهازك المناعي:
•    جهازك المناعي يحدد سرعة حدوث الشيخوخة لك.
•    جهازك المناعي يكافح الفيروسات والبكتريا وغيرها من الكائنات الدقيقة التي تحاول مهاجمتك وإصابتك بالأمراض؛ بدءاً من الأمراض الشائعة التي تسبب نزلات البرد والقلاع، وحتى الأمراض الأكثر ندرة، وإن كانت قاتلة في كثير من الحالات، مثل الالتهاب السحائي ومرض ليجيونير والإيدز.
•    جهازك المناعي لديه القدرة على تدمير الخلايا السرطانية كلما نشأت.
•    جهازك المناعي يخلص جسدك كل يوم من قمامته (إذا صح التعبير)، فهو يتخلص من الخلايا الميتة، والكائنات الغازية الميتة، والكيميائيات السامة.
•    جهازك المناعي يوفر لك الحماية من الإشعاع والملوثات الكيميائية.
•    إذا ترك جهازك المناعي يتدهور، فقد يفقد سيطرته على الأمور مما يسبب المشكلات التحسسية أو أمراض المناعة الذاتية، مثل الالتهاب المفصلي.
•    إذا كان جهازك المناعي يعاني ضغوطاً كثيرة، فهذا يجعلك تصاب بالأمراض بشكل أكثر تكراراً وأكثر خطورة ولفترات أطول.
•    حينما يكون جهازك المناعي قوياً، تكون في قوة ومنعة تجعلك تكاد لا تقهر وقادراً بمشيئة الله على أن تعيش حياة طويلة، صحية ونشطة.
•    والحياة بالضرورة هي من أجل المعيشة والعطاء، والمعرفة والمحبة، والإنجاز والسعادة، ولا أحد يريد أن يضيع وقته أو حياته في معاناة الأمراض والأوجاع.

المراجع

موقع الطبيب

التصانيف

طبيب  العلوم التطبيقية  الطبي