يدرس ديناميك الطيران flight dynamics حركة الأجسام الطائرة والتسارعات التي تتعرض لها نتيجة للقوى المختلفة التي تؤثر فيها، ويدرس استقرار الجسم الطائر واهتزازه ومناوراته وإمكانية التحكم بها مع الأخذ في الحسبان عزوم عطالة الجسم حول محاوره المختلفة.
القوى المؤثرة في الجسم الطائر:
يتعرض الجسم الطائر عامة إلى أربع قوى أساسية هي: الرفع، والوزن، والكبح، والدفع (أو الجر). يضاف إلى ذلك تأثير القوة النابذة عند أخذه مساراً منحنياً.
تُعطى قوة الرفع بالعلاقة:
تُعطى قوة الكبح بالعلاقة:
CLثابت رفع الجسم الطائر، ويتعلق بالشكل الإيروديناميكي للجسم الطائر، وبالزاوية التي تكون للجريان مع محور الجسم الطائر (زاوية الهجوم).
ρ الكتلة النوعية للهواء.
A المساحة الاعتبارية (مساحة الأجنحة أساساً).
CD ثابت كبح الجسم الطائر و يتعلق بالشكل الإيروديناميكي للجسم.
V سرعة الجريان.
حركة الجسم الطائر:
يمكن تصنيف حركة الجسم الطائر في أحد الأنواع الآتية:
1ـ حركة مستقيمة غير متسارعة : وعندها يكون الرفع مساوياً للوزن، والكبح مساوياً للجر أو الدفع (الشكل ـ1).
2ـ حركة مستقيمة متسارعة أو دورانية: وعندها تكون قوة الدفع أو الجر أكبر من قوة الكبح، أو قوة الرفع أكبر من قوة الوزن (الشكل ـ 2).
ولكي يطير الجسم الطائر في مسارٍ منحنٍ يجب أن تُطبق عليه قوة جابذة، ومن ثم يتعرض الجسم الطائر حسب قانون نيوتن الثالث إلى قوة نابذة تعطى بالعلاقة الآتية:
حيث:
m كتلة الجسم الطائر.
V سرعة الانعطاف.
R نصف قطر الانعطاف.
3ـ حركة حرة: إذ لايكون للجسم سرعة نسبية بالنسبة إلى الهواء، لذلك ينعدم الرفع كما ينعدم الكبح، وعندئذ يجب أن تنعدم القوتان الباقيتان، وهما الثقالة والدفع أو الجر
استقرار الجسم الطائر:
يعرف استقرار stability الجسم الطائر بأنه الجنوح (أو عدمه) إلى الطيران في مواصفات محددة مسبقاً. أما التحكم control فهو القدرة على تغيير مواصفات الطيران.
بتدقيق وضع جسم طائر يطير في وضع توازن عند مواصفات طيران معينة، يتبين أن مجموع القوى والعزوم المؤثرة في الجسم يجب أن يكون مساوياً للصفر، و هذا ما يسمى حالة التوازن equilibrium (الشكل ـ 4).
فإذا تعرض الجسم الطائر إلى زيادة في زاوية الهجوم ( الزاوية الكائنة بين محور الجسم واتجاه الجريان) فإن الطائرة لن تبقى في وضع توازن، إذ إنه بزيادة زاوية الهجوم ستزداد قيمة القوى الإيروديناميكية، ومن ثم العزوم. مما يؤدي في بعض الحالات إلى رفع إضافي لمقدمة الجسم الطائر وابتعاده أكثر فأكثر عن حالة التوازن. وعندئذ يكون الحديث عن عدم استقرار سكوني لهذا الجسم statically unstabl
أما إذا حافظت الطائرة على وضعها الناتج من الاضطراب من دون أي زيادة فالحديث يتعلق باستقرار سكوني حيادي neutral static stability
أما إذا تسببت القوى والعزوم الناتجة من الاضطراب في إعادة الجسم الطائر إلى حالة التوازن الأولية التي كان عليها قبل الاضطراب، وإعادته إلى مواصفات الطيران الأفقي المستقيم، فيقال إن الجسم الطائر مستقر سكونياً statically stable.
وبفرض أن الجسم الطائر هو من النوع المستقر سكونياً؛ فإنه سوف يتعرض إلى إحدى ثلاث حالات حركة متغيرة زمنياً عند محاولة العزوم المتولدة عن الاضطراب إعادة الجسم الطائر إلى حالة التوازن الأصلية:
1ـ خفض مقدمة الجسم الطائر إلى قيمة أقل من الحالة الأصلية nose down.
2. ـ خفض مقدمة الجسم الطائر إلى قيمة أكبر من الحالة الأصلية overshoot.
3. ـ رفع مقدمة الجسم الطائر nose up.
إن خفض مقدمة الجسم الطائر إلى قيمة أكبر من الحالة الأصلية ثم عودتها إلى قيمة أصغر بشكل اهتزازي متخامد حول وضع توازن الطيران الأفقي المستقيم يدل على أن الجسم الطائر مستقر ديناميكياًdynamically stable (الشكل ـ 7).
كما يمكن لمقدمة الجسم أن تهتز إلى الأعلى والأسفل بمطال ثابت constant amplitude وعندئذ يكون الحديث عن جسم طائر ذي استقرار حركي حيادي neutral dynamic stability
وفي أسوأ حالة تتابع اهتزاز مقدمة الجسم الطائر إلى الأعلى والأسفل مع مطال اهتزاز متزايد يكون الحديث عن عدم استقرار ديناميكي dynamically unstable
يميز في الجسم الطائر عادة ثلاثة أنواع من الاستقرار الديناميكي:
ـ الاستقرار الطولي longitudinal stability.
ـ الاستقرار الجانبي lateral stability.
ـ استقرار الاتجاه directional stability.
يُعالج النوع الأول اهتزاز مقدمة الجسم الطائر إلى الأعلى والأسفل، أما النوع الثاني فيعالج اهتزاز الجسم الطائر حول محوره العرضي، في حين يتناول النوع الثالث قدرة الجسم على المحافظة على اتجاهه.
هناك مبدئياً نوعان أساسيان من الاهتزاز الطولي للجسم الطائر عند تعرضه لأي اضطراب:
النوع الأول: يتصف بدور اهتزاز بطيء phugoid mode إذ يهتز الجسم الطائر اهتزازاً بطيئاً على مساره. وغالباً ما يكون هذا الاهتزاز من النوع المتخامد، كما أن قائد الجسم الطائر قادر على السيطرة على هذا الاهتزاز (الشكل ـ 10).
النوع الثاني: يتصف بدور قصير لتغير زاوية هجوم الجسم الطائر، وغالباً ما يتخامد هذا الاهتزاز سريعاً من دون الحاجة إلى أي تدخل
استقرار الاتجاه:
يجب أن يكون الجسم الطائر مستقراً في الاتجاه، أي يجب أن يتولد عزم تدوير مُصحِّح عند تعرض الجسم الطائر إلى قوة دوران حول محوره الشاقولي تعيده إلى مساره الأصلي، وعندئذ يمكن الحديث عن استقرار إيجابي في الاتجاه (الشكل ـ 12).
ولكن عندما يبقى الجسم الطائر محافظاً على زاوية الانحراف يكون الحديث عن استقرار حيادي في الاتجاه. أما إذا زادت قيمة زاوية الانحراف فتنشأ حالة عدم استقرار في الاتجاه.
تأثير شكل الأجنحة في الاستقرار:
تسهم الأجنحة المتراجعة في توفير استقرار الاتجاه بعكس الأجنحة المتقدمة التي تسيء إلى مواصفات استقرار الاتجاه.
وإعطاء الجناح زاوية رفع dihedral angle يزيد من الاستقرار الطولي، إلا أن ذلك يمكن أن يعرض الجسم الطائر في حالة الاضطراب إلى عدم استقرار في الاتجاه side slip ().
وإنَّ لموقع الجناح بالنسبة للجسم تأثير في الاستقرار الجانبي، فالجناح المرتفع يسهم في زيادة الاستقرار الجانبي
في حين تراجع الجناح إلى الخلف يساعد على زيادة الاستقرار الطولي، ويمكن مواجهة التأثير السلبي للجناح المنخفض بإعطائه زاوية رفع مناسبة.
يؤدي الذيل الأفقي للجسم الطائر الدور الرئيسي في توليد العزم المطلوب. علماً بأن المساحة الكبيرة لهذا الذيل تولِّد استقراراً سكونياً أكبر.
التحكم:
التحكم، هو إمكانية قيادة الجسم الطائر وتغيير شروط طيرانه، بغض النظر عما إذا كان مستقراً أم غير مستقر، وذلك بوساطة الجنيحات والدفات الموجودة على جناحي الجسم الطائر وذيله، إذ تولِّد هذه الجنيحات قوى محددة عند تحريكها، وتحولها إلى عزوم تعمل على تغيير شروط طيران الجسم الطائر، وتوفر الاستقرار المطلوب إذا كان غير مستقراً (وهذا ما يتوافر في الطائرات المقاتلة الحديثة خاصة لإعطائها إمكانية مناورة عالية في المعارك الجوية).
ويُظهر الشكل (15) نظام تحكم مبسط يستخدمه الطيار ويحرّك الدفات بوساطته. وكلما ازدادت مساحة هذه الدفات ازدادت كفاءة التحكم.
إن جميع الأجسام الطائرة الحديثة مزودة بطيار آلي يتولى التحكم بها. يعطي الطيار الآلي أوامر تحريك الدفات والجنيحات عن طريق برنامج حاسوبي يتضمن مواصفات الجسم الطائر الديناميكية جميعها، ويقدم التعليمات المثلى لتحقيق شروط الطيران المطلوبة.
يتم التحكم في مسار طيران الأجسام الطائرة الحديثة والسريعة (الطائرات والصواريخ) وإيصالها إلى هدفها آلياً ودقة متناهية بوساطة نظام تحكم يتولى القيادة والتوجيه، والتعامل مع أي اضطرابات تظهر في أثناء الطيران.
الشكل (15)
يتألف نظام التحكم من العناصر الآتية:
ـ حساسات تقيس أي انحراف للجسم الطائر عن محاوره. وغالباً ما تكون هذه الحساسات جيروسكوبات gyroscopes ميكانيكية أو ليزرية.
ـ حساسات تسارُعٍ تقيس أي تسارع يتعرض له الجسم الطائر باتجاه محاوره الثلاثة.
ـ حاسوب يتلقى القياسات المستمرة من الحساسات ويعالجها بهدف تحديد المسار الفعلي للجسم الطائر ومقارنة هذا المسار الفعلي بالمسار النظري المطلوب والمخزَّن مسبقاً في ذاكرة الحاسوب. وعند ظهور أي عدم تطابق بين المسارين يرسل الحاسوب أوامر تصحيحية مناسبة إلى المخدمات actuators التي تتولى تحريك أسطح القيادة تحريكاً مناسباً وموافقاً للأوامر الصادرة عن الحاسوب.
ـ وقد أضيف مؤخراً إلى نظام التحكم المذكور أعلاه إمكانية تحديد الموقع الآني بوساطة «منظومة تحديد المواقع الشامل» global positioning system (GPS) التي تعتمد على استخدام السواتل الفضائية؛ إذ تتولى هذه المنظومة تزويد الحواسيب بالإحداثيات الآنية للجسم الطائر في أثناء طيرانه وتساعده على تحديد مقدار الانزياح عن المسار الاسمي بدقة أكبر.
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث