الصوت ظاهرة فيزيائية تؤثر في حاسة السمع، تنتج من موجات اهتزازية لجسم معين وتنتشر في الهواء بشكل موجات متتالية من التضاغط والتخلخل، فتؤثر في الأذن وتولد إحساساً سمعياً لدى الإنسان إذا كان ترددها محصوراً بين 16 و20.000 هرتز. أما الضجيج[ر] فهو أصوات واهتزازات غير مرغوب فيها تزعج الإنسان وقد تسبب له الضرر أحياناً بحسب شدتها واستمراريتها. وعموماً تعد الأصوات غير المرغوب فيها الناتجة من الطائرات والمرور والآلات الصناعية تلوثاً بيئياً قد يكون له آثار ضارة بصحة الإنسان، كالشعور بالضيق وارتفاع ضغط الدم وضعف السمع أو فقدانه.
وفي حين أن الأصوات ذات التردد العالي تكون أكثر خطورة على الإنسان وإزعاجاً له من الأصوات ذات التردد المنخفض، فإن معظم الضرر الناجم عن الضجيج يرتبط بشدة الصوت sound intensity، أي كمية الطاقة التي يختزنها والتي تقاس بالديسبل decibels. ويمكن أن تراوح شدة الصوت من الصفر، التي تعبر عن أخف صوت يمكن للأذن تقصيه، إلى 160 ديسبل. وتكون المحادثة بصوت شدته 40 ديسبل، ولقطار الأنفاق شدة صوت مقدارها 80 ديسبل، ويصدر عن حفلة موسيقية صاخبة rock concert صوت تراوح شدته بين 80 و100 ديسبل، وتكون عتبة الشعور بالألم عند الإنسان عند 120 ديسبل، مما قد يؤدي إلى تلف الأنسجة واحتمال فقدان السمع.
العزل الصوتي sound insulation، هو مجموعة المعايير والإجراءات التي تهدف إلى توفير عزل مناسب لمكان ما بغية التخفيف من الأصوات المزعجة الناتجة من المصادر الصوتية المختلفة أو الحد منها.
لمحة تاريخية
سعى الإنسان منذ بداية الخليقة إلى حماية نفسه من الظواهر الطبيعية، كأصوات الرياح والرعد وأصوات الحيوانات، وذلك بغية توفير الجو الهادئ المناسب للنوم ليلاً في الكهوف. غير أن الجزء المتعلق بدراسة الصوت في الأبنية بقي عموماً، جزءاً غير متطور من علم الصوت حتى العصر الحديث. ومع ذلك فقد أبدى المهندس المعماري الروماني ماركوس بوليو Marcus Pollio، (الذي عاش في القرن الميلادي الأول) ملاحظات وثيقة الصلة بهذا الموضوع وبعض التخمينات الذكية التي تتعلق بارتداد الصوت وتداخله.
وقد أدى التطور العلمي والصناعي منذ مطلع القرن العشرين وانتشار منظومات النقل بالسيارات والقطارات والطائرات وكذلك آليات البناء إلى حدوث تزايد في الأضرار الناتجة من الأصوات القوية. وصار الضجيج من الأمور الملحة التي يتوجب إيجاد حلول مناسبة لها، ومنها العزل الصوتي.
التقنيات المستعملة ومواد العزل
الوسط الناقل للصوت سرعة انتشار الصوت (م/ثا)
الهواء 343
المطاط 40-150
الفلين 450-530
الماء 1320
الخشب حسب نوعيته واتجاه أليافه 1000-3000
الخرسانة 2800-3200
حجر متوسط القساوة 3500
بلوك آجر غير مفرغ 4000
الحديد والفولاذ 4700-5100
الزجاج 5000-6000
الجدول (1)
تختلف سرعة انتشار الصوت حسب الوسط الناقل له، ولها تأثير كبير في اختيار مواد العزل. ففي حين تبلغ سرعة انتشار الصوت في الهواء 343 م/ثا، الجدول (1)، فهي قد تصل في الخرسانة إلى 3000 م/ثا وفي الزجاج إلى 6000م/ثا.
يُمتص الصوت عن طريق الهواء والجدران والأسقف والأرضيات والأثاث والأشخاص. وتؤثر نوعية مواد الإكساء في كمية الصوت الممتص، فالمواد المصقولة والملساء والصلبة والكتيمة ثقيلة الوزن ومن ثمّ فإنَّ امتصاصها للصوت أقل من المواد ذات الأسطح الخشنة والمسامية واللدنة الخفيفة الوزن.
تُقسم مواد العزل الصوتي إلى مواد ماصة وأخرى عاكسة للصوت. فالمواد اللينة soft كالفلين واللباد تمتص معظم الأصوات التي تصطدم بها، على الرغم من أنها قد تعكس بعض الأصوات ذات التردد المنخفض. أما المواد القاسية hard كالحجر والمعادن فتعكس معظم الأصوات التي تصطدم بها.
تقسم المواد الماصة للصوت إلى:
ـ مواد ماصة مسامية، وهي ألياف رخوة سماكتها نحو 10مم، لها امتصاص قوي للأصوات ذات الترددات المتوسطة.
ـ مواد ماصة غشائية، وهي مواد جيدة لامتصاص الترددات المنخفضة.
ـ مواد ماصة مثقبة، وهي مواد ذات ثقوب تحوي مواد ماصة للصوت.
ـ مشتتات صوتية، وهي عناصر توضع على الأرضيات أو تعلق على الجدران أو الأسقف بتوزيع معين لتشتيت الصوت.
ـ موانع الضجيج الصوتية التي تستخدم لعزل المعدات والآلات التي تولد ضجيجاً، وتوضع كغطاء حول مصادر الضجيج لتخفيفه بمقدار 25 ديسبل على الأقل.
أما المواد العاكسة للصوت فتستخدم في الأماكن التي تتطلب زيادة في شدة الصوت، كقاعات الاجتماعات وصالات المحاضرات والمسارح ودور الأوبرا، فتساعد على توزيع الصوت فيها بانتظام وإيصاله إلى جميع الحضور من دون تشكل صدى.
أنواع العزل الصوتي
يتحقق العزل الصوتي في الأبنية والمنشآت بعزل أرضيتها وجدرانها وأسقفها ونوافذها وأبوابها والآلات الموجودة فيها عزلاً مناسباً. وتشكل طريقة الإنشاء المضاعف أفضل طريقة لعزل الأرضيات، أي بإنشاء أرضية أخرى فوق الأرضية الأساسية مع وضع طبقة عازلة للصوت بين الأرضيتين. وكلما كانت الجدران أكثر سماكة كان العزل الصوتي أفضل. فمثلاً، يمكن أن ينقص جدار إسمنتي سمكه 15سم الضجيج بمقدار 47 ديسبل، كذلك يُنصح ببناء جدران مضاعفة مزودة بفراغ هوائي بحيث لا تنتقل الاهتزازات من الجدار الأول إلى الثاني. وتعزل الأسقف باستخدام مواد ماصة للصوت أو عاكسة له. تعدُّ النوافذ نقاط ضعف أساسية في الأبنية التي تجتازها الموجات الصوتية من خارج المبنى إلى داخله. ولتوفير عزل أفضل للصوت والحرارة، ينصح بتزويد النوافذ بألواح زجاجية مضاعفة مزودة بفراغ هوائي سماكته 2سم. أما الأبواب فهي أيضاً ضعيفة العزل الصوتي، فيتوجب حمايتها باستخدام مواد عازلة توضع حولها. كذلك يتوجب توفير عزل مناسب لجميع الآلات الموجودة في الأبنية والتي يمكن أن يصدر عنها صوت مزعج. ويتم ذلك بوضع مواد عازلة ومخدات عزل خاصة. ويفضل عموماً وضع المعدات والآلات المصدرة للأصوات في أقبية الأبنية.
حلول وأمثلة
يمكن تخفيف الضجيج في الأبنية بشكل ملموس، بإبقاء مسافات كافية بين مواقف السيارات والأبنية، أو بإنشاء مواقف للسيارات تحت الأرض، وترك مسافة لا تقل عن 200م بين الملاعب الرياضية والمدرسية والأبنية السكنية، وحماية رياض الأطفال والمدارس من التأثيرات الصوتية الخارجية عن طريق وضعها ضمن المجموعات السكنية .
لابد من مراعاة العزل الصوتي عند وضع المخططات التنظيمية الجديدة للمدن والقرى والمناطق السكنية وتحقيق المسافات الضرورية ما بين مصادر الصوت والأبنية. كذلك لابد من أخذ قياسات صوتية دورية للضجيج الصادر عن حركة المرور في المدن، وغيرها من مصادر الضجيج، وذلك بغية التأكد من ألا تتجاوز الحدود المسموحة. كذلك لابد من وضع المعايير التصميمية المناسبة للأبنية ومراعاتها بحيث توفر عزلاً صوتياً مناسباً.
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث