القلب (فحص ـ)
 
 
 
الغاية من فحص القلب إجراء تقويم شامل دقيق لحالته وتشخيص مرضه ومعالجته. ويعد فحص الأوعية الدموية جزءاً منه. يُجرى فحص القلب لكل مريض لديه شكوى قلبية، كما يُجرى في سياق فحص طبي شامل لأشخاص سيعملون في مهن معينة (كالطيران أو الجيش مثلاً) أو لأفراد ليس لديهم شكوى مرضية، ويرغبون في إجراء فحص طبي عام.
 

القصة المرضية 

 
يبدأ فحص القلب بالاستماع لشكوى المريض وتسمى هذه الأعراض symptoms. ومن الضروري القول إن الأعراض التي سيرد ذكرها لاحقاً لا تقتصر على الأمراض القلبية بل هي أعراض تشترك بها آفات قلبية وغير قلبية، ويتم التمييز بينها بالفحص الطبي المتكامل.
 
 

الأعراض

 
الزلة (ضيق النفس) dyspnea: تعد الزلة من الأعراض الأساسية التي تأتي بالمريض إلى طبيب القلب وتدل على قصور في أداء القلب وظيفتَه. وسببها عجز القلب عن تلبية الحاجة المتزايدة إلى الإرواء الدموي لأعضاء البدن وتزويدها بكمية كافية من الأكسجين في أثناء الجهد. وتميز هذه الزلة من تلك التي تنتج من فقر الدم أو الآفات الرئوية أو زيادة الوزن الشديدة. يشكو المريض من الزلة القلبية في أثناء الجهد كالمشي السريع أو صعود الدرج وتسمى زلة جهدية exertional dyspnea. وباشتداد المرض القلبي تحدث الزلة بجهد أقل لدرجة أنه قد يشكو منها بعد مشي عدة خطوات أو حتى في أثناء الراحة. قد تكون الزلة ليلية توقظ المريض من نومه بسبب ضيق النفس الشديد، أو قد تكون اضطجاعية orthopnea وفيها تظهر عند الاستلقاء على ظهره مما يضطره إلى النوم رافعاً جذعه على وسائد عدة أو جالساً. 
 
ـ الألم الصدري: يغلب أن يتوضع الألم الصدري القلبي المنشأ خلف القص، وينتشر عادة نحو الفك السفلي أو الذراعين ولاسيما الذراع الأيسر أو أعلى البطن، ولكن قد يقتصر توضعه على أحد أماكن انتشاراته من دون حدوث ألم خلف القص. ويجب تمييز الألم الصدري القلبي من الآلام الأخرى المشابهة التي تصيب القفص الصدري، مثل ألم تشنج المريء أو الألم المراري أو الألم الهيكلي العظمي العضلي أو المفصلي.
 
تختلف صفات الألم الصدري القلبي المنشأ باختلاف الحالة المرضية المسببة له. فقد يكون ألماً صدرياً يتحرض بالجهد ويتحسن بالراحة ويستمر عدة دقائق بعد إنهاء الجهد، وهذا يسمى الخناق الصدري angina pectoris، وهو يدل على وجود تضيّق في الشرايين الإكليلية. وقد يشكو المريض من ألم صدري شديد ضاغط عاصر خلف القص مترافق بإقياء مع تعرق، لا يتحسن عادة إلا بعد إعطاء المسكنات القوية المورفينية أو مثيلاتها، وهذا يدل على وجود انسداد تام في أحد الشرايين الإكليلية يدعى احتشاء العضلة القلبية (الجلطة) myocardial infarction، أو يكون الألم شديداً مشابهاً لألم الاحتشاء ولكنه يشتد بالشهيق العميق ويتحسن بالانحناء إلى الأمام، ويشير هذا في معظم الحالات إلى التهاب التامور pericarditis.
 
تترافق جميع الآلام الموصوفة سابقاً بتبدلات تخطيطية كهربية قلبية تشخص طبيعتها. ولكن هناك ألم صدري شديد جداً يبدأ شعوراً بالتمزق من دون تبدلات تخطيطية قلبية، وهنا يجب التفكير بتسلخ الأبهر dissection of the aorta.
 
ـ الخفقان palpitation: هو الشعور الشخصي بنبضات القلب. ففي الحالة الطبيعية لا يشعر الإنسان بنبضات قلبه على الرغم من أنه ينبض نحو مئة ألف مرة يومياً. يشكو المريض من الخفقان في حال حدوث تسرع قلبي، وهو انتيابي عادة paroxysmal tachycardia، أي ينتابه التسرع على هيئة نوبة مؤقتة تمتد من دقائق إلى ساعات وتنتهي تلقائياً أو بالمعالجة. وقد يشكو من الخفقان في حال حدوث نوبة رجفان أذيني atrial fibrillation، وفيه ينبض القلب على نحو غير منتظم (أي إن المدة الزمنية بين نبضة وأخرى غير متساوية). وهناك حالة شائعة من اضطراب النظم، يشعر فيها المريض بالخفقان الشديد مع حسّ هبوط في القلب تدعى خوارج الانقباض البطينية، وهي سليمة عادة ما لم تترافق بمرض شرياني إكليلي. وتحدث عند الأسوياء عقب الانفعال أو الإفراط في تناول المنبهات أو المشروبات الغازية أو التدخين المفرط، وتزول تلقائياً بزوال السبب وليس لها دلالة مرضية معينة ولا تحتاج إلى علاج. أما إذا ترافقت خوارج الانقباض هذه مع آفة إكليلية دلت على إصابة شديدة. يمكن أن يحدث الخفقان على نحو طبيعي في حالات الخوف أو الجهد أو الانفعالات.
 
ـ الغشي fainting - syncope: هو نوبة من فقد الوعي العابر يصاب بها المريض القلبي إذا سبَّب مرضه نقصاً في التروية الدموية الدماغية. قد يكون الغشي أول عرض لتضيق الصمام الأبهري الشديد aortic valve stenosis. وهو يتحرض بالجهد عادة كما يحدث في بعض اضطرابات النظم القلبية مثل التسرعات القلبية الشديدة، وفيها تصبح التقلصة القلبية غير مجدية ولا تضخ الدم الكافي للإرواء الدماغي. ويحدث الغشي أيضاً في بطء القلب الشديد مثل إحصار القلب التام complete heart block، وبسبب نوب توقف القلب العابرة وتدعى نوب ستوكس - أدامس Stokes-Adams†Attacks. وتشخص كل هذه الاضطرابات بتخطيط كهربائية القلب أو بمرقاب هولتر Holter. يحدث الغشي في نوب هبوط الضغط عند الوقوف المديد ولاسيما إذا كان الشخص جائعاً، كما يحدث أحياناً عقب التبول بوضعية الوقوف، أو بعد النهوض المفاجئ من السرير إثر رقاد طويل. ولابد من تمييز الغشي القلبي المنشأ من نوب فقد الوعي العصبية المنشأ.
 
 
 
الوذمة swelling - oedema: هي انتباج (انتفاخ) الأنسجة الرخوة، وينجم عن إعاقة عودة الدم الوريدي بسبب ضعف عضلة القلب، مما يرفع الضغط داخل الأوردة فيؤدي إلى نزح (خروج) السوائل من الأوعية الشعرية الوريدية إلى النسج المحيطة بها، وهذا يسبب الوذمة. يضاف إلى ما سبق أن ضعف المضخة القلبية يؤدي إلى نقص التروية الكلوية مما ينجم عنه خلل في توازن جملة رينين ـ أنجيوتنسين، وهي جملة لها شأن مهم في توازن الماء والصوديوم فيحدث احتباس الصوديوم وهذا يزيد من الوذمة. تتوضع الوذمة عادة في الطرفين السفليين بسبب الجاذبية، وتبدأ من القدمين خلف الكعب الأنسي ثم تمتد لتصل إلى الساقين، وقد تصل في الحالات الشديدة إلى الفخذين وكيس الصفن أسفل البطن.
 

الفحص السريري 

 
إن الخطوة التالية لاستجواب المريض وأخذ قصته المرضية الكاملة هي الفحص السريري. والمقصود بذلك فحص المريض والاستعانة بالسماعة الطبية وجهاز الضغط فقط من دون استعمال أجهزة أخرى. تسمى الشذوذات التي يلاحظها الفاحص على المريض علامات signs.
 
يبدأ الفحص السريري بالنظر إلى المريض نظرة طبية فاحصة، ويؤلف فحص اليدين والقدمين جزءاً مهماً منه. فوجود آثار تدخين على الأصابع يدل على أن المريض مدخن مزمن، وهذا يزيد من احتمال إصابته بمرض شرياني إكليلي.
 
 
يجب أن ينتبه الفاحص إلى وجود ندبة عمل جراحي سابق على الصدر، وخاصة عندما يكون الفحص الطبي لأشخاص سيعملون في مهن معينة تتطلب لياقة بدنية عالية. قد تكون ندبة العمل الجراحي على عظم القص كما هي الحال في جراحة المجازات الإكليلية coronary bypass، أو إصلاح بعض التشوهات القلبية الولادية، أو تكون على الجانب الأيسر من الصدر كما هو الحال في جراحة الصمام التاجي أو إصلاح أنواع أخرى من التشوهات الولادية. يصعب أحياناً مشاهدة ندبة العمل الجراحي المجرى في سن الطفولة إلا إذا فتش عنها الفاحص بدقة. 
 
ـ الزراق cyanosis: هو اصطباغ الجلد والأغشية المخاطية باللون الأزرق نتيجة فرط مقادير الخضاب المرجع reduced hemoglobin في الدم.
 
قد يكون الزراق محيطياً وفيه تكون الأطراف مزرقّة باردة، أما اللسان فيبقى أحمر وردياً، ويشاهد في حالات نقص نتاج القلب كاسترخاء العضلة القلبية، أو مع أمراض الأوعية المحيطية وتقبضها كما في ظاهرة رينو Raynaud‘s phenomenon، أو في حالات الطقس البارد، ويكون إشباع الأكسجين في الدم الشرياني طبيعياً في هذه الحالة. أما في الزراق المركزي فتكون الأطراف واللسان والأغشية المخاطية ذات لون أزرق ويكون إشباع الأكسجين في الدم الشرياني ناقصاً بسبب اختلاطه بالدم الوريدي كما هي الحال في بعض الأمراض القلبية الولادية المزرِّقة cyanotic congenital heart diseases، كشذوذ منشأ الشريانين الكبيرين (الأبهر والرئوي)، أو في حالة وجود ثقب في الحجاب بين الأذينتينatrial septal defect، أو في الحجاب بين البطينين ventricular septal defect مع ارتفاع الضغط الرئوي، فيتشكل تيار دموي (تحويلة) shunt من الجهة اليمنى للقلب (الدم الوريدي) إلى الجهة اليسرى للقلب (الدم الشرياني) مؤدياً إلى اختلاط الدم الوريدي بالدم الشرياني فيظهر الزراق.
 
 
تعجر (تبقرط) الأصابع clubbing: هو علامة مشتركة بين عدد من الأمراض القلبية والرئوية والهضمية، وفيه تزول الزاوية بين الظفر وفراشه. تتشارك هذه العلامة مع الزراق عادة في الآفات القلبية الولادية المزرقة كمرض رباعي فاللوFallot‘s tetralogy، أو تشاهد من دون زراق في الأصابع كما هي الحال في التهاب الشغاف endocarditis.
 
ـ الزلة الاضطجاعية: هي عرض يشكو منه المريض إضافة إلى أنها علامة يلاحظها الفاحص؛ عندما يطلب من المريض الاستلقاء على ظهره فيتعذر ذلك عليه بسبب شعوره بضيق النفس الشديد.
 
ـ دراسة نبض الوريد الوداجي وضغطه jugular vein: تتم دراسته والمريض مستلق بزاوية 45 درجة. يرتفع ضغط الوريد الوداجي في استرخاء القلب الاحتقاني congestive cardiomyopathy، وفي اندحاس التامور (السطام) tamponade. وتشاهد أنواع مختلفة من نبضان الوريد الوداجي في قصور الصمام مثلث الشُرَف وفي إحصار القلب التام.
 
 
الضغط الدموي الشرياني :arterial blood pressure بعد الانتهاء من التأمل الطبي الدقيق لجسم المريض يجب قياس الضغط الدموي الشرياني، ويتم ذلك بوساطة السماعة الطبية وجهاز قياس الضغط. يُلف كم مقياس الضغط حول أعلى الذراع اليمنى عادة، ويُوضع غشاء السماعة على الشريان العضدي، ويجب أن تكون الذراع في مستوى القلب. ينفخ الهواء في الكفة cuff، وعندما يصبح الضغط في الكفة أعلى من الضغط الانقباضي في الشريان العضدي يغيب النبض الكعبري (الذي يمكن جسه بسهولة)، وعندها يتم تخفيض الضغط الهوائي تدريجياً في الكفة، إلى أن يخف الضغط عن الشريان العضدي ويصبح النبض الكعبري مجسوساً. وفي هذه المرحلة تصدر أصوات يمكن سماعها بالسماعة الطبية تدعى أصوات كوروتكوف Korotkoff نسبة إلى اسم الطبيب الروسي الذي وصفها أول مرة. ومع استمرار هبوط الضغط الهوائي في الكفة تشتد أصوات كوروتكوف ثم تخف وتغيب. تشير نقطة بدء سماع الأصوات إلى قيمة الضغط الانقباضي، وتشير نقطة خفوت الأصوات (وهي النقطة السابقة لغياب الأصوات) إلى قيمة الضغط الانبساطي. 
 
يجب أن يقاس الضغط بشروط نظامية، كأن يكون المريض مستلقياً على ظهره، ومرتاحاً مدة لا تقل عن 10ـ15دقيقة قبل قياس الضغط، وهادئاً وغير متناول لوجبة ثقيلة. لا يمكن الحكم بوجود مرض ارتفاع الضغط الشرياني من قياس واحد، بل يجب إجراء قياسات عدة بشروط نظامية، لأن ارتفاعه مرة واحدة قد يكون طبيعياً وعابراً ولسبب طارئ كبذل جهد عالٍ أو حالة انفعالية معينة.
 
بعد تشخيص ارتفاع الضغط الشرياني يجب التحري عن سببه. إن نحو 90% من حالات ارتفاع الضغط مجهولة السبب وتدعى ارتفاع الضغط الأساسي essential hypertension. أما في الحالات الباقية فيجب البحث عن سبب كلوي، أو غدي، أو قلبي وعائي، ويدعى ارتفاع الضغط الشرياني الثانوي secondary hypertension.
 
ـ النبض pulse: يجب فحص النبض السباتي بالجانبين، وفي جميع الشرايين المحيطية بالأطراف الأربعة، ويشمل النبضَ العضدي والكعبري والزندي بالطرفين العلويين، والفخذي والمأبضي والظنبوبي الخلفي وظهر القدم بالطرفين السفليين. يجب عند فحص النبض تحديد وجوده أو غيابه عن الشريان المفحوص وتحديد عدده بالدقيقة ودرجة امتلائه وانتظامه وتناظره بالأطراف. 
 
يكون النبض غير متناظر بالأيمن والأيسر، أو ضعيفاً أو غائباً عن الشريان المفحوص إذا كان الشريان متضيقاً بشدة أو كان مسدوداً. ويكون متسرعاً أو بطيئاً جداً أو غير منتظم في اضطرابات النظم القلبية. ويكون ضعيفاً (خيطياً) مع سلامة الشريان المفحوص في حالات النزف الشديد، أو نقص نتاج القلب في حالات قصور القلب.
 
ـ جس الصدر :palpation يقصد بجس الصدر وضع الفاحص راحة يده اليمنى على أماكن مختلفة من صدر المريض. 
 
تشعر اليد الجاسة بصدمة خفيفة لِقِمَّة القلب أيسر الصدر في الحالة الطبيعية أو لا تشعر بأي شيء. أما في الحالات المرضية فقد تشعر بحس راعش (هرير) thrill منبعث من بؤرة معينة في الصدر، أو تشعر بأصوات القلب (الأصوات القلبية الطبيعية مسموعة وغير مجسوسة)، أو تشعر بصدمة قوية لِقِقَّة القلب عند الانقباض. تنتج هذه الأحاسيس من ضخامة قلبية في البطين الأيمن والأيسر أو كليهما، أو من آفة صمامية أو آفة قلبية ولادية، وقد تتشارك آفتان أو أكثر في مريض واحد.
 
ـ الوذمة: الوذمة عرض يشكو منه المريض ولكنه علامة يجب أن يفتش عنها الفاحص. قد تكون الوذمة خفيفة ولا يشعر بها المريض. يجب التحري عن الوذمة الخفيفة خلف الكعب الأنسي للقدم وعند اشتدادها يمكن التحري عنها بالساقين أو حتى في الفخذين أو كيس الصفن، ويكون ذلك بالضغط على الجلد بإبهام اليد فيترك مكانه انطباعاً بعد زوال الضغط، وهي تدل على قصور في القلب. لا تكون الوذمة واضحة عند المريض الراقد في الفراش مدة طويلة، وعندها يجب التفتيش عنها على عظم العجز. يجب التفريق بين الوذمة القلبية المنشأ وبين الوذمات الناجمة عن سبب آخر كالوذمة الكلوية أو اللمفية أو الكبدية، أو وذمة نقص الألبومين، أو الوذمة الوريدية الطبيعية المشاهدة لدى الأشخاص الذين يقفون فترة طويلة.
 

ـ التسمّع :auscultation 

 
ـ تسمع القلب: يصدر عن القلب صوتان طبيعيان في كل دورة قلبية. يُسمع حين انغلاق الصمامين التاجي ومثلث الشرف عند الانقباض صوت يدعى الصوت الأول يشبه لفظ لب lub، ويسمع حين انغلاق الصمامين الأبهري والرئوي عند الانبساط صوت يدعى الصوت الثاني يشبه لفظ دَب dup، أي إن القلب الطبيعي يصدر صوتين يُشبهان بلفظ: لَب ـ دَب lub-dup في كل دورة قلبية. قد يسمع عند الأشخاص تحت سن الثلاثين صوت ثالث طبيعي بعد الصوت الثاني، وسببه امتلاء البطين الأيسر بالدم في بداية الانبساط. أما سماعه بعد سن الثلاثين فيدل على حالة مرضية. قد يسمع صوت رابع قبل الصوت الأول وهو طبيعي عادة ويدل على انقباض الأذينتين. تحتد الأصوات القلبية ويكون لحنها أعلى من الطبيعي في بعض الأمراض. يحتد الصوت الأول في تضيق الصمام التاجي mitral stenosis، ويحتد الصوت الثاني في ارتفاع الضغط الشرياني أو الرئوي. تخفت هذه الأصوات في حالة البدانة الشديدة، أو النفاخ الرئوي، أو انصباب التامور. يسمع في بعض الحالات المرضية صوت ليس موجوداً في الحالة الطبيعية في القلب يدعى نفخة murmur، يشبه صوت النفخ في أنبوب مفتوح من طرفيه. توصف النفخة بأنها انقباضية systolic murmur إذا سمعت في طور الانقباض القلبي كما في نفخة تضيّق الصمام الأبهري aortic stenosis أو قصور الصمام التاجيmitral regurgitation، وتوصف بأنها انبساطية diastolic murmur إذا سمعت في طور الانبساط القلبي كما في نفخة قصور الصمام الأبهري aortic regurgitation أو تضيق الصمام التاجي (يعني قصور الصمام عدم انغلاقه على نحو صحيح مما يؤدي إلى تسرب الدم عبره بالاتجاه المعاكس للجهة الطبيعية للجريان). تكون النفخة متواصلة أحياناً (أي تشمل طوري الانقباض والانبساط) كما في حالة بقاء القناة الشريانية مفتوحة patent ductus arteriosus، وهي قناة تصل بين الشريانين الأبهري والرئوي عند الجنين وتنغلق طبيعياً وتلقائياً في الشهر الأول بعد الولادة. يسبب الثقب بين الأذينتين، أو بين البطينين نفخة انقباضية ما دام الضغط في الجهة اليسرى من القلب أعلى من الجهة اليمنى. يصدر عن القلب صوت يشبه صوت احتكاك الجلد الجاف بعضه ببعض يدعى الاحتكاكات التامورية pericardial friction rubs، وتنتج من التهاب التامور.
 
ـ تسمع الرئتين: يسبب قصور القلب heart failure تراكماً للسوائل في الأسناخ الرئوية، مما يسبب سماع صوت خفيف في أثناء الشهيق يشبه صوت النارجيلة يسمى خراخر crepitations، ويتوضع عادة في قاعدة الرئتين، ولكنه يشمل الساحتين الرئويتين في الحالات الشديدة ويدعى عندها وذمة رئوية pulmonary oedema
 
 

الوسائل الاستقصائية المساعدة 

 
ليس استخدام جميع الوسائل الاستقصائية المساعدة ضرورياً لتشخيص كل حالة قلبية، بل يستخدم منها القدر اللازم الكافي فقط. إن بعض هذه الوسائل غير مترافق بأي خطورة على المريض في أثناء إجرائها وتدعى الوسائل غير الباضعة non invasive، أما بعضها الآخر فيترافق بنسبة خطورة معينة وتدعى الوسائل الباضعة invasive.
 
أـ الاستقصاءات غير الباضعة: 
 
ـ تخطيط كهربائية القلب: يعد بعض الفاحصين تخطيط كهربائية القلب والتصوير الشعاعي للصدر إجراءين ضروريين متممين للفحص السريري الكامل.
 
- التصوير الشعاعي للصدر: يُظهر حجم القلب، والتوعية الدموية الرئوية، والانصباب الجنبي المرافق لبعض الآفات القلبية. إن النسبة القلبية - الصدرية هي:
 
 
في الحالة الطبيعية.
 
ترتفع النسبة القلبية ـ الصدرية في حالة اعتلال القلب التوسعيdilated cardiomyopathy، أو في بعض الآفات الصمامية كقصور الصمام الأبهري أو قصور الصمام التاجي.
 
يزداد احتقان الأوعية الدموية الرئوية في حالات قصور القلب الشديد، وتبلغ ذروتها في وذمة الرئة الحادة.
 
يسبب قصور القلب في بعض الحالات حدوث انصباب جنبي pleural effusion وغالباً ما يكون في الجهة اليمنى من الصدر. 
 
ـ تخطيط صدى القلب echocardiography يعتمد مبدؤه على ارتداد الأمواج فوق الصوتية المرسلة من مسبار الجهاز transducer الموضوع على جدار الصدر بعد ارتطامها بالمكونات التشريحية للقلب، فترتسم صورة عن تلك المكونات على شاشة الجهاز.
 
يفيد تخطيط صدى القلب في تشخيص اعتلال العضلة القلبية التوسعي، واعتلال العضلة القلبية الضخامي hypertrophic cardiomyopathy. ويمكن بوساطته حساب وظيفة العضلة القلبية، وهي ما يسمى الكسر القذفي ejection fraction، كما يعد أحسن وسيلة لتشخيص انصباب التامور حيث يظهر الانصباب جلياً على شكل ظل صوتي (هو ظل السائل الانصبابي) بين غشاء التامور وجدار العضلة القلبية، ويكشف الآفات الكتلية ضمن الأجواف القلبية كالخثرات المتشكلة ضمنه.
 
يعتمد تخطيط صدى القلب دوبلر Doppler echocardiography على مبدأ ارتطام الأمواج فوق الصوتية بالكريات الحمر المتحركة في الأوعية الدموية، وبذلك تقاس سرعة جريان الدم في وعاء دموي معين أو من خلال صمام معين. وهذا يفيد في تشخيص آفات القلب الصمامية (التضيق أو القصور) بوساطة قياس سرعة جريان الدم عبر الصمام المتضيق أو كشف التسرب الدموي في الصمام القاصر، كما يفيد الدوبلر في كشف الثقب بين الأذينتين أو بين البطينين عن طريق كشف وجود تيار دموي شاذ بين الأجواف اليمنى واليسرى ليس موجوداً في الحالة الطبيعية
 
تخطيط أصوات القلب phonocardiography: هو تسجيل لأصوات القلب الطبيعية والمرضية والنفخات القلبية على ورق خاص لتحديد شدتها وعلاقتها الزمنية بعضها ببعض. وقد قل استعمال هذه الوسيلة التشخيصية حالياً وصارت أكثر استعمالاً للأغراض التعليمية.
 
ـ تحديد (قياس) الإنزيمات القلبية myocardial enzymes determination: يتحرر في حالة احتشاء العضلة القلبية عدد من الإنزيمات بسبب تخرب الخلايا القلبية وتمزق أغشيتها. وتنطرح هذه الإنزيمات في الدوران الدموي وبذلك يمكن معايرتها وكشف ارتفاعها. وهذا يدعم تشخيص احتشاء العضلة القلبية مخبرياً.
 
ـ الاستقصاءات الطبية النووية nuclear medical investigations: وتعتمد على حقن مواد فعالة شعاعياً في الجريان الدموي، فتقتنص الخلايا القلبية هذه المواد على نحو متفاوت حسب درجة سلامة إروائها الدموي. وتسجل هذه الأحداث بوساطة آلة التصوير النووية gamma camera، وتتم دراستها لتحديد درجة الإصابة القلبية الإقفارية ischemic heart disease.
 
 
التصوير الطبقي المحوري computerized tomography والتصوير بالرنين المغنطيسي magnetic resonance imaging: هما وسيلتان تشخيصيتان قلما تستعملان في تشخيص الأمراض القلبية، ولكن قد يكون لهما فائدة في تشخيص مرض تسلخ الأبهر أو الآفات الكتلية ضمن أجواف القلب أو انصباب التامور.
 
ب ـ الاستقصاءات الباضعة: 
 
ـ القثطرة القلبية cardiac catheterization: يعتمد مبدأ التشخيص بوساطتها على حقن مواد ظليلة شعاعياً ضمن الأجواف القلبية أو ضمن الشرايين الإكليلية لتصويرها ودراستها، ويتم ذلك عملياً بإدخال قثطار (وهو أنبوب رفيع) عبر الشريان الفخذي متجهاً بالطريق الراجع نحو الأجواف القلبية اليسرى والشرايين الإكليلية (تنشأ الشرايين الإكليلية من جذر الأبهر) أو عبر الوريد الفخذي متجهاً بالطريق الراجع نحو الأجواف القلبية اليمنى.
 
تحقن المادة الظليلة فيرتسم الجوف القلبي أو الشريان الإكليلي المدروس. وأكثر ما تستخدم القثطرة القلبية حالياً لتشخيص أمراض الشرايين الإكليلية، ولكنها قد تستخدم في تشخيص أمراض القلب الولادية أو الصمامية
 

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث