النزف هو خروج الدم من الأوعية (شرايين وأوردة وأوعية شعرية) تلك الأنابيب التي تنقل الدم من القلب إلى أنحاء الجسم كافة حاملة الغذاء وآخذة الفضلات.
يكون النزف خارجياً h. externe عندما يخرج الدم خارج الجسم، أو يكون داخلياً h. interne حينما يحدث ضمن الأنسجة أو بين الأعضاء.
قد يكون النزف صغيراً يتوقف تلقائياً بسبب عوامل التخثر في الدم، أو يكون غزيراً يهدد الحياة ويتطلب علاجاً إسعافياً لإيقافه، وقد يستلزم نقل الدم لإعاضة ما فقد.
نزف الزجاجي vitréennes hémorragies
الجسم الزجاجي كتلة هلامية شفافة تملأ كرة العين لا أوعية دموية فيها.
يشغل الزجاجي المسافة الواقعة بين حليمة العصب البصري في الخلف والجسم البلوري (العدسة) في الأمام، ويعطي العين شكلها وقوامها. والجسم الزجاجي لا يفرز ولا يفرغ وضياعه لا يُعّوض ويؤدي إلى ضمور العين، تحيط به محفظة الزجاجي، ويفصله عن الشبكية طبقة المحددة الباطنية الشبكية.
بما أن الزجاجي غير موعى فإن النزف يأتيه من تمزق أوعية الشبكية ويندر أن يأتيه من الأمام.
ـ أسباب نزف الزجاجي: ينجم النزف عن:
ـ الرضوض والجروح النافذة.
ـ تمزق أوعية الشبكية rétine مع انفصالها أو من دون انفصالها.
ـ التهاب حول الأوردة الشبكية كما في داء إيلس والتدرن المسبب للأنزفة المتكررة في الزجاجي.
ـ الداء السكري ويؤدي إلى اعتلال الشبكية المنمّي وتشكل أوعية جديدة رقيقة تنزف من أبسط سبب.
ـ أمراض الدم كالناعور hémophilie وارتفاع الضغط الشرياني، وخثرة الوريد الشبكي المركزي، والأمراض العامة.
الأعراض: يؤدي نزف الزجاجي إذا كان خفيفاً إلى تشوش الرؤية وحدوث رؤية ضبابية. أما إذا كان شديداً فيسبب نقصاً شديداً ومفاجئاً في الرؤية ويحول دون رؤية قعر العين.
التطور: يُمتص النزف الخفيف في بضعة أيام، وتعود الرؤية إلى حالتها الطبيعية، ولكن قد لا ترجع كما كانت في السابق إذا تكرر النزف. أما إذا كان النزف شديداً فربما يحتاج زواله إلى عدة أشهر، وقد يتليف ويتعضى، ولا يُمتص نهائياً، ويسبب فقد الرؤية.
التشخيص: فقد الرؤية المفاجئ عرض مشخِص، ويمكن تأكيده بالفحص بالمصباح الشقي، وبالتخطيط بالأمواج فائقة الصوت ultrasons.
المعالجة: لا تفيد المعالجة الدوائية كثيراً في علاج نزف الزجاجي لوجوده في جوف مغلق. ويُعتمد على الارتشاف الذاتي، ويُنصح بالراحة العينية والجسدية، فإذا مضى على النزف ثلاثة أشهر ولم يرتشف يمكن اللجوء إلى عملية قطع الزجاجي، وهي عملية تعيد الرؤية إذا لم يكن هناك أي إصابة عضوية مرافقة.
نزف القزحية iriennes hémorragies
القزحية iris هي حجاب صباغي عضلي غني بالأوعية، تؤلف القسم الأمامي من العنبة وتشكل مع القرنية cornée من الأمام الغرفة الأمامية. وهي صفيحة دائرية قطرها 12مم، كتيمة تمنع نفوذ الضوء إلى داخل العين إلا من ثقب في مركزها هو الحدقة pupille التي تتسع وتتقبض لتحدد كمية الضوء التي تدخل العين.
ـ أسباب نزف القزحية: يحدث نزف القزحية في الحالات الآتية:
ـ رضّ مغلق على العين يؤدي إلى تمزق العضلة المعصرة للحدقة، أو انفكاك في جذر القزحية يسبب تمزق الأوعية، وحدوث النزف.
ـ الرضوض والجروح النافذة في منطقة الحوف أو اللم limbe.
ـ احمرار القزحية rubéose وينجم عنه تشكل أوعية حديثة في القزحية، كما في اعتلال الشبكية السكري المنمّي، وخثرة الوريد الشبكي المركزي.
ـ ارتفاع الضغط الشرياني وأمراض الدم (الناعور).
الأعراض: عندما تنزف القزحية ينصب الدم في الغرفة الأمامية ويسبب تشوش الرؤية إذا كان النزف خفيفاً. أما إذا كان النزف شديداً فإن الدم يملأ البيت الأمامي، وتزول الرؤية، وقد يرتفع الضغط داخل العين (زرق glaucome ثانوي) ويحدث ألم شديد واحتقان هدبي ووذمة في القرنية، وإذا اندخل الدم في لحمة القرنية تطلب مداخلة إسعافية.
التشخيص: يُشاهد النزف في الغرفة الأمامية بالعين المجردة، أو بالمصباح الشقي، فُتقّدر كميته ويُراقب ارتشافه كما يُراقب ضغط العين باستمرار.
المعالجة: إذا كان النزف قليلاً تكفي الراحة مع إعطاء الأدوية المرقئة والمسرعة لارتشاف الدم. أما إذا كان النزف غزيراً، وبدأ ضغط العين بالارتفاع فعندها لابد من التدخل الجراحي بغسل النزف من الغرفة الأمامية لمنع مضاعفات الزرق وارتشاح القزحية.
النزف تحت الملتحمة hémorragies sous conjonctivales
ليس النزف تحت الملتحمة في معظم الأحيان نزفاً بالمعنى الصحيح، بل هو ارتشاح دموي في الغشاء المخاطي والأنسجة الملاصقة تحته.
قد يكون النزف تحت الملتحمة موضّعاً، فيبدو بقعة حمراء قانية في منطقة الملتحمة البصلية، أو يكون غزيراً شاملاً فتبدو العين حمراء قاتمة ضاربة إلى السواد (العين السوداء).
الأسباب: معظم أسباب النزف تحت الملتحمة رضّيّ: وتحدث إمّا برضّ مباشر على العين والأجفان والأنف (كسور الأنف وجروحه) وإمّا من جروح الملتحمة والأجسام الأجنبية، وإمّا نتيجة رضٍ غير مباشر كما في كسور الرأس وانضغاط الصدر. وقد يحدث النزف تحت الملتحمة بعد تغوط عسير بسبب الإمساك، أو في أثناء السعال والعطاس.
وهناك أسباب عديدة عامة يجب البحث عنها في غياب الرضِّ، كقصور الكبد وارتفاع الضغط الشرياني والهشاشة الوعائية وفقر الدم وأمراض الدم كالناعور وابيضاض الدم.
الأعراض: ليس هناك أي شكوى في النزف تحت الملتحمة ويكتشفه الرجل مصادفة صباحاً عند حلاقة الذقن، والسيدات عند التزين الصباحي. وقد يلاحظه أحد المقربين ويلفت الانتباه إليه.
التطور: يمر النزف عادة بأدوار من الأحمر القاني إلى البنفسجي ثم الأخضر والأصفر ويُمتص أخيراً، أما ما يميز النزف تحت الملتحمة البصلية فهو أنه يبقى بلون أحمر قانٍ؛ لأن الكريات الحمر تأخذ الأكسجين من الجو الخارجي عن طريق الملتحمة. قد يخفي النزف تحت الملتحمة بعض الأذيات في الصلبة في أثناء الجروح أو الرضوض لذلك يجب الاستقصاء في حالة الشك.
يُمتص النزف تحت الملتحمة في ثمانية أيام، وقد يستمر عشرين يوماً إذا كان غزيراً، ولا يترك مكانه أي أثر في معظم الحالات.
المعالجة: لا يحتاج النزف تحت الملتحمة إلى أي علاج، ويُمتص تلقائياً إلا إذا كان هناك سبب، حينئذ يُعالج السبب
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث