الكواكبي (محمد صلاح الدين ـ)
(1901 ـ 1972)
محمد صلاح الدين بن مسعود أبو السعود الكواكبي، صيدلي وكيميائي ولغوي، وضع عدداً كبيراً من المصطلحات الكيميائية والصيدلانية، وهو ربيب بيت علم وفضل. كان والده عضواً في محكمة التمييز وعضواً في المجمع العلمي العربي في دمشق (مجمع اللغة العربية اليوم).
ولد محمد صلاح الدين الكواكبي في حلب، وتُوفِّي في دمشق. درس العلوم الابتدائية والإعدادية في الآستانة، ثم انتقل إلى حلب بعد تحوّل وظيفة والده إليها؛ ليكمل دراسته الثانوية في المكتب السلطاني التركي؛ والذي أصبح بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى «مدرسة التجهيز العربية»، وتخرج فيها سنة 1920. انتسب عام 1921 إلى المعهد الطبي العربي في دمشق (كلية الطب اليوم)، ودرس فيها علوم الصيدلة، ونال إجازة في الصيدلة عام 1924.
ذهب الكواكبي سنة 1925 إلى باريس لإكمال تعليمه العالي هناك، فتسجل في كلية الصيدلة، وداوم على مخبر السموم في مؤسسة الطب الشرعي. منح لقب دكتور في الصيدلة سنة 1926 بعد تقديمه أطروحة بعنوان: «تحري الآزوتات في الكيمياء الحيوية والسمّيّة»، اكتشف فيها وجود الآزوتات في حليب المرأة وحليب البقر، وكان وجود هذه المادة في الحليب مجهولاً حتى ذاك الحين، كما حصل على اختصاص في الكيمياء الحيوية من كلية الصيدلة في باريس عام 1927. عاد بعد ذلك إلى دمشق، وقدّم مسابقة في المعهد الطبي العربي؛ ليشغل منصب مساعد مخبر الكيمياء، فباشر عمله سنة 1928 في دار الجراثيم، وبقي فيها نحو ثماني سنوات، وفي عام 1937 صدر مرسوم ترقيته إلى درجة رئيس مخبر، غير أنه لم ينفذ. وفي ذاك الوقت استدعته الحكومة العراقية أستاذاً لتدريس الكيمياء الحيوية والتحليلية في كلية الصيدلة الملكية العراقية ببغداد. وبقي الكواكبي في ذاك المنصب حتى سنة 1940، وما كاد يرجع إلى دمشق حتى أعيد إلى كرسي التدريس في المعهد الطبي وإلى رئاسة المخبر. وأتيح له بعد ذلك أن يتدرج في المناصب العلمية حتى سمي أستاذاً أصيلاً لكرسي الصيدلـة والكيمياء عام 1947، ولبث فيه حتى عام 1961 حينما بلغ سن التقاعد.
وكان الكواكبي يقوم في مخبره الخاص بتجهيز حبابات ampoules دوائية سدّت ثغرة كبيرة في أثناء الحرب العالمية الثانية، يوم فقدت من الأسواق حبابات لمواد دوائية مهمّة كالإمتين émétine والكينين quinine والستوفائين stovaïne، وكان يقدمها بثمن الكلفة لمستشفى المعهد الطبي الذي تخرج فيه.
انتخب الكواكبي لعضوية المجمع العلمي العربي سنة 1953. وله عشرون مؤلفاً علمياً في الصيدلة والكيمياء والسموم، وضع أربعة منها في أثناء وجوده في بغداد لطلاب كلية الصيدلة الملكية العراقية. ومن أعماله الفذة كتابه: «مصطلحات علمية» الذي أصدره عام 1959، وكان يعيد النظر فيه ويضيف إليه ويصدره بطبعة جديدة حتى بلغ ما طبعه من الكتاب ثماني طبعات. ويدل هذا المؤلف على مبلغ الجهد الكبير الذي بذله في الاشتقاق والنحت والتعريب.
إن ما أدخله محمد صلاح الدين الكواكبي من مصطلحات علمية على قياس الكلمات الأجنبية أغنى اللغة العربية بما تحتاج إليه من ألفاظ ومصطلحات؛ لتساير ركب الحضارة، وقد وفق في أكثرها. ومن أقواله: «ماذا يضرّ اللغويين أن يلجأ العالم إلى النحت والاشتقاق..» ويقول أيضاً: «ألا ترون معي الغبن اللاحق بالعربي الحديث في أحكام اللغويين القاسية؟ لماذا يمنحون العربي القديم حق النحت والاشتقاق والتعريب؛ ويمنعون العربي الحديث أن ينهج منهجهم، فينحت هو أيضاً، أو يشتقّ، أو يعرّب؟».
ونقل الكواكبي مع مرشد خاطر وأحمد حمدي الخياط معجم المصطلحات الطبية كثير اللغات لواضعه كليرفيل Clairville الفرنسي الذي طبع عام 1956.
نشر الكواكبي نحو أربعة وعشرين بحثاً لغوياً في مجلة المجمع العلمي العربي، كما نشر سلسلة مقالات في مجلة المعهد الطبي العربي سنة 1924 بعنوان: «أحاديث اليوم من عجائب الراديوم»، وأتبعها بمقالات أخرى عن صناعة السكر وصناعة الورق. ونشر أيضاً عدداً من المقالات العلمية واللغوية في مجلة «عالم الكيمياء» التي كانت تصدر في لبنان عام 1968. ومما يذكر أنه ترجم عن التركية عام 1918 رواية: «عبد الحميد وشرلوك هولمز»، وقد طبعت في حلب بأربعة أجزاء عام 1919.
بقي الكواكبي حتى آخر عمره غزير الإنتاج، يتصف بحيوية الفكر لم ينقطع عن الإسهام في البحوث اللغوية ووضع المصطلحات العلمية، وكان يجيد العربية والتركية، ويحسن الفرنسية، ويلمّ بالإنكليزية، كما كان يميل إلى التصوير وحسن الخطّ وتنميق الكتابة.
عدنان تكريتي
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث