دور المناهج التربوية في تعزيز السلام
إعداد
الأستاذ الدكتور أحمد علي كنعان
الجمهورية العربية السورية
بحث مقدم للمؤتمر الدولي الذي تقيمه وزارة الأوقاف في الجمهورية العربية السورية بالتعاون مع السفارة البريطانية بعنوان "رسالة السلام في الإسلام"، وذلك في قصر المؤتمرات بدمشق خلال الفترة من 8 – 9 جمادى الثاني 1430هـ - الموافق لـ1 – 2 /6/2009م.
يعد السلام مبدأً من المبادئ التي عمَّق الإسلام جذورها في نفوس المسلمين فأصبحت جزءاً من كيانهم، وعقيدة من عقائدهم. فلقد صاح الإسلام - منذ مطلع فجره وإشراق نوره - صيحة مدوية في آفاق الدنيا، يدعو إلى السلام، ويضع خطة رشيدة تبلغ بالإنسانية أعلى المراتب، فالإسلام يحب الحياة ، ويقدسها، ويحبب الناس فيها، وهو لذلك يحررهم من الخوف، ويرسم الطريق الأمثل للتعايش الإنساني القائم على المحبة والسلام والود والاحترام ،و الإسلام شريعة السلام ودين المرحمة.
وإذا كانت التربية الحقيقية تعني بناء الإنسان بناءً حقيقياًَ يمكنه من السير بالحضارة الإنسانية نحو الدرجة القصوى من السمو والرقي، بما يحقق النفع العام للجميع، فإن الإسلام قد اعتنى بهذا البناء قولاً وفعلاً، فحضّ على القول الحسن وانتقاء اللفظ السليم والكلام الطيب الذي من شأنه نشر الحب والسلام والود، قال تعالى: «وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» الإسراء (53)، وقال أيضا: «لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ»النساء (114). وقال كذلك: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا» إبراهيم (24-25).
إن من أهم غايات التربية الإسلامية تحقيق السعادة والرخاء للناس جميعا من خلال التأكيد على القيم والمبادئ والأخلاق والتعايش السلمي بين جميع البشر، وعلى تحقيق الأمن والسعادة للبشرية ونبذ العدوان والكراهية والظلم، والذي يظهر في أبهى صوره من خلال التعارف المناط بالمسؤولية تجاه الآخرين سيما في العصر الحالي حيث صار خبر كل إنسان معلوما لدى أخيه الإنسان بسبب ما تيسر في هذا العصر من سبل ووسائل للاتصال عبر الفضائيات والإنترنت والهواتف، فصار من مقتضى التعارف، الشعور بالآخر ومشاركته همه والتخفيف من آلامه وبذل السلام له، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» الحجرات (13). وقال رسول الله : «والله لايؤمن، والله لايؤمن، والله لايؤمن، قالوا: من يا رسول الله قال من بات شبعاناً وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم» أخرجه البخاري.
ومما يؤكد حرص الإسلام على تعزيز ثقافة السلام بوصفها ركنا ومبدأ من أركانه ومبادئه، دعوته المؤمنين إلى الدخول في السلم كافة، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً» البقرة (208).
وعلى الرغم من حرص الإسلام على نشر ثقافة السلام بين البشر، إلا أن المهتمين بالتربية في العالم الإسلامي يكادون يجمعون على أن المناهج عموما ومناهج التربية الإسلامية خصوصا لا ترقى إلى المستوى المنشود في تعزيز ثقافة السلام التي دعا إليها الإسلام، بالنظر إلى تأثيرها غير الكافي في سلوك النشء داخل المدارس وخارجها. وتعزى هذه الوضعية إلى القصور الملازم لمناهجنا ومحدودية الأساليب المتبعة في تلقين قيم العدل والسلام، ناهيك عن عوامل أخرى خارجة عن إرادة التربويين كالاستعمار بكل أشكاله ووسائل الإعلام والظروف الاجتماعية للأمة (الصميدي، 2003). ويرجع قصور التربية الإسلامية وتقلص دورها في تحقيق أهداف التربية من أجل السلام كما يرى بعض التربويين إلى:
• الغزو الثقافي الغربي بكل أشكاله.
• تغييب الحلول الإسلامية في عدد من وسائل الإعلام عند الحديث عن ثقافة العدل والسلام، بالرغم من أن الإسلام كان له السبق التاريخي في الدعوة الصريحة إلى إشاعة هذه القيم.
• إدراك التلميذ للتربية الدينية بوصفها مادة تعليمية شأنها شأن المواد الأخرى، يقتصر واجبه فيها على حفظ محتوى دروسها والتخلص منها بعد التقويم.
• غياب الأساليب التربوية الكفيلة بغرس قيم العدل والسلام في نفس التلميذ وتعميقها في ذهنه قصد ترجمتها إلى سلوك يومي.(العلوي، 2008).
لذلك تأتي هذه الورقة لتلقي الضوء على دور المناهج التربوية عموما ومناهج التربية الإسلامية خصوصا في إرساء قيم العدل والسلام والتعايش السلمي بين الناس، وهي تهدف إلى الإجابة عن الأسئلة التالية:
• ما ذا نعني بثقافة السلام؟ وما أهمية التربية من أجل السلام؟
• ما دور المناهج في محاربة العنف من خلال تعليم ثقافة السلام؟ وما دورها في تحقيق غايات التربية من أجل السلام؟ وما أبرز القيم التي يمكن تضمينها في المناهج لتعزيز ثقافة السلام؟
• ما وسائل وأساليب تنمية مفاهيم السلام في المناهج الدراسية؟
• ما مداخل تحقيق ثقافة السلام في المناهج الدراسية؟
• كيف يمكن تضمين قيم ثقافة السلام في المناهج عموما ومناهج التربية الإسلامية خصوصا؟
• أولا: ما ذا نعني بثقافة السلام؟
يعرف الأستاذ أحمد العلوي مفهوم السلام بأنه: «غياب النزاع والعنف، وحضور ذهنيات تؤمن بدورها في بناء مجتمع يتميز بالتناغم والأمن والتفاهم والتعايش» (العلوي،2008).
إن ثقافة السلام تعني: أن تسود ثقافة الحوار والمناقشة والإقناع في تعاملنا مع الآخرين بدلاً من فرض الرأي الواحد بالقوة أو التهديد، أي إن ثقافة السلام هي أن نحل ما ينشأ من مشكلات وخلافات عن طريق التفاوض وليس عن طريق العنف.
إن السلام الحقيقي هو السلام الذي يأبي سفك الدماء ويرفض التدمير، السلام الذي تعززه قيم المحبة والعدل والمساواة، السلام الذي هو أصل كل حضارة وتقدم. وإذا كانت الحروب تتولد في عقول البشر ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام (الشاروني، 2006، ص1).
ثانيا: أهمية التربية من أجل السلام:
أصبحت التربية من أجل السلام شرطاً أساسياً لازماً لمحافظة المجتمعات على بقائها في المنظومة العالمية، كما أنه ونتيجة للتطور التقني الهائل لاسيما في مجال الاتصالات والمواصلات وتشابك المصالح بين أفراد المجتمعات، وتدويل العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك بين الأمم، يتحتم على الجميع إرساء قواعد التعايش السلمي بين البشر.
ففي ظل عالم يتغير على نحو سريع وعميق وتزداد فيه أهمية القضايا الأخلاقية «تزود ثقافة السلام أجيال المستقبل بالقيم التي يمكن أن تساعد على تشكيل مصيرهم وعلى تمكينهم من المشاركة الفعالة في بناء مجتمعات أكثر عدلا وإنسانية وحرية ورخاء، وعالم أكثر سلاما» (الجمعية العامة للأمم المتحدة،2001، ص3).
كما وأنه في ظل فترة انتقال وتغير عالمي متسارع تتسم بمظاهر عدم التسامح والكراهية العنصرية والإثنية وتصاعد التمييز والحروب والعنف إزاء الآخرين، وتزايد التفاوت بين الأغنياء والفقراء ، تزداد أهمية أن ترمي استراتيجيات العمل التربوي إلى تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستديمة عادلة تعد المقومات الأساسية لبناء ثقافة السلام، مما يقتضي تغيير الأنماط التقليدية للأنشطة التربوية. (اليونسكو، 1995، ص8).
ويمكن النظر إلى أهمية هذا النوع من التربية في إطار التطور التاريخي للمجتمعات البشرية ابتداء من مرحلة المجتمع الأسري ثم القبلي ثم المجتمع الإقليمي فالدولي. كما أن أهمية هذا النوع من التربية يبدو في التوجهات العلمية الجديدة التي تبرز هوية الإنسان من خلال التركيز على جوهره وفطرته وتحييد أو تهميش المظهر الذي كان إلى وقت قريب محكاً أساسياً لنظريات الفوارق بين البشر في الذكاء والعقليات والتعامل الإنساني... الخ.
إن تربية التعايش مع الآخرين والسلام مفهوم ضروري في زمن العولمة، وتطبيقاته العملية ينبغي أن تشمل فرص التعاون الدولي في تحقيق السلام العادل المبني على الحقوق الشرعية وإغاثة الملهوفين وإنقاذ الجائعين والمتضررين والمحرومين ومحاربة عناصر الفساد والإرهاب والعنف الدولي وعدم الخلط بين ذلك وحقوق الدفاع عن النفس وتقرير المصير ومقاومة الاحتلال. (صائغ،2004،ص26-28).
وإيماناً من المجتمع الدولي بأهمية السلام قررت الجمعية العامة منذ عام ٢٠٠٢ الاحتفال "باليوم الدولي للسلام" في٢١ سبتمبر من كل عام، وأعلنت الجمعية أنه سيُحتفل بهذا اليوم بوصفه يوماً للسلام وعدم العنف في العالم، وهو دعوة لجميع البلدان والشعوب إلى التزام وقف الأعمال العدائية خلال ذلك اليوم، ودعت جميع الدول الأعضاء والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية وغير الحكومية والأفراد إلى الاحتفال "باليوم الدولي للسلام" بصورة مناسبة، بما في ذلك التعليم، وتوعية الجمهور.
ثالثا: دور المناهج في محاربة العنف من خلال تعليم ثقافة السلام:
يؤدي المنهج المدرسي دورا كبيرا في إعداد الأجيال الناشئة والمتعلمة بما يتفق مع الفلسفة التي يعتنقها المجتمع، والمبادئ التي يرتضيها، وهو كذلك أداة فعالة في معالجة المشكلات التي يعانيها المجتمع، وفي مقابلة التحديات التي تواجهه. (النصار،2003،ص424).
وانطلاقاً من كون المنهاج بمفهومه الحديث يمثل مجموعة الخبرات التربوية التي تهيئها المدرسة لتلاميذها لمساعدتهم على النمو الشامل والمتكامل في شتى جوانب الشخصية، فإن عليه أن يقوم بدوره كوسيلة تثقيفية تسهم في تعزيز ثقافة السلام في المجتمع.
لقد غدا التعليم من أجل نشر ثقافة السلام والتسامح في المجتمعات المعاصرة ضرورة ملحة، فالتعليم مطلوب منه اليوم أن يهدف إلى مقاومة تأثير العوامل المؤدية إلى الخوف من الآخرين واستبعادهم، وإلى مساعدة النشء على تنمية قدراتهم على استقلال الرأي والتفكير النقدي والتفكير الأخلاقي. وينبغي أن تسهم السياسات والبرامج التعليمية والمناهج الدراسية، ومضامين الكتب المدرسية والدروس وغيرها من المواد التعليمية في تعزيز التفاهم والتضامن والتسامح بين الأفراد والأمم ومحاربة العنف والتطرف.
وهذا ما دعا إليه اليونسكو حين أكد على ضرورة «تحسين نوعية المناهج المدرسية بإدراج القيم الإنسانية لتحقيق السلام والتلاحم الاجتماعي، واحترام حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية، وأن تكون عملية تطوير المناهج الدراسية قائمة على المشاركة» (اليونسكو،2003، ص6)
وفي هذا الصدد تؤكد الاتجاهات التربوية الحديثة في محاربة العنف على ما يسمى «بالاتجاه الوقائي التربوي»، والذي يقصد به بناء المناعة الذاتية المدافعة للعوامل المسببة لخروج السلوك البشري عن جادة الصواب، من خلال تعزيز ثقافة السلام والتسامح في المناهج المدرسية، بحيث لا تستقل تلك الثقافة بذاتها كمادة ذات بناء مستقل، بل دمجها في المناهج المدرسية المختلفة لتصبح جزءا منها، وتشغل مكانا فيها، وتكون حاضرة في صياغة أهدافها، أيّ أن تتماهى القيم والمبادئ والحقوق، التي نقصد تربية المتعلمين عليها، مع كل مادة تعليمية، فتغدو من صلبها، وتجعلها موحدة ومتكاملة.
ويعدّ هذا الاتجاه أو النموذج (الوقائي التربوي )، الذي يركز على نشر المعرفة الأساسية بثقافة السلام والتسامح وتعزيز اندماجها بالقيم العامة، من خلال المناهج الدراسية المدرسية والجامعية، من أكثر النماذج فاعلية على المدى الطويل في إحداث التحول الاجتماعي الإيجابي، و إيصالها المعرفة الأساسية بثقافة السلام والتسامح إلى كل فرد من أفراد المجتمع وإدخالها في ثقافتهم وجعلها جزءا من حياتهم اليومية.(الحوامدة والعدوان، 2008، ص7).
رابعا: دور المناهج الدراسية في تحقيق غايات التربية من أجل السلام:
تختلف غايات التربية من أجل السلام من مجتمع إلى آخر تبعًا لاختلاف ظروف كل مجتمع سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو الدينية، الأمر الذي يسبب تضاربًا بين الآراء والمعتقدات ووجهات النظر التي تتعلق بتلك الغايات.
لكن في خضم هذا التضارب والصراع فيما بين الآراء نجد قاسمًا مشتركًا بين دول العالم يتمثل في إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم اليونسكو «التربية من أجل السلام وحقوق الإنسان والديمقراطية»، والذي يمثل أرضية مشتركة تم الإجماع عليه من الدول الأعضاء، حيث جاء فيه:
«إن الغاية الأساسية للتربية من أجل السلام وحقوق الإنسان والديمقراطية هي أن تنمي لدى كل فرد روح التمسك بالقيم العالمية وأنماط السلوك التي تقوم عليها ثقافة السلام، من خلال تحديد مجموعة من القيم والسلوكيات التي تمثل أرضية عالمية مشتركة رغم اختلاف المجتمعات والثقافات» (اليونسكو،1995،ص9).
ولتحقيق هذه الغاية الأساسية للتربية من أجل السلام، على المؤسسات التعليمية أن تسعى من خلال برامجها ومناهجها الدراسية إلى:
• تنمية الإحساس بقيمة الحرية وتقديرها، وتعزيز المهارات اللازمة لمواجهة تحدياتها، وهذا يعني إعداد المواطن لمسايرة المواقف الصعبة وغير المتوقعة، الأمر الذي يدعم الإحساس بالاستقلالية والمسؤولية مصحوبًا بالإحساس بقيمة الالتزام نحو المجتمع المدني، هذا بالإضافة إلى التشاركية في حل المشكلات لتحقيق مجتمع قائم على السلام والديمقراطية .
• تنمية قدرة الأفراد (المتعلمين) على تعرّف القيم بأنواعها وتقبلها رغم تنوعها بين الأشخاص والأجناس والثقافات، مع العمل على تنمية القدرة لدى الأفراد على الاتصال والتواصل والشراكة والتعاون مع الآخرين.
• تنمية الإحساس لدى الأفراد بأن عليهم تقبل حقيقة أنه ليس لدى الفرد وحده ولا لدى الجماعة الإجابة الوحيدة للمشكلات، وأن للمشكلة الواحدة حلولاً عديدة. ولهذا على الناس تفهم وتقبل بعضهم بعضًا وعليهم ممارسة عملية التفاوض الذي يهدف بل ويؤدي إلى إيجاد أرضية مشتركة.
• تعزيز الهوية الشخصية جنبًا إلى جنب مع تشجيع تعدد الآراء والأفكار وإيجاد الحلول التي تدعم قيم السلام والصداقة والتكافل بين الأفراد والشعوب.
• تنمية قدرة المتعلمين على فض النزاعات دون اللجوء إلى العنف، من خلال تعزيز الإحساس بالسلام الداخلي في أذهانهم حتى تمكنهم من تبني سمات التسامح والود والشراكة واحترام وتقدير الآخرين.
• تنمية القدرة لدى المتعلمين على اتخاذ القرارات المبنية على الدراية والمعرفة الكاملين والمعلومات الوفيرة، حتى تكون الأحكام الصادرة منهم قائمة على أساس من التحليل الواعي للمواقف الحالية، وعلى ما يمرون به، وعلى تصورهم للمستقبل المنشود.
• غرس قيم احترام التراث الثقافي وحماية البيئة لدى المتعلمين، والعمل على تبني طرائقوأنماط للإنتاج والاستهلاك تؤدي إلى التنمية المهنية المستدامة.
• غرس قيم التضامن والمساواة على المستوى المحلي والعالمي لدى المتعلمين، بهدف التنمية المتوازنة على المدى البعيد.
• تعليم الطلبة مبادئ التعايش السلمي، وحثهم على أن يطبقوها عمليًا في سلوكياتهم بحيث يتعلمون كيفية العيش في سلام مع غيرهم من الطلاب الآخرين وغيرهم من الكبار.
• تبنى مدخل «المشروعات» التي تقوم على رؤية مشتركة للسلام يستطيع المعلمون من خلالها تدريس المهارات الاجتماعية المختلفة وأساليب فض النزاعات وقيمة تقبل الرأي الآخر.
• دمج تربية السلام في ميادين المنهج الدراسي المختلفة التي يتم تدريسها في المؤسسة التربوية بحيث تتغلغل في جميع المواد الدراسية والأنشطة الصفية واللاصفية وألا تقتصر على محتوى دراسي بعينه دون غيره. (اليونسكو، 1995، ص9-14)، (جاهين، 2009).
وهكذا فإن أبرز القيم التي يمكن تضمينها في البرامج والمناهج المدرسية لتعزيز ثقافة السلام وتحقيق غايات التربية من أجل السلام والتسامح تتمثل في القيم التالية:
• التسامح والتعايش.
• الحرية.
• احترام حقوق الإنسان.
• ثقافة الحوار.
• احترام الآخر.
• العدل والمساواة.
• التعددية والديمقراطية.
• الأخوة والتعاون والتضامن.
• عدم التعصب.
• ثقافة التفاوض وحل الصراعات.
• التطوع.
• محاربة العنصرية والتمييز العنصري.
خامسا: وسائل وأساليب تنمية مفاهيم السلام في المناهج الدراسية:
هناك عدة أساليب ووسائل يمكن بها تنمية مفاهيم السلام والتسامح في المناهج الدراسية، تتلخص فيما يلي (المحروقي،2008، بتصرف، ص6-7)، (العلوي، 2008):
1- الأمثلة الواردة في الكتب المدرسية: والتي يفضل أن تكون مرتبطة بالموضوعات والقيم التي تعزز ثقافة السلام لدى المتعلمين. كتضمين كتاب التربية الإسلامية للصف الثالث الثانوي في الجمهورية العربية السورية شواهد قرآنية وحديثية تتحدث عن القيم الإنسانية، كقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» الحجرات (13)
وكتضمين كتاب الأدب والنصوص للصف الثالث الثانوي قصائد تدعو إلى السلام والمحبة والتعارف:
كقصيدة الشاعر رشيد أيوب الذي يخاطب فيه الإنسان أينما وجد وحيثما حل، ويدعوه إلى التعارف والتآخي:
ادن مني مسلما نتعارف قبل أن يعلن العيان زوالـــه
ولنسر صاحبين في مهمـ ـه العيش فنطوي وهاده وتلاله
وسيأتيك أين كنت صدى حبي فتدري جماله وجلالـــه
أو قصيدة الشاعر إيليا أبو ماضي وهو ينادي أخاه الإنسان، فيقول في مطلعها:
ياأخي لا تمل بوجهك عني ما أنا فحمة ولا أنت فرقد
2- الصور والرسوم والأشكال الواردة في المناهج: وفيها يتم التركيز على مظاهر السلام، من خلال إظهار دور السلام في حماية المجتمعات، وتصوير بشاعة الحروب والعنف.
3- النصوص والقصص الواردة في الكتب المدرسية: وهو من الأساليب التي تجذب انتباه المتعلمين.
4- التطبيقات العلمية: وهنا يتم التركيز على التطبيقات العلمية التي تتطلب التركيز فيها على المفاهيم والظواهر الاجتماعية المتعلقة بالسلام واللاعنف.
5- الأنشطة الصفية واللاصفية للمناهج: التي تسهم في غرس قيم السلام والتسامح والحوار والديمقراطية في نفوس المتعلمين، وتتمثل بعض هذه الأنشطة فيما يلي:
6- دراسة الحالات: كأن يقترح المنهاج نشاطا يقرأ المشاركون من خلاله حالة واقعية أو افتراضية ثم يحللونها، حيث تمثل هذه الحالة قضية تتعلق بقيم العدل والسلام. ثم يقترح المشاركون الإجراءات الواجب اتخاذها، ويقومون بتقييم الإجراءات التي تم اتخادها سلفاً في نفس الموضوع. ويتعين على المدرس أن يشجع المتعلمين على استخدام مهارات الحس النقدي، والإنصات للطرف الآخر وحل النزاعات وتقنيات المصالحة.
7- أداء المهام: كأن يقترح المنهاج نشاطا يسند للمشاركين فيه مهاما يقومون بها بكل حرية داخل الصف في إطار مجموعات صغيرة. وهذا الأسلوب في التدريس مفيد للغاية لأن التلاميذ يرفعون تحديا مهما، إذ يتقمصون دور شخص آخر ويقومون بتمثيله، حيث يتمثلون وضع ذلك الشخص ومشاعره بكيفية أعمق وأكثر جدية، مقارنة مع حالة الاقتصار على وصف ذلك الوضع من قبل المدرس. ولا شك أن هذا الأسلوب مناسب لغرس المهارات التي تستلزمها قيم العدل والسلام في نفوس النشء.
8- العمل الجماعي: تعد الأشغال الجماعية داخل الصف أحد الأساليب التي تركز على مشاركة التلاميذ. ولقد أبانت التجربة أن المناقشة ضمن مجموعات صغيرة تزيد من حجم مشاركة المتعلمين، حيث تمنح لهم فرصاً أكثر للتعبير عن آرائهم والتعلم من بعضهم بعضاً والثقة بالنفس وبلورة حسن تقبل التنوع في الآراء واختلافها. ويمكن لهذا النشاط أن يأخذ الأشكال التالية :
• المجموعات الصغيرة: تجري المناقشة حول قضية مرتبطة بقيم العدل والسلام في مجموعات صغيرة لمدة زمنية محددة. ثم يقدم ممثل عن كل مجموعة تقريراً شفهيا للصف كله، تليه أسئلة حول الأفكار التي خلصت إليها المجموعة.
• عصف الدماغ: تشجع هذه الطريقة التلاميذ على الإسهام بأكبر عدد من الأفكار لحل مشكلة أو نزاع بخصوص قضية تتعلق بقيم العدل والسلام. ومهما كانت هذه الإسهامات صغيرة أو غير عملية، فالواجب تدوينها في قائمة الأفكار المقترحة وأن يعمل المدرس بمشاركة التلاميذ على تحسينها. وبذلك يشعر التلاميذ أصحاب هذه الأفكار بالرضا والثقة بالنفس. ولا شك أن عدم الثقة بالنفس عنصر من العناصر الثاوية خلف أعمال العنف في كثير من الأحيان.
• المجموعات البؤرية (مجموعات الحوار): في هذا النشاط يشارك التلاميذ بكثافة عبر تبادل المعلومات والأفكار والاقتراحات بخصوص قضية تتعلق بقيم العدل والسلام. والوسيلة المحورية في هذا النشاط تتمثل في إلقاء أسئلة محددة من طرف المدرس، يكون الغرض منها الشروع في المناقشة أو التركيز أكثر على إحدى مساهمات التلاميذ وبلورتها، أو الانتقال من نقطة إلى أخرى، أو تلخيص ما تم الحوار بشأنه، أو توحيد اتجاهات الأفكار المعبر عنها من طرف التلاميذ، أو إدراج نقط تم إغفالها. وتتجلى أهمية هذا النشاط في كونه جد مناسب ليتأكد المدرس من أمرين في غاية الأهمية: أولهما: تطبيق التلاميذ للمبادئ المرتبطة بقيم العدل والسلام، والعمل على ترجمتها في سلوكهم الشخصي باستمرار. وثانيهما: مدى قدرة التلاميذ على تبرير هذا السلوك والبرهنة عليه بنصوص شرعية مفادها تعزيز قيم العدل والسلام من منطلقات إسلامية.
9- حل المشكلات: يقترح المنهاج نشاطا يقوم التلاميذ من خلاله بإجراءات عملية وأعمال فعلية تسمح لهم بحل مشكلاتهم دون ممارسة العنف. وفي هذه الأنشطة يواجه التلميذ تحدياً حقيقياً : وهو تطبيق المعلومات النظرية التي درسها المتعلم لحل مشكلات حقيقية قد تواجهه في حياته اليومية في المدرسة أو البيت أو المجتمع دون اللجوء للعنف. ويحتاج التلميذ في هذا السياق لأساليب وأدوات من شأنها أن تشجعه على التَّدَبُّر بشكل أوسع وأعمق في كيفية حل المشكلات المرتبطة بقيم العدل والسلام، من خلال طرائقتعتمد على الأعمال التطبيقية.
10- الرحلات والزيارات الميدانية.
سادسا: مداخل تحقيق ثقافة السلام في المناهج الدراسية:
يمكن تضمين مفاهيم «التربية من أجل السلام» في المناهج الدراسية وفق خمسة مداخل، هي: مدخل التخصص المتعدد المتباعد، والمدخل الاندماجي، ومدخل الوحدات الدراسية، ومدخل التسريب، ومدخل التخصص المتناسق المتناغم. (المعلولي، بتصرف،2001) و (طعيمة، 2006، بتصرف، ص83-86):
1- مدخل التخصص المتعدد المتباعد:
ويسمى «المدخل المستقل» ويكون على شكل مجموعة من التخصصات لا توجد بينها أي علاقة بينية، فالأهداف متعددة على مستوى واحد، ولا وجود للتعاون والتوافق. ويتمثل هذا المدخل في برامج دراسية متكاملة «للتربية من أجل السلام» كمنهاج دراسي مستقل قائم بذاته، شأنه في ذلك شأن أي مادة دراسية في خطة الدراسة.
وإذا كان مثل هذا المدخل مناسباً لمرحلة التعليم قبل المدرسي (رياض الأطفال) فانه يناسب أيضاً مرحلة التعليم الابتدائي (الصفوف الأساسية الستة الأولى)، ذلك لأن التلاميذ في هاتين المرحلتين غير معنيين بتفريغ المعرفة، وينظرون إلى الظاهرة أو المشكلة نظرة كلية شمولية، كما أن المعلمين أيضاً يستطيعون تدريس ذلك المنهاج بسهولة، لأن المضمون لا يشتمل على عمق علمي. وعلى الرغم من ذلك تجدر الإشارة إلى أن هذا المدخل غير منتشر في مناهج التعليم العام، ولكنه أخذ في الانتشار في مجال التعليم العالي، ويمكن تصويره في مقررات التعليم العالي على النحو التالي:
[[ملف:رسالة الإسلام1.png|رسالة الإسلام1.png]]
-المدخل الاندماجي «التخصصي المتداخل»:
ويتمثل هذه المدخل في تضمين موضوعات عن «السلام» في المواد الدراسية المناسبة، عن طريق إدخال معلومات تتعلق بثقافة السلام والتسامح والعدل، أو ربط المضمون بقضايا سلام مناسبة. مثل تضمين مفاهيم «محاربة الإرهاب والعنف» أو«الحرية» أو«التسامح والتعايش» في مقررات: التربية الدينية، اللغة العربية، التاريخ، الثقافة القومية، علم النفس والأخلاق.
وهذا المدخل لا يؤدي إلى التأثير في الوقت المخصص لدراسة المقررات، وهنا تتاح الفرصة لتكامل هذه الموضوعات بعضها ببعض.
[[ملف:رسالة الإسلام2.png|رسالة الإسلام2.png]]
- مدخل الوحدات المستقلة:
يعتمد هذا المدخل على تضمين وحدة دراسية أو صف دراسي في إحدى المواد الدراسية، أو توجيه منهاج مادة دراسية بكامله نحو ثقافة السلام. مثل تضمين وحدة دراسية عن «ثقافة السلام واللاعنف في الإسلام» في كتاب التربية الإسلامية، ووحدة عن «الإرهاب» في كتاب التربية القومية، ووحدة عن «معاهدات السلام الدولية والإقليمية» في كتاب التاريخ.
إن هذا المدخل يظهر مبدأ تكامل الخبرة وشمول المعرفة نحو «السلام»، وضمان الأهداف التي يلزم أن تسعى «التربية من أجل السلام» إلى تحقيقها.
ويتم إدخال الوحدة الدراسية في المقرر المخصص بعد إجراء تحليل مضامين «مفاهيم السلام» المتوفرة في المناهج القائمة، وتحديد المواضع الملائمة ونقاط الدخول المناسبة لإدخال وحدات «السلام»، أو تطوير الوحدات القائمة في المنهاج القائم.
4- مدخل التسريب «مدخل الدمج متعدد الفروع»:
يعتمد هذا المدخل على إدخال أمثلة تدور حول مفاهيم السلام، على أجزاء موجودة في المادة، حيث يحصل التغيير فقط في أمثلة المادة المرتبطة بمفاهيم السلام في المنهاج، وفق الظروف وطبيعة الموضوعات.
ويحتاج هذا المدخل إلى إدراك العلاقات بين مضامين «مفاهيم السلام» ومضامين العلوم الأخرى.
ويعد هذا المدخل منسجما مع الأسس النفسية لتعليم مفاهيم السلام، ويحقق ترابطها مع جميع فروع المعرفة، ولا يتطلب مدرسا متخصصا، ويسمح بتحقيق شمولية التعلم من أجل السلام، خصوصا في المراحل التعليمية الأولى (رياض الأطفال، والمرحلة الابتدائية).
[[ملف:رسالة الإسلام3.png|رسالة الإسلام3.png]]
- مدخل التخصص المتناسق المتناغم:
يعتمد هذا المدخل على تنظيم المفاهيم والمعلومات الرئيسة في مقرر واحد مستقل يسمح بالربط وتوضيح العلاقات بين المفاهيم الأساسية للسلام، كما يمكّن من الانتقال من صف إلى آخر أعلى منه.
إن هذا المدخل يسمح بالتنسيق بين جميع التخصصات المتداخلة في النظام التعليمي باتباع قاعدة عامة (أدخلت عبر المستوى الأعلى وعبر تركيبة فلسفية للعلوم). فالأهداف فيه متعددة على عدة مستويات، والتنسيق موجه نحو غاية نظامية مشتركة.
وبذلك تصبح التربية من أجل السلام وفق هذا المدخل مقررا مستقلا، فيه تنسيق بين جميع التخصصات المتداخلة في النظام التعليمي، ويتم تدريسه في مرحلة أو أكثر من المراحل التعليمية، ويخصص له حصص أسبوعية معينة ومحددة في الجدول المدرسي، وهو يصلح مقررا في الكليات الجامعية.
[[ملف:رسالة الإسلام4.png|رسالة الإسلام4.png]]
ولتوضيح أي المداخل أفضل في وضع منهاج أو برنامج في التربية من أجل السلام، يمكن المقارنة بينها وفق الجوانب التالية:
• كفاءة المعلم.
• زيادة العبء على المنهاج.
• سهولة وضع المنهاج وتطويره.
• التوافق مع المستوى العمري للمتعلم.
• التقويم والكلفة.
سابعا: خطوات إدخال مفاهيم السلام في المناهج الدراسية:
هناك مجموعة من الخطوات الإجرائية التي يمكن من خلالها إدخال مفاهيم السلام في المناهج الدراسية تتمثل فيما يلي:
1- تحديد أهداف التربية من أجل السلام.
2- تحديد مسوغات ومبررات التربية من أجل السلام.
3- تحديد مضامين ومجالات ومفاهيم السلام لتعديل المناهج في ضوئها.
4- اختيار المداخل المناسبة لإدخال مفاهيم السلام في المناهج.
5- تحليل مضامين الكتب وضبطها.
6- تصميم المناهج وفق المدخلات المعتمدة.
7- التقويم الأولي للمناهج.
8- التجريب النهائي.
9- تحليل النتائج وتقويمها. (طعيمة، 2006، بتصرف، ص86-87).
ثامنا: نماذج لتضمين مناهج التربية الإسلامية قيم ثقافة السلام:
عنيت مناهج التربية الإسلامية بالمبادئ والقيم الإسلامية و الإنسانية فأتت مباحثها مليئة بالدروس والتوجيهات والإرشادات التي تقوم سلوك المسلم وتأخذ بيده إلى كل خير وتدفعه إلى نشر الأمن والسلام والتعامل بإحسان مع كل إنسان على هذه البسيطة وذلك تطبيقاَ لرسالة الإسلام السمحة والرحيمة.
فالقرآن الكريم والسنة المطهرة يحثان على تمثل هذه المعاني العظيمة قال تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» الأنبياء (107)، وقال تعالى: «وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» الإسراء (53)، وقال رسول الله : (من آذى ذمياَ فأنا خصمه يوم القيامة)، وكذلك دروس الأخلاق والسيرة النبوية والتراجم تزخر بصور مضيئة وعطرة تظهر تسامح الإسلام وميله إلى نشر الأمن والمحبة والإخاء الإنساني والإيمان.
وفيما يلي بعض النصوص التي يمكن أن تشكل مادة مهمة في محتوى مناهج التربية الإسلامية لنشر قيم السلام التي دعا إليها الإسلام:
1- التسامح والعيش المشترك بين الأديان والاعتراف بالآخر وحمايته:
• قال تعالى: «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ» آل عمران (63).
• وقال تعالى: «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ» الكافرون (6).
• وقال أيضا : «وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ» الكهف (29).
• وقال كذلك: «وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ» الأنفال (61).
• وقال تعالى: «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ» التوبة (6).
• وقال تعالى: «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» الممتحنة (8).
• قال رسول الله : «من آذى ذميا فقد آذى اللّه ورسوله».
• وقال أيضا «من قتل رجلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة».
2- حقوق الإنسان:
- أصل البشر واحد وسبب استخلافه في الأرض واحد:
• قال تعالى: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» الذاريات (56).
• وقال رسول اللّه : «كلكم من آدم».
- احترام الحق في الحياة:
• قال تعالى: «..وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» المائدة (87).
• وقال كذلك: «..مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا» المائدة (32).
• وقال أيضا: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» النساء (29).
• وقال رسول اللّه : «من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً ومن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمّهُ في يده يتحسّاه في نارجهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً».
- المرأة والرجل متساويان في الكرامة والعدل:
• قال تعالى : «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» النحل (97).
• وقال رسول اللّه : «النساء شقائق الرجال».
- احترام الحق في الديانة:
• قال تعالى: «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ» البقرة (256).
• وقال كذلك: «أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» يونس (99).
- احترام حرية الإنسان وعدم استعباده أو قهره أو استغلاله:
• قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه : «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا».
3- الحوار:
• قال تعالى: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» النحل (125).
• وقال تعالى: «وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» العنكبوت (46).
• وقال أيضا: «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ» آل عمران (63).
• وقال أيضا: «وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ» الأنعام (108).
• وقال كذلك: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا» البقرة (83).
4- العدل والمساواة:
• قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى» المائدة (8).
• وقال أيضا: «وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ» المائدة (58).
• وقال كذلك: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ» النساء (135).
• قال رسول اللّه : «يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي ولا أحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى».
• وقال أيضا :«من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه».
• وفي حكاية معروفة في التراث الحضاري الإسلامي، جاء رجل من مصر إلى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه فقال: «سابقت على فرسي ابنا لعمرو بن العاص (أمير مصر) فجعل يقنعني بسوطه ويقول: أنا ابن الأكرمين. فبلغ ذلك عمراً وخشي أن آتيك فحبسني في السجن... فلما قضى عمر الحج، وهو قاعد مع الناس وعمرو بن العاص إلى جانبه، قام المصري فرمى إليه عمر بالعصا وهو يقول : اضرب ابن الأكرمين. فواللّه ما ضربك إلا بفضل سلطانه».
5- الشورى والديمقراطية:
• قال تعالى: «وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ» الشورى (38).
• وقال أيضاً : «وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ» آل عمران (159).
6- نبذ العنف والتطرف:
• قال تعالى: «فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ» الحجر (85).
• وقال أيضا: «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ» فصلت (34)
• ويقول كذلك: «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» الممتحنة (8).
7- الأخوة والتعاون والتضامن:
• قال تعالى: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» الحجرات (10)
• وقال أيضا: «وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ» الحجرات (12).
• وقال كذلك: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ» المائدة (2).
• قال رسول اللّه : «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
• وقال أيضا «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».
• وقال أيضا «لا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد اللّه إخواناً».
الخاتمة:
مقترحات لتطوير المناهج لتحقيق أهداف التربية من أجل السلام.
لما كان المنهاج هو أحد أهم الوسائل التربوية من أجل نشر ثقافة السلام وتعزيز قيمه ومبادئه، وحيث إنه يتجاوز الجانب المعرفي في حدوده الضيقة إلى الأنشطة الموازية والمصاحبة، فإنه يمكن طرح بعض المقترحات التي من شأنها أن تسهم في تحقيق أهداف التربية من أجل السلام تتمثل في المقترحات التالية:
• المراجعة الشاملة للمناهج الدراسية بمختلف مراحلها من قبل لجان نوعية متخصصة لها خبرة تحليلية نقدية في مجالاتها، للوقوف على الثغرات الحقيقية وطبيعة العوائق التي تحول دون تحقيق أهداف التربية من أجل السلام من خلال المناهج، وإعادة تصميم المناهج وصياغتها على نحو يكفل تحقيق هذه الأهداف.
• التركيز على الأنشطة اللاصفية التعليمية التعلمية للمناهج وذلك انطلاقا من أن قيم السلام يمكن ترسيخها عند التلاميذ عبر أنشطة متنوعة توجد في المؤسسة التعليمية بشكل اعتيادي وتقترحها المناهج الدراسية.
• الربط بين المضمون النظري للمناهج الدراسية وبين تطبيقاتها العملية، انطلاقا من أن ثقافة السلام تنمو أساسا من خلال الممارسة، لذلك لا بد من أن تنعكس المعارف المقدمة من خلال المناهج الدراسية على الممارسات التربوية المختلفة داخل المؤسسة التعليمية على نحو يتجاوز الحدود المعرفية، ويعمل على دعم سلوكات إيجابية تستمر مع الطلبة وتنعكس في تفاعلهم مع مجتمعهم والمجتمع العالمي.
• التوعية بأن تنمية ثقافة السلام عملية شاملة ومسؤولية جماعية، تمتد من إدارة المؤسسات التعليمية وهيئات تدريسها ومحتوى مناهجها الدراسية، عبر إثراء أنشطتها العلمية والأدبية والاجتماعية والفنية، وصولا إلى مشاركة البيئة المحلية للمؤسسات التعليمية.
• إدراج فكرة التربية من أجل السلام في كافة المواد الدراسية والمراجع التعليمية من رياض الأطفال حتى الجامعة، والتأكيد على أن نشر ثقافة السلام لا يمكن أن يتم من خلال مادة معرفية بعينها أو أن يركز على مرحلة عمرية دون غيرها.
المراجع
الموسوعة الشاملة
التصانيف
أبحاث