الشبق (الشياع أو الوِدَاق) estrus أو standing heat هو: الفترة التي تبدي فيها أنثى الحيوانات الثديية رغبتها الشديدة لذكر من النوع نفسه وقابلية شديدة للتزاوج معه، وتسمى المدة الممتدة بين فترتي شبق متتاليتين دورة الشبق Estrus cycle تمييزاً لها من الدورة الطمثية أو الحيضية menstrual cycle في الرئيسات.
تتسم دورة الشبق في حيوانات المزرعة البالغة بالأطوار الآتية:
أ ـ طور الاستعداد أو ما قبل الشبق proestrus phase
يتم فيه ضمور الجسم الأصفر في المبيض (إذا كان موجوداً) وانخفاض مستوى هرمون البروجسترون progesterone فتتحرر كميات كبيرة من الهرمون المنشط للجريب FSH والهرمون الملوتن LH من النخامى، فينقلهما الدم إلى المبيض حيث يؤثرا في الجريبات المبيضية التي يتزايد فيها تكوين الإستروجين estrogen، فينتقل بوساطة الدم إلى منطقة تحت المهاد hypothalamus في الدماغ مسبباً إفراز كميات أكبر من الهرمون المنشط للجريب، وهكذا يتولد نوع من التغذية الإيجابية المرحلية بين الهرمون المنشط للجريب والإستروجين. يؤثر الإستروجين في بطانة النفيرين فتنمو خلاياهما المهدبة والإفرازية وتبدأ نشاطها، كذلك يؤثر في الطبقة المخاطية لجدار الرحم فيزداد إفرازها المخاطي، وتزداد سماكة بطانة المهبل، كما يتورم الفرج. ولهذا يصبح الجهاز التناسلي على أهبة الاستعداد للمرحلة الآتية. وتبدي الأنثى في نهاية هذه الفترة بعض الاهتمام نحو الذكر، ويستمر هذا الطور فترة يومين إلى ثلاثة أيام.
ب ـ طور الشبق أو الوداق
تزداد الرغبة الجنسية عند الأنثى للذكر نتيجة لتراكم كميات كبيرة من هرمون الاستروجين، ويتضخم كل من الرحم وقرنيه، كما يحصل إفراز ملحوظ لسائل رائق مخاطي خارج الجهاز التناسلي (عند البقرة )، ويتم نمو جريب مبيضي واحد أو أكثر. ونتيجة لتوافر كميات كبيرة من الإستروجين فإن النخامى تستجيب لذلك بإفراز كميات من الهرمون الملوتن، وتصل سوية الهرمونين المنشط للجريب والهرمون الملوتن إلى ذروتهما قبل الإباضة. وتظهر بوضوح في هذه الفترة علامات الشبق مثل : قفز الأنثى الشبقة على غيرها من الحيوانات، وسماحها لغيرها من الحيوانات بالركوب عليها واستكانتها لها، وخوار عال بين الحين والآخر، وانخفاض إنتاج الحليب عند الأمهات، وتكون الأنثى الشبقة عصبية المزاج وكثيرة الحركة وقليلة الشهية. هذا إضافة إلى انتفاخ الفتحة التناسلية الخارجية وتوردها وخروج السائل المخاطي الشفاف منها. وغالباً ما تحدث الإباضة في نهاية طور الشبق، عند الأغنام، أو في أثنائه عند الفرس والخنزيرة، أو بعد عدة ساعات من نهايته عند البقرة، أو بعد نهايته مباشرة عند المعز. ويظهر أن الجريب أو الجريبات الناضجة والمرشحة للإباضة تفرزمادة غير ستيروئيدية تسمى Folliculstatin، تمنع إفراز الهرمون المنشط للجريب من النخامى، ومن ثمَّ توقف نمو جريبات أخرى (الأبقار)، وتبدأ الجريبات المتوقفة عن النمو بالتراجع والضمور وغالباً ما تتلاشى. ويبلغ طول هذا الطور 13-17 ساعة عند البقرة و30-36 ساعة عند النعجة ونحو 39 ساعة عند العنزة و2-3 أيام عند الفرس و7-9 أيام عند الكلبة.
ج ـ طور ما بعد الشبق metestrus phase
يتوقف الشبق وتحدث الإباضة عند الأبقار والماعز، كما يحدث نزف دموي خلاله ويمكن ملاحظة دم متراكم تحت ذيل الأبقار بعد مرور أربعة أيام من نهاية الشبق. يبدأ تكون الجسم الأصفر Corpus luteum في مكان الجريب المتفجر في المبيض، وتبدأ الأعضاء التناسلية بالعودة تدريجياً إلى حالتها الأساسية من السكون، وتصبح تحت تأثير هرمون البروجسترون الذي يزداد إفرازه من الجسم الأصفر، ويتوقف الرحم عن انقباضاته العضلية، ويستعد لاستقبال البيضة الملقحة حيث يلاحظ ازدياد نشاط غدده الإفرازية ونمو بطانته، كما ترفض الأنثى استقبال الذكر في نهاية هذا الطور.
د ـ طور الراحة diestrus phase
وهو طور الهدوء الجنسي إذ تصير حركة الإناث هادئة، وتزداد سماكة ظهارية الرحم وحجم الغدد الرحمية، كما يزداد نمو عضلات جدار الرحم، وتتجه كل التفاعلات إلى توفير البيئة المناسبة لتعشيش الجنين. تكون كمية البروجسترون المفرزة من الجسم الأصفر واضحة منذ اليوم الرابع أو الخامس، وتتناقص في حال عدم حدوث حمل في الأيام 15 و16 و17 عند النعجة والخنزيرة والبقرة، على التوالي. وفي حال حدوث الحمل يستمر الجسم الأصفر طوال فترة الحمل، ويتجدد ظهور الطور الأول خلال مرحلة ضمور الجسم الأصفر مشيراً إلى بدء دورة شبق جديدة وتبدي الحيوانات الفصلية التناسل، مثل الأغنام والمعز والفرس فترة سكون جنسي sexual anestrus خارج موسمها التناسلي، لكن لا تلبث الأعضاء التناسلية أن تجدد نشاطها في الموسم التناسلي التالي وتنتظم بدورات شبق جديدة.
توقيت الشبق في حيوانات المزرعة
لما كان وقت ظهور الشبق وحدوث الإباضة في حيوانات المزرعة يرتبطان بتأثير هرمون البروجسترون المحرر من الجسم الاصفر (بسبب تأثيره السلبي في إفراز الهرمونات المنشطة للمناسل) Gonadotrophins، فإن توقيت الشبق synchronization estrus يتطلب ضبط وتنظيم نشاط الجسم الأصفر. وقد استخدم في هذا المجال إما مواد منشطة للجسم الأصفر luteotropics تطيل من فترة حياته أو مثيلاته المصنعة progestogens التي تستخدم حقناً تحت الجلد أو بالعضل أو مضافة إلى العليقة أو مغروسة في صيوان الأذن أو مصنَّعة بشكل اسفنجات تودع في المهبل لتوقيت الشبق في الأبقار والأغنام والماعز والخيول. وهناك مواد محللة للجسم الأصفـر luteolysis تقصِّر مـن طول حياته مثل البروستاغلاندينات PGF-2 ومثيلاتها الصناعية التي تعطى حقناً تحت الجلد أو في العضل أو مباشرة في الدم. وقد ساعد استخدام مثل هذه التقانة على إحداث توقيت تلقيح جماعي لإناث القطيع من ذكور منتقاة وراثياً، وهذا بدوره يسهِّل تطبيق تقانة التلقيح الاصطناعي، ويسرع من برامج التحسين الوراثي وتنظيم إنتاج المزرعة من حليب أو لحم ليكون في الموسم أو الوقت الذي يرغبه المربي، كما أنه ينظم عمليات الرعاية التناسلية الأخرى في المزرعة.
سليمان سلهب
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث