الالتصاق accession هو أحد أسباب اكتساب حق الملكية. ويعرف بأنه اندماج مادي لشيئين مملوكين لشخصين إمّا بفعل الطبيعة أو بفعل الإنسان، ويصعب فصلهما من دون تلف أو ضرر، ويترتب على ذلك أن يكسب مالك الشيء الأكثر قيمة (الأصل) ملكية الشيء الآخر بتعويض أو بغير تعويض بحسب الظروف.
 
والالتصاق يمكن أن يكون في العقارات والمنقولات. ويتبين من هذا التعريف أنه لكي يكون الالتصاق سبباً مكسباً لحق الملكية يجب توافر الشروط التالية:
 
ـ أن يكون الشيئان المندمجان مملوكين لشخصين. أما إذا كانا مملوكين لشخص واحد فلا يمكن إعمال حكم الالتصاق.
 
ـ أن يكون لكل من الشيئين المندمجين(المتحدين) مالك معين، أما إذا لم يكن لأحدهما أو لكليهما مالك فلا مجال لإعمال القاعدة.
 
ـ ألاّ يكون بالمستطاع الفصل بين الشيئين أو أن يترتب عليه التلف، أو الخسارة الفادحة في حال إمكان الفصل.
 
ـ أن يفوق أحد الشيئين الآخر قيمةً، فيكون لمالك الشيء الأقل قيمة الحق في التعويض على أساس قاعدة الإثراء بلا سبب.
 
ـ أن يتم الاندماج بحسن نية. أما إذا لم يكن هنالك اتفاق بين مالكي الشيئين، فيجب تطبيق قواعد أخرى من أجل الحكم في المسألة.
 
والالتصاق في عقار يمكن أن يكون طبيعياً و  يمكن أن يكون اصطناعياً. أمّا الالتصاق في منقول فإنه لا يكون إلا اصطناعياً.
 
1ـ الالتصاق الطبيعي في العقارات: الالتصاق الطبيعي هو الذي يتم بفعل الطبيعة مثل (المياه والرياح والزلازل وغيرها)، ومن دون تدخل الإنسان. وحالات الالتصاق الطبيعي المعروفة في بعض التشريعات العربية هي التالية:
 
أ ـ طمي النهر: وهو التراب الذي يجلبه النهر في مجراه ويترسب ترسباً تدريجياً على الأراضي المجاورة لمجرى النهر. ومن دون تدخل  أحد، ويصبح هذا الطمي ملكاً لأصحاب الأراضي التي ترسب فيها من دون تعويض.
 
ب ـ طمي البحر والبحيرات والبرك والغدران والمستنقعات: ويُفرق بين الطمي المتكون نتيجة انحسار مياه البحر أو البحيرات أو الغدران، أو جفاف المستنقعات، وهو الذي يكون ملكاً خاصاً بالدولة، وبين الأراضي التي تطغى عليها مياه البحر أو البحيرات، أو الغدران أو البرك، أو المستنقعات ثم تنحسر عنها، وهذه لا تخضع لأحكام الالتصاق، بل تعود ملكاً لأصحابها.
 
ج ـ الأراضي التي تتحول عن موقعها: وهي الأرض العالية التي يمكن أن تسقط أو تنزلق إلى أرض أوطأ منها بفعل عوامل الطبيعة من زلازل، أو أمطار. وفي هذه الحال يُفرّق بين فرضيتين: فرضية إمكانية معرفة الأرض المتحولة، أو المنزلقة، ويكون بمستطاع مالكها أن يطالب بها عيناً في غضون سنة من تحولها، وتعد هذه مهلة سقوط، وفرضية زوال معالم الجزء المنزلق، واندماجه كلياً في الأرض التي تحول إليها، ويكون من حق مالك الأرض التي تم التحول إليها تملّك هذا الجزء بالالتصاق مع تعويض مالكه. ويندر أن يتم التحول أو الانزلاق من أرض واطئة إلى أرض تعلوها، وإن تم فيعمل بالحكم السابق.
 
د ـ تحول مجرى النهر أو الجدول إلى مجرى جديد: قد يترك النهر أو الجدول مجراه القديم، إثر فيضان أو بعوامل طبيعية أخرى، ويأخذ مجرىً  جديداً  نهائياً، وفي هذه الحال يحق لملاك الأراضي المجاورة للمجرى القديم أن يتملكوا هذا المجرى، كل في القسم الموازي لأرضه حتى خط مفترض في وسط النهر مقابل تعويض يقدره خبراء مختصون يعينهم رئيس المحكمة المختصة في منطقة العقار، ويُدفع هذا التعويض لملاّك الأراضي التي اتخذ فيها النهر مجراه الجديد لكل بنسبة الخسارة  التي لحقت به من جراء مرور النهر أو الجدول في أرضه.
 
2ـ الالتصاق الاصطناعي في العقارات: يقصد بالالتصاق الاصطناعي في عقار، ذلك الذي يتم بفعل الإنسان، إذ يتم إلحاق بذار، أو غراس، أو مواد بناء، أو بناء بأرض غير مملوكة للفاعل أو العكس. وتقتضي القاعدة بأن يعد مالك الأرض مالكاً لكل ما عليها ما لم يثبت العكس. وصور هذا الالتصاق المعروفة في تشريعات الدول العربية هي:
 
أـ البذار الذي يبذره شخص في أرض لا يملكها:  يمكن أن يقوم شخص ما بوضع بذار من أي نوع في أرض الغير بعد حراثتها، وتسميدها، وعندئذ يكون مالك الأرض أمام الخيارات التالية:
 
ـ إذا لم يفت موعد بذار المحصول فإن مالك الأرض يُلزِمُ، قضاءً، الباذر نزع بذاره وهو غير ملزم بأن يدفع له تعويضاً عن أعمال الحراثة، أو عن البذار المنزوع، أو الأسمدة.
 
ـ يكون لمالك الأرض أن يتملك البذور بالالتصاق مقابل دفع قيمتها، فقط، للباذر على أساس سعر السوق بتاريخ البذر.
 
ـ يمكن لمالك الأرض أن يترك المحصول لمالك البذار على أن يدفع له الباذر تعويضاً يعادل أجر مثل السنة الزراعية التي تم فيها البذر.
 
أما إذا كان موسم البذار قد فات، ونضج الزرع وحان موعد الحصاد، فإن مالك الأرض لا يستطيع أن يطالب إلا بأجر المثل، ويكون المحصول ملكاً خالصاً للباذر، سواء أكان الباذر حسن النية أم سيء النية.
 
ب ـ البناء والغرس الذي يحدثه مالك الأرض بمواد مملوكة للغير: إذا قام مالك الأرض بإشادة بناء على أرضه، أو قام بغرسها، أو ببذرها، بمواد أو غراس أو بذور مملوكة للغير، وكانت هذه قد اندمجت كلياً بالأرض حتى لا يمكن فصلها من دون تلف أو ضرر، فإنه يتملكها بالالتصاق مقابل دفع قيمتها لمالكها. ويُفرق هنا بين ما إذا كان مالك الأرض حسن النية أم سيء النية: فإذا كان حسن النية فإنه يدفع القيمة وفق سعر السوق بتاريخ البناء أو الغرس أو البذار، أما إذا كان سيء النية فإنه يدفع أقل القيمتين: قيمة ما أثرى به هو نفسه، أو قيمة ما افتقر به صاحب المواد، ويقدر الإثراء وقت حصوله، أما الافتقار فيقدر وقت صدور الحكم قياساً على الضرر في المسؤولية التقصيرية.
 
ج ـ البناء والغرس في أرض الغير بمواد أو غراس مملوكة للباني أو الغارس: الأصل أن مالك الأرض يكون مالكاً للأبنية أو الغراس المقامة في أرضه من قبل الغير بالالتصاق، لكن الأمر يختلف في بعض الحالات، ويتوقف ذلك على كون الباني سيء النية أو حسنها وفي ذلك تفصيلات كثيرة.
 
د ـ البناء الذي يحدثه الشريك في أرض مملوكة على الشيوع: يمكن أن يقوم الشريك في الملكية الشائعة بالبناء، أو الغرس في الأرض المملوكة على الشيوع، وقد علق حكم ذلك على نتيجة القسمة: فإذا وقع الجزء المبني، أو المغروس، في نصيب الباني أو الغارس، فإنه يكون مالكاً للأرض والبناء أو الغراس، أما إذا لم يقع في نصيبه فإنه يعد بانياً أو غارساً بحسن نية وتطبق عليه الأحكام المتعلقة بذلك.
 
هـ ـ البناء في أرض الغير بمواد مملوكة للغير: يمكن أن يقوم شخص ثالث بتشييد بناء في أرض الغير بمواد ليست ملكه، ويترتب على ذلك نشوء علاقة قانونية بين مالك المواد والباني، وعلاقة بين مالك المواد ومالك الأرض، وعلاقة بين الباني ومالك الأرض، وتختلف الأحكام فيها وفق ما يلي:
 
ـ علاقة مالك المواد بالباني: إن مالك المواد لا يستطيع المطالبة بنزع مواده إذا كانت قد  اتحدت بالأرض، لأنها قد خرجت من ملكيته، وأصبحت في ملكية مالك الأرض بالالتصاق، ولكن من حقه مطالبة الباني بقيمة المواد، وبالتعويض إذا كان له مقتضى.
 
ـ علاقة صاحب المواد بمالك الأرض: إن مالك المواد يعد دائناً للباني بقيمة المواد التي بنى بها، فيكون من حقه أن يطالب قضاءً، مالك الأرض عن طريق الدعوى المباشرة بمقدار ما يكون مديناً به للباني.
 
ـ علاقة الباني بمالك الأرض: يُفرق بين ما إذا كان الباني حسن النية أو سيء النية وتطبق الأحكام الخاصة بكل حالة على حدة.
 
3ـ التصاق المنقول بالمنقول: تقوم حالة الالتصاق في المنقولات عندما يتحد منقولان مملوكان لشخصين؛ ولا يمكن فصلهما من دون تلف أو ضرر، ويتحقق الالتصاق بالمنقول بإحدى الصور التالية:
 
ـ الضم adjonction: إذ يتحد منقول بمنقول ويكون بالمستطاع تمييز أحدهما من الآخر إلا أنه لا يمكن الفصل من دون ضرر ومثالها: لف كرسي الخشب بالقش، أو وضع فص الماس في خاتم الذهب.
 
ـ المزج mélange: ويتم عادة في السوائل، إذ يتم اتحاد السائلين ولا يعود بالإمكان تمييز أحدهما من الآخر، إذ يستحيل الفصل بين المواد ومثالها: مزج الزيت النباتي بزيت الزيتون، أو مزج السمن النباتي بالسمن الحيواني.
 
ـ التحويل specification: ويتم به اتحاد المنقولين وتولد شيء جديد عنهما يصعب فيه الرجوع إلى الحالة التي كانا عليها قبل عملية التحويل، ومثالها: تحول الخشب إلى أثاث، وتحول القماش إلى ثياب، وتحول الرخام إلى تمثال.
 
والقاعدة العامة في ملكية المنقول هي للحيازة وعلى من يدعي خلاف ذلك أن يقدم الدليل، وفي حال الثبوت فإن المشرع قد عالج مسألة الالتصاق بمنقول عندما لا يكون هناك اتفاق بين مالكي المنقولين المتحدين بوضع قاعدة تفضي إلى أن مالك المنقول الأكبر قيمة يتملك المنقول الأقل قيمة مقابل تعويض، وإن المشرع ترك الأمر في ذلك للقاضي الذي يرفع إليه النزاع، على أنه يهتدي بقواعد العدالة والضرر الواقع، وحالة الطرفين المادية، وحسن النية، إذ يمكن أن يحكم بالتعويض لمالك المنقول الأقل قيمة وفق قواعد الإثراء بلا سبب، وإذا كان المنقولان متعادلين في القيمة فقد يحكم ببيع المنقول الجديد، وتوزيع الثمن، وإذا ثبت أن أحد المالكين قام بدمج المنقولين عن سوء نية، عندئذ قد يحكم عليه بالتعويض، وفق قواعد المسؤولية التقصيرية، بمقدار ما لحق المضرور من خسارة أو ما فاته من كسب.
 

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث