النباتات العطرية aromatic plants هي كل نبات يمكن أن يحتوي في جزء منه أو أكثر على زيوت عطرية تُسْتَخْلَصُ لاستعمالها في صناعة مستحضرات العطور الحقيقية وفي بعض العقاقير الطبية وفي تعطير المأكولات وفي بعض المشروبات الساخنة.
 
كان الناس قديماً يحرقون الرَّاتنج العطري الرائحة والُّلبان الصمغي والأعشاب ذات الأريج العطري بوصفها بخوراً في الاحتفالات والطقوس الدينية، وعثر المنقبون عن الآثار على أنواع من العطور في أضرحة الفراعنة المصريين، وكان قدماء المصريين ينقعون الأعشاب ذات الروائح الزكية والرَّاتنج في مزيج من الماء والزيت ثم يدهنون أجسامهم به، وعكفوا على حفظ جثث موتاهم وتحنيطهم بهذا المزيج، وقد تعلم الإغريق والرومان صناعة تحضير العطور من المصريين. وظلت هذه الصناعة لمئات السنين فناً شرقياً خالصاً. ونقل الصليبيون في أثناء الحروب الصليبية  في بداية القرن الثالث عشر الميلادي العطور معهم من بلاد الشام إلى كل من إنكلترا وفرنسا، وفي القرن السادس عشر صارت العطور رائجة في كل أنحاء أوربا، وبدأ استخدام المواد الكيمياوية الاصطناعية على نطاق كبير في صناعة العطور منذ نهاية القرن التاسع عشر.
 
مكونات الزيت العطري:
 
تحتوي النباتات العطرية على زيوت عطرية يدخل في تركيبها مركبات أو تربينات هدروكربونية ومركبات أكسيجينية وهي:
 
1ـ التربينات الهدروكربونية وتشتمل على:
 
ـ مركبات غير مشبعة أليفاتية: مركب أوسيمين في الريحان وميرسين في حشيشة الدينار.
 
ـ مركبات عطرية: في زيت الزعتر والبردقوش.
 
ـ تربينات حقيقية: في زيت الصنوبر.
 
2ـ المركبات الأوكسيجينية وتشتمل على:
 
ـ الكحولات: ـ أليفاتية: لينالول في زيت الورد.
 
ـ الحلقية: أحادية مثل: المنثول في النعناع, وثنائية مثل: بورينيول في الورد وحصا لبان.
 
ـ الإسترات: خلات الجيرانيول في حشيشة الليمون.
 
ـ الألدهيدات: ـ تربينات ألدهيدية غير حلقية: سترال في حشيشة الليمون.
 
ـ تربينات ألدهيدية حلقية: الكيومينال في الكمون.
 
ـ ألدهيدات عطرية: بنز الدهيد في زيت اللوز المر، فانيلين في الفانيليا.
 
ـ الكيتونات:
 
ـ الأحادية الحلقة: منثول في النعناع، كارفون في الكراوية.
 
ـ الثنائية الحلقة: كامفر في الريحان الكافوري.
 
ـ الفينولات: الثيمول في الزعتر، اليوجينول في القرنفل.
 
ـ الأوكسيدات: سينيول في زيت الكافور.
 
ـ البيروكسيدات: اسكاريدول في زيت الزربيخ.
 
ـ اللاكتونات: كومارين في نبات اللافندر.
 
ـ مواد كبريتية: أليل ايزو ثيو سيانات في الخردل الأسود.
 
ـ مواد نتروجينية: الإندول في زيت الليمون.
 
الأهمية الاقتصادية والزراعية والصناعية
 
ترتبط حماية النباتات البرية وخاصة العطرية منها، بمقتضيات اقتصادية وعلمية وثقافية، بغية توفير موادها الأولية محلياً وتصديرها إلى الخارج. لذلك لابد من الاهتمام بزراعة النباتات العطرية وجمعها بعيداً عن العشوائية، والتحكم في الوقت الملائم لجمعها وفي نقاوتها بإزالة الأعشاب المرافقة، وتجفيفها بالطرائق المناسبة.
 
ويمكن استعمال هذه النباتات والاعتماد عليها اقتصادياً وصناعياً في مجالات عدة، من أهمها:
 
1ـ صناعة مستحضرات التجميل: مثل كريمات الجلد والشعر، معجون الأسنان، الصابون وغيرها.
 
2ـ صناعة المبيدات الحشرية التي تعتمد على ما تحتوي عليه النباتات من سموم قاتلة سواء للحشرات أو الفطريات أو البكتريا أو القوارض، ومن هذه النباتات البيرثرم Chrysanthemum cinerariifolium وحشيشة الليمون Cymbopogon citrates وبصل العنصل الأحمرUrginea maritima وغيرها.
 
3ـ تحضير التوابل أو المشروبات أو مكسبات الطعم أو المواد الملونة الطبيعية التي في النباتات. مثل: حبة البركة Nigella sativa، الكراوية Carum carvi وغيرها. 
 
4ـ صناعة العطور التي تعتمد أساساً على الزيوت العطرية الطيارة التي في الورد البلدي Rosa hybrida والياسمين البلدي Jasminum grandiflorum واللاڤندرLavandula officinalis والقرنفل Eugenia caryophyllus وغيرها.
 
تصنف النباتات العطرية كما يأتي:
 
التصنيف المورفولوجي
 
يعتمد هذا التصنيف على مكان وجود المواد الكيمياوية الفعّالة في الأجزاء النباتية المختلفة، ويمكن تمييز المجموعات الآتية:
 
1ـ نباتات تُستعمل كاملة: وهي النباتات التي فيها المواد الكيمياوية العطرية في جميع أجزاء النبات من دون أن تتركز في جزء معين، مثل شجرة الصنوبر الأسود أو نبات الشيح الخرساني، وغيرها.
 
2ـ نباتات تُستعمل أوراقها: وتتركز موادها العطرية في أوراقها أساساً، مثل: الريحان، النعناع، العطر، الشاي، حشيشة الليمون والحناء، وغيرها.
 
3ـ نباتات تُستعمل نُوراتها أو أزهارها: وتتركز موادها العطرية، إما في النورات كما في البابونج والأقحوان، أو في بتلات الزهرة، كما في الورد والفل والياسمين، أو في الوريقات الكأسية الزهرية كما في الكركديه، أو في المياسم كما في الزعفران، وغيرها.
 
4ـ نباتات تُستعمل ثمارها: وتتركز موادها العطرية في الثمار مثل الكراوية، والشمر والفانيليا، وفي عصير الثمار غير الناضجة مثل الخشخاش، وغيرها.
 
5ـ نباتات تُستعمل بذورها: وتتركز موادها العطرية في بذورها مثل حبة البركة والخردل، وغيرها.
 
6ـ نباتات تستعمل أجزاؤها الأرضية (الجذور والجذامير): تتركز موادها العطرية في سوقها الأرضية المتحورة، أو في جذورها المتدرنة مثل: ريزومات عرق السوس، وكورمات اللحلاح، ودرنات السحلب، وغيرها.
 
7ـ نباتات يستعمل قلفها: وتتركز موادها العطرية في قلفها مثل: قلف القرفة وقلف اليوكاليبتوس، وغيرها.
 
ـ التصنيف العلاجي
 
تصنف النباتات العطرية في المجموعات الآتية:
 
1ـ نباتات مسهلة  مثل: السنامكي والخروع.
 
2ـ نباتات مسكنة مثل: الصفصاف.
 
3ـ نباتات مخدرة مثل: الخشخاش والداتورا.
 
4ـ نباتات منشطة للقلب مثل: نباتي الديجيتالس والدفلة وغيرها.
 
ـ التصنيف التجاري
 
يعتمد هذا التصنيف على الأسس التجارية المعمول بها في الأسواق المحلية  أو الخارجية، حيث تصنف كل مجموعة من النباتات حسب الاستخدامات ومتطلبات السوق في المجموعات الآتية:
 
1ـ مجموعة مكسبات الطعم (المنكهَّات) والرائحة: مثل النعناع والكمون والقرفة وجوزة الطيب والزنجبيل، وغيرها.
 
2ـ مجموعة مكسبات الألوان (الملونات): مثل الورد والزعفران والبابونج، وغيرها.
 
3ـ مجموعة المواد الحافظة: مثل البردقوش والقرنفل والثوم وغيرها.
 
4ـ مجموعة النباتات المبيدة للحشرات والقوارض: مثل بصل العنصل الأحمر ومبيدة الفطريات مثل التبغ، وغيرها.
 
5ـ مجموعة مواد الحرق مثل: الكافور والمسك، وغيرها.
 
ـ التصنيف الكيمياوي
 
يعتمد هذا التصنيف على المادة الكيمياوية الفعالة الموجودة التي النباتات، وتصنف كما يأتي:
 
1 ـ نباتات تحتوي على زيوت طيارة مثل: الريحان، الزعتر واللافندر والكزبرة والكمون، وغيرها.
 
2 ـ نباتات تحتوي على الغليكوسيدات منها: الديجيتالس الصبار وعرق السوس والصفصاف، وغيرها.
 
3 ـ نباتات تحتوي على القلويدات منها: التبغ والخشخاش والبن والرمان والكينا، وغيرها.
 
4 ـ نباتات تحتوي على مواد صابونينية منها: عرق السوس والسذب، وغيرها.
 
5 ـ نباتات تحتوي على راتنجات[ر:الراتنجيات] ومنها: القنب الهندي والزنجبيل، وغيرها.
 
6ـ نباتات تحتوي على مواد مُرّة ومنها: الخلة البلدية والشيطانية والسذب، وغيرها.
 
7ـ نباتات تحتوي على التانينات [ر. العفص] ومنها: البلوط وبعض أنواع الكافور، وغيرها.
 
الوصف النباتي
 
يختلف الوصف النباتي للنباتات العطرية بحسب طبيعة نموها، ويمكن تمييز الأشكال النباتية الآتية:
 
1ـ الأشجار العطرية ومنها: الأشجار المخروطية coniferous trees حيث تحتوي على أوراق إبرية وثمار مخروطية، وتكون غالبيتها طويلة الساق ومخروطية المظهر، من أهم أجناسها: الصنوبر Pinus، أو قصيرة الساق ومحدودة النمو مثل بعض أصناف العرعر والتويّا (العفص)، وجميعها نباتات دائمة الخضرة، إبرية الأوراق وحيدة الجنس غالباً، أو ثنائية أحياناً، وتكون أزهارها المؤنثة مخروطية الشكل مغطاة بحراشيف سميكة وعديدة، مثل ثمار الصنوبر والسرو Cypress، أو تحمل أزهاراً مؤنثة عصيرية كروية الشكل تقريباً، وتعرف بالثمار الكاذبة، كما في العرعر، أو تكون بذورها صلبة القوام ملساء أو مجنحة، كما في معظم ثمار المخروطيات. وتعد الفصيلتان الصنوبرية والسروية أهم الفصائل الاقتصادية إنتاجاً للزيوت العطرية، هذا إضافة إلى كثير من النباتات مثل: اليوكاليبتوس الكروي Eucalyptus globulus والقرفة Cinnamomum zeylanicum.
 
2ـ الشجيرات العطرية: ومنها الورد الدمشقي Rosa damascena، ينمو على سفوح الجبال والتلال وهو شجيرة متساقطة الأوراق، غزيرة التفريع، وشائكة، داكنة اللون، صلبة القوام، نموها قائم أو متسلق، أوراقها مركبة وأزهارها مختلفة الألوان تظهر منفردة أو في مجموعات. ومنها الياسمين البلدي وهو إما دائم الخضرة أو متساقط الأوراق.
 
3ـ الأعشاب العطرية: تأخذ حيزاً كبيراً بين النباتات الطبية والعطرية، فهي نباتات عشبية معمرة أو حولية، صيفية أو شتوية، تنمو قريبة من سطح الأرض، ويتفاوت طولها بحسب الأنواع، وتختلف صفاتها بحسب الفصيلة التي تنتمي إليها، فهي كثيرة الانتشار في سورية، ومن أمثلتها: الريحان والنعناع واليانسون والعطر والمريمية والمليسة والكمون وحبة البركة  وغيرها.
 
المتطلبات البيئية
 
يتأثر نمو النباتات العطرية بالعوامل البيئية، وخاصة بالماء والحرارة والتربة والضوء.
 
1ـ الماء: تختلف الاحتياجات المائية بحسب نوع النبات، وهنا تُميَّز الفئات الآتية:
 
ـ نباتات مائية: تعيش في بيئة مائية  مثل: الطحالب.
 
ـ نباتات نصف مائية: تعيش إلى جانب الأنهار والجداول المائية مثل: الصفصاف والحور.
 
ـ نباتات وسطية: معظم النباتات العطرية لا تتحمل الجفاف ولا كثرة الماء.
 
ـ نباتات صحراوية: تتحمل الجفاف مثل الصبار.
 
2ـ التربة: يؤدي نوع التربة وخواصها أثراً مهماً في نمو النبات وتركيبها الكيمياوي، وفي إنتاج أكبر كمية ممكنة من الزيوت العطرية، ويُنْصَح بزراعتها في الترب المعتدلة الحموضة.
 
3ـ الحرارة: هنالك ثلاث درجات حرارية للنمو النباتي: الصغرى والمثلى والعظمى، وتختلف هذه الدرجات من نبات لآخر ومن طور لآخر، ففي حدود (0م ـ 35م) يزيد معدل النمو بارتفاع الحرارة ويقل بانخفاضها، أما درجات الحرارة الأعلى من 35م فتؤدي إلى خفض نمو النباتات، وكذلك محتواها من الزيوت الطيارة التي تزداد كميتها بانخفاض الحرارة.
 
4ـ الضوء: تعد الزيوت العطرية أحد النواتج غير المباشرة للطاقة اللازمة لعملية البناء الضوئي، وتزداد سرعة هذه العملية بزيادة شدة الإضاءة، وهناك بعض النباتات التي تتأثر جودتها بتعرضها للإضاءة الشمسية المباشرة، مثل: بعض أنواع التبوغ المخصصة لإنتاج السيجار. 
 
طرائق التكاثر والزراعة
 
يمكن حصر إكثار النباتات العطرية في طريقتين كما يأتي:
 
الإكثار البذري (الجنسي): 
 
يعتمد على استخدام الجنين الجنسي في البذرة، والمتكون نتيجة عمليتي التلقيح والإخصاب في النباتات البذرية وتكوين الزيوت. ومن النباتات التي يمكن إكثارها بالبذرة: البابونج والريحان واليانسون وحبة البركة وغيرها.
 
وتجدر الإشارة إلى أن بعض النباتات تحتوي بذورها على جنين خضري ناتج من أنسجة المبيض، أو النوسيلة، ويمكنه أن يتكاثر خضرياً، مثل: المانجو والنارنج، وغيرهما.
 
ومن أهم عمليات الخدمة المناسبة للنباتات المكاثرة:
 
التشتيل transplanting: وذلك بإعادة توزيع البادرات ونقلها من المشتل إلى الأرض المستديمة. والترقيع replanting: وذلك بإعادة زراعة نباتات الحفر الغائبة. والتطويش pinching: وذلك بإيقاف السيادة القمية لتشجيع تكوين الطرود الخضرية الحديثة جانبياً بغية تكشّف البراعم الجانبية.
 
الإكثار الخضري (اللاجنسي):
 
يعتمد في إكثار النباتات العطرية على تجذير أي جزء من النبات الأم باستثناء الجنين الجنسي. ويجرى ذلك باستخدام العقل مثل الزعتر، أو الريزومات: مثل الزنجبيل، أو التفصيص مثل حشيشة الليمون، أو الترقيد مثل الياسمين، أو الفسائل مثل الصبار، أو السرطانات (الطرود المائية) مثل الرمان، أو التطعيم مثل الورد والحمضيات واللوزيات، وغيرها.
 
وبعد زراعة الشتلات أو الغراس في مكانها توالى عليها الخدمات الزراعية الآتية:
 
ـ الري الجيد: ويستخدم الماء سائلاً أو بخاراً أو بالرطوبة الجوية لتلبية احتياجات النبات من الرطوبة، ويوقف الري قبل حصاد النباتات العطرية بأسبوعين، وخاصة تلك التي تحتوي على زيوت عطرية في أوراقها، وذلك لتقليل المحتوى المائي فيها وتهيئة الشروط المثلى لاستخلاص الزيوت العطرية منها.
 
ـ التسميد المتوازن بالعناصر الغذائية الكبرى والصغرى التي تضاف إلى التربة باستمرار لتعويض النقص الناتج فيها بسبب كثرة امتصاص النبات. وتتشابه النباتات العطرية في احتياجاتها الغذائية وغيرها من المحاصيل الأخرى، ولابد من تحديد كل نوع من الأسمدة وفقاً لمتطلباتها.
 
ـ العزيق المتكرر للتخلص من جميع الأعشاب الضارة التي تنافس النباتات العطرية على العناصر الغذائية المختلفة.
 
أهم الآفات
 
تسبب الأمراض والحشرات أضرراً كبيرة للنباتات وخسارة واضحة بمحاصيلها، من حيث الكمية والنوعية، والتأثير في محتوى الزيوت الطيارة.  ومن أهم الأمراض التي تصيب مجموعة كبيرة من النباتات العطرية: التبقع البني والصدأ والبياض الدقيقي وذبول الفيوزاريوم و اللفحة وتهدل النبات والتعفن الأسود للساق وتبقع الأوراق الالترناري والتعفن البكتيري للساق والعقد الجذرية وتعفن الجذور والإصفرار الورقي.
 
رلى يعقوب
 
 
{{ثبت المراجع}}
 
==المصادر والمراجع==
 

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث