اقتربنا من نهاية الصلاة، ونهاية اللقاء مع الله جلَّ وعلا .. وقد وصلنا إلى الجلسة الختامية ..
جلسة التشهد
كان النبي يجلس للتشهد بعد الفراغ من الركعة الثانية .. فإذا كانت الصلاة ركعتين كالصبح، جلس مفترشًا كما كان يجلس بين السجدتين وكذلك يجلس في التشهد الأول من الثلاثية أو الرباعية.
وعن أبي هريرة قال: نهاني خليلي عن إقعاءٍ كإقعاء الكلب. [رواه أحمد وحسنه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (555)] .. وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ. [صحيح مسلم]
وكان إذا قعد في التشهد وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى باسطها عليها .. وفي رواية كان يضعها على ركبته وليس فخذه .. وكان يضع حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى.
بسط الكف اليسرى وقبض أصابع اليمنى
وكان يبسط كفه اليسرى على ركبته اليسرى، ويقبض أصابع كفه اليمنى كلها ويشير بإصبعه التي تلي الإبهام إلى القبلة ويرمي ببصره إليها .. وكان إذا أشار بإصبعه وضع إبهامه على إصبعه الوسطى، وتارة كان يحلق بهما حلقة.
عن نافع قال: كان عبد الله بن عمر إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه وأشار بأصبعه وأتبعها بصره، ثم قال: قال رسول الله "لهي أشد على الشيطان من الحديد" يعني السبابة. [رواه أحمد وحسنه الألباني، مشكاة المصابيح (917)]
التشهد
يَقُولُ ابْنَ مَسْعُودٍ : عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ "التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ" [صحيح البخاري]
يقول الشيخ ابن عثيمين: التحيات: جمع تحيَّة، والتحيَّة هي: التَّعظيم، فكلُّ لَفْظٍ يدلُّ على التَّعظيم فهو تحيَّة، و«الـ» مفيدة للعموم، وجُمعت لاختلاف أنواعها، أما أفرادها فلا حدَّ لها، يعني: كُلَّ نوع من أنواع التَّحيَّات فهو لله، واللام هنا للاستحقاق والاختصاص؛ فلا يستحقُّ التَّحيَّات على الإطلاق إلا الله عزّ وجل.
ولا أحد يُحَيَّا على الإطلاق إلا الله، وأمَّا إذا حَيَّا إنسانٌ إنسانًا على سبيل الخصوص فلا بأس به.
لو قلت مثلاً: لك تحيَّاتي، أو لك تحيَّاتُنَا، أو مع التحيَّة، فلا بأس بذلك، قال الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} الآية [النساء: 86] لكن التَّحيَّات على سبيل العموم والكمال لا تكون إلا لله عزّ وجل. [الشرح الممتع على زاد المستقنع (3:146)]
والصلوات: جمع صلاة، وهي الدعاء .. وكل دعاء وكل صلاة فهي لله تعالى.
والطيبات لها معنيان:
المعنى الأول: ما يتعلَّق بالله .. فله مِن الأوصاف أطيبها، ومِن الأفعال أطيبها، ومن الأقوال أطيبها، قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم ".. إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ، لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا .." [صحيح مسلم] .. يعني: لا يقول إلا الطيب، ولا يَفعلُ إلا الطَّيب، ولا يتَّصفُ إلا بالطيب، فهو طيب في كُلِّ شيء؛ في ذاته وصفاته وأفعالِه.
المعنى الثاني: ما يتعلَّق بأفعال العباد .. أي الطيب من أفعال العباد، وهي التي تصعد إلى الله تعالى .. قال تعالى {.. إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ..} [فاطر: 10]
وبهذه الكلمات قد بدأت بتمجيد الله عزَّ وجلَّ والثناء عليه ..
فعليك أن تتذكر المفتاح السحري للصلاة، وتخاطب ربَّك جلَّ وعلا ..
ثمَّ تأخذك كلمات التشهد من مكانك إلى مكانٍ بعيدٍ على وجه الأرض ..
المراجع
موسوعة المنهج
التصانيف
عقيدة