ألكسندر ستيبانوفتش بوبوف Aleksandr Stepanovich Popov عالم فيزيائي ومهندس كهرباء روسي، اختلف فيما إذا كان هو أو غولييمو ماركوني[ر] (1874-1937) Goglielmo Marconi أول من اخترع الاتصال اللاسلكي (الراديو) لتشابه اختراعهما وتقارب الزمن بينهما، ولكن الخلاف يتركز في حقيقة الأمر حول تعريف هذه السابقة في مجال اللاسلكي ونوعيتها أكثر منه حول الوقائع والتاريخ، فقد كانت كلمة «راديو» radio تعني في بادئ الأمر البرق اللاسلكي wirless telegraphy ومن ثم فإن لقب مخترع الراديو أو اللاسلكي هو من نصيب أول من استعرض البرق اللاسلكي على مسافة مفيدة، أو أول من أوضح إمكان تطبيق هذه الفكرة، أو أول مخترع لجهاز لاسلكي عملي من أي نوع.
ولد بوبوف في بلدة تورينسكِيِه رودنيكي من إقليم سفيردلوف، وكان والده راعي كنيسة البلدة. وقد استعد لدخول سلك الرهبنة، ولكنه انصرف عن هذا الأمر عام 1877 حين وجد في نفسه ميلاً إلى دراسة الرياضيات، والتحق بكلية الرياضيات والفيزياء بجامعة بطرسبرغ وتخرج فيها سنة 1882 بدرجة امتياز، وانضم إلى كلية إعداد المعلمين في الجامعة نفسها، ونال شهادة الأستاذية في السنة التي بعدها.
اهتم بوبوف، بعد تخرجه، بدراسة هندسة الكهرباء فعمل مدرساً للفيزياء وتقنيات الكهرباء (1883-1901) في مدرسة التقانات البحرية في كرونشتادت القريبة من بطرسبرغ حيث كان الطلبة والضباط يتدربون على التجهيزات الكهربائية في السفن الحربية، وعُني عناية خاصة بتحسين عمل مكنات توليد الطاقة الكهربائية.
ولمَّا نشر الفيزيائي الألماني هاينريخ رودلف هيرتز[ر] (1853-1894) أبحاثه عام 1888 حول ديناميكية الكهرباء والأمواج الكهرمغنطيسية صرف بوبوف اهتمامه إلى دراسة الظواهر الكهرمغنطيسية والضوئية، وراح يجري التجارب العملية عليها، وبحث عن طريقة مجدية لالتقاط الموجات الكهرمغنطيسية عن بعد. وفي تموز سنة 1895 توصل إلى صنع جهاز يمكنه تسجيل الاضطرابات الجوية الكهربائية. وفي آذار 1896 توصل بوبوف إلى صنع جهاز استقبال لإشارات يبثها مذبذب موجات هيرتزية ـ كما سماها آنئذ ـ في أماكن متفرقة من مباني جامعة بطرسبرغ وفي حضور جمع من علماء الفيزياء، ووصل مدى جهازه اللاقط إلى 60 متراً.
لاحظ بوبوف في أثناء تجاربه أن ربط أسلاك معدنية عمودية (هوائيات) بالجهاز، يُحسِّن الاستقبال ويزيد المسافة المضمونة للاستقبال، حتى إنه تمكن عام 1897 من تحقيق اتصال تجريبي مع السفن في عرض البحر على مسافة 5كم.
في الوقت نفسه شغل بوبوف بدراسة ظاهرة الأشعة السينية بعد أن اكتشفها العالم الألماني كونراد رونتغن [ر]، ونجح بوبوف في عام 1898 في التقاط أولى الصور الشعاعية في روسية لأطراف الإنسان وبعض الأشياء.
وفي عام 1899 توصل بوبوف ومعاونوه إلى صنع جهاز استقبال لاسلكي للإشارات المسموعة بسماعات للرأس، وصُنعت أجهزة منها في كل من روسية وفرنسة، واستعرض عملها في معرض باريس الدولي سنة 1900.
وفي عام 1901 انتقل بوبوف إلى بطرسبرغ أستاذاً في معهد تقنيات الكهرباء ثم انتخب مديراً له، وظل في هذا المنصب حتى وفاته.
حظيت إنجازات بوبوف بتقدير عال من معاصريه في روسية وخارجها، ولكنه لم يلق من الحكومة الروسية إلا بعض الدعم، ولم يوف حقه من التقدير إلا في عام 1945 حين قررت الحكومة السوفييتية تكريمه رسمياً في الذكرى الخمسين لاختراعه والاحتفال في اليوم السابع من أيار من كل عام بيوم «الراديو».
محمد وليد الجلاد
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث