الجعة أو البيرة beer شراب كحولي ناتج من تخمر مستخلص المولت  بوساطة الخميرة مضافةً إليه حشيشة الدينار مادة منكهة، وهي صناعة قديمة عرفت منذ عهود الفراعنة، وبقيت أسسها العلمية غير معروفة  حتى عام 1868 حين فسر باستور النظرية العلمية للتخمرات. ويسهم اليوم التقدم العلمي في أبحاث الهندسة الوراثية وتقانة التخمرات في تحسين صناعة الجعة.
 
مكونات الجعة
 
تتكون الجعة أساساً من الشعير وحشيشة الدينار والخميرة والمواد المضافة والماء.
 
1- الشعير barlay: هو المادة الأساسية لصناعة المولت (الشعير المنبت لمرحلة محددة)، وتستخدم في صناعته حبات الشعير الأبيض الكبيرة الحجم وذات اللون الأصفر الباهت. وينبت الشعير بعد ترطيبه بالماء أو نقعه بوساطة رذاذ من الماء لحين بلوغ نسبة رطوبته 45% مع توفير التهوية الكافية، وتستغرق عملية الإنبات 6- 8 أيام. وعندما يصير طول الجذير النامي مساوياً طول حبة الشعير، يوقف الإنبات بتجفيف الشعير بوساطة أفران خاصة، وكذلك لتكوين اللون المرغوب في المولت بحسب لون الجعة المنتجة (صفراء وبنية وسوداء) إذ تتناسب درجات الحرارة وطول مدة التجفيف طرداً مع اللون المطلوب للبيرة المنتجة، ومن ثم يغربل المولت بعد تجفيفه لفصل الشوائب والجذيرات، ثم يخزن في أكياس أو صوامع خاصة.
 
2- حشيشة الدينار hops: هي نبات متسلق ثنائي المسكن ينمو في البلدان الباردة، وتستخدم زهور النباتات المؤنثة فقط في صناعة الجعة لارتفاع نسبة المرارة فيها. وتضاف الحشيشة أو خلاصتها إلى مستخلص المولت على مراحل في أثناء طبخ المستخلص مع الحشيشة لترسيب البر وتينات وتثبيط نمو الأحياء الدقيقة وإعطاء النكهة والطعم والرائحة والرغوة المميزة للجعة.
 
3- الخميرة ferment: يرجع طعم الجعة ونكهتها إلى حشيشة الدينار وإلى سلالة الخمائر المستخدمة في إنتاج الكحول، وتتبع الجنس Saccharomyces وتصنف ضمن مجموعتين رئيستين هما خمائر السطح top yeasts وخمائر القاع bottom yeasts، وتقع تحت هاتين المجموعتين آلاف السلالات التجارية التي تنتجها مراكز الأبحاث في أرجاء العالم.
 
4- المواد المضافة: هي مواد كربوهدراتية المنشأ أرخص نسبياً تضاف  لزيادة كمية المستخلص من الشعير كالأرز والسكر والذرة.
 
5- المياه: يجب أن تتوافر فيها نسبة معينة من أملاح الكالسيوم والمغنيزيوم، وأن تكون مطابقة من الناحية الميكروبيولوجية لمواصفات مياه الشرب.
 
طرائق تصنيع الجعة
 
1- إنتاج المستخلص: تبدأ صناعة الجعة بعمل مستخلص مائي للمولت mashing يحتوي على مواد نشوية وبروتينات تم حلمأتها جزئياً في أثناء إنبات الشعير، ثم يُحضّن المستخلص في درجات الحرارة المناسبة لتنشيط الأنزيمات المحللة للمواد النشوية والبروتينية وإنتاج كمية من السكريات القابلة للتخمر الكحولي وحموضاً أمينية بما يكفي تغذية خلايا الخميرة فقط.
 
بعد ترشيح مستخلص المولت (المسمى صناعياً الورت الحلو sweet wart) ينقل إلى خزان إضافة حشيشة الدينار إذ يغلى لضبط تركيز المواد الصلبة الذائبة واستخلاص المواد المرة منه، ثم يترك هذا المستخلص مدة حتى تترسب المواد غير المرغوبة. وتعد هذه المرحلة عملية تعقيم المستخلص (الذي يسمى Hopwart)، ومن ثم يرشح ويبرد داخل مرشحات مغلقة وينقل إلى خزانات التخمر المعقمة.
 
2- التخمر: تقسم عملية التخمر إلى مرحلتين:
 
أ- التخمر الأساسي أو الابتدائي: يضاف البادئ من المخمِّر إلى السكريات والمحضّر والمكاثر في قسم خاص من المصنع إلى المستخلص الأخير الذي يحضّن في خزانات التخمر في درجات الحرارة المناسبة حسب نوع الخمائر السطحية أو القاعية لتنتج الكحول وغاز ثاني أكسيد الكربون بالتخمر اللاهوائي للسكريات الموجودة في المستخلص. ويستدل على انتهاء هذه المرحلة التي تستغرق نحو ثلاثة أيام،  بإجراء تحاليل مخبرية وبمظاهر مرئية  كتشكل الرغاوي واختفائها في نهاية المدة.
 
ب- التعتيق: يسحب السائل الرائق من خزانات التخمر الأساسي وينقل إلى خزانات التعتيق لتخزين الجعة في درجات حرارة منخفضة عدة أسابيع تتم خلالها تفاعلات تخمر بطيء للسكريات المتبقية وتحولها إلى كحول وغاز ثاني أكسيد الكربون، كما تترسب خلايا الخميرة المتبقية وتتكون الخصائص المرغوبة في البيرة كالنكهة والرغوة.
 
3- الترشيح النهائي والتعبئة: تمرر البيرة الناتجة عبر مرشحات دقيقة غير منفذة حتى للميكروبات، ثم تنقل إلى خزان آلة التعبئة في زجاجات أو علب، ومن ثم تبستر العبوات للقضاء على الميكروبات المتبقية وتلصق البطاقات عليها وتعبأ في الصناديق.
 
أنواع الجعة
 
أهمها البيرة الصفراء المسماة الإيْل أو اللاغر Ale or Lager والبيرة البنية اللون المسماة الستوت والبورتر Stout and Porter، والبيرة السوداء أو الإيرلندية والبيرة الخالية من الكربوهدرات، إضافة إلى مئات الأنواع الأخرى، إذ يمكن القول إن لكل منتج أو مصنع ميزات خاصة به بحسب طرائق التصنيع والتخمير والتعتيق  ونوع الخمائر المستخدمة.
 
التركيب الاجمالي والقيمة الغذائية
 
تتفاوت نسبة الكحول في الجعة بين 2 و8%، وإن معظم الطاقة الموجودة في الجعة ناتجة من الكحول وقليل منها من السكريات، وتراوح بين 230 و770 سعراً حرارياً في اللتر الواحد. وهي فقيرة بالحموض الأمينية، كما تسهم في إمداد الجسم ببعض احتياجاته من فيتامينات ب، وغنية بالأملاح المعدنية وتراوح نسبة كلوريد الصوديوم بين 96 و167 ملغ/ اللتر مما يجعل الجعة ملائمة لتعويض الفقد من الأملاح الناتج من التعرق.
 
ولا تعد البيرة عموماً مصدراً للطاقة أو الكحول أو الفيتامينات إلا أن العادات الاجتماعية والتأثير النفسي تؤدي دوراً مهماً في هذا المجال.
 
الأهمية الاقتصادية العالمية وفي الوطن العربي
 
بلغ الإنتاج العالمي للجعة نحو 995 مليون هكتولتر في عام 2000، ويزداد بمعدل 3% سنوياً، وتعد ألمانية وبريطانية وبلجيكة وتشيكية وسلوفاكية وإيرلندة أكثر الدول الأوربية إنتاجاً واستهلاكاً للبيرة وتبلغ حصة ألمانية وبريطانية نحو 66% من إنتاج الجعة في أوربة، أما في اليابان والولايات المتحدة وإفريقية فان نسب الاستهلاك في تزايد مستمر، ويتركز أساساً على البيرة اللاغر والستوت المعلبة.
 
وفي الوطن العربي ولأسباب دينية واجتماعية يعد إنتاج الجعة محدود الأهمية الاقتصادية والانتشار.
 
غسان الخياط

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث